التداعيات السياسيه والتاريخيه لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحده الامريكيه

( فرض سياسه العولمه ومنهجها الجديد ومعتقداتها )

﴿ الحلقه السادسه ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

المهندس معن باسم عجاج
باحث اكاديمي في شوؤن سهل نينوى

العومله بمعناها الاكثر وضوحا هي توحيد الثقافات وتقاربها بين الشعوب ومثل تحقيق ذلك وجب وجود عوامل تقرب بينهم ومنها الاتصالات كالشاشات المرئيه عبر الفضائيات والسمعيات عبر الاذاعات او عبر الاعلام والصحافه والمجلات والكتب وايضا الجامعات وبالخصوص الجامعات المفتوحه التي تعتبر الاكثر ثقافتا وامكانيه من الجامعات الاعتياديه وبمعنى اكبر ان نجعل العالم قريه صغيره متقاربه الافكار في رؤياها من خلال العولمه وفكرها واساليب ايصالها .

 

وهذا هو المعنى الرائع للعولمه ولكن ولان امكانيات الشعوب والدول غير واحده ومتباينه ومختلفه فبالتالي فان الاقوى اقتصاديا وفكريا وبامكانياته سيفرض ثقافاته وارائه على المجتمعات الاخرى وبالتالي سيكون الفكر الاكثر طغيانا على الفكر العام للمجتمع الدولي.

 

وفيما لو تابعنا هذا الاستعمار الثقافي الاخير في العالم والذي بدء يفرض ذاته منذ اواسط التسعينات من القرن العشرين نجده يتوسم في طرح التقارب الفكري بل فرض فكر جديد على مجتمعات محافظه في افكارها او مغلقه في تفكيرها. وقد حاولت الحكومات لبعض الدول عدم الاستجابه لهذا العملاق الثقافي ( العولمه) و الذي يدخل البيوت دون استاذان من خلال فرض محددات في منع استخدام الستالايت او امور اعلاميه اخرى لحين البحث على وجود محددات ممكنه لمعالجة ذلك.

 

فنحن نرى ان المجتمع الامريكي والمجتمعات الاوربيه لا تسمح باستخدام الدش استخداما شخصيا بشكل مطلق وحر كما يحصل الان في العراق بل ان هناك تحديدات من خلال الاشتراك ببعض القنوات والترددات  ومن خلال شركات خاصه . وذلك للحفاظ على مجتمعاتهم من منع دخول ثقافات غريبه اليهم وفي حال دخولها سيتمكنون من السيطره عليها والتحكم بها...بينما نجد ان الفوضى تعم في دول الشرق الاوسط الضعيفه والغير قادره على التحكم  بدخول العولمه لدولها ...ولعل تشتت الثقافات العراقيه التي كانت تسبح في محور واحد قبل الاحتلال الا من شذ منها عن مجتمع العراق اليوم تتحول الى مئات الثقافات بل ان اخطر ثقافات الشر التي دخلت العراق او عمدت قوات الاحتلال على ادخالها للعراق هي سياسه الارهاب التكساسيه الملعونه من خلال الفضائيات او الاعلام او التثقيف لبعض العملاء بعلمهم او بدون علمهم عن طريق الدورات التثقيفيه الامريكيه اضافه الى ثقافات دول الجوار التي ستغدوا خلال السنين القادمه جزءا من الثقافه العراقيه التي حادت عن مسارها التاريخي والفكري.

 

ان الاستعمار اليوم يستعمر الشعوب ثقافيا واقتصاديا وهذا ما خططت له الامبرياليه الامريكيه منذ سنيين وان الثقافه الاستعماريه تبدء بتثقيف الحكومات اولا وتثقيف الاجهزه الامنيه لضمان عدم حصول ثوره شعبيه ضد الجراثيم التي تغزوا الجسد السليم ومن ثم يتحول التثقيف للاحزاب الباحثه على السلطه ومنها الاحزاب التي في مبادئها مرونه واسعه لتقبل ثقافات الغرب على حساب ابناء شعبها وبرغم ان قوات الاحتلال حاولت في الجامعات العراقيه العريقه الا انها جابهت الفشل او الاحباط بسبب تسلح هذه المجموعات بثقافات حصينه ...اما الشارع العراقي فان المقاومه العراقيه الفكريه فيه تمنع ان يتلوث الشارع رغم الضغوط السياسيه والاقتصاديه في حين شارع كردستان مازال مسيطر عليه من قبل ادارته بسبب الاعمال الاستباقيه التي حددت من انتشار وباء العولمه .

 

وللاسف فان الكثير يتفهم او يحاول ان يفهم العولمه على انها طريقه الملبس ونوعه والانفتاح اللااخلاقي للعلاقات العامه وهذا ما يدركه ضعفاء الثقافه العامه..بينما نجد ان العولمه هي سيطره فكريه وتغير حضاري وليتورجي وايدلوجي وميثولوجي ...العولمه ايها الاخوه هي احتلال فكري اقوى من الاحتلال العسكري.بل ان البعض يحاول ان يدخلها المجتمع ويفرضها عليه من خلال الاعلام او النشر الدعائي الاعلامي والاشاعات ليجعل منها فكره يقرب تغلغله في الفساد العام للدوله والمجتمع لعلها تشفع له امام المجتمع.

 

في احد المرات سالني رجل امن كردي وهو مثقف جدا عن سبب ثقافتي البعثيه حتى اليوم رغم اني مسيحي ورغم مرور سنوات على سقوط نظام البعث (في الدوله العراقيه المحتله ) فقلت له انا مستقل اليوم والحقيقه ان ثقافه بعثيه تربينا عليها خمسه وثلاثون سنه عبر الاعلام وعبر المدارس وثقافه التعليم ناهيك الى ان حزب البعث تغلغل في نفس الشخصيه العراقيه واثبت فكره فيها كما فعلت الاحزاب الكرديه من خلال تثقيف شعبنا الكردي بايدلوجتها والتي ملكت نفس المواطن الكردي اليوم. وان الشارع الكردي كما هو الشارع العربي في العراق يرفض الاحتلال ولا يقبله ولهذا فان الاستقرار في كردستان نسبتا الى باقي العراق حدد من فوضى وضوضاء العولمه التي يفرضها المحتل عبر طابوره الخامس ومنها ثقافه الارهاب التي كانت قائمه لسنوات في الشارع الامريكي والتي مازال اثرها في امريكا قائما لحد الان .

 

اسفا ان الاحزاب العراقيه اليوم التي رفضت سلطه الحزب الواحد او سلطه نظام الحزبين بل ورفضت السلطه ذات النظام الاستقراطي قابلتا بنظام تعدد الاحزاب الذي يحتاج الى مجتمع خالي من التناحر السياسي ومستقر وغير محتل. فترى هذه الاحزاب متحاربه على السلطه بهمجيه تؤدي الى صنع الارهاب او على الاقل تسمح به

للنفوذ في المجتمع وتقتل ابنائه ...

 

ان العولمه التي يعتمدها المحتل سامحه لدخول كل ثقافات دول الجوار بل وكل الثقافات الاخرى لا من اجل تشتيت الفكر الواحد للمواطن العراقي بل من اجل انهاء الفكر الذي استورثته النفس العراقيه من الاسلام الاصيل والمسيحيه الشرقيه الاصيله ومن حضارات سبقت الاديان لانهم  أي الامريكان شعوب بلا حضارات يشعرون بالنقص الحضاري فيحاولوا تقليل الفجوه بيننا وبينهم.

 

 

انتهت سلسله  

 التداعيات السياسيه والتاريخيه لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحده الامريكيه

 

وتم اعتماد اهم مصادرها

1- مقدمه في علم السياسه للاستاذ الدكتور هشام ال شاوي

2- الجغرافيه الساسيه   للاستاذ الدكتور عبد المنعم عبد الوهاب

3- الدكتور صبري فارس الهيتي  جامعه بغداد

4- الاستاذ الدكتور عوني سبعاوي  جامعه لاهاي الدوليه /جامعه الموصلل

5- عاصفة الصحراء  د. نبيل سمان

انتظروني في سلسله قادمه

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ١٥ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٣ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور