هل تبادر سوريا ... طالبةً

 

 

 

شبكة المنصور

المحامي حسن بيان
القمة السورية-السعودية التي انعقدت في دمشق مؤخر اختلفت التأويلات حول نتائجها،لكن ما بدا واضحاً ان الارتياح السياسي كان بيّناً لدى الطرفين،وبتقديرنا ان القمة كانت ناجحة ليس لشكلية انعقادها وحسب،بل لمؤشر ولعدة أسباب،اما المؤشر ،فهو ابتعاد البيان المشترك عن الصخب الاعلامي للمسائل التي جرى النقاش والتداول بها،والاسباب التي تجعل اللقاء محكوماً بالنجاح انما تكمن في حاجة الطرفين اليه أولاً،ومساحة التفاهمات على ادوار مشتركة ومعالجة ازمات حادة في العديد من المواقع العربية ثانياً،


ان الحاجة المشتركة لجعل اللقاء محكوماً بالنجاح،مرده ان كل منهما ادرك انه لم يستطع ان يشكل بمفرده محوراً لاستقطابية سياسية ذات تأثير مقرر في معالجة للازمات المحيطة بوضعهما،واما مساحة التفاهمات التي تبدو محكومة بتقاطع المصالح الايجابية لكليهما،فهي تطال اكثر من موقع ولعل الثلاثة الساخنة منها العراق واليمن وفلسطين جعلت المقاربة السياسية لدى الطرفين تتقدم فيها عوامل الاقتراب على عوامل الافتراق.واما ساحة لبنان فإنه بالنظر الى خصوصية وتعددية "محتوياتها السياسة" فإن تفاهماً تم على التعايش والمساكنة على قاعدة التوازن الذي افرزته سياقات الاحدات السابقة،


وانطلاقاً من هذا اللقاء،الذي يعتبر بداية لـتأسيس معطى سياسياً جديداً في الوضع العربي،فإنه لا يعتبر حدثاً عارضاً بل حدثاً مهماً لانه يرسم معالم مرحلة جديدة، من مؤشراتها ان سوريا تريد الدخول الفعلي في مدار سياسي جديد بعبداً عن محورية العلاقة مع ايران،وحيث اصبحت هذه العلاقة عبئاً عليها لسببين،الاول،ان الدور الايراني بفائضه اصبح عبئاً على نفسه فكيف على "حلفائه"،والثاني رجحان كفة ميزان العلاقات الايرانية-السورية لمصلحة النظام الايراني بفارق كبير،وان هذه العلاقة اللامتوازنة بدأت تعطي نتائج سلبية بسبب تنامي الدور الايراني وعدم انضباطيته والمستوى الذي بلغته اختراقاته في العديد من المواقع العربية والتي بطبيعة الحال لا تريح سوريا كما هو حاصل في العراق بشكل خاص والخليج العربي واليمن مؤخراً بشكل عام،


من هنا كان الخيار السوري- بالاستدارة السياسية نحو نسج علاقات سياسية متميزة مع تركيا كي توازي بدورها وثقلها للدور الايراني ولتقاربٍ في رؤيتها السياسية للصراع العربي الصهيوني للرؤية الرسمية العربية- خياراً محسوباً بدقة اولاً لأنه يفتح متنفسات سياسية جديدة للنظام السوري للانفتاح على الغرب الاوروبي بشكل عام والموقع الاميركي بشكل خاص،وثانياً لـتأمين مساعد منشط للمفاوضات السلميةمع"اسرائيل".


لكن يبقى السؤال هل يستطيع اللقاء السوري-السعودي عبر متنفساته الاقليمية ان يسد الفراغ الحاصل في المنطقة العربية ويحد من الاطباق الاقليمي على الوطن العربي سواء جاء هذا الاطباق من مواقع المداخل ام من موقع الداخل؟اننا لا نرى امكانية لهذا اللقاء ان يسد الفراغ نظراً لكونه يتحرك في فضاء ما يزال يفتقر الى المركز الجاذب له،


هذا المركز الجاذب لا يمكنه ان توفره المواقع الاقليمية،بل توفره المواقع العربية الاساسية،والموقع العربي الذي يستطيع ان يلعب دور المركز الجاذب هو الموقع المصري وانه بدون هذا الموقع وعودته لان يشكل موقعاً ارتكازياً لعمل عربي مشترك عبثاً تجري المحاولات لسد الفراغ والحد من الانكشاف العربي امام ادوار القوى الاقليمية والدولية.


انطلاقاً من هذا التصور،فإن اللقاء السوري السعودي كي يكون فعلاً محطة انطلاق لعمل عربي جديد،يجب ان تكون وجهته الاساسية الاندفاع بإتجاه مصر كي تعود وتلعب دورها الذي يستقيم وقدراتها وامكاناتها في اعادة الاعتبار للعمل العربي المشتركة لان مصر هي وحدها القادرة على موازنة الدورين التركي والايراني،وبإنضمام الاضلع العربية الاساسية اليها في الوطن العربي،يعاد بناء الهرم العربي على قاعدة عريضة ومتينة،


واذا كان المطلوب مبادرات متبادلة واولها من مصر الذي يجب ان تخرج من حيادتها،واستقالتها من دورها العربي ببعده الايجابي الداعم لقضايا النضال العربي فإن المواقع العربية الاخرى يجب ان تخرج عن تحفظها وتعيد مد اليد الى مصر. واذا كان الكل يتحمل مسؤولية في ذلك فإن مسؤولية اساسية تقع على عاتق سوريا.فسوريا وطيلة الحقبة السابقة كانت اما طالبة لعمل وحدوي واما مطلوبة.


لقد وصفت السيدة بثينة شعبان ،اللقاء السوري السعودي بأنه يهمد لخلق فضاء عربي واقليمي جديدين لكن على اهمية هذا اللقاء فإن المطلوب ليس خلق فضاء ندور فيه وحسب بل خلق حوض عربي نقف على ارضيته وتصب فيه كل الروافد العربية صغيرة كانت ام كبيرة كي يعاد ملؤه بالماء العربي الصافي الذي به يعود العرب يسبحون في حوضه وبه يضعون حداً لانكشافهم السياسي والامني امام ادوار الطامعين بالوطن العربي من مشرقه ومغربه وبه يتم وضع حدٍ لحالة انعدام الوزن السياسي للعرب و حتى لا يبقوا يدورون في افلاك مدارات اخرى. وبه يصحح نصاب التوازن في الصراع العربي –الصهيوني ،وعندها تجد كل الازمات المتفجرة في المنطقة العربية حلولاً لها على قاعدة حفظ المقومات الاساسية للكيانات الوطنية في لبنان و العراق واليمن والسودان وغيرها.


فهل تبادر سوريا بخطوة نحو مصر.... طالبة هذه المرة ....

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٠٢ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢١ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور