العنزي يمهد للمالكي انتخابات برلمانية بلا منغصات

 

 

 

شبكة المنصور

مازن الشيخ

ما كان في حكم التحليل إلى ما قبل أسابيع أصبح اليوم واقعا فقد أفصح عبد الكريم العنزي عن الرغبة المكبوتة للمالكي عندما دعا مؤخرا إلى حجب مشاركة أربعة ملايين عراقي من المهجرين في دول الجوار في الانتخابات المقرر عقدها في السادس عشر من كانون الثاني المقبل .

 

ما حدث من تفجيرات في 19 /  أب الماضي كان عملية صراع بين أطراف في الائتلاف الطائفي السابق وقع ضحيته أبناء الشعب بمختلف تلاوينهم العرقية والطائفية .

 

وجاءت هذه التفجيرات الإجرامية بمخططيها ومنفذيها ودوافعها وأهدافها أوسع من عملية تغطية جريمة سرقة بنك الزوية وقتل حراسه على يد الحراس الشخصيين لعادل مهدي وبتواطؤ من الأخير عندما تستر على رأس الجريمة ووفر فرصة الهرب له إلى إيران من غير إن يلقى القبض عليه رغم إن وزير داخلية حكومة الاحتلال والناطق الرسمي باسم الوزارة كانا على رأس القوة التي داهمت جريدة ( العدالة ) لصاحبها المجلس الأعلى وعادل مهدي !

 

ومنذ الساعات الأولى التي أعقبت جريمة التاسع عشر من أب التي كان وقعها سيئا على الشعب والمواطن الذي يفتقد إلى الأمان والى الخدمات الأخرى كان مسار إدارة الأزمة من قبل حكومة الاحتلال ورئيسها ، حرف سير اتجاهات التحقيق إلى اتهام سوريا الشقيقة بالمسؤولية عن هذه التفجيرات !

 

وبعد ارتفاع أصوات من أعضاء برلمان الاحتلال لعقد جلسة طارئة ودعوة أعضائه الذين كانوا يتمتعون بإجازة الصيف في ربوع بلدان أخرى ، التئم شمل البرلمان المزعوم بمن حضر وعقد نائب رئيس البرلمان خالد العطية مؤتمرا صحفيا قرأ فيه بيانا معدا لهذه الغاية والأهداف أفصح فيه عن رغبة أطراف العملية السياسية البغيضة في اعتقال من أطلق سراحهم من المواطنين مستهجنا الأصوات التي كانت تدعوا إلى احترام حقوق الإنسان والكف عن الاعتقالات الكيفية بدوافع ووشايات كاذبة وكيدية من قبل المخبرين السريين !

 

وذهب العطية بعيدا في هذا الاتجاه وهو الذي يعتلي عضوية رئاسة البرلمان المزعوم عندما حث على التعامل بحزم وقوة وبطش إزاء ما اسماهم بالإرهابيين وجاء هذا الموقف المعلن من قبل العطية ليطلق عنان البطش للأجهزة الأمنية لكي تمارس مهامها الإجرامية ضد المواطنين بعد إن وفر لها الغطاء الذي تحتاجه من غير رقيب ولو شكلي والمضي قدما في حملة شريرة واسعة لكتم الأصوات وقطع الأنفاس .

 

بينما تولى المالكي إدارة الحملة ما بعد تفجيرات أب إذ تفتقت أذهان المستشارين لاتهام سوريا الشقيقة والمطالبة بمحكمة دولية على غرار محكمة الحريري .

 

ورغم المساعي التركية ودور الجامعة العربية بشخص أمينها العام لتطبيع العلاقات بين العراق وسوريا التي انهارت بشكل مفاجئ بعد يومين من زيارة قام بها المالكي إلى دمشق ووقع فيها مع الحكومة السورية على اتفاق تعاون استراتيجي فان المالكي قطع الطريق على كل الوساطات وتقدم ممثله في اجتماعات تركيا بمطالب تعجيزية ولم يقدم أية أدلة على اتهاماته لسوريا الشقيقة وأعقبها بتصريحات نارية تطال سوريا وقيادتها الحكيمة وان لم يشر إليها صراحة في بعض خطاباته وتصريحاته لكن الرسائل والمعني بها كان معروفا للقاصي والداني .

 

إن مشكلة المالكي وأطراف العملية السياسية التي أنشأتها وأسستها إدارة الاحتلال الأميركي ودفعت باتجاهها ودعمتها إقليميا وعربيا ودوليا تتلخص بالحقائق التي أفرزتها انتخابات مجالس المحافظات ومنها المقاطعة الحقيقية من لدن الشعب لهذه الانتخابات ، ففي أرجح التقديرات عن نسب المشاركة فيها لم تتعد الأربعين بالمائة من نسبة المقترعين الكلية ورغم ذلك فان النتائج لم يكن مسيطرا عليها بشكل محكم فقد فازت شخصيات بنسب عالية لم يكن من المرغوب فوزها كالحبوبي وانحسر الائتلاف الطائفي بزعامة الحكيم في مختلف الدوائر الانتخابية على حساب فوز المالكي وقائمته لأسباب معروفة !

 

إن هذه الانهيارات في صفوف الائتلاف الطائفي الحاكم والذي سرى في بقية الائتلافات مع الجرأة الواضحة في تعاطي المواطنين مع الويلات والكوارث التي لحقت بهم منذ الاحتلال وإعلان من توفر له سبل الاتصال بالإعلام المقروء أو المسموع أو المرئي عن رفضه القاطع للاحتلال وعملائه ودعوته إلى رحيل هؤلاء ( الذين لا نعرفهم وليسوا عراقيين ) ! دفعت المالكي العميل إلى التبجح بالقوة التي يحوز عليها فظهر في وسائل الأعلام مهددا متوعدا بكتم أنفاس المواطنين وتحويل أزمته الخانقة إلى الخارج إلى سوريا وهنا مربط الفرس !

 

إن في تصعيده للازمة مع سوريا يكون المالكي قد تخلص من عبء المواطنين العراقيين الذي فاق عددهم على المليون وربع المليون عراقي ماديا ومعنويا .

 

إن حرمان العراقيين المهجرين واللاجئين في الأقطار العربية من حق المشاركة في التصويت في انتخابات البرلمان المقبل يزيح عن المالكي وطأة إن تذهب أصواتهم على فرضية نزاهة الانتخابات المزعومة إلى غير صالحه أو صالح الائتلاف الطائفي .

 

إن الثقل الانتخابي للعراقيين في دول الجوار العربية يتيح لهم إن يحوزوا على ما يزيد عن ستين عضوا في البرلمان وهو رقم كبير ومهم في كل الأحوال واهم الساحات التي يتواجد العراقيون فيها هي الساحة السورية التي يتأثر فيها المواطنون العراقيون بموقف الأحزاب الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال وللعملية السياسية ، ويستجيبون له طوعا وإيمانا .

 

ومن المؤكد إن ترى هذه الأحزاب الوطنية في فرصة ( الانتخابات البرلمانية ) ما يدفعها إلى إن تكرر تجربة الحبوبي وغيره لكي يترشح الى عضوية البرلمان المقبل من يعمل على فضح العملية السياسية وتعرية ( أبطالها ) من عملاء وسراق وفاسدين ونهابين للمال العام والتعدي على ممتلكات المواطنين ومن مجرمين سفكوا دماء العراقيين في ابشع صورة وأوسع نطاق وفي مدة زمنية وجيزة !

 

ولكي يستريح المالكي ويمضي في تنفيذ خططه مع أقرانه من عتاة المجرمين والفاسدين والمنحرفين فلا بد إن يمضي قدما في معاداة سوريا وعندها يخلص من وجع الرأس المتمثل في مليون وربع المليون عراقي الذين يمكن إن يغيروا المعادلة لغير صالحه هذا إذا جرت الانتخابات على نحو نزيه وان كنا نشك مليون مرة في ذلك !

 

ومن المؤكد انه كان وراء تصريح العنزي الذي لم يجد غير نقص الميزانية عذرا لحجب أصوات  العراقيين المهجرين واللاجئين .

 

نعم ما أفصح عنه العنزي يعبر عن دخيلة المالكي ورغبته  الحقيقية في إقصاء عدد ليس هينا من أصوات العراقيين  المؤثرة الذين يصل تعدادهم إلى أربعة ملايين في عموم الأقطار المجاورة وبلدان الشتات والى ذلك فان تصريح العنزي فضلا عن كونه قنبلة اختبار يعرف من خلالها المالكي مدى التأييد الذي يمكن إن يحظى به إذا ما اتخذ خطوة من هذا القبيل فانه يحقق واحدة من أهم أهداف حملته الجائرة ضد سوريا وشعبها الأبي ورئيسها المقدام وعدا ذلك فان ما ذهب إليه العنزي من دعوة لحجب أصوات العراقيين يشي بان التحالف الطائفي العميل رغم كل الخلافات والصراعات التي قد تصل إلى حد سفك الدماء فانه في الأوقات التي يرى فيها نهايته محتومة يلتئم ويتوحد لكي يتجاوز ظرفا مؤرقا له وهكذا يمكن إن تفهم رسالة ائتلاف المجلس الأعلى من خلال العنزي إلى ائتلاف المالكي وهي قبل ذلك وبعده رسالة إلى المالكي من ائتلاف المجلس الأعلى لا شك انه ماض في استثمارها لكي يزيل عبأ كبيرا عن كاهله وكاهل غيره من العملاء الذين جاءوا تظللهم أقدام المحتلين من أمريكان وصهاينة وانكليز وفرس حاقدين .

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢٧ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور