محامي الرئيس

 
 
 

شبكة المنصور

مهند بني هاني / الأردن - اربد

أثار الكتاب الذي أصدره الأستاذ خليل الدليمي الذي حظي بشرف ان يكون رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس الشهيد صدام حسين بعنوان " صدام حسين من الزنزانة الامريكية هذا ما حدث " لغطا وجدلا كبيرا بدا ككرة ثلج آخذة بالاتساع دونما توقف ، وما يثير الاستغراب ان المنخرطين في هذه الحملة على الكتاب ومؤلفه متناقضين الى حد بعيد في النوايا والتوجهات ، فبعضهم بدأ بإثارة الشكوك حول الكتاب وصحة ما ورد فيه بحسن نية وبهدف الدفاع عن الرئيس  الشهيد ، وآخرون دخلوا على هذا الخط بهدف التشكيك بالكتاب وكل ما ورد فيه لغايات متناقضة وأهداف ليست متعلقة بالكاتب أو الكتاب بحد ذاته بل لغايات في أنفسهم .


وفي الواقع فان بعضهم دخل على خط تقييم الكتاب مبكرا بهدف واضح وهو التشكيك بالكتاب والانتقاص من قيمته للتشكيك ببعض الأفكار الجوهرية التي وردت فيه ولا تخدم مصالح هؤلاء وتوجهاتهم ، بينما انساق آخرون وراء هؤلاء بحسن نية لا مجال للتشكيك بها دون وعي بحقيقة هؤلاء ودون ان يقرأوا الكتاب ليستطيعوا تقييمه ككل وبشكل دقيق وواع .


وبالتالي اختزل كتاب يقارب 500 صفحة بصفحة واحدة بل ربما بسطر واحد يتعلق بقصة اسر الرئيس الشهيد ووجدت انه من واجبي ان ابرز بعض الملاحظات الأساسية لجميع من يريد ان يضع تقيما للكتاب :


أولا : إن الأستاذ خليل الدليمي – وبالمناسبة أنا لم أتشرف بمعرفته شخصيا -  افتدى الرئيس بحياته وحمل روحه على كفيه عندما تصدر هذه المهمة الشاقة في عراق ما بعد الاحتلال الذي تعيث به الميليشيات فسادا ، وما زالت للان حياته مهددة من هذه الميليشيات نتيجة لهذا الموقف البطولي ، وبالتالي ليس لأحد التشكيك بتوجهات الدليمي وبعشقه لصدام حسين الذي يبرز في كل صفحة ان لم يكن في كل حرف في كتابه ، وقد كان الدليمي طول فترة عمله كرئيس لهيئة الدفاع وسيلة اتصال الرئيس مع العالم وقد ائتمنه الرئيس في الكثير من الأمور وكتب فيه شعرا يمتدح فيها خصاله وشجاعته ، فكيف لأمرء افتدى رجلا بحياته ان يقلل من صورته وهيبته ؟!! .. في الواقع فالدليمي هو ناقل أمين لما صدر عن صدام حسين ولو شاء ان يدخل نفسه في الكتاب اجزم انه لم يأتي على هذا النحو .


ثانيا : إن اختيار الأستاذ خليل لدار المنبر للنشر لنشر كتاب يحمل هذا العنوان هو دليل واضح على توجهات هذا المرء وحسن نواياه وان ليس باحثا عن مصالح مادية كما يزعم البعض ، فلو أراد الاستاذ خليل ناتجا ماديا لنشر الكتاب لكان أعطى حق نشره لدار نشر شهيرة وغنية للحصول على مقابل مادي مجزي ، فمع تقديرنا واحترامنا البالغ لدار المنبر للنشر في السودان الشقيق إلا أنها لا تقارن بحجم الامكانات التي تمتلكها دور نشر عربية وعالمية كانت لتدفع الملايين للحصول على حق نشر كتاب عن صدام حسين الذي يشغل الوطن العربي من محيطه الى خليجه ويكفي ان نعلم ان الكتاب نفذ من الأسواق بعد يومين من طرحه في الأردن – حيث أقيم – لنعلم حجم الإقبال على كتاب يحمل أسرار حياة سيد شهداء العصر أثناء أسره الى استشهاده وما كان يمكن للدليمي ان يحصل عليه لقاء بيعه لدار نشر كبرى .


يضاف الى ذلك ان سعر الكتاب  معقول جدا بالنظر الى حجمه – حوالي 480 صفحة – من النوع الممتاز وغلاف من النوع الصلب وذو مواصفات عالية وكان من الممكن للباحثين عن مردود مادي فحسب استغلال عشق المواطن العربي للرئيس صادم حسين وفضولهم لمعرفة ما حدث له بعد الأسر وقبله وبعده،  ان يبيعوا الكتاب بأضعاف هذا السعر الذي عرض به عند أول طرح له في الأسواق على الأقل أولى النسخ المعروضة للبيع وعند الإقبال الشديد عليه كما تفعل دور النشر عادة في هذه المواقف .


ثالثا : هل كان الأستاذ خليل يبحث عن مجد شخصي عندما نشر هذا الكتاب؟ الحقيقة التي لا لبس فيها ان الاستاذ خليل حصل على مجد لن يفارقه طوال حياته ما عاش على هذه المعمورة بل وسيحمله بعد ذلك ، فالتاريخ سيخلده كرئيس هيئة الدفاع عن سيد الشهداء أثناء أسره على يد قوات الاحتلال وكناقل لمشاعر وأحاسيس وأفكار وآراء الريس صدام حسين رحمه الله في هذه الفترة الحرجة . وقد حصل عليه بظرف تاريخي دون شك لكن بشجاعة نادرة وبفداء كبير سيجعله رمزا لجميع المحامين ومحمولا في ضمير الأمة المؤمنة بصدام حسين ونهجه .

 

وهكذا فالكتاب لا يزيد شيئا في رصيد الأستاذ  خليل الدليمي فقد أصبح معروفا على نطاق عربي وعالمي انه محامي صدام حسين  والجميع يعلم انه كان الأقرب الى صدام حسين رحمه الله في أسره ، فلم يضف الكتاب الى رصيده شيئا في هذا المجال بل هو محاولة لكي يوصل ما أرد الرئيس ان يوصله لنا  فهو الناقل الأمين لما ائتمنه عليه الرئيس وهو دور مستمر وممتد لدوره كمحام للرئيس وليس جديدا عليه او قفزا منه في الهواء .


إذن اذا كان الأستاذ خليل الدليمي ليس باحثا عن المال او المجد الشخصي في نشره لهذا الكتاب فما الهدف من نشره ؟ ولما كانت هذه الحملة المنظمة عليه شخصيا وعلى كتابه ؟


رابعا : مضمون الكتاب
للأسف ان جميع من قاموا بتقييم كتاب الأستاذ خليل والتعليق عليه لم يقرأوا الكتاب ولم يتمعنوا في مضامنيه ، وما حاول الرئيس قوله لنا على لسان محاميه ، بل تم التركيز على نقطة واحدة فيه وهي قصة الأسر ، ولهذا لا بد من مناقشة هذه الفكرة وصولا للاستنتاج الذي اعتقد انه سبب هذه الحملة على الكتاب ومؤلفه


ورد في الكتاب وتحديدا في الصفحة 162 منه على لسان الرئيس الشهيد :" .. وعلى الفور نزلت الى الملجأ ، وبعد دقائق اكتشف الأمريكان مكاني ، فقبضوا علي دون اية مقاومة مني ، بل لم أضع في حسابي مقاومتهم والسبب هو أنني   قائد ، ومن جاؤوا كانوا جنودا وليس من المعقول ان اشتبك معهم واقتل واحدا او أكثر منهم وبعدها يقومون بقتلي . فهذا تخل عن القيادة ، والشعب وضع ثقته فينا رئيسا وقائدا وليس جنديا . لكن لو كان بوش معهم لقاتلته حتى انتصر عليه او    أموت .. "


هنا كانت النقطة التي تم التركيز عليها وتضخيمها بحيث تلخص بها الكتاب وانبرى بعضهم  للدفاع ان هذا لا يمكن ان يصدر من صدام حسين ، لكن لو ناقشنا بهدوء ما ورد على لسان الرئيس نقلا عن الدليمي يمكننا القول انه لا يمكن للعدو فكيف بالصديق ان يدعي ان صدام حسين كان جبانا او ضعيفا ، ففي المحاكمة ومن ثم في لحظات الاستشهاد على مقصلة العزة والشرف اظهر صدام حسين شجاعة أسطورية وجعل من نفسه في ضمير أمته رمزا للشجاعة  والصلابة ، فإذا استثنينا هذه الفكرة وأنها محاولة لإظهار ضعف الرئيس وخوفه او جبنه فان امتناع الرئيس عن مقاتلة الجنود الذين أسروه لا يقل شجاعة عن لحظة استشهاده بل هو كما جاء على لسان الرئيس تحملا لمسؤولياته كقائد ، فالموت يبدو أسهل من الكثير من المواقف التي يستطيع اي كان ان يقدرها للرئيس عند أسره من الاحتلال وازلامه وأذنابه لكنه رضي هذا القدر بصلابة وشجاعة لكي يشجع ويقوي ويثبت المقاومين .

 

بل بالنظر الى الصورة الأخرى لو استشهد الرئيس لحظة أسره لكنا اكبر الخاسرين ، ونحن هنا اقصد بها الأمة وجميع المؤمنين بها وبمقاومتها ، فقد  حاكم الرئيس جلاديه والعملاء في المحكمة وقزمهم وأحرجهم ومن ثم في لحظات الإعدام اظهر شجاعة وصمودا قل نظيره عزز صورته لدى عشاقه وحجم بها أعدائه الذين حاولوا حتى لحظات الإعدام ان يبينوا الرئيس جبانا وخوافا ، فقد اجتهد الرئيس وأصاب ولو فعل ما يرغب بها بعضهم لخسرناه وخسرت قضيتنا التي زادها صموده صلابة ورسوخا قوة ، فلماذا التشكيك بهذه الرواية ولمصلحة من ؟!!!....


ليس لمصلحة الدليمي ان يحرف ما رواه الرئيس ونقله عنه بل لو أراد التشويه كما يزعم بعضهم لفعل ذلك في مجمل الكتاب لا في سطر واحد منه ، لكن سبب الحملة كان التشكيك بالكتاب ككل لكي يرفض بمجمله وقبل قراءته وبشكل خاص في نقطيتين أساسيتين وهما برأيي :


1.  ما ورد على لسان الرئيس غير ذي مرة من خطر إيران على العرب ، ومنها ما جاء في الصفحة 232 من الكتاب على لسان الرئيس :" .. وإيران بالنسبة لنا كعرب ، اخطر علينا من إسرائيل ، وعلى العرب ان يفهموا ذلك ، وكما تعلم هناك حلفا قائما بين إيران واليهود منذ التاريخ .. " فالبعض يسؤه – ولحد الآن للأسف بعد ان كشفت الوقائع حقد الايرانين على العراق والعرب ومشروعهم الحضاري -  ان يقال ان إيران خطر على العراق والعرب


2.  اما النقطة الثانية فهي ما ورد في الصفحة 401 من الكتاب حيث نجد فيها :" وفقا للقواعد الدستورية ونصوص النظام الداخلي للحزب ، وكاستحقاق فان السيد عزة الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ونائب القائد العام للقوات المسلحة قد شغل السلطات الخاصة برئيس المجلس وأمين سر القطر تلقائيا بعد اسر الرئيس ، لأنها حالة تمنعه ( أي الرئيس صدام حسين ) بصورة كاملة من ممارسة صلاحياته الدستورية ، واعتبارا من 13/12/2003 وهو تاريخ الأسر ، لكي لا يكون هناك أي فراغ في القيادة سواء في الحزب أو في الدولة . وهذا ما أكده الرئيس الشهيد في اللقاء الأول معي نهاية 2004 ، حين قال ان سلطاته انتقلت تلقائيا للسيد النائب . ثم جاء تأكيده خلال اللقاء الثاني في بداية 2005 بقوله :" قل لابو احمد " ان يشغل مكانه الطبيعي وان لا يترك فراغ يحصل "


فالبعض للأسف ايضا لا يرتضي حكم الواقع والقانون ان الرئيس عزة الدوري -حفظه الله- هو رئيس العراق الشرعي وقائد مقاومته والأمين العام القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي


وهنالك الكثير مما ورد في الكتاب ويثير البعض ويستفزه مثل كذكر الرئيس الشهيد لميزات حزب البعث ودوره التاريخي فبعضهم يحاول جهده ان يفصل صدام حسين عن حزبه وقيمه ليعرضه كشخص وفرد لا كحامل لمشروع الأمة وكأمين عام لحزب عربي قومي عريق وأصيل .


وهناك الكثير الكثير مما ورد في الكتاب ويمكن ان يثير البعض كما تثير البقعة الحمراء الثيران ولذا الأفضل قراءة الكتاب بتمعن بعيدا عن التشكيك وليكن النقد موضوعيا بهدف الإثراء لا التجريح والتصيد ، والشكر الموصول للأستاذ خليل الدليمي لدوره البطولي منذ تشكلت هيئة الدفاع ولغاية نشره للكتاب وبعده .. وأقول فقط لأولئك الذين يستحقون ان نناقشهم أصدقائنا ورفاقنا واخواننا الذين حاولوا التشكيك بالكتاب بحسن نية وبدافع الذود عن صدام حسين


" يا أيها الذين آمنوا اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " صدق الله العظيم ( الحجرات أية 6 )

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٨ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور