تأملات / هوية التفجيرات .. بين العجز الفكري والضياع السياسي

﴿ الجزء الرابع ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

وبنفس المفأجات الذي حملتهاهذه المرحلة التي يمر بها وطننا من بروز وظهور التكوينات السياسية والتركيبات الحزبية الغريبة وشخصيات مشبوهة وطنيا ,وما تمخظت عنها من تصدر للعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع العراقي و الاطار الوحيد الذي يمكن ان يجمع هذه الانشظة و الفعاليات التكوينات والشخصيات وبمختلف أشكالها  وأنتماءاتها,أقول الاطار الوحيد الذي يمكن أن يجمعها هو الفوضى والانتهازية والتخبط وأستغلال الفرص على حساب مصالح الشعب العراقي وسرقة ثروته وكأنما هي فرصة سوف لن تكرر والداني على الابواب..

 

وبالمقابل تحجب القيم الوطنية والقومية السليمة لتصبح قيم منبوذة ومدانةو أطلقوا عليها مسميات جديدة مستوردة من ثقافات بعيدة عن واقعنا العربي والاسلامي يسمونها بالشمولية والشوفينية و الديكتاتورية و الفيدرالية والطائفية والمذهبية وغيرها من المسميات التي تعلموها و باتقان وبنجاح في مدارس عجمية لاتعرف من العربية الا كلمات وعبارات تهم الاجنبي كالنفط والكبريت الفوسفات والموقع الستراتيجي لوطن العرب فقط..وبنفس هذا التشويه والتزوير وبقوة مضاعفة وفعالية أكيدة كان نصيب حركة الثورة العربية وطليعتها البعث الخالد كجزء من محاولة يائسة لقلب كل القيم والمبادئ القومية والانسانيةو لافراغ  العقول والصدورمن هذه العقيدة العربية الراسخة في الأوساط العربية المثقفة والواعية,وقد يكونوا قد نجحوا مع الكم الانتهازي الذي تسلل  للحزب عبر منافذ جماهيرية واسعة وعريضة لم تستقر عندهم مبادئ هذه العقيدة القوية في هذه العقول الهشة والتي لا تمتلك من الثقافة الا بسائط الاوليات في الثقافة القومية الاشتراكية ولا تتعدى فهم أكاديمي يحتضر عند اول هزة أو موقف صعب يتطلب صلابة المناضلين.

 

وهم الان يحسبونهم نقطة مظلمة في مجموعة الانوار التي تضئ اليوم أقلامها  بومضات شرارية لمسيرة هذا الحزب الخالد ويكتب مناضلوه السفر الجديد للطريق العربي الجديد ويخطون بدمائهم الزكية العنوان الحقيقي لنموذج الامة المستقبلي,فلا تهتز الضمائر ولا تأسف النفوس ولاتتباطء مسيرته الخالدة أمام هذه النماذج فلا يضييع بعض الحسك لذة ثمار التين وتشوه بداعة الالوان والروائح لالاف واللالاف من الازهار بمعدودات من مجاميع الشوك نبتت متطفلة في زمن كان ري الانتصارات زاخرا ,وهنالك حقيقة غائبة تتعلق بديمومةالبعث فكرا وتنظيما ولن يدركها الامن يعرف حقيقة البعث وأسباب نشأئته وعلاقته بالامة العربية تأريخا وحضارة وفكراوبجدلية الاهداف المستقبلية والتي تحتم تكرارية الولادة في رحم الولادة  للانسان العربي الجديد وبعث كل الطاقات في حياةالامة وكما يقول الاستاذ ميشيل عفلق:

 

( لأن البعث العربي بعث لكل شيء)(1), فالبعث ضرورة للعرب ليس بالقدر الذي يتعلق بفكره وعقيدته بل ان ضرورية البعث نابعة أنه يمثل قدر الامة وهو نموذجها المستقبلي الصغير,فلا قوانين برايمر ولا الحمقى من خلفائه يستطيعون فهم هذه المعادلة الفلسفية والنضالية  ولا حتى الحزبين الطارئين عليه , ويقول بهذا الصدد المفكر العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق(رحمه الله):( اقول هذا وأنا أعرف، ولربما أكثر من أي شخص آخر في الحزب، ما ينتاب حزبنا من نقص وتشويه طارئ..

 

فالمسألة ليست بسيطة الى هذا الحد.. المسألة مسألة اتجاه وعقيدة وتجربة.. فحتى لو افترضنا المستحيل وافترضنا أن حزب البعث قد تشوه تشوهاً كاملاً في كل شيء إلى النقيض.. رغم كل ذلك فإن الضرورة التاريخية في وجوده تبقى موجودة، في فكرته واتجاهه، لا يستغنى عنها)(2).

 

ويذهب الجهلة بالفكر القومي الاشتراكي والذي طليعته البعث الخالد والذين يعادونه بأن أستمرارية هذا الفكروالحزب ضرب من ضروب الخيال لعجزهم في فهم وأستيعاب حركة الواقع العراقي والعربي بشكل عام وليس لديهم أي أيمان اولا ورؤية واضحة عن الصيرورة الجديدة لحركة النضال العربي فهم ينطلقون من منطلقين:


الاول-  الانكسارات التي حصلت للتيار اليساري العربي بسبب التراجعات التي حصلت في المد  الثوري والاشتراكي العالمي وخاصة بعد الاحباط الذي لحق بالثورة العالمية في الترجمات الخاطئة في فلسفةومبادئ النظرية الماركسية اللينينة وأنهيار المعسكر الاشتراكي لصالح الفكر الليبرالي وبالتأكيد هذا الربط بين الظاهرتين غير صحيح .

 

لانه ليس بالضرورة أن يكون النظام الاشتراكي الذي أخذ شكل الاتحاد السوفيتي كان يمثل النظرية الماركسية اللينينة في كل ما تمثله هذه النظرية من المادية الجدلية والمادية التأريخية ونظرية فائض القيمة والصراع الطبقي والخ.. ولكن الاخطاء القاتلة في التطبيقات أحتلت ركنا اساسيا في عكس سلبية  الافكار والنظرية. وبالتالي أعطت للفكر الرأسمالي فرصة أن يسجل على الافكار الاشتراكية  تقدما بسيطا, ولكن المهمة الملحة الان في مبادرة المفكرون الاشتراكيون في أعادة صياغة النظريات الاشتراكية ,يحيث تتماشى الوقفة مع طبيعة المرحلة التأريخية التي يمر بها العالم .فأن التقدم البسيط والاني الذي سجله الفكر الرأسمالي سيتسع ويمتد ويظر بالحركة الاشتراكية العالمية الحقيقية ككل أذا لم تكن هنالك مبادرة لتصحيح بعض المفاهيم والوسائل والستراتيجيات لتفرز تكتيكا جديدا .

 

وبالتأكيد سيصيب الحركات القومية الاشتراكية العربية الاذى من أي من هذه المتغيرات لصالح المعسكر الامبريالي الصهيوني.وأعود لأوكد الحقيقة التالية فيما يخص التأملات والتمنيات الخائبة لاعداء الثورة العربية,وبسطي التنظير الذين يعمدون لربط بين أنتكاسة تجارب الحزب في  العراق وتحديدامع تجربة الوحدة العربية بين القطرين السوري والمصري,بأنها دلالات لعجز للايديولوجية العربية الثورية في تحقيق أهدافها.

 

وهذا هو ما ينطبق على التحليلات اللاموضوعية  لهولاء,فاذا ما عمدنا الى الربط الموضوع بين الاسباب والنتائج سنكون موضوعين في تحليلاتنا ونفهم حقيقة وحجم التحدي الذي جابهته التجارب الثورية للبعث الخالد والتي قامت كلها في وسط معادي و موبوء بمحطات للرجعية العربية وقواعد سياسية وعسكرية للامبريالية العالمية الى جانب الكيان الصهيوني وأيظا  كانت أندفاعات الثوار في التعجيل لتطبيق المبأدي بهدف ترسيخ ثقة الجماهير بالحزب. وكل هذه القوى والاسباب شكلت تحالفا علنيا ومخفيا ضد كل تجارب البعث العظيم. ولست بصدد الخوض في هذا الموضوع ويكفي أن نقف أمام حجم ونوع وقدرة العدوان الذي وقع على العراق في عام 1991 وفي غزوه في عام 2003 لنقف عند  أنواع التحدي الذي واجهته تجارب البعث العظيم..


أذن نكون قد وصلنا الى الجزء الاول من جوهرالحقيقة, وأن الذي يتحدث من أسالبب الغدر وبالاخص الغدر الجماعي والذي ترجمته الانفجارات أيحسب على ثقافة من؟ ثقافة الهوس بالاستئثارات الشخصية المحدودة والواردة الينا, والتي قائمة في مبادئهاعلى تحقيق أنظمة طأئفية أو مذهبية وأنشاء دولة محدودة في جماهيريتها, أم ثقافة الاصالة  في الفكروالبناء والنشاط الانساني وترجمته الفنون التشكيلية والرسم والنحت والغناء المهذب والرقص المعبر والمسرحيات الهادفة و العزف الراقي والتي تهدف اقامة نظاما يحوي كل تطلعات الجماهير ودولة الجميع مبنية على أسس الدولة العربية الموجودة في التأريخ العربي ,أيمكن أن تكون هذه الثقافة ثقافة قتل و خطف وأنفجارات ؟,

 

والادلة التأريخية والمعاصرة تؤكد على أن كل أساليب القتل الجماعي طارئ على مجتمعنا  العربي والاسلامي,وقد أكد الرسول محمد (ص) على القتال وليس  الغدرو الغل فقد قال: (اغزوا باسم الله، ‎قاتلوا من كفر بالله، ‎اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ‎ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدة، واذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم الى ثلاث خصال او خلال فايتهن ما اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم الى الاسلام فان اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم الى التحول من دارهم الى دار المهاجرين واخبرهم انهم ان فعلوا فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فان ابوا ان يتحولوا منها فاخبرهم انهم يكونوا كاعراب المسلمين يجري عليهم الذي يجري على المسلمين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء الا ان يجاهدوا مع المسلمين، ‎فإن هم ابوا فسلهم الجزية، ‎فان اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. وان ابوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم)(3) .

 

الحقيقة التي لا يختلف عليها حتى المحتلين بأننا في العراق لم نعاني من الغدر والتمثيل بالاجساد الا بعد أنتشار ثقافة المحتلين وعملائهم  بعد الغزو في عام 2003 والتي لم نكن يعرفها و حتى الخارجين على القانون في حينه لم يسبق أن تعاملوا بها ..أنها ثقافة العاجزين فكرا وسلوكا وتعاملا ,انها ثقافة الذين يهدمون بيوت الله ويعتمدون الفرز بين أبناء الوطن الواحد على الهوية الطائفية والمذهبية ,أنهم فاشلون وقد تجاوزتهم المرحلة الحضارية التي يمر بها العراق ووجودهم اليوم زائل بزوال قوة المحتل الاجنبي,وهم طارئون على الشعب العراقي الاصيل بقدر زيف أنتمائهم للعراق الواحد بشعبه أنشاء الله..أمين


(1) حديث مع الرفاق السودانيين، بتاربخ 2 / 8 / 1980
(2) كلمة في حفل قسم أحد الرفاق من العراق بتاريخ 15 حزيران 1959.
(3) روي عن سليمان بن يزيد عن ابيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أمر أميراً على جيش او سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢٦ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٤ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور