الديمقراطية المتوحشة ( والمرء ليس بصادق في قوله حتى يؤيد قوله بفعاله )

 
 
 

شبكة المنصور

سعد الدغمان
إن أول ما يتبادر الى الذهن حين تطرق مسامعه كلمة الديمقراطية هي العلاقة ما بين هذه الكلمة وممارسة الأنتخاب؛هذا لمن يملك التفكير السليم كما البشر؛فالأنتخاب أو الأقتراع هو التعبير الأمثل عن مفهوم الديمقراطية؛والتي أبتدعها اليونان للخلاص والخروج بصيغ للحكم تكون مقبولة ويرضى عنها الجميع كونها تمثلت وجاءت حسب رغباتهم ووفق صناديق الاقتراع؛أبتدعوها اليونانيون وبلينا بها نحن حين أخذنا هذا المفهوم بشكله المخزي وتطبيقاته التي إكتشفنا لها وسائل جديدة لا علاقة لها بما أورده اليونانيين لتتماشى مع تخلفنا وشذوذ تفكيرنا ولتماثل وسائل الاقصاء والابعاد والقتل والتشريد الذي يمارس اليوم في العراق بأسم الديمقراطية على الأخرين الذين يخالفونا بالرأي ولنضعهم في خانة ضيقة تتمثل بسلبهم حياتهم لاتحجيمهم وأبعادهم بل القضاء عليهم نهائيا ومن يماثلهم ومن يسكن بقربهم في الشارع أو الحي أو حتى المدينة برمتها وفق الطريقة الديمقراطية التي جاء بها الإحتلال والتي تشكلت بموجبها العملية السياسية العرجاء الجارية في العراق الديمقراطي.


الديمقراطيات التي تحكم العالم اليوم كثيرة ومتعددة؛ومنها ما هو قديم قدم الكلمة ومنها ما تم أستحداثه وفق النموذج الأول؛ومن خلالها تتنافس مختلف الأحزاب التي تمارس السياسة وتتصارع بغية الفوز بهذا المضمار كيما تمسك بالسلطة وتطبق برامجها التي أعلنتها خلال حملاتها الأنتخابية وليكون الجمهور هو المراقب بعد تلك الممارسات الديمقراطية فأن صحت مسيرتها أستمرت وإن أخذت اللعب بذيلها كما هو حاصل اليوم في العراق؛أنقلب عليها الشعب (وهذه بأذن الله قريبة) وفق الديمقراطية نفسها ليطالب بأقالة الحكومة التي أوصلها الشعب كما يدعي المالكي الى الحكم عن طريق الأقتراع وينهي برامجها ؛(ولا نقصد ببرامجها ؛حكومات الإحتلال التي تعاقبت على حكم العراق ؛كونها بلا برامج وهذه أخبرنا عنها المطلك في أحد الندوات؛اللهم إلا من برامج القتل والنهب والسرقة والتزوير والرشوة على الطريقة الأسلامية الفارسية والأمريكية)؛ وتنهي برامجها التي خالفت شعاراتها وما وعدت به الجماهير وهي مالم تحدث عندنا طبعا؛ولا تكون الأنتخابات ذريعة للتمسك بالحكم ونعيد ونكرر أن الحكومة منتخبة؛كون أن صفة المنتخبة أنتفت عند استلام تلك الحكومة مهامها فأن فشلت طردت كما يطرد (.........)؛فلا تكون ذريعة كما قلنا لأغراض تمسكها بالحكم رغم فشل أداءها وجرها الويلات على البلاد والعباد؛وهذا حال العراق اليوم.


الولايات المتحدة الأمريكية وكما يزعمون هي واحة الديمقراطية ومؤكد وكما يعلم الجميع طبعا أن هناك في أمريكا حزبان عتيدان يقودان العملية السياسية في البلاد يتنافس مرشحيهما على الفوز بمقعد الرئاسة لتحكم البلاد بعدها إما جمهوريا أو ديمقراطيا (نسبة الى الحزب الديمقراطي) وفق النظرية الديمقراطية المعمول بها أمريكيا وهذا ديدن البلاد مذ عرفتها البشرية منذ مائتي سنة هي تاريخ أمريكا المعاصرة بعد أن أبادت بجرائمها المعروفة السكان الأصليين لتلك البقعة النائية التي أكتشفها كلومبس بالصدفة لتكون وبالا على الهنود الحمر المساكين؛ولم تحاسب على فعلتها الى اليوم؛وكما فعلت حين أبادت العراقيين ولم تحاسب بغياب الضمير الدولي ؛وإستهتار الأمم المتحدة وغياب دورها.


الديمقراطية الامريكية تفرض منافسة حامية الوطيس على طول البلاد وعرضها عندما تحين ساعة الأنتخابات وكل يدلوا بدلوه؛وتشتد الحملات المؤيدة والمناهضة لمرشح هذا الحزب أو ذاك الذي يشكل نقيضه ولكن لم نسمع أن (وزارة العدل التي تقع في الصالحية بضاحية واشنطن تم تفجيرها وقتل من فيها؛ ولم نسمع أن أغتيالات تحدث هنا أو هناك ولا يحاسب عليها الحزب أو من قام بها وتعتبر كسبا ديمقراطيا)؛(ولم نسمع أن وزارة المالية التي تقع في الباب المعظم بمدينة نيويورك تم نسفها بواسطة شاحنة تحمل أطنانا من المتفجرات وراح ضحيتها أرقام مخيفة من المواطنين الابرياء؛لتأتي من بعدها الاخبار ان عملية الصراع الدائر بين الكتل السياسية هو السبب وراء تلك المآسي لغرض أن تحقق بعض الكتل المارقة المجرمة نصرا معنويا يجير لحسابها في الانتخابات القادمة)؛لم نسمع رؤوسا قطعت في أي ديمقراطية تجرى في العالم أو من أجل التاثير على سير العملية الأنتخابية؛لم نسمع أن جيشا يمسك بزمام الأمور في البلاد وتنتشر نقاط تفتيشه في كل شبر وهي تحقق بمستوى معين يصل الى أكتشاف معدن البلاتين في فك الأنسان لكنه لايرى أطنان المتفجرات التي تودي بحياة المواطن الذي من المفترض إنهم وجدوا لحمايته؛والأمثلة لاتعد ولا تحصى وليس الأربعاء والأحد الداميين الشاهد الوحيد على كلامنا؛لم نسمع بان أحياء دمرت عن بكرة أبيها لتؤثر نتيجة التدمير على مجريات الأنتخابات؛فأي ديمقراطية هذه التي تفرغ البلد من أهله بذبحهم وقتلهم وتهجيرهم وزرع الرعب في نفوس من بقي منهم؛ والأهم من هذا كله لم نسمع أن اي من اصحاب العمائم السياسية قد قتل في أي من التفجيرات تلك؛لماذا الله أعلم وفطنة القارىء.


الديمقراطيات أنواع لكنها لاتحوي النوع المشوه الذي تتبناه الحكومة العراقية؛ذلك النوع المتوحش القاتل المخيف الذي يغيب الحقيقة ويكرس للقتل وياليتها تأتي على التهميش فتلك هينة؛إنها المسخ الذي أستولدته الولايات المتحدة من جراء تلاقح أقبح صور الديمقراطيات المزيفة والمغرضة الأمريكية الصهيونية ونظيرتها الفارسية القذرة؛ إنها الديمقراطية المتوحشة.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٠٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور