مجوسي يصدق مرة

 
 
 

شبكة المنصور

حديد العربي

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾
(سورة النحل)
 

تلجلج الفرس ومعهم كل الأفواه العربية المأجورة لمجوسيتهم في منطق خطابهم زمنا طويلا يحيدون عن قول الحقيقة حتى جاء اليوم الذي أنطقهم فيه الله تعالى بقدرته العظيمة، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بضيافة ( مجلس النواب العراقي المسخ ) يوم 4/11/2009م بقوله " ليس هناك أي هواجس تنتاب إيران جراء الوجود الأمريكي في العراق" فأسقط كل الأقنعة والبراقع وكشف الوجوه مسفرة عن حقائقها بوضوح تام.


وإذا كان للفرس في هذا دوافعهم فإن للصليبيين والصهاينة دوافعهم كذلك، فالفرس حققوا من خلال الشيطان الأكبر ما عجزوا عن تحقيقه منذ قرون طويلة، فقد قدم لهم الطاغوت هذا أرض العراق وشعبه وثرواته على طبق من ذهب، الباب الذي لا ينفذ المجوس إلى الساحات العربية إلا من خلاله تحقيقا لأطماعهم، متسلحين بخديعة التشيع والثأر لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لم يكن خافيا على أحدٍ من العرب إلا من ألجمت أفواههم وأعجمت ألسنتهم دولارات الفرس، لكن إقرار لاريجاني وعلى أرض العراق وبحماية حراب الشيطان الأكبر إيذان بولوج مرحلة جديدة من العمل المشترك ستتسم بمظاهر التحالف المكشوف بعد أن صارت التقية عقبة تعرقل الجهود وتُعجم المسارات على أهلها، حيث اصبح المضي في مشروع (الشرق الأوسط) الجديد ممكنا وإن كان بصيغ معدلة ومحورة، فيما كان الصليبيون والصهاينة يحاولون تبديد موجات العداء التي تلاطمت في نفوس العرب والمسلمين ضدهم بعد أن عصفت بها وأججتها السياسات الأمريكية، بأن يوجهوا جانباً مهماً منها باتجاه إيران وسياسات حكامها الصفويين، الأمر الذي أوجد من تصدى واعترض عليه من منابت الفرس بين صفوف العرب بما يعزز عوامل الفرقة والتناحر والتشرذم للواقع العربي.


فالدور الإيراني في خنق النصف الجنوبي من العراق ومنعه عن مواجهة العدوان والاحتلال وثنيه عن النهوض بواجب فرضه الله تعالى وتطلبته الضرورات الوطنية والفطرة البشرية، بدعوى تكافئ الاحتلال وتدنيس الأرض ونهب الخيرات وتأخذها بعيداً عنها، تلك هي دعوى أن المعجزة الإلهية هي التي أتت بالشيطان الأكبر كي يحقق للشيعة حلمهم بالحكم واستعادة الحقوق المغتصبة، والحقيقة أن الشيعة لم يحكموا لكن الفرس المجوس هم الذين احتلوا وحكموا، وقد انطلت هذه الخدعة بداية أمر الاحتلال وآتت أُكلها فمكنت جيوش الغزاة من تركيز جهدها على أضيق نطاق في المحيط العراقي والتفرغ كلياً لمواجهة المقاومة الباسلة بكل إمكاناتها وقدراتها المتاحة دون الانشغال والتشتت في النصف الآخر المحيَّد، وبعد أن تقلصت مساحة الخطر على هذه القوات الغازية بدعم العصابات الكردية المتصهينة والمهيمنة هي الأخرى على إرادة وقرار أكراد العراق، فمنعت عليهم أداء أي واجب تجاه وطنهم ودينهم، لكنهم بمكرهم هذا نسوا أن الله تعالى خير الماكرين، فأظهر حقائق ادعاءاتهم وفضح أهدافها وكشف طبيعة نواياهم وسلوكهم الشاذ والمنحرف كلياً عن قيم الإسلام والعروبة فوضع الشيعة العرب أمام واقعهم المرير بعد أن تكشفت الخدعة الكبرى التي لاكتها الأفواه الفارسية طيلة قرون من الزمن بإنصاف آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واستعادة حقهم، حينما اكتشفوا أن هذا الحق المزعوم ما هو إلا خديعة وذريعة بهدف استعادة الكسروية المجوسية الفارسية تحقق من خلالها الأطماع بأرض العرب وخيراتها والانتقام منهم ومن إسلامهم الذي قهر إمبراطورية أسلافهم، ومسخ صورة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم نكاية بهم وبصاحب الرسالة.


وهنا يبرز الدور المهم والحاسم الذي يجب على طلائع الأمة أن تعيه وتتصدى للنهوض به في مواجهة هذا الحلف المدنس والبغيض وكشف مساراته التآمرية والتحريضية وبيان آثاره التي أضحت تفرز نتائجها على الواقع العربي المريض في كل أقطاره، وبسرعة تنسجم مع الفرصة التاريخية السانحة للحلف المعادي بالتوافق على اقتسام المطامع أو الشراكة في المغانم انطلاقاً من العراق.


وعلى طلائع العراق يقع الثقل الأكبر في هذه المواجهة، فالواقع العراقي صار حلقة الوصل والنقطة الحاكمة في هذا الحلف الشيطاني المتسع، وإفشاله لن يكون يسيراً من خارج العراق مهما اتسمت عمليات التصدي والمواجهة بالقوة والثبات، وهذا يتطلب من فصائل المقاومة العراقية المزيد من التوحد والتلاحم والانسجام وتغليب الأهداف الكبرى والمصيرية على الأهداف الثانوية كلياً من قبل الجميع، كي لا تندحر الأمة فتضيع الكبرى والثانوية وحتى الهامشية من يدها، وقبلها تطوير تجارتهم الرابحة مع الله تعالى، ونأمل أن تكون خطوة التوحيد فاتحة الخير لوحدة شاملة كاملة متسعة أطرافها ليغطي فعلها الجهادي كامل أرض الوطن من أقصاه إلى أقصاه، ليهزم الظلام والضلال من أرض العراق دفعة واحدة وتتبدد أحلام الغزاة بكل ألوانهم وأشكالهم ودوافعهم الخبيثة بتقية أو بغير تقية، فقد آن الأوان لأن يتطهر أهل الأحقاد والأمراض والعقد النفسية منها، وإن كنا نشك في قدرة بعضهم على ذلك لأن من لم يطهره الجهاد من أمراضه فلن تجد له علاجاً إلا برحمة من الله تعالى، فالذي كانت تسيره أنظمة العمالة والجاسوسية العربية باسم الدين ليعبث بأمن بلده فيسهل، دون علمٍ منه أو دراية، أمر الغزاة ويقربهم من تحقيق أهدافهم الخبيثة لن يتراجع فيقف أمام ربه تعالى ويعترف أنه اقترف باسم المذهبية جرماً كان من بين ما آلت إليه أحوال الأمة نتيجة احتلال العراق، ونقولها صريحة واضحة: إن الذي يجاهد من أجل مذهب أو طائفة لن يحقق للعروبة والإسلام نصراً ولو قاتل ألف عام، لأن أهدافه ونواياه ليست لهما إنما نتائج يحصدها حكام العرب الذين تولوا الكفر والكافرين وأخلصوا لولايتهم وإن كانوا سلفيين، وإلا لنظر هؤلاء العميان ولأبصروا الحقيقة كاملة منذ غزو العراق ولتكشفت أمامهم كل الأستار التي تتبرقع بها الأنظمة والكيانات السياسية تحت مختلف المسميات الإسلامية، ولأكتشفوا الحقيقة جلية يوم طوعتهم جاهلية آل سعود (السلفيين) ليكفروا العراق وأهله بعد تحرير الكويت عام 1990م، مع إنهم ما كانوا يفعلون قبلها، لكنها القبلية الجاهلية وتولي الكفر والطواغيت هي التي يسرت على ثالوث العداء أن يطيح بالعرب والمسلمين ويغلبهما على أمرهما، وما كان للسلفية فيها إلا دور التابع الذي يُستغل لتبرير الفعل الشائن، وهم اليوم يعلمون يقيناً أن البعث لم يكن حرباً على من تمسك بالإسلام على حقيقته، بل كان في موقع الاعتزاز والتقدير، إنما كان قاسياً على الذين ألبسهم الأعداء ثوب الدين وجعلوهم أدواة للتآمر والتخريب والتعويق باسم المذهب والدين، وهم كانوا كذلك، ولن يكونوا إلا كذلك لأنهم تطبعوا على فهم الدين بعقول الحكام وأتباعهم من فقهاء الكراسي، ولن يستوعبوا حقيقة الإسلام بعد ذلك، فالحاكم ومن استند عليه من الفقهاء عنه هم الإسلام ولا إسلام غيره، يؤخذ عنهم ولا يُردُّ عليهم، والله غالب على أمره.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢١ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٩ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور