المالكي يطير فوق إسرائيل

 

 

 

شبكة المنصور

نزار السامرائي

مؤكد أن الطيار وهو يقترب من شواطئ البحر الأبيض المتوسط ، خاطب ركاب طائرته من حاملي جوازات دبلوماسية خاصة جدا ولهم صفة VIP ، بلهجة في غاية الكياسة وأبلغهم أن الطائرة ستمر خلال دقائق فوق مدينة تل أبيب ، وربما كان حديث الطيار بلغة انكليزية جيدة ، ولكنه حينما أراد إيصال الرسالة نفسها باللغة العربية ، تداخلت عنده المفاهيم فنطق البعض بلغته الفارسية ، وأكمل البعض بعربية تسيطر على مخارجها لغة الوطن الأم .


الطائرة أمريكية الصنع بلا أدنى شك ، وعليها علامة الخطوط الجوية العراقية ، ولكنها في حقيقة الأمر مقدمة هدية على سبيل الإعارة المأجورة من إيران لنوري المالكي ، باعتباره رئيسا لوزراء دولة العراقية الفدرالية ، وينبغي والحال هذه أن تكون تحت تصرفه طائرة تطلق عليها صفة ( طائرة خاصة ) كما هو شأن زعماء العالم ، ولأن المالكي لا يثق بطيار عراقي ، فكان طبيعيا أن يلتمس الأمان من صديق مجرب ، فجاءته الطائرة من إيران تحت لافتة طائرة مهداة لخدمات المالكي ، ولكن ميزانية مكتب رئيس الوزراء متخمة بأموال العراقيين مما يأتي بصورة رسمية من وزارة صولاغ ، أو من تهريب النفط والاتجار بالممنوعات أو مما يجنيه المكلفون بتوقيع عقود الدولة من عمولات وأتعاب سمسرة ورشاوى .


كانت طائرة المالكي عائدة من سفرة له إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر الهدف المعلن له هو تنشيط الاستثمارات الأمريكية في العراق ، وربما تناولت موضوعات سياسية وأمنية أكثر أهمية من هدف الزيارة المعلن ، فالرئيس أوباما قد يكون الرئيس الأمريكي الوحيد الذي لم يصل البيت الأبيض بعربة الشركات الكبيرة ، وإن كان من المستبعد أن يخرج منه دون أن يحجز له مقعدا شاغرا في إحداها ، ومع ذلك التقى المالكي بأوباما ومن المؤكد أنه بحث معه الوضعين السياسي والأمني ولم يتطرق معه إلى دور الشركات الأمريكية في إعادة الإعمار ولاحظ مراقبو المشهد العراقي أن المالكي لم يذهب إلى الكونغرس لإلقاء كلمة كما فعل أيام الرئيس الراحل جورج بوش وحظي حينها بلقب سياسي حسده عليه بعض    أصدقاء أمريكا من الحكام المخضرمين في الوطن العربي وأماكن اخرى .


عرفنا أن الطائرة مرت في الأجواء الإسرائيلية لأنها توقفت في عمان ، ويلاحظ المراقبون أن هذا المرور هو خطة التطبيع الجوي بين حكومة المالكي والكيان الصهيوني ، وهي مقتبسة من دبلوماسية البينغ بونغ ، كما حصل بين الولايات المتحدة والصين الشعبية ، ودبلوماسية كرة القدم كما حصل بين تركيا وأرمينيا مؤخرا ، وها هي دبلوماسية الأجواء تدخل القاموس السياسي لتترافق مع حدثين مهمين ، الأول هو ما أعلنته حكومة المنطقة الخضراء بالسماح للشركات المتعاملة مع إسرائيل للمشاركة في معرض بغداد دون اشتراط وقف التعامل مع الكيان الصهيوني ، بموجب قرارات مكتب مقاطعة إسرائيل ، وهذا الأمر لن يكون مقتصرا على المشاركة في معرض بغداد بل سيتعداه إلى فتح أبواب العراق أمام الشركات التي قدمت وما تزال كل أسباب القوة لإسرائيل كي تواصل عدوانها على العرب .


والثاني هو الإعلان عن اجتماع تم بين مندوبين إسرائيليين وإيرانيين على هامش اجتماعات فينا لمناقشة الملف النووي الإيراني ، مما وفر دليلا آخر على أن الكثير من المياه ما تزال تمر من تحت لافتة ( مرك بر إسرائيل ) التي تتعالى في سماء طهران وغيرها من المدن الإيرانية .


إيران لا بد أن تكون على علم مسبق بمسار رحلة الطائرة الإيرانية الملفوفة بعلم جمهورية العراق الفدرالية ، وحليفها المالكي لا يمكن أن يقدم على خطوة لا ترضاها له طهران .


يبقى سؤال واحد لم تتوفر عليه إجابة فورية ...... وهو هل التزم المالكي بقواعد البروتوكول الدولي ووجه من الطائرة برقية تحية لرئيس وزراء إسرائيل عندما مرت طائرته الخاصة في أجوائها حتى إذا كان الوقت لدقائق معدودة ؟ ربما لن نكون بحاجة لمرور زمن طويل لمعرفة الحقيقة .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٥ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٤ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور