تأملات - هوية التفجيرات .. بين العجز الفكري والضياع السياسي

﴿ الجزء الاول ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

من بديهيات البديهيات هو  أننا نزعج الاخرين في أن نكتب او نتحاور أو ننقاش أو حتى نستمع الى مواضيع يعلمها ويدركهاويفهمها الكثيرين, ومنها حقيقة التفجيرات وجرائم القتل التي تحدث يوميا وباستمرا في بلدنا العراق..عذرا رفاقي وأبناء شعبي وأولاد عمومتنا والاصدقاء لنا في هذاالعالم من تجرئي أن أتطرق لبديهية يدركها الكل وبعقل الكل في أسبابها وأهدافه ونتأئجها وهي موضوعة الانفجارات وبالاخص الاربعاء الدامي والاحد الدامي حفظ الله شعبنا العراقي من أحتمالات السبت الدامي والاثنين الدامي والثلاثاء والخميس والجمعة (لاسامح الله),فهي نبرة ولحن على تناغم ملحن معزوفة 11 ايلول الدامي,بالتأكيد ليس هو بموزارت ولاجايكوسفكي ولازرياب,أنه يحمل أسم الكافر والحاقد والطامع في أهلنا وثرواتناالذي جائنا عبر دباباته وطائراته القاتلة وعبر الالاف من الكيلو مترات والاخر تسلل عبر الحدود في يوم غاب أسودالداروغفلة من من الزمن السئ الذي غدربحماة الوطن ,وهو نفس الخاطئ الذي يكفر ويبطش بالناس في هذه الكرة الارضية,والاخر يفكر في ان يسود على المنطقة بطموح نووي لجنون القوة  ,وأقول خاطئ لانه مهووس ومبرمج وقد تم غسل عقله وجسده بالطمع و الجشع بالاخرين أنه صاحب الفكر الامبريالي الصهيوني والشعوبي وهما بلاء أمتنا العربية..

 

أن هذه المقدمة ليس الا لاقول أن كل من سيقراء كتابتي هذه المتواضعة والبسيطة سيكون قد أدركها وعرفها قبلي ,ولكن تجرائي بالكتابة عنها هو لتبيان أن الهدف ليس الاستخفاف بمعرفة الاخرين بقدر ما تكون لتبيسطها وتنشيط الذاكرة بها وعنها ,ومحاولة لمعرفة هوية الفاعلين الحقيقين والذين سبقوا وأن مارسوها في قطرنا عندما كان النظام الوطني موجودا في القتل الجماعي سواء في الجمعة المستنصرية أو في مرأب النقل الجماعي في الكرخ..


سوف أحاول أن أتناول هذا الموضوع على شكل حقائق واترك للقارئ الكريم ومهما كانت خلفيته السياسية أن يستنتج معي و بما يطلع عليه من الطروحات وما عنده هو أيظا من الاراء,ومن خلال هذه العناصر المتفاعلة والمتبادلة  يمكننا ان نخرج بأستنباط للحقيقة فيما جرى ويجري في عراقنا الحبيب فيمايخص جرائم التفجيرات, وبكل حيادية في التفسيرات والاستنتاجات ولكن بتحيز بل وبتطرف للحقيقة الواحدة ولنؤكد ونحدد هدفنا هي الحقيقة ولا شئ غير الحقيقة ومهما كانت الوانها أو رائحتها اوجذورها ,ولنعتمد هذه التفاعلات المفيدة, وهذا ما تعلمته أنا شخصيا من الايدلوجية العربية الثوريةفي التفاعل العضوي مع الاراء والافكارومهما تنوعت أو أختلفت بالروئ أو بالمنطلقات معنا ,أن هذه هي سمة اساسية لهذه الايديولوجية وسر أستمرار وجودها وقدرتها للتطور في اعتمادها على الرأي المطروح والرأي الاخر ولينتجى من هذه المعادلة والجدلية رأي جديدا أكثر قدرة في التعبير عن  الحقائق المطروحة.

 

وهذه بالتأكيد مستمدة من الهوية الثقافية العربية الاصيلة وليست كما في الثقافات الاخرى المستوردةمن ثقافات أجنبية والتي تصطبغ بالتجرد أي تفتقد لاي مرجعية عربية ثقافية  ولاي روح عربية تؤشر بأنتمائها للواقع العربي الاصيل وتكتفي بالاستيراد من  المفردات الثقافية الاخرى لتصنع ثقافة هجينية و مركبة فتكون كما بنى بناءا  ثقافيا على ضياع وفراغ فكري وخال من القاعدة الثقافية الرصينة,ويتحول هذا الكيان الى غربة عن حركة الواقع العربي وتتحول ثقافاتها لمجرد نصوص لترف فكري,وكما يقول الفيلسوف و المفكر والمناضل العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق ((رحمه لله)): (ففقدان الروح العربية والثقافة العربية يقود الى الثقافة المجردة، فالشخص يكون ضعيفاً مجرداً فتدخل الثقافة الاجنبية عليه دون ان تجد مانعاً او رادعاً اومعدلاً، فيصبح معدوم الشخصية أمامها وتتحكم به في حين ان تثقف الفرد العربي بالثقافة الغربية مفيد له كل الفائدة شرطة أن تكون شخصيته قد تكونت، فالفرد العربي الذي له من ثقافته وروحه ما يكون رادعاً عن الوقوع في خطأ الثقافة الغربية ومصححاً لها وما يكون فيه من القدرة على تمثل تلك الثقافة تمثلاً فكريا يجعله حاكما فيها لا محكوماً لها فتكون اداة في خدمته ونفعه.

 

الثقافة ليست شيئاً جامداً يدخل على الرأس ويستقر وانما هي حركة وحياة تتفاعل مع الشخص وتؤثر فيه، لها حاجات ومطالب ومستلزمات ولها وسط تنبت فيه وتتخذ معناها، فاذا دخلت الثقافة الغربية على عقل عربي غير مسلح بالثقافة العربية فانها تنقله إلى الحياة الغربية.)(1) وتتحول في حواراتها وتفاعلاتهاالى مجرد اقرب ما أن تكون الى نوع من السفسطة والجدل العقيم لعدم أمتلاكها للمرجعية الثقافية العربية والى روافدها في بنائها الثقافي واهمها التراث العربي الاسلامي.وستكون وسائلها في أثبات شخصيتها وهويتها بعيدة كل البعد عن أرضية الواقع الذي تعيشه وهذه الغربة تجعل هذا النوع من الثقافات خطرة بالقدر الذي قد تستهوي في تحللها وعدم انضباطه وأباحتها لكل شئ أقول تستهوي من يعيش حالة من الضياع الفكري والاخلاقي.

 

فتكون وسائل التعبير عن نفسها وهويتها بأنها  تعتمد الحوار والنقاش ولمجرد الاداء الحققي لهذين الفعلين الذين يصبغا الثقافات بالديمقراطية ولكن بدون الاهتمام في وضع قواعد موحدة لإجراء الحوار و أهدافه وفي تقديري يمكن أن يبرر موقف هذه الأتجاهات للقصور في التصور والرؤية لابعاد الديمقراطية وكذلك لضعف الامكانيات البشرية والمنطلقات النظرية في الفهم  الواضح والصحيح للتبادلية مع الاخرين وكذلك في التفاعل مع الاخرين ,لذا تكون وسائل التمييز لفكرها أو لثقافتها وبشكل أعم ,هو ابسط  وأدنى أنواع التعامل  بين الجنس البشري وهو أستخدام القتل الفردي كالاغتيالات والخطف والغدر وكذلك القتل الجماعي كنصب المفخخات والتفجيرات وهما وسيلتا العاجز الفكري والتنظيمي والثقافي وبالمحصلة يؤشر العجز الاخلاقي,فهل الذي يجري الان في بلدنا يعكس هذه العجوزات لكل من يمثل العملية السياسية  لصاحبها ومنهدسها المحتل  .

 

أنا أعتقد نعم ومن خلال تطور الاحداث الدراماتيكية التي يعيشها شعبنا ومنذ أكثر من ستة سنوات وبالاخص تطور وسائل القتل الجماعي,وأن التهجير والتشريد كانا من ضمن الوسائل القتل في المرحلة الماضية وهي لاتزال قائمة من خلال استمرار أكثر من أريعة ملايين عراقي مهجر في الداخل والخارج وتصريح ممثلة الامم المتحدة قبل أيام بخصوص قلقها من عودة بعض العوائل العراقية الى الوطن لاعتقادها أن أسباب الهجرة لازالت قائمة و لحد الان.

 

وتفجيرات الاربعاء والاحد يحملان بصمات المحتل والعصابات القتل الطائفية لانهما أصحاب المصلحة الاولى من هذين التفجيرين, فالمحتل يريد أيصال سالة للمواطن العراقي بأن بقائه ضروري لامن البلد والمليشيات تحقق عدة أهداف لها أيظا منها لضغط على من تجراء وخرج عن الائتلاف الموحد وتهديده بأحراجات أمنية لايقدر على مجابهتها, وكذلك خلق فرصة لتشويه دور الجبهة الوطنية القومية الاسلامية وذراعها المسلح المقاومة العراقية البطلة وأيظا ترضية المحتلين لانهذا الفعل الجبان يفيد المحتل الذي جاء عبر المحيطات أو الذي تسلل غبر الحدود..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٠ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٨ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور