من أنتم يا هؤلاء؟
إذا كان بعضُ الناسِ سيفاً لدولةٍ - ففي الناسِ بوقات لها وطبولُ

 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

يستمر الحراك والعراك, وهو ليس أكثر من عهر سياسي مبطّن ومكشوف, بين"قادة" العراق المحتل بكافة إتجاهاتهم ومرجعياتهم وأسمائهم الفانتازية بغية الفوز ليس ببضعة مقاعد في برلمان تابع للمحتلّ فقط بل برضا ومباركة الغزاة أنفسهم, سواءا كانوا أمريكان صهاينة أو مجوس صفويين. ولم يعد خافيا إن ساسة المنطقة الخضراء, ومن خلال الزيارات المكوكية لهدا البلد"الصديق" أو ذاك, يحاولون قدر المستطاع إظهار حسن نواياهم وعرض خدماتهم في المستقبل طبعا, لكل من ساهم في وضعهم, بعد أن أدّوا دورهم الخياني باخلاص وتفاني, على كراسي الحكم البالية.


فبالرغم من علم وقناعة الغالبية العظى منهم, إن لم نقل الجميع, بان الناخبين الذين سيرغمون بهذا الشكل أو ذاك للمشاركة بالمهزلة الانتخابية القادمة, فقدوا كلّ أمل لهم بساسة كان جلّ همّهم وما زال هو البقاءعلى مسرح السياسة العراقي المتهالك, وتنفيذ أوامر وإرشادات المخرج الأمريكي - الايراني القابع في غرفة الاخراج. والذي يمسك بيده بخيوط الدُمى المتحركة في مسرح اللامعقول في المنطقة الخضراء.


وما يثيرالشفقة والسخرية في مجمل العمل المسرحي, الذي يحمل عنوان"العملية السياسية" هو إن سنوات الاحتلال, مع كل ما رافقها من سعي محموم وجهود جبارة وأموال طائلة من أجل تحسين صورة الأمريكي البشع وعملائه الأبشع منه, باءت جميعها بالفشل الذريع ولم تحقّق أية نتيجة تُذكر لصالح الممثلين الهواة والكومبارس المؤلف من عراقيين خانوا الشعب وباعوا الوطن والشرف, رغم أن أشرفهم أخزى من الخزي والعار, وتهافتوا كالعميان على الفضلات التي تتساقط من مائدة سيّدهم الأمريكي ونديمه الايراني, شريكه في جريمة إحتلال العراق.


ولا يظنّ أي عاقل, وربما حتى مجنون, أن الشعب العراقي الذي شخّص بفطرته المعروفة وحسّه الثاقب"الطينة" الملوّثة بكل أنواع الفيروسات والقاذورات لهؤلاء الساسة الذين يتصوّرون انهم يحكمون العراق العظيم, كالعميلين جلال الطلباني ونوري المالكي. بينما هم في الواقع اليومي المُعاش أعجز من أن يديروا مركزا لرعاية المتقاعدين والعجزة. وتنقصهم الجرأة والشجاعة لمواجهة الشعب الذي يزعمون أنه إنتخبهم ومنحهم التخويل والسلطة لقيادته وإدارة شؤونه. لكنهم ظلّوا يمارسون ما لديهم من"سلطة" وهميّة, أغراهم بها المحتلّون الغزاة, عبر شاشات التلفزة فقط.


ثمّ أن سنوات الاحتلال المرير وما صاحبها من مآسي وعذابات وظلم وإذلال لم يحصل لأي شعب آخر في هذه الدنيا, لم تجلب للمواطن العراقي شيئا سوى المزيد, والمزيد مرّة أخرى, من الاحتقار والازدراء والكراهية والرفض لحكّامه الجدد الذين بالغوا وتطرّفوا في كلّ شيء حتى في إظهار مستوى ضحالتهم وفشلهم وإنحطاط قيمهم وأخلاقهم, وأصبحوا عارا ما بعده عار على أنفسهم وأسيادهم, وعلى كلّ من أوهم نفسه بان أشباه الرجال من أمثال الطلباني والبرزاني والمالكي والحكيم والزيباري وعلاوي والجلبي ومن لفّ لفّهم يستحقّون شرف قيادة وإدارة بلد كالعراق, عريق بتاريخه االمجيد وثريّ بأهله وثقافته وأديانه وشعوره الوطني العميق.


وقد يجد العراقي نفسه, إذا ما أرغم على التوجّه الى صناديق الاقتراع, أمام "نخبة"ممتازة من عملاء ولصوص وحشّاشة ودراويش وزنادقة وباحثين عن أمجاد زائفة من كلّ صنف ونوع, وكلّهم دون إستثناء يدّعون أنهم يتكلّمون باسمه ويعبّرون عن تطلّعاته ويسعون الى تحقيق رغباته وأهدافه. وبالرغم من أن عوراتهم السياسية والأخلاقية مكشوفة ولا تكفي كل أوراق توت العالم لاخفائها فهم ما زالوا يردّدون نفس لغة الدجل والتضليل وتشويه الحقائق وتوزيع الأوهام والمتاجرة بالأحلام ظنّا منهم أن شعب العراق, الذي صبرَ صبر الأنبياء والقدّسين على ما أصابه من ذلّ وهوان وبؤس على أيد زمرة المنطقة الخضراء, قابل للخداع والانجرار الى آلاعيبهم وحيلهم مرّة أخرى.


فلم يعرف التاريخ, لا في الحاضر ولا في الماضي, إن نكرات وأشباه رجال وقّطّاع طرق وسماسرة إستطاعوا أن يحكموا بلدا بوزن العراق وأهمُيته الأقليمية والدولية حتى وإن إستعانوا بكلّ قوى الشر والحقد والطغيان وما لديها من خزائن مليئة بالمال الحرام. ومن يلقي نظرة على سجل ومسيرة "قادة" العراق المحتل, سواءا المعمّمين منهم أو الأفندية, سيجد أن أكثرهم براءة هو مجرم وقاتل من الطراز الأول ولديه قائمة إتهام طويلة بارتكاب جرائم وجُنح وانتهاكات بشعة بحق الشعب العراقي, ناهيك عن تهمة الخيانة العظمى التي يشترك فيه الجميع.


ولا أعتقد إن المواطن العراقي, الذي سيشارك لهذا السبب أو ذاك, في مسرحية الانتخابات التشريعية القادمة سوف يتشّرف بأن يمثّله و يحكم بلده العظيم أناس ساهموا وشاركوا بكل ما في دواخلهم من حقد وكراهية وضغينة في تدمير وطنه وقتل الآلاف من أبناء جلدته وتشريد ملايين منهم, في الداخل والخارج, من أجل خدمة أسيادهم وأرباب نعمتهم في واشنطن وتل أبيب وطهران.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٥ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٤ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور