خطوة التوحيد الجديدة انتصار تهديه المقاومة لشعب العراق و لأمة العرب

 
 
 

شبكة المنصور

ابن تونس

عشنا حيثيات المواجهة التي خاضتها المقاومة العراقية ضد قوات أعظم دولة امبريالية ، و كنا شهود عيان على الأداء البطولي لأسود بلاد الرافدين الذين أنعشوا أفراد أمتهم بالكم الهائل من الخسائر المادية و البشرية التي ألحقوها بالعدو . تذكروا فقط أننا واكبنا انتصارات تتجاوز أضعاف المرات تلك التي يحرزها أخواننا المجاهدون في أفغانستان هذه الأيام . ألا تذكرون تلك الأخبار اليومية التي كانت تأتينا من ساحة المعركة في العراق و التي تعلن يوميا عن سقوط طائرة أو اثنين و عن موت عشرات من قوات الاحتلال ؟ ألا تذكرون الكم الهائل من صور عربات الهامر و دبابات الأبرامز و هي تتحول يوميا إلى حطام بمن فيها ؟ إن تلك الصفحة المشرقة كانت محطة عسكرية هامة سجلت فيها المقاومة العراقية أروع انتصارات.


بعد ثلاث سنوات من انطلاق صفحة المقاومة الشعبية المسلحة قامت خلالها المقاومة العراقية باستنزاف هائل و متواصل لقوى العدو بدأ الحديث عن النصرالنهائي الذي تارة يقترب و تارة يبتعد لكنه لم يغب عن الأنظار إلى يومنا هذا.


لقد كان حسم المعركة مع العدو منذ سنة 2006 أمرا واردا. كانت الهزيمة العسكرية المدوية لقوات الاحتلال كفيلة بإجبار العدو آنذاك على التقهقر و إعلان الهزيمة . لكن عوامل عديدة ليس مجالنا الحديث عنها الآن حالت دون تحقيق النصر الحاسم. لقد كان ذلك النصر واردا في السنوات الأولى من المواجهة التاريخية حين لم يتوفر الوقت الكافي بعد لقوات الاحتلال الأمريكي الإيراني للتغلغل في الحياة السياسية و الاجتماعية داخل العراق. أما اليوم وقد تسرب العدو إلى جميع شرايين الحياة في بلاد الرافدين فقد أصبح مفروضا على المقاومة خوض صفحات أخرى من المواجهات تشمل كافة الواجهات سواء كانت العسكرية أو السياسية أو الاعلامية أو الثقافية. كما أصبح تحقيق الانتصار الحاسم يستوجب توسيع رقعة المواجهة و ذلك بتشريك أوسع الجماهير الشعبية . فإذا كان التحرير ممكنا في السنوات الأولى من الاحتلال عبر معركة عسكرية كبرى فإن النصر الآن لن يتم إلا بثورة جماهيرية عظمى تشل حركة أجهزة الاحتلال في كافة المجالات . فمهمة التحرير لم تعد تستوجب سحق القوة العسكرية للعدو فحسب بل أصبحت تستدعي كذلك إسقاط عمليته السياسية و إفشال برامجه الاعلامية و الثقافية و الاجتماعية.


لقد بدأت المقاومة تعي بمثل هذه المهام فقامت بتشكيل أذرعها السياسية و الاعلامية و الثقافية . ومن أهم التجارب التي جلبت إليها الاهتمام هي تجربة جبهة الجهاد والتحرير باعتبارها أكبر الجبهات ثم لأنها تضم خبرات عسكرية و سياسية كانت تنتمي للنظام الوطني السابق أو لحزب البعث و ما يعنيه ذلك من اكتسابها لشعبية كبيرة و لخبرة طويلة في العمل الجماهيري و في كل المجالات .


لقد حققت هذه الجبهة و أداتها السياسية (الجبهة الوطنية و القومية و الاسلامية )خطوات عملاقة نحو هذا التمشي فأسست الجمعيات و المنظمات ذات الطابع المهني و الثقافي و الاجتماعي و الرياضي كرابطات الصحفيين و الأكادميين و الأدباء و الرياضيين و الفنانين و البرلمانيين و مجالس العشائر .... كما كونت حركات يغطي نشاطها كافة الشرائح العمرية و الاجتماعية داخل المجتمع العراقي كحركة النساء ضد الاحتلال و حركة الشباب و الطلبة ...


سعت جبهة الجهاد و التحرير إلى توظيف كل الأنشطة الاجتماعية و الثقافية لفائدة المعركة . فقد خصص القائد المجاهد عزة ابراهيم الدوري خطابا توجه فيه إلى الفنانين و المثقفين و الشعراء في بداية شهر نيسان من سنة 2009 حثهم على الانخراط في العمل المقاوم لدفع عجلة التحرير و تقريب ساعة النصر.


هذا هو التوجه الذي يبني و يشيد صرح الانتصار الكامل . حشد كل طاقات الشعب ليوم الحسم النهائي. هذا هو الدرس الكبير و من يتبنى مثل هذه العقلية التوحيدية المتعالية على الأنا السياسية و الطائفية لا يمكن إلا أن يجني ثمار مجهوداته المتواصلة ، و أكبر ثمرة تحتاج إليها المقاومة اليوم هي وحدة الفصائل المنصهرة مع كل فئات الشعب.


لقد مارست القيادة العليا للجهاد و التحرير منذ تأسيسها طبقا لقناعاتها التوحيدية ليس فقط لأن المرحلة تستدعي ذلك بل لأن الأسس الفكرية لهذه القيادة نشأت كردة فعل عنيفة على أي تفرقة مهما كان نوعها سواء كانت ذات طابع طائفي أو عرقي أو ديني أو قومي . يكاد لا يخلو أي خطاب من خطب المجاهد عزة ابراهيم الدوري من الدعوات للوحدة و يمكن تلخيص الفكرة التي أراد تبليغها في كل رسائله و خطبه في جملة وردت في نفس خطاب نيسان الماضي و التي قال فيها : "فقد ثبت لنا عبر التجربة الطويلة و الغنية أن أي تفرد لقيادة المسيرة و بأي حجة كان سيقتل الآمال الكبيرة و الأماني العزيزة" هل هناك أوضح من هذه العزيمة التوحيدية . أكثر من ذلك و للبرهنة على استعداد قادة جبهة الجهاد و التحرير لإنجاز وحدة المقاومة مهما كان الثمن أعلن القائد المجاهد عزة ابراهيم الدوري في رسالة صوتية نشرت في أواخر تموز 2009 استعداده "إقامة وحدة الجهاد الشاملة على أساس ثوابت التحرير والاستقلال وذلك بتشكيل مجلس وطني أو مجلس سياسي أو قيادة عليا موحدة تظم كل قوى المقاومة المسلحة والغير مسلحة هدفها الأول هو توحيد الموقف السياسي والخطاب السياسي والإعلامي وتفعيله وتصعيده". إنها لغة قدسية الوطن و الأمة.


نحن هنا أمام قضية مصيرية قضية شعب و أمة و من يقبل الإسهام في تحرير العراق عليه أن يقبل بقية الشروط التي من ضمنها وحدة المقاومة . فلا نصر بدون وحدة، هذا ما آمنت به قيادة جبهة الجهاد و التحرير . و من أجل ذلك قبلت أذى ذوي القربى و لم تقم بأي رد فعل غير محسوب .


الوضعية صعبة تتطلب الدوس على الجراح و تحمّل آلام الإساءة من طرف الفصائل الأخرى و التمسك حتى النهاية بالروح الوحدوية و جر الطرف الآخر إلى اليأس من تحقيق نتائج فئوية عبر توخي أسلوب المناوشات و المهاترات و دفعه للتخلي عن أوهام إمكانية تحقيق بعض الفصائل الصغيرة الانتصار لوحدها منجرّة وراء إغراءات العدو حول إمكانية الانفراد بالغنائم.


هذه الحقيقة يعرفها قادة جبهة الجهاد و التحرير و هم ليسوا بحاجة أن يجربوها ليتأكدوا من صحتها فخبرتهم الطويلة هي التي تحميهم من السقوط في فخاخ قوات الاحتلال المشابهة للفخ الذي سقطت فيه بعض فصائل جبهة الجهاد و الإصلاح . فقد دخلت هذه الفصائل في مفاوضات مع قوات الاحتلال ضانة أن قبول العدو الجلوس معها جاء نتيجة اعترافه بتفوقها على بقية الفصائل. و قد تأكدت هذه الفصائل فيما بعد أن المحتل ضحك على ذقونهم و كان يهدف من وراء ذلك إلى شق صفوف المقاومة و إشعال حرب القيادة بين فصائلها.


جبهة الجهاد و التحرير تصر على تحقيق وحدة الفصائل ليس من أجل إنجاح معركة الحسم النهائي فقط بل كذلك من أجل إنجاح معركة بناء عراق ما بعد التحرير. فالعدو سيبقى يتآمر على القيادة الوطنية في فترة ما بعد التحرير و سيحكم حصاره المعهود ثم يترصد الفرصة للعودة بعد زرع فتنة ما في صفوف مختلف القوى الوطنية . التوحيد هو قدر المقاومة . يتساءل العديد من أنصار المقاومة العراقية عن سبب تأخر وحدة المقاومة رغم الدعوات المتكررة للمجاهد عزة ابراهيم الدوري . و من الثابت أن كل جهود مختلف الأطراف المشاركة في مؤامرة احتلال العراق و بالتحديد الحلف الصهيو أمريكي الإيراني منصبة على منع هذه الوحدة لأن انجازها يعني وصول المقاومة إلى المحطة الأخيرة محطة التحرير النهائي للعراق. طريق توحيد الفصائل طريق شاق مرتبط بتعقيدات الأوضاع الإقليمية و تعدد القوى المعادية لتحرير العراق و غياب الدعم العربي لهذه المقاومة. إن الهيئة العليا للجهاد و التحرير تواجه كما هائلا من المؤامرات المعادية لوحدة الفصائل لكن حنكتها و تمسكها بثوابت المقاومة و التحرير و صبرها و طول نفسها جعلها تتوصل إلى تحقيق وحدة جديدة مع جبهة الجهاد و الخلاص الوطني و تعد هذه الخطوة انتصارا عظيما للمقاومة و لشعب العراق و لأمة العرب.


إن المقاومة في العراق بأشد الحاجة لأفعال تعزز مصداقيتها لدى كل العالم . كل الأنظار متجهة إلى ما ستِؤول إليه معركة المصير في العراق ،و في فترات الترقب يكثر المشككون و يتصاعد التململ داخل صفوف الأمة خاصة في ظل التعتيم الإعلامي المطبق و سياسة تزييف الحقائق.


إننا نتابع خطوات توحّد المقاومة العراقية بكل اهتمام و نعتبر هذه الخطوة التوحيدية انجازا عظيما نبارك تحقيقه و نحيي كل من كان وراءه ، فالوحدة بين فصيلي الجهاد و التحرير والجهاد و الخلاص هو بمثابة عرس للأمة بأكملها ننتظر أن تليه خطوة الوحدة الكاملة. فبتحقيق الوحدة الكاملة للفصائل يتحقق التحرير . كل مقدمات التحرير تحققت بقينا فقط ننتظر خبر الوحدة الكبرى لتزف المقاومة بشرى النصر النهائي. إن الأمة بحاجة شديدة لنصر المقاومة في العراق لأن هذا النصر يؤكد الدخول العملي لحركة التحرر العربية في إنجاز مشروعها القومي العظيم مشروع تحرير فلسطين و تحقيق وحدة الأمة و تحررها و نهضتها.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ١٩ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور