تعقيب الرفيق المهندس عادل خلف الله عضو قيادة قطر السودان  حزب البعث العربي الإشتراكي

 في ندوة جامعة النيلين بعنوان : مآلات الوضع السياسي الراهن

 
 
 

شبكة المنصور

 
  • معاً من أجل جبهة شعبية واسعة للدفاع عن وحدة السودان شعباً وأرضاً

  • الإنتخابات لن تكون متكافئة ..

  • إستشراء الفساد المالي والإداري أحد سمات الرأسمالية الطفيلية

  • الحركة الشعبية معنية بأن تكون في طليعة المدافعين عن وحدة السودان شعباً وأرضاً ..

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التحية والتقدير لحضوركم الكريم ....

 

التحية للأساتذة كمال عمر المحامي ( الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي ) ، الأخ محمد الحسن التعايشي ( حزب الأمة القومي ) ، البروفسر بابكر الحسن ( نقابة جامعة الخرطوم ) ، الرفيق الأستاذ محمد ضياء الدين ( الناطق الرسمي لحزبنا حزب البعث العربي الإشتراكي ) .

 

التحية مجدداً للحركة الطالبية للمؤتمر الشعبي على إعطاء فرصة ثانية ، ومعزرة إن لم أستمع لكلمة الرفيق محمد ضياء الدين .. وتقديراً لذلك ومراعاة للوقت سأجمل تعقيبي في عدة نقاط ..

 

أدرك حزبنا المستوى الذي بلغته التحديات التي تواجه بلادنا والتي جعلت من الحفاظ على الوحدة الوطنية لبلادنا شعباً وأرضاً وسيادتها مهمة تحتل موقع الصدارة في النضال الجماهيري اليومي والآني والمستقبلي وبموجب ذلك دعى لأهمية بناء جبهة شعبية واسعة لتحقيق هذا المطلب الوطني النهضوي ، والأساس في ذلك تحقيق إجماع وطني بالتوافق والحوار مع القوى الوحدوية الفاعلة في الجنوب والشمال على حد سواء .. وهو ما يضع الحركة الطلابية في قلب وطليعة القوى الإجتماعية ، وعليه فلابد أن يكون لنضالكم من أجل إستعادة منبركم النقابي ( الإتحاد) مزاق خاص .. وألا يكتفي بالسعي واراء إنتخابات ديمقراطية ونزيهة فحسب مع أهميتها وإنما عليكم خوضها بإعتبارها مدخلاً لوضع القاعدة الطلابية الواسعة في خدمة الدفاع عن وحدة بلادكم شعباً وأرضاً بالعمل الجاد من أجل توسيع قاعدة المشاركة وتعديل الدستور ليكون قائماً على قاعدة التمثيل النسبي ولإستصال ونبذ العنف وإحلال الحوار وفض الخلافات والنزاعات بالتي هي أحسن ، لتكون جامعتنا سوح للعلم والمعرفة والإستنارة ، وأن نضع في الإعتبار أن الإتحاد الفاعل والقادر على التعبير عن كل الطلاب والمدافع عن قضاياهم في السكن والإعاشة والترحيل وإستعادة مجانية التعليم وديمقراطيته  كما أشار د. أبوبكر رهين بتضامن النضال الطلابي مع نضال العاملين في مؤسسات التعليم وصولاً إلى ديمقراطتيتها وإستقلاليتها فالإتحاد الطلابي لا يمكن أن يكون ديمقراطياً في بيئة تفتقدها ، كنضالاً ، وأن النظام القائم كما معايشتكم له لم يكتفي بالتنكيل بالحركة الطلابية بمحاولة تزييف إرادتها بالقتل والأرهاب والفصل والحرمان من مواصلة التعليم بالرسوم الباهظة .. ألخ ، وإنما عمل على تحويل الجامعات إلى ثكنات عسكرية ووحدات لأمنه في محاولات بائسة لإرهاب الطلاب وإبعادهم عن مزاولة النشاط المعبر عن همومهم ومواهبهم وطاقاتهم الإبداعية الخلاقة والتفاعل والتضمان مع نضالات شعبهم ، من خلال الأطر والتنظيم .. فبعد نشر الأسلحة النارية بديلاً للسيخ والعصى لجأ إلى إستخدام ( موية النار ) لتشويه أجساد الطلاب كما حدث ذلك قبل أربعة أيام في في جامعة الزعيم الأزهري .. فإذا كان الخط العام لقوى الإستبداد السياسي والإقتصادي إبعاد الطلاب عن الإنخراط الطوعي في النشاط والعمل العام بمختلف توجهاته وعناوينه وإضعاف المشاركة الطلابية فيها عليكم مواجهة هذا النهج بعمل يومي ومستقبلي لحشد وتأطير الطلاب دفاعاً عن حقهم في التعليم المجاني والديمقراطي وفي البيئة الجامعية الملائمة للعملية الأكاديمية والتربوية ، وبعدم الإنجرار وراء معاركه الوهمية لإثارة العنف والإشاعات المغرضة ، لقد أصبح رفاقكم طلاب حزب البعث العربي الإشتراكي يستشعرون موعد إجراء الإنتخابات لا من خلال موعدها الذي يحدده الدستور ، وإنما بالعنف المفتعل الذي يبتدره المؤتمر الوطني بأجهزته الخاصة ، إعمالاً لخطه العام الذي أشرنا إليه (  إضعاف المشاركة الطلابية ) ، إن أوضح نموذج لترابط وديمقراطية الإتحاد بديمقراطية الجامعة يوضحه تصريح السيد مدير جامعة الخرطوم ، قبل يومين ، وهو يخاطب طلاب الجامعة :( سوف تجري الإنتخابات حسب الجدول الزمني الذي أعلنته ، وإذا قاطعتمونها فسوف أصدر فتوى من وزارة العدل لإجرائها بأي نصاب ) كما جاء في العديد من الصحف .. المفارقة أن من صرح بذلك يسبق أسمه بصفة أكاديمية ( بروفسور) !! تفترض ليه الحيدة والنزاهة وأن يرتقي بنفسه من أن يكون طرفاً منحازاً لفئة ، وأن يتعالى بصفته تلك ، عن الإنخراط في أتون الصراع السياسي الذي يخوضه الطلاب .

 

النقطة الثانية ( الوحدة الوطنية ) :

أستهلها بالتقدير لما تفضل به الأخ الأستاذ التعايشي بتأكيده عليها وإعتبارها القضية الأساسية والأولوية . وإضافة إلى ما أشار إليه من تعاظم نشاط القوى الداعية للإنفصال وما تتمتع به من نفوذ وسطوة وهيمنتها على وسائل الإعلام والإقتصاد ومؤسسات الدولة فأني أجد أهمية للإشارة للآتي :

 

أولاً : أن تعالي أصوات الداعيين للإنفصال أستمد زخمه لعدة عوامل لابد أن نتوقف عندها للإحاطة بها وإحتوائها .. حيث سبق لحزبنا وفي بيانه الأول بعد إنقلاب 30/يونيو/1989م ،  (2/7/1989م ) أن أوضح أن هذا الإنقلاب يقف خلفه حزب الجبهة الإسلامية القومية والذي يهدف من وراءه إلى تعطيل مسيرة التطور السلمي الديمقراطي وقطع الطريق أمام مسيرة السلام ، وأضاف حزبنا في بيانه أن إستناد الإنقلاب إلى حزب عقائدي صغير وبنهجه الرأسمالي الطفيلي سيشكل تهديد جدي لوحدة بلادنا وإستقرارها وسيادتها .

 

بمعنى أن الإستبداد المستند لحزب عقائدي ممثل للرأسمالية الطفيلية بغطاء ديني لا بد أن ينجم عنه تهديد التماسك الوطني وإضعاف بنائه لغياب الديمقراطية المقترن بنمط إقتصادي لا يعبر عن تطلعات ومصالح الغالبية العظمى من الشعب ، وإنما خدمة نخبة من الأقلية التي يجد النظام لحمايتها محتاج للأجهزة القمعية والإفراط في تبعيته لقوى التخلف والإستغلال المحلية والأجنبية ولن ينجم عن ذلك إلاّ ما أشار إليه بيان حزبنا الذي سبق الإشارة إليه سابقاً ، وهو ما حدث بالفعل .

 

لقد تابعتم صدور تقرير المراجع العام السيد مارن قبل عدة أيام ، وما جاء فيه تأكيداً على ما ذهبنا إليه ونبهنا إليه وأشير إلى نقاط مؤجزة دون إطالة حيث عليكم الرجوع إليه وعلى ما جاء في ( وعي الطلبة الأثنين 16/11/2009 م ) :

 

1. اللافت للنظر الإستمرار في إصدار المراجع العام لتقريره مع إستمرار تصاعد معدلات الفساد المالي والإداري الذي يطلق عليه التقرير ( الإعتداء على المال العام ) . المطلوب ألا يتحول التقرير إلى مجرد إجراء روتيني . ننوه هنا . إلى أن المراجعة وتقريرها ( هي سلطة قضائية ) ليست عملاً روتينياً أو ذراً للرماد في العيون والمطلوب أن تتبعه مساءلة ومحاسبة وعقوبات ( لاحظوا مؤسسات الدولة تعاقب من ؟ ( شرطة المرور – النفايات ومحاكم النفايات ، الضرائب / محاكم الضرائب ، نيابة الكهرباء ، نيابة المصارف ) ، ( لقد تحول النظام إلى كلب حراسة لحماية الأقلية المهيمنة على السلطة والمال ) وهو توجه يتنافى ومآثورة الرسول الكريم (ص) ( لو سرق فيهم الغني تركوه ولو سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .. والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لأقمت عليها الحد ) ..

 

2.  70% من الفساد المالي في المخازن ( وهو يطرح عدة أسئلة حول المخازن وما فيها والمشتريات الحكومية كيف ومن أين ولماذا ؟!! ويوضح في جانب آخر بجلاء لماذا أستهدفت الإنقاذ منذ بدايتها المؤسسات الراسخة بالتقاليد والخبرة " المخازن والمهمات " ، النقل الميكانيكي ، ....الخ ) .

 

3. 20% من الفساد طال الأمانات ! وإذا تجاوزنا الجانب الأخلاقي في المسألة ،  لماذا تجنب مبالغ طائلة في وقت يعاني فيه العاملين من عدم الإيفاء بحقوقهم ؟؟ وتفتقر القطاعات الخدمية والتعليمية إلى أبسط إحتياجاتها ؟ .

 

4. طآل الفساد حسب التقرير وزارة المالية وهي المسئولة عن ولاية المال !! ( حاميها حراميها ) ولا تعليق ..

 

5. لم يشتمل التقرير على الفساد المالي والإداري في الجهاز المصرفي رغم الهزة العنيفة التي كادت أن تعصف به لولا التستر عليها من قبل النظام على لسان المسئول الأول في الجهاز المصرفي ( المركزي ) ( تبين لنا أن أغلب المعسرين تعسرهم حميد ) !! فيما تلاحق نيابات المصارف صغار المزارعين والمنتجيين الصناعيين والتجار .

 

6.  شكى السيد المراجع العام عن تطاول بعض المؤسسات على سلطته وعدم سماحها له بمراجعتها ...

 

أكتفي بهذا القدر في هذا الجانب لأشير أن حجم الفساد المالي لايمكن إستيعاب مخاطره إلا بمقارنته بالقاعدة الإقتصادية للإقتصاد الوطني وأن هذه المبالغ الخرافية كافية لإحداث تنمية حقيقية ، في العديد من القطاعات بل أن 25% منها كافية بعودة مجانية التعليم والسكن .. وهو مبلغ في مجمله يقارب الموازنة العامة للبلاد في 1989م !! إذا تجاوزنا ألاعيب ( القديم ) و(الجديد) في تحديد العلمة وتغييرها والذي هدف للتحايل عن التدهور المريع في قيمتها (التضخم) .

 

في الوقت الذي يؤكد فيه تقرير منظمة الشفافية إلى المرتبة المتدنية التي وضع فيها النظام ( السودان) بين الدول الأكثر فساداً يكشف في جانب آخر مفارقة هذا النظام للتقاليد التي كانت تنعم بها مؤسسات الخدمة المدنية وأخلاقياتها المنسجمة مع تقاليد المجتمع والراسخ من قيمه ومثله . وهو ما يمكننا من القول أن هذا الفساد لا يمكن إعتباره فساد أفراد أو مؤسسات مكونات الشعب من جهة وقوى التخلف والإٍتغلال والتبعية ( مع أهميتها ) وإنما فساد قوة إجتماعية وإقتصادية مهيمنة وهو أحد سماتها اللأزمة مما يقتضي من الحضور ودوائر حركتهم ونشاطهم وتأثيرهم ، أن نتذكر هذه الحقيقة والعمل على إستنهاض طاقات شعبنا من أجل إسقاط هذه القوة ، من مركز صنع القرار السياسي والإقتصادي وعلينا معاً أن نتذكر قوله تعالى ( إن الله لا يحب المفسدين ) ، وإذا كانت هذه القوة الإجتماعية ليست أمينة ونزيهة مع المال العام كيف تكون كذلك في الإشراف على الإنتخابات ؟؟

 

ثانياً : لقد أستقوت قوى الإنفصال بتراجع العديد من القوى السياسية من إعتبار ( الوحدة الوطنية ) إحدى بل أهم مقومات الوجود الوطني إلى التشكيك فيها ومن خلال الإقرار بما عرف بتقرير المصير ، حيث ضمنته بعض الفصائل المعارضة في أسمراء ليلتقطه النظام ويضمنه ( إتفاقية الخرطوم للسلام ) وفي الدستور الإنتقالي ..  ومع إشتداد المعارضة الداخلية على النظام وتفاقم أوضاعه السياسية والإقتصادية وإشتداد الضغوط الخارجية ، وتصدعه بعد ما أشار إليه الأستاذ كمال عمر ( المفاصلة ) ، وفقدان النظام بموجبها للأب الروحي ومفكره الأساس .. وإنكشاف ظهره عمل النظام وما يزال لتفكيك جبهة المعارضة وإضعافها من جهة وللحفاظ على مكتسباته ومصالحه من خلال تغذية النعرات الجهوية والقبلية والإستقواء ببعض عناونيها ورموزها في محاولة منه لكسب الوقت وتحويل الصراع عن مجراه الأساس أسوة بالمستعمر ( فرق تسد Dived to rule  ) ..

 

وهنا يهمني الأشارة الخلافية مع ما ذكره الأستاذ كمال عمر لأن وصول النظام لهذا الدرك لا يمكن أن نحمله لهذه القبيلة أو تلك فالتعيين في المواقع والوظائف بالمحسوبية السياسية قديم قدم هيمنة القوى المتخلفة والمستغلة في بلادنا ولقد نحى هذا النظام المنحى لعجزه في الدفاع والتعبير عن تطلعات الشعب وبعد أن أوصل الأزمة إلى مرحلة الأزمة الشاملة .. أن أي محاولة لإصباغ طابع جهوي أو قبلي أو عنصري للصراع الدائر في بلادنا ومنذ إستقلالها ماهي إلا محاولة إنحرافية لتغبيش الوعي به عن مجراه الحقيقي وهو صراع أفقي بين مجمل فئات الشعب وقوى التخلف والإستغلال والتبعية وهو بأي حال ليس صراعاً رأسياً وعلينا أن لا نكون كما قال الرفيق الراحل بدر الدين مدثر ( عليه الرحمة والمغفرة ) " علينا أن لا نكون البديل المتأثر بالخصم " ، وهي قوى لا لون ولا دين وجغرافيا لها .. لها مصالحها المتعارضة مع مصالح غالبية الشعب وقواه المنتجة .

 

ثالثاً : لقد أستقوت قوى الإنفصال بالخلط الذي شاب مواقف بعض النخب والمعارضيين لأسباب شتى حيث تم الخلط بين موقفها من النظام والوطن وبين موقفها من المؤتمر الوطني والشمال ، أو بين موقفها من المؤتمر الوطني والإسلام والعروبة ، والحقيقة التي لا جدال حولها أن البون شاسع وكبير بين المؤتمر الوطني والعروبة والإسلام و الوطن .

 

رابعاً : لقد أستقوت قوى الإنفضال بالآثار السلبية المتراكمة من خيار (الحل العسكري) الذي تبنته العديد من أنظمة الحكم وما نجم عنه من آثار ومرارات وتفاقم لأوضاع المناطق الأكثر تخلفاً جراء تعطيل التنمية وغياب سلطة الدولة وهدر للموارد في بلد مترامي الأطراف مما يشكل عاملاً سلبياً في التفاعل والإندماج الوطني والطوعي .. لقد رفض حزب البعث وقاوم الحل العسكري منذ عام 1962 م وطالب في تلك الحقبة بالإعتراف بواقع التمايز الحضاري والثقافي بين الجنوب والشمال ودعى للحكم الذاتي الإقليمي للجنوب وفي إطار وحدة القطر .( راجع وثيقة البعث وقضايا النضال الوطني )

 

خامساً : لقد أستقوت قوى الإنفصال بتجربة الحكم الفدرالي وما نجم عنها من إضعاف للوحدة وتبديد للموارد في جهاز حكمه المتضخم حيث أصبح الحدود الإدارية بين الولايات/المحافظات/ المحليات وكأنها حدود سياسية بين دول وعوقت الإنتقال والتفاعل وأفتقدت الصفة القومية لمؤسسات الدولة والعالمين فيها حتى وصل الحال للتشريع ( المخالف حتى للدستور الإنتقالي ) للشرطة الولاية بقوانين خاصة .

 

سادساً : وليس أخيراً ، ومعزرة للإطالة ، لقد وضعت أتفاقية نيفاشا الأساس المادي للإنفصال لا بتواقيت إجراء (تقرير المصير) فحسب وإنما ترجمتها الفعلية لحكم كونفدرالي حقيقة بين الشمال والجنوب ( العلم / الجيش / العملة / النشيد / الحدود / البنك المركزي / حق توقيع الإتفاقيات، غياب مؤسسات الدولة القومية ، .... ).

 

ووجدت الحركة الشعبية نفسها حليفاً وشريكاً لعدو الأمس الذي لم تميز بينه وبين البلاد ومكوناتها الثقافية والحضارية والدينية ، حيث ركز خطابها التعبوي ، قبل المشاركة في السلطة على رفض كل ما ينتمي إليه ، وحينما أنتقلت من المعارضة إلى الحكم في الفترة التي أطلقت عليها الإتفاقية ( الفترة الإنتقالية ) دون أن يكون هنالك نظام إنتقالي كما حدث في أكتوبر وأبريل بعد الإنتفاضة ، إستحال عليها المحافظة على قاعدتها الجماهيرية بخطاب بديل ، فأستمرت بذات الخطاب التعبوي رغم وجودها في الحكم .  

 

هذه نقاط جوهرية تستحق الحوار والتفصيل والإستكمال ...

وعلي الرغم من ذلك أعلق على ما تفضل به الأخ التعايشي وأشير إلى أن قوى الإنفصال موجودة في نخبة مصلحية في الشمال والجنوب وفي السلطة والمعارضة وهو ما أستوجب ضرورة بناء جبهة شعبية واسعة من القوى الفاعلة في الجنوب والشمال .. وعلى الرغم من ذلك أشير إلى ما تعرض إليه الأستاذ التعايشي أيضاً أن ( قوى الإنفصال ) وأن أستقوت بكل ما هو مصلحي وآني وفني إلاّ أنها ليست أقوى من حركة التاريخ مثلما هي ليست أقوى من إرادة شعب السودان .. فالوحدة ليست مجرد خيار كما أشار إلى ذلك الأستاذ المفكر الرفيق علي الريح السنهوري في كلمة حزبنا في مؤتمر جوبا وإنما ( قدر الحياة والنماء والأمن والتقدم ، إنها قضية المصير والمستقبل ، إنها مسئولية يضطلع بالنهوض عنها قادة شجعان أولي عزم وتصميم ، ولا يتركونها عرضة للأهواء وإلى ردود الفعل أزاء حقبة طالت أم قصرت فإنها لا تشكل إلا لحظة في تاريخ الشعوب ) .

 

وفي مقدمة ذلك الأخوة في قيادة الحركة الشعبية وذلك لعدة إعتبارات :

فالحركة أولاً منذ إنطلاقتها سمت نفسها ( بالحركة الشعبية لتحرير السودان ) والقوى الإجتماعية التي أستهدفتها هم (المهمشين) أو الغالبية العظمى من شعبنا الفقراء والكادحيين في المناطق الأكثر تخلفاً وهم على إمتداد القطر ، الأداة التنظيمية التي إبتدعتها كانت مفتوحة لكل السودانيين والآن تشكلت تنظيماتها لقطاعات أستوعبت كل القطر ، وحسب تصريحات العديد من قياداتها ( فهي الحزب الوحيد الذي إنطلق من الجنوب وسيخوض الإنتخابات العامة من حلفا إلى نمولي ومن سواكن إلى زالنجي ) فهي بذلك حزباً ( فكراً وبرنامجاً وتنظيماً) يناضل من أجل الوحدة وهكذا ظل الفقيد الراحل جون قرنق وهو ما يضع قياداتها أمام المحك في الوفاء والسير على خطاه .

 

والحركة الشعبية ثانياً هي الحزب الحاكم في الجنوب والشريك في الشمال والقادة الحقيقيون لا يمكن أن يكون موقفهم الحياد أو موقف سلبي في القضايا المصيرية ، من هنا أجدد ما دعى إليه الأستاذ المفكر الرفيق على الريح في كلمته في جوبا ( أننا من هذا المنبر نهيب بقيادة الحركة الشعبية لتحرير شعب السودان ، وبكل القوى الفاعلة في الجنوب والشمال أن تؤدي واجبها الوطني في التوعية والتعبيئة من أجل الوحدة ) .

 

فالتطورات الدولية وتحدياتها دفعت العديد من الدول والأقاليم للتكتل والتوحد وهي التي قطعت شوطاً بعيداً في التقدم فكيف الحال بنا ؟! والحقائق التي لا جدال فيها أن تحقيق تطلعات الكادحين والفقراء والأقل دخلاً لا تتحقق إلاّ في إطار التنمية الشاملة والمتوازنة جغرافياً وإجتماعياً ، فهل أيها الحضور الكريم يمكن من خلال الإنفضال وإعادة التقسيم والتجزئة يمكن أن يتحقق ذلك ؟ وهل من تنمية جدية وحقيقية يمكن أن تتحقق في غياب الأمن الوطني والقومي والإستقرار ؟؟ هل يمكن أن يتحقق الأمن والإستقرار في ظل الإنفصال ؟؟

 

إننا نؤكد أن الإنفصال لا يمكن أن يكون طريقاً لتحقيق تطلعات شعبنا في الجنوب أو الشمال مثلما لا يمكن أن يكون وسيلة للدفاع عنها .. وأن العجز والفشل الذي لازم تجارب الحكم التي تعاقبت على البلاد منذ بلوغ إستقلالها في تحقيق مهام ما بعد الإستقلال بتعميق الوحدة الوطنية بالتنمية الشاملة والخدمات وبتحقيق العدالة والمساواة وتوطين الديمقراطية وإستدامة السلام عجز وفشل تمكين القوى الإقتصادية والإجتماعية وهيمنتها على مقاليد الحكم ولا علاقة له البتة بمكونات شعب السودان وإنتماءه القومي والقاري فالتنوع الثقافي والحضاري والديني الذي يزخر به شعبنا سمة شعوب العالم وبلدانه و الأستثناء ليس الدولة القومية وأن الصراع لم يكن بين الشمال والجنوب أو بين العروبة والأفريقانية أو بين الإسلام و الأديان الأخرى .. قبل أن أنتقل إلى النقطة الأخيرة أشير إلى أن جماهير شعبنا صاحبة المصلحة في الحفاظ على وحدة بلادنا وسيادتها تتطلع إلى الدور الهام المناط بكم يا طلاب وطالبات وشباب وشابات السودان حيث لا نبلغ المستقبل المنشود ، إلا بمباشرة القوى المستقبلية لمسئوليتها بحشد طاقاتكم ومحيطها ودوائر تأثيرها بالحوار وبؤسائل النضال السلمي من أجل التوعية .. والتعبيئة .. والدفاع عن الوحدة "( شعباً وأرضاً )" في سوح الجامعات ومنابرها في الأحياء والمدن والفرقان ومواقع العمل والشوارع ...

 

ويأتي الإعلان الرسمي لبعض الأهداف الأمريكية في السودان من خلال ( إستراتيجية أوباما للسودان ) تأكيداً على ما ظل حزبنا ينبه له ( تبني تقرير المصير حل مفتعل لمشكلة الجنوب ووقوع في شراك المطامع الأجنبية .. وهو ليس بمعزل عن إستراتيجيتها في إعادة التقسيم ورسم الخرائط ) يمكنكم الإطلاع على الجانب المعلن من في العديد من المواقع على الشبكة الإلكترنية .. ما يهمنا هنا إستخدام قضية المحكمة الجنائية كصفقة لتعميم نيفاشا ( تعميم التجزئة ) وعطاء نسبة في مجال البترول والثروات للشركات الأمريكية .

 

ما هي مصلحة شعب السودان في نيفاشا قبل التفكير أو الدعوة لتعميمها .؟ شعب السودان كما أكدت مسيرته التاريخية ليس قاصراً حتى تملى الحلول عليه أو تفرض الوصايا . وهل التناقض الذي يعاني منه شعبنا هو تناقض مع الوحدة ؟؟؟ إن المعلن من الإستراتيجية الأمريكية يؤكد موقف حزبنا وقواه الحية : المحكمة الجنائية ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان نا هي إلا وسائل وشعارات للتدخل في شئون بلدان العالم الثالث وإبتزاز أنظمة حكمها .

 

ثالثاً وأخيراً ( الإنتخابات ) :

صحيح أن الفئة العمرية التي من حقها ممارسة الإنتخاب لم تشهد خوض إنتخابات عامة والصحيح أيضاً أن الطلاب ومن هم ضمن هذه الفئة العمرية هم أفضل من خبر قوى الإستبداد والتسلط وهم أيضاً أفضل من فيهم كشف أساليبها في تزييف الإرادة والتلاعب بنتائج الإنتخابات من خلال النضال اليومي والدائم الذي تشهده سوح الجامعات ولعلكم تذكرون وفي هذه الجامعة كيف أعلنت لجنة الإنتخابات فوز القائمة التي تصدرها حزبنا وبعد ساعات تم تبديلها لصالح المؤتمر الوطني وإعلان النتيجة لصالح المؤتمر الوطني بإسم ( إعلام الجامعة) وتعميم طبعتها الموحدة على الصحف .

 

طرح الأخ التعايشي سؤال هام ( ماذا يريد المؤتمر الوطني من الإنتخابات ) نجد الإجابة عند المؤتمر الوطني الذي يطلق عليها ( مرحلة التمكين الثالث ) وعبر عن ذلك السيد نافع علي نافع التنفيذي الأول في المؤتمر الوطني حينما صرح عبر الصحف ( إن الإنتخابات ستكون حجراً نسكت به الأصوات التي تتحدث عن عدم مشروعية النظام )

 

الشاهد أن الإنتخابات ما هي إلاّ غاية وعملية إجرائية بموجب الخطوات والتوقيتات التي تضمنتها إتفاقية نيفاشا، والتي أعطت ، فيما أعطت الشريكين ، سلطة ترتيب الخطوات والمواعيد وعليه فإن القوى السياسية تخوض معركة ، فيما إذا قررت ذلك لم تختارها أوتسهم في ميدانها ولا حتى ساعة صفرها و الهام هل بالإمكان حسب المعطيات الماثلة وإمكانية إجراء إنتخابات ، بعيداً عن نهج التمكين ، متكافئة ، عامة ، حرة ونزيهة ، أفاض من سبقوني في التطرق لهيمنة النظام على مجمل مفاصل الحياة السياسية والإقتصادية والإعلام والقوانيين ( الأحزاب ، والإنتخابات ، والمفوضية ، وهو ما يؤكد إستحالة أن تكون الإنتخابات متكافئة ، وما لم تحدث ( معجزة )هنالك إستحالة في تحقيق شروط أن تكون عامة حرة ونزيهة بحكم جملة المطلوبات التي توافقت عليها القوى السياسية والزمن المتبقي لتحقيقها من جهة والموعد المعلن للإنتخابات ، ومع ذلك هنالك أهمية لحث الناخبين لخطوة التسجيل ودون إنتظار منهم لعربات المؤتمر الوطني فقد لاحظتم ضعف الإقبال عليها بل عدم الإكتراث الذي يسود قطاعات واسعة من جماهير الشعب ولا نرى سبباً في ذلك ، لأن الجماهير بصدقها وعفويتها لا تكذب ، ولا تخطي كما قال مؤسس البعث الراحل الأستاذ أحمد مشيل عفلق ( رحمه الله ) ، إلاّ لأنها فقدت الثقة في المؤتمر الوطني ولا ترى بديلاً واضحاً فالمطلوب من القوى السياسية أن تكسب رضى شعبها ومدخل ذلك تمايز الصفوف والإلتزام بما توصل إليه أمام شعبها .   

 

تساءل الأخ التعايشي أيضاً عن جدوى التسجيل ونجيب بأن هذه الخطوة تكتسب أهميتها في أن المباليين بالتسجيل هم الغالب الأعم من المعارضين لنهج النظام وسياساته سيما وأن المؤتمر الوطني حسب الرصد والمتابعة ، أعد العدة للتسجيل في الأحياء ، وعبر لجانه الشعبية ورأس العشرة ورأس المية وقام بالتجهيز اللازم لذلك .. التسجيل مهم وسط القطاعات الرافضة لنهج وسياساته للبرهنة على عدم شعبية النظام وعلى عدم المشروعية الشعبية ومن أجل ذلك :

 

  • لم يعتمد التعداد السكاني كسجل إنتخابات بمعنى هنالك تسجيل لسجل الناخبيين .

  • عدم ثبات مراكز التسجيل ضمن الدائرة الإنتخابية الواحد بما يتيح فرص واسعة للتلاعب في سجل الناخبيين حيث بمقدور مواطن أو مجموعة مواطنين التسجيل في مركز ضمن الدائرة بعيد عن موقع سكنه !!!

  • قدمت العديد من الطعون في طريقة تحديد الدوائر رغم ذلك علينا أن نحث جماهيرنا على التسجيل لأهمية ما اشرت إليه والأهمية تنمية وعيها بممارسة حقوقها والدفاع عنها ، وعدم التفريط فيها .  

  • عاشت نضالات الحركة الطلابية وعلى طريق وحدتها وديمقراطيتها .

  • عاش نضال شعبنا من أجل الوحدة والعزة والكرامة والتنمية والسلام .

 

دومتم وشكراً لكم على حسن التفاعل والعطاء

وشكراً لمنظمي هذا المنبر

والسلام عليكم ..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ٠٩ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور