تأملات / هوية التفجيرات .. بين العجز الفكري والضياع السياسي

﴿ الجزء الثالث ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

وأذا ما أسقطنا هذه المفردات على الواقع العراقي بعد الاحتلال في عام 2003 ستكون لدينا صورة تركيبة سياسية هجينية بل متضادة في الثقافات وحتى متعارضة في العقائد,أطلق عليها المحتل العملية السياسية الديمقراطية,وكأنما الديمقراطيةلا تعني الا عدم الاتفاق والحالة الصحية هي في مقدار وعمق الخلافات وليست الديمقراطية  في أحد أوجهها هي في تقريب وجهات النظر المختلفة وتقليص الفوارق في مستويات الفهم الاجتماعي و السياسي ,وليس كما يحصل الان في العراق ففي حين كانت الاتجاهات والاحزاب السياسية بعدد محدود بعد عام 2003 وأما الان وبعد 6سنوات يلاحظ أن التمزق والتشضي في الافكارووجهات النظرقد زاد أضعافا وأضعافا وهذا واضحا من خلال التشكيلات السياسية المتعددةوالتجمعات وحتى وصل الامر الى الطوائف والمذاهب والقومية الواحدة.

 

أن الديمقراطية طريق للوصول الى بلورة الاراء المختلفةوالمتعددة ومن ثم ترتيبها في صفوف لتلتقي عند مصب واحد وهي الوطنية.والذي حدث بعد 2003 في العراق هو العكس تماما,وأن الاختلافات تطورت لتصبح خلافات ومن ثم تنمو الى أن تصبح تصادمات ولتنتهي الى صراعات وتصفيات,كل ذلك مرده الى الخلفيات الثقافية للمكونات السياسية التي جاء بها المحتل وفرض على الجميع القبول بتاجيل صراعاتهم لحين خلو مسؤوليته من مرحلة وهمية سماها ادارة البلاد من قبل العراقيين وليبعد عن نفسه الفشل في المرحلة اللاحقة من تورطه في أحتلال العراق.

 

وأن هذه المرحلة التي يعيشها العراق تحت سلطة متخلفين ومدعومين من السفارة الامريكية في المنطقة الملونة ومن القواعدالعسكرية الامريكية في العراق ومن مرجعيات دينية اجنبية وقد تجلت هذه في الفترة الاخيرة تدخل السفير الامريكي لتقريب وجهات النظر بشأن ما سموه بقانون الانتخابات وتدخل لاريجاني في اعادة تشكيل الائتلاف الموحد,هي مرحلة تخبط وتهور في التكوينات والتحالفات السياسية,انها المرحلة التي يحتوي العراق على اكثر من ثلاثمائة تيار واتجاه سياسي, وهل يعقل ان تتغير التخندقات السياسية والاتجاهات  والتحالفات بين ليلة وضحاهالتجد دمج وتفكك و اعادة تكوين غريبة وعجيبة لم يشهدها العالم في مختلف مراحله السياسية, فتجد ليبراليا وفي لحظة  يصبح اصوليا متطرفا وتجد الذي يدعي الايمان وهو في قمة التطرف وحتى النخاع  يتحول الى انفتاحي, وتجد من ينادي بالتحرير الوطن عن طريق  االكفاح المسلح ليصبح متحررا سلميا ويتحول في خطابه السياسي الى أرقى أنواع الدبلوماسية مع المحتل ومع خصومه, وتجد الصديق الحميم يتغير بزاوية 180درجة  الى عدو لدود, والعدو المبغوض المكروه يزوقونه و يلونه ليصبح صديقاً ومقربا ,وتجد عصابات القتل والاغتصاب ومنظمات السلب والخطف و المفخخات والذبح الجماعي, وفي غمظة عين عجيبة تصبح تيارا سياسيا وتغير اساليبهم في مواجهة الاحتلال من فوهة بندقية الى قنوات الاتصالات والطرق السلمية والوساطات في المرجعيات المختلفة,وتجد ائتلافات وتحالفات تتحلى باسماء وشعارات وطنية وشاعرية تداعب مشاعر شعبنا وهويرزخ تحت الاحتلال توافق على أتفاقية الذل مع المحتل (الاتفاقية الامنية) و تحت مبرر متطلبات المرحلة وكأنما ممارسة الزنى للترزق أصبح يكتسب الصفة القانونية لشرائع السماء في عالم اليوم.ومن بين هذا وذاك هنالك المتطفلون الذين يدعون التقدم واليسارية والثورة البروليتارية وهم ينشطون تحت عباءة السلطة الاوليغارشية الدينية وقوة الدولة الامبريالية الاولى في العالم ويحلمون باعادة القاعدة العريضة لجماهيريتهم باساليب الغاية تبرر الوسيلة تبا لمن أمن باساليب الامير وميكافيليته السخيفة..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢٢ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور