كلمة الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي
وأمين سر قيادة قطر السودان في الندوة الجماهيرية التي أقامها حزب البعث العربي الإشتراكي
بميدان حمد النيل بأم درمان يوم الأربعاء١١/١١/٢٠٠٩ م

 
 
 

شبكة المنصور

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الإشتراكي – الأصل                     أمة عربية واحدة     ذات رسالة خالدة

                                                               وحدة – حرية – إشتراكية

 

 

 

تحت شعار

( جبهة شعبية واسعة للدفاع عن وحدة السودان شعباً وأرضاً )

 

أيها الحضور الكريم

أيها الرفاق والرفيقات :

 

 قبل أسابيع مرت علينا ذكرى ثورة أكتوبر الشعبية المجيدة التي كان الطلاب فيها ، كعهدهم دائماً الشرارة التي تشعل نار الثورات والإنتفاضات في خندق واحد مع العمال والمزارعين والمثقفين والحرفيين والكسبه والجنود  والمظلومين ، هذه الثورات التي توحدت فيها قوى الشعب بشقيها المدني والعسكري بإنحياز القوات المسلحة التي ما فتئت قاعدتها العريضة منذ تأسيس في الإسهام في النضال ضد الإستعمار وفي الإنحياز إلى جماهير الشعب تعبيراً عن وحدة الإرادة والمصير ووحدة الهموم والتطلعات والآمال في بناء سودان عزيز آمن مستقر فيهم فيه أبناؤه بحياة حرة كريمة .

 

مازال شعبنا يواصل مسيرته النضالية من أجل التحرر والتقدم وصيانة إستقلاله وسيادته ووحدته الوطنية ، لم تثني عزيمته ولم تفل إرادته التجارب السلبية لأنظمة الحكم التي تعاقبت منذ الإستقلال وإلى اليوم .

 

لأن السودان هذا البلد الكبير والعظيم قد حباه الله سبحانه وتعالى منذ فجر التاريخ بثروات مادية وبشرية عظيمة ولأنه واسطة العقد بين شمال القارة وجنوبها ومرشح لأنه يؤدي دوراً فاعلاً في محيطه العربي والأفريقي ومرشح لأن يكون سلة غذاء العالم ولأنه إذا توفرت له إدارة وطنية ومخلصة فهو متكامل في ذاته بإمكانياته ، قوي عزيز منيع بوحدته مع روابطه العضوية في محيطه العربي الأفريقي لذا فقد رسم أعداؤه الخطط لإضعافه وتفكيكه بإسناد من قوى التخلف المؤروث وأصحاب المصالح الضيقة والمتعارضة مع مصالح الوطن والمغامرين والموهومين بأنهم يحسنون صنعاً بينما هم يجرون البلاد نحو هاوية التشطير والتفكيك وهكذا تتعالى الدعوات في هذه الأيام دعوات تشطير البلاد عوضاً عن تعزيز وحدته وصيانة إستقلاله وإخراجه من أزمته الوطنية الشاملة .

 

يجري ذلك في وقت تتصاعد فيه دعوات الوحدة القومية والوحدة فوق القومية حتى بين الدول المتقدمة لتزداد تقدماً ومنعة ورفاهية .. دون أي مبررات موضوعية مقنعة ، فكل ما يساق من ذرائع تأييداً للتشطير والتفتيت ينطلق من ردود الفعل السلبية إزاء مواقف وسياسات حزب واحد ، وكأن مستقبل السودان ومصيره مرتبط بسياسات حزب واحد في حين أن شعب السودان وقواه الوطنية المخلصة يناضل من أجل تجاوز كل السياسات السلبية التي تراكمت منذ الإستقلال لأجل إخراجه من نفق الأزمة الوطنية الشاملة .

 

وللأسف فإن أكثرية النخب الجهوية على إمتداد القطر أضحت تطالب بحقها هي في إقتسام كعكة السلطة والثروة وليس بحق الجماهير فلا مصلحة للجماهير في التشطير والتفتيت بل هي الخاسرة .. الآن يجري ترسيم الحدود بين ولاية الخرطوم وولاية شمال كردفان فهل سمعتم بأحد المواطنيين في الولايتتين يطالب بترسيم الحدود وكأننا في دولتين مختلفتين ، هذه تداعيات بدعة الحكم الإتحادي التي جاء بها نظام مايو وهي تداعيات بقايا مايو الذين إبتدعوا الحكم الفدرالي ..

 

في بلد مثل السودان من الطبيعي إعتماد إدارات محلية لا مركزية ومع إقرارنا بالتمايز الثقافي والجغرافي بين شمال القطر وجنوبه فيتوجب منح الجنوب الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد وهذا يختلف تماماً عن التشطير الذي يقود إلى التفتيت في الشمال والجنوب .

 

إن حق تقرير المصير قد منح للجنوبيين حصراً وحرُم منه الشماليون رغم أن نتائجه إذا جاءت سلبية فسوف تزلزل حاضرهم ومستقبلهم .

 

لذا فإننا ندعو الأحزاب الوحدوية في الجنوب وبشكل خاص الحركة الشعبية لتحرير السودان للتعبئة في إتجاه الوحدة لإثبات مصداقية شعاراتها وعنوانها .ولإثبات جديتها في النضال في خندق القوى الوطنية لإخراج البلاد من أزمتها الشاملة .

ونربأ بالحركة الشعبية من أن تكون قد أستخدمت هذا العنوان وهذه الشعارات لخديعة شرائح من الشعب في الشمال والإستقواء بها لتحقيق أهداف جبهوية تلحق الضرر بشطري البلاد .

 

أيها الحضور الكريم :

 لقد تبقى من الموعد المقرر لإجراء الإنتخابات أقل من خمسة أشهر ولا يزال نظام الإنقاذ متمسكاً بالقوانين المقيدة للحريات .. لا يزال منفرداً بالقرار السياسي ولم يظهر حتى الآن إستجابة للمطالب التي أجمعت عليها القوى الوطنية لتوفير متطلبات التحول الديمقراطي ..

 

ولا تزال ممتلكات الأحزاب مصادرة .. ممتلكات حزب البعث العربي الإشتراكي وأهمها مطبعة النيلين ، التي يتوجب إعادتها للحزب دون أي تعقيدات أو مساومات وهي لا تزال مصادرة .

 

إن تجربة إقامة هذا المهرجان السياسي تكشف حجم الصعوبات التي تواجه القوى السياسية في الإنفتاح على الجماهير وطرح رؤاها الفكرية والسياسية وبرامجها .. فكيف يمكن إجراء إنتخابات متكافئه وحرة ونزيهة ضمن هذه الظروف ..

 

نحن نعلم أن هناك إستحالة في إجراء إنتخابات متكافئه، فالإنقاذ قد إنفردت بالسلطة لعقدين من الزمان وإعادت بناء مؤسسات الدولة كافة بما يتلاءم مع متطلبات حزبها وظلت طوال العشرين عاما الماضيه تستخدم وسائل إعلام الدولة للترويج لسياستها في ذات الوقت الذي حظرت فيه نشاط الأحزاب والنقابات والجمعيات وصادرت ممتلكاتها وشردت العاملين من أعضائها وفتكت بالناشطين قتلاً وسجناً وتعذيباً .. ولازالت سلطة الإنقاذ تحتفظ بحق إستخدام القوة المفرطة ضد من تشاء .. والشواهد كثيرة وليس اخرها إعتقال رفاقنا وغيرهم من طلاب دارفور لمطالبتهم بحقهم في الاعفاء من الرسوم الدراسية وتلفيق التهم ضدهم واذا كنا نقر بان هناك استحالة في التكافؤ فهل يمكن ان تتم انتخابات حرة ونزيهة في ظل هذه القوانين التي تتعارض تماماً مع نصوص الدستور الانتقالي.

 

اننا ندعو نظام الانقاذ الى الاستجابة الفورية ودون تاخير او تلكؤ او تحايل لمطلب القوى الوطنية السودانية في توفير متطلبات التحول الديمقراطي ، إذ انها اكثر اهمية من الانتخابات فالانتخابات هي احدى وسائل الديمقراطية ولكن الهدف هو توسيع هامش الديمقراطية لتتمكن مختلف القوى السياسية والاجتماعية من ادارة صراع سلمي بينما المناخ والقوانين القائمة .  أعترفت وثيقة الإستراتيجية الشاملة 1993 – 2002 م بفشل النهج  الرأسمالي دون أن تبرر ذلك ذلك بأي سبب ذو طابع ديني أو قدسي فقد وصفت أداء القطاع الخاص " بأنه فشل في مواكبة الطموحات الإستراتيجية القومية الشاملة بسبب بنيته الهيكلية التاريخية الموروثة وتسيُد نظام الشركات الأسرية على الإنتاج الخاص وضعف إستجابته لنظام التحرير للدخول في مجالات الصناعات الكبرى نتيجة قدراته الإستثمارية والتقنية المحدودة ....

 

وكأننا كنا بحاجة إلى الخضوع لهذه التجربة المدمرة للوصول إلى إستنتاجات كانت حاضرة في وعي شعبنا وطلائعه بالسودان وبلدان العالم الثالث منذ الستينات .

 

ولكن المفجع حقاً أن نظام الإنقاذ وبعض القوى السياسية لا زالت متمسكة بهذه السياسات رغم تراجع صندوق النقد الدولي بعد فشل سياساته في 109 من بلدا ن العالم ومطالبته بأهمية دولة الرعاية الإجتماعية ورغم الزلزال الذي أصاب العالم بعد الأزمة المالية الأخيرة مما دفع بدهاقنة النظام الراسمالي للمطالبة بمراجعة أسس هذا النظام وقد ورد في تقرير أعدته اللجنة الإقتصادية لحزب البعث العربي الإشتراكي حول الازمة المالية العالمية قول الرئيس الفرنسي ساركوزي ( ان الازمة عميقة واننا في حاجة  الى إعادة بناء النظام المالي والنقدي العالمي من جذوره وان فكرة وجود أسواق بصلاحيات مطلقة دون قيود ودون تدخل الحكومات هي فكرة مجنونة .. فكرة ان الاسواق دائما على حق هي فكرة مجنونة )


ولكنها في السودان فكرة عاقلة جدا فالسوق هو الذي قرر منذ ثلاثة اشهر ان يرتفع سعر رطل السكر من الف جنيه الى الف وثمانمائة جنية واذا كانت الاسرة تستهلك رطلا واحدا في اليوم فان ثمانية ملالاين اسرة سودانية تدفع يوميا ستة الف واربعمائة مليون جنية بالقديم لجيوب الطفيلين وقس على ذلك إرتفاع اسعارالدقيق والزيت والبصل والفاكهة الشعبية الموز والسلع الاخرى ..

 

إن أثار التطبيقات الرأسمالية المقترنة بالعولمة والخصخصة قد امتدت الى بلدان لا تحسب ضمن بلدان العالم الثالث مثل استراليا حيث ان حزب استراليا المستقل شريك ليندون لاروش المرشح الامريكي في انتخابات الرئاسية عام 2004 م قد اعلن ( ان نظام العولمة والخصخصة قد ادى الى دخول استراليا في أسوا أزمة إقتصادية .. اصبحنا نعاني من أزمات في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية ومن إنهيار البنى التحتية للاقتصاد وخسارة الوظائف والاستقطاعات الكبيرة في خدمات التعليم والصحة والخدمات الضرورية الأخرى مع إرتفاع الديون العامة والخاصة ، وخسارة مدخرات التقاعد نتيجة انهيار الاسهم والسندات لا حل إلا بانشاء مصارف وطنية مملوكة للدولة ، والغرض تمويل مشاريع البنى التحتية في القطاعين الزراعي والصناعي) ..

 

هذه نماذج لصيحات ودعوات من دهاقنة النظام الراسمالي العالمي وقد صُدرت
الالاف الكتب والمجلدات التي تحذر من نذر العولمة الرأسمالية المتوحشة ومخاطر الخصخصة والتي انتهت الى دعوة حكومات لانقاذها بلدانها من كوارث النظام الراسمالي الحر فإن حكومتنا التي تعيش خارج العصر والتاريخ تحث الخطى لتوجيه الضربة القاضية لمشروع الجزيرة والمناقل وخصخصته وبيعه للقطاع الخاص المحلي و راس المال الاجنبي كامتداد لسياستها في تصفية القطاع العام وبيع اصول الدولة مسايرة لسياسات الراسمالية عفى عليها الزمن .

 

ان مشروع الجزيرة والمناقل هو اكبر مشروع ري في افريقيا ويعتبر اكبر مشروع ري تحت ادارة واحدة في العالم باسره وهو من اكثر المشاريع المتميزة والناجحة والذي يشكل نموذجا للتنمية في السودان. وقد استكمل بناء مشروع الجزيرة عام 1925 م بعد قيام خزان سنار وامتد الى المناقل في عهد نظام 17 نوفمبر1958م.. مساحة المشروع 2,200,000 فدان . يروى انسيابيا بشبكة ترع طول الترعة الرئيسية 1084 كيلو متر... يضم 128 الف مزارع و 6,461 عامل و2,500 موظف . واعداد كبيرة من العمال الموسمين يقدر عددهم بنصف مليون ، بالمشروع شبكة سكة حديد داخلية بطول 1300 كيلو متر تعمل لنقل مدخلات الانتاج لمناطق المشروع وترحيل الاقطان للمحالج ، وبه 13 محلج بالحصاحيصا ومارنجان والباقير ويضم عدد كبير من المكاتب والمنازل والمخازن والمنشأت ، ومع نمو المشروع اصبحت مؤسسات المزارعين التعاونية تمتلك مطاحن للدقيق ومصانع للغزل والنسيج والطحنية ودكاكين وصيدلية وأسهم بالبنوك . وهذا المشروع بكل ملحقاته هو ملك للمزارعين لانه قد تم بناء المشروع وخزان سنار بسلفية من حكومة السودان قام المزارعون بسدادها باستقطاعات سنوية من نصيبهم في الحساب المشترك وقد اكتمل السداد في العام 1949 م .

 

وقد اعتمدت الخزينة السودانية لعشرات السنين في مواردها من العملة الصعبة على عائدات هذا المشروع من تصدير القطن طويل التيلة . اعتمد المشروع صيغة الشراكة الثلاثية بين المزارعين والدولة والادارة وتوزعت نسب عائداته على النحو التالي: 

 

 47 % للمزارعين
 36 %
للدولة
 10 %
للإدارة
 3 %
للخدمات الاجتماعية
 2 %
إحتياطي المزارع
 2 %
للمجالس المحلية..........

 

وفي ظل هذا المشروع تم تحقيق انجازات إنتاجية وخدمية كبيرة .. بحيث تميزت منطقة الجزيرة والمناقل عن باقي مناطق القطر (ناسف لعدم تفريغ هذا الجزء حيث تعرض المتحدث لجهود البنك الدولي لتصفية المشروع التي نتج عنها الغاء الحساب المشترك وتراجع الدولة عن واجبها في التمويل (1993)،  واصدار قانون 2005 سيئ الصيت وطالب المتحدث بالتراجع عن هذه السياسات التدميرية واعتبار المشروع نموذجا وتجربة ناجحة ينبغي تعميمها في كل مناطق الزراعة المروية والمطرية .

 

أيها الحضور الكريم

أيها الرفاق والرفيقات :

ونحن نهنئكم بمقدم عيد الأضحى المبارك نستذكر الوقفة المشهودة لقائد البعث الشهيد صدام حسين رمزنا الذي نقتدي به في التمسك بالمبادئ وقيم الرجولة وفي تحمل صعاب وعواقب النضال ..إذا إعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول يهون علينا أن تصاب جسومنا وتسلم أعراض لنا وعقول .

 

إن من واجب البعثيين والمخلصين أن يعُرفوا الناس بالأبعاد الحقيقية لتجربة الحزب بالعراق فهي التجربة التي نعتز بها لمآثرها العظيمة وإنجازاتها الكبيرة ولمصداقية الحزب وقيادته في الإلتزام بالمبادئ والوفاء بالعهد والوعد .

 

والأهم من ذلك أنها أول تجربة عربية نابعة من الشعب.. من أكثرية الشعب.. تعبر عن حركة النهوض القومي العربي منذ قرون طويلة من الإنحطاط ، وأن البعث لم ينتزع السلطة إعتماداً على العوامل الفنية وحسب وإنما لجأ إليها لتقليل الخسائر .. فقبل عام من إستلام السلطة قاد تظاهرة شعبية حاشدة ومحمية بالسلاح ، شارك فيها الملاحقون والمطلبون من النظام العارفي وعلى رأسهم القائد الشهيد صدام حسين ,ووقف النظام أمامها عاجزاً, في تأكيد لقيادة الحزب لأوسع الجماهير ولأحقيته المبدئية والشعبية في قيادة البلاد ، وعلى هذه القاعدة الشعبية أستمد القوة في مواجهته لكل التحديات وعليها يعتمد الآن في مقاومة الإحتلال وعملائه بقيادة الأمين العام للحزب عزت إبراهيم الدوري .

 

إن تعريف الجماهير بهذه التجربة الغنية لا يستهدف إستنساخها أو تكرارها ، فهي لن تتكرر بمفرداتها حتى في العراق ولكن الهدف هو إستلهام نهجها والتأكيد على جوهر التجربة في إمكانية أن تفرض الجماهير إرادتها وأن تشق طريقها نحو النهوض والتقدم في مغالبة أعدائها مهما بلغت قوتهم .

 

ناسف مرة اخرى لعدم استكمال هذا الجزء ونامل ان نتمكن من ذلك لاحقا ..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٠٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور