حكومة بغداد وإنفلونزا الفساد

 

 

 

شبكة المنصور

محمد العماري
ينتشر الفساد في معظم دول العالم كظاهرة يسعى المسؤولون على جميع مستوياتهم الى القضاء عليه أو على الأقل الحد من آثاره المدمّرة, الاّ في العراق الجديد. فالفساد هناك لم يعد"ظاهرة" وأصبح بفعل حكّام المنطقة الخضراء مهنة مربحة وفلسفة حياة وسلوك يومي باين للعيان والعميان. ولا تبدو في الآفق أية نوايا صادقة لمحاربته والقضاء عليه رغم الوعود الكثيرة والجمل الرنانة بهذا الخصوص والتي تصدر بين الفينة والأخرى من الحكومة العميلة في بغداد. وبما أن النزاهة والصدق ونظافة اليد صفات لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد لمن باعوا وطنهم بحفنة من الدولارات الملطّخة بدم آلاف العراقيين الأبرياء فان آفة الفساد في عراق اليوم سوف تستمر في إلتهام وإبتلاع خيرات وثروات الشعب العراقي.


ومن يتابع عمل ما يُسمى بهيئة النزاهة العامة, رغم إصابتها بفيروس الفساد هي الأخرى, سيجد إن الدولة العراقية, التي أرادها الغزاة الأمريكان أن تكون نموذجا يحتذى به في المنطقة, تحوّلت الى مختبر متطوّر للفساد والأفساد وبتقنيات عالية جدا. ولا يوجد مسؤول واحد فيها, من "رئيس" الدولة العميل جلال الطلباني الى أبسط موظّف فيها, لم يمّ يده ليخطف "حصّته"من الغنائم العراقية. ومن لم يُشارك في عملية الفساد والافساد حتى هذه اللحظة فلا يعني أبدا أنه نزيه وشريف ويخاف حساب الله والشعب, بل أنه بكلّ بساطة ينتظر دوره المرسوم له من قبل من هو أعلى منه.


وقبل أيام أصدرت ما تسمى بهيئة النزاهة العامة وفروعها الأخرى في محافظات العراق 1455 مذكرة إعتقال بحق متهمين بجرائم فساد متنوّعة. وهذا العدد الكبير من المتّهمين, والذي لا يوجد له مثيل في أي بلد آخر, يغطي فقط الأشهر السبعة الأولى من هذا العام, والحبل ما زال على الجرار. ومذكرات القبض هذه لا تشمل بالتأكيد القطط السمان التي وجدت في قوات الاحتلال الأمريكي - الايراني شريكا مخلصا ومدافعا مستميتا يبعد عنها أية تهمة سواء كانت تتعلّق بالفساد أو بالسرقات, وما أكثرها, أو بتهريب نفط العراق أو بنقل الأموال المسروقة الى بنوك ومصارف خارجية.


وما كثرة سفرات ورحلات وتنقلات وزراء ونواب برلمان ومسؤولون كبار الى خارج العراق, في الغالب دون مهمّات رسمية أو حكومية, ليس الاّ دليلا على النشاط المحموم لهؤلاء اللصوص والسرّاق في تحويل العراق, الغني بثرواته وخيراته المختلفة, الى بلد فقير بائس يعيش على صدقات وهبات أسيادهم اللئام. ويشير مصدر مسؤول في"هيئة النزاهة العامة" الى أن الأشهر الستة الماضية "شهدت نشاطا ملحوظا لمكاتب الهيئة التحقيقية في بغداد والمحافظات في مجال إصدار وتنفيذ مذكرات القبض إذ وصلت النسبة الى 100 بالمائة مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي".


ولا ننسى بطبيعة الحال سنوات الاحتلال الأولي. مما يعني إن عمليات الفساد المالي والاداري في تزايد مستمر خصوصا وإن موعد الهروب"المشرّف" للقوات الأمريكية الغازية قد إقترب. وبعدها فان كلّ من شارك وساهم, بهذا الشكل أو ذاك, في الجرائم والمجازر والانتهاكات التي تعرّض لها الشعب العراقي, سيجد نفسه وحيدا فريدا يواجه مصيره المحتوم الذي سيكون عبرة لمن إعتبر .


ومن المضحك حقّا أن تسمع العميل نوري المالكي"أبو السِبَح" وهو يتحدّث عن الفساد المالي والاداري ويعتبره "دليل على خيانة متعددة الوجوه والآثار". والحقيقة إنه لم يسبق لمجتمعاتنا العربية والاسلامية أن عرفت لصّا محترفا أو خائنا متعدّد الولاءات يتفلسف أو يتحدّث عن الأمانة والنزاهة والعفّة. فمن تلطّخت سمعته بسبب سلسة طويلة من الجُنح والجرائم والفضائح, والفساد المالي والاداري ليس الاّ واحدا منها, لا يمكنه إقناع حتى البهاء وفاقدي الحيلة على أنه قدّيس أو ملاك. فضلا عن أن الشعب العراقي, الذي إكتشف منذ زمن بعيد الطينة العفِنة والنفوس المريضة لحكام العراق الجدد, لم يعد مستعدا لسماع هراء وضراط ونفاق نوري المالكي وعصابته التي إنتفخت كروشهم وجيوبهم وحسابتهم المصرفية بالمال الحرام والثراء الفاحش الغير مشروع.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٠١ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور