تأملات -  هوية التفجيرات .. بين العجز الفكري والضياع السياسي

﴿ الجزء السابع ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

أذن كل الذي ذكرناه في تحليلنا السابق فيما يخص بظاهرة التفجيرات التي تجتاح بلدنا العراق والذي  يعود للحقيقة الاولى المتمثلة في العجز الفكري و التراوح بين الافتقارللتكون الثقافي و بين الجمود والتباطؤ الفكري عند المكونات السياسية ,والذين يتخبطون في تسيير السلطة اليوم.

 

وأن هنالك نقاط  تدخل في حقيقة التكون والبناء الفكري و تطوره ولايمكننا ان ننكرهاوهي حقيقة كون كل الثقافات تتغير باستمراروباتجاهات محددة  ,وخاصة في قدرتها على التغير تكمن في نشأتها وفي مبادئها الاولية,وفي أمتلاكها للنظرة المستقبلية لواقعها ,وأن تحقيق تطور في أتجاهاتها مرتبط في قدرتها على التوافق مع حركتي الواقع والتاريخ,وأذا ما فقدت أية ثقافة لهاتين الصفتين فأما أن تقف في نقاط انطلاقاتها أو تتباطء في تكيفها ولا تضيف لبنائها شئ وهي في كلا الحالتين تندرج بالثقافات المتخلفة وتقترب من حافات الانقراض,واقول ذلك وأضع امامي حقيقة أنه ومنذ عام 1970 وحتى الآن،يشهد العالم دراسات للظواهر الثقافية أو النصوص الثقافية ونتيجة لعمل ستيوارت هول (1)و  مع زملائه من أمثال بول ويليس (2)، ديك هيبداج ، توني جيفرسون وأنجيلا مكروبي(3) وتم التركيز في هذه الدراسات على العلاقة بين القضايا الايديولوجية والعرقية والقومية والطبقات الاجتماعية مع الظواهر الغريبة وقد تم تاسيس حركة دولية فكرية لاجل ذلك .

 

وتسأولي أين هذه الثقافات الاحادية المتطفلة على الثقافة العربية التي تجتاح العراق الاستثنائي اليوم من الاهتمام العالمي في الثقافة وتطويرها بأتجاه تحقيق النجاح الاكبر في أستيعاب الانشطة الفكرية والفعاليات الانسانية الاخرى واعتبار ذلك تفوق ثقافيا مع الاحتفاظ على الخصوصيات الثقافية لكل امة..أين هذه الانشطة الانسانية في المحكاة بين ابناء البشر من خلال التفاعل الثقافي بين الامم من الثقافات التي تستئثر بالساحة العراقية وتركز على ثقافات القتل والانتقام والاجتثاث والاقصاء للاخر وبزوال ضروف ضيافتها وفي العراق الحاضن لضيافتها هو الاحتلال فانها ستنتهي وتزول وهي الان في مرحلة الضمور ومن ظواهر هذه المرحلة تصاعد للشعور الوطني وتراجع للطائفية والمذهبية ..


في حين هنالك ثقافات تنمو وتتطور وتتكيف فتؤثر وتتأثر فتحسب مع الثقافات المتطورة ويكتب لها الاستمرارية والبقاء. وأن جزءا من حتمية تأريخية في هذا المجال تتلخص بأن شكلا من أشكال الصراع سوف ينتج بينهما كجزء من الدفاعات التي تطرحها لضمان بقائها,وبالتأكيد سيكون بين هذين النوعين خلافات وحتى صراعات وقدتستخدم فيها اساليب الابادة والقتل الفردي والجماعي.

 

والثقافة التي تكون منفتحة على الاخرين بايجابية التكون والصيرورة ستكون أساليبها حضارية في أية مواجهة وتتناسب مع رقي مستويات مضامينها في الفهم والسلوك معا,واما الثقافة صاحبت الانطلاقة الضيقة و الجامدة والتي لا يمكنها أن تتمدد أكثر من حجم ومساحة تكونها والا ستتعرض للتمزق والتشطر في أطاراتها التنظيمية و الفكريةوكذلك الحال بالنسبة لأدواتها التمثيلية لها وعلى شكل (الأحزاب أو الحركات أو أي تجمع يمثلها)يكون مصيرها التفكك و التمزق لفقدان المرونة في أنسجة تكوينها.قديبدي البعض في كلا النوعين من الثقافات بعض الاعتراضات أو الاجتهادات وحتى المقاومة للاتجاهات الرئيسية لهذه الثقافات نحو التطوروالاضافات التي يفرضها الواقع أو العكس أي بتبادل المواقع من حالة التطور والتكيف ,بذلك يتشكل في الاتجاه الواحد او الثقافة الواحدة تيارين الاول حقيقي والاخر هو الاسثنائي,وقد يدخلان أيظا في حالة من الشد ليصل الى شكل من أشكال الصراع وقد يتطور الى الاحتراب  بهدف فرض التصورات والمفاهيم أحدهم على الاخروقد يستخدم في بعضها الدين أوبعض القيم كأدوات للتخفي ورائها وأكتساب نوع من الشرعية لصالحها . وأحتمالية أن تتبلور عقائد  جديد من هذه الصراعات و الاطروحات المتضادة لتشكل مركزا ثقافيا جديدا للاستقطاب,أيظا تدخل في حلبة الاختلافات والصراعات ,وأذا كانت أطراف التخلف كبيرة نسبة للاطراف الاخرى فقد يدخلان في حالة من الصراع الذي يحمل صور من القتل على مستوى الافراد والشخصيات وأيظا القتل الجماعي وأحدى صورهذه التصفيات الجماعية تكون التفجيرات التي هي أحدى الوسائل الاجرامية. كل ذلك لفرض  توازنات لصالح هذه الجهة أو تلك أواالتكالب على مكتسبات ضيقىةبحتةلا علاقة لها بالمصالح العامة أوحتى في بعض  الاحيان بالعقائد.

 

(1) ستيوارت هول_برفسورفي علم الاجتماع في الجامعة المفتوحة,خصية رئيسية في أعادة بعث اليسار السياسي البريطاني في العقدين السادس والسابع من القرن العشرين,له محاولات في البرهنة على ان وسائل الاعلام في الظاهر تعكس الحقيقة وفي الواقع هي تقوم بانشائه 

 

(2) ديك هيبتاج_من مواليد 1951,مغترب وسائل الاعلام البريطاني والمنظر في علم الاجتماع و مقاوم ضد التيار الرئيسي للمجمتع,حاصل على رسالة الماجستير من مركز الدراسات الثقافية المعاصرة في برمنجهام,نشر له كتب في عام 1979المؤثر في دراسات الثقافات الفرعية,ثقافة فرعية,معنى النمط,يعمل أستاذا لدراسات وسائل الاعلام والسينما والفن في جامعة كالفورنيا في سانتا باريرا.

 

(3) أنجيلا مكروبي(1976-1986)_ركزت في دراساتها على النساء الشبات والطبقة الاجتماعية والثقافة الشعبية وثقافة فرعية,والمسيقى والاناقة

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٠٧ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٤ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور