مقالات قصيرة عن مسائل خطيرة ( أسباب التغلغل إيران )

﴿ الحلقة الحادية عشر

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

أعود لأكتب في هذا الموضوع رغم إني كتبت فيه الكثير لو كان من خلال تناولي الدائم لموضوع مشاركة حكومة إيران في غزو العراق ودورها السلبي الكبير في استقراره ودورها المعروف في تدمير بنيته الاجتماعية ووحدة شعبه وكذلك بنيته المادية والاقتصادية والسياسية، أنا لا أعجب من موقف حكومة إيران تجاه العراق فقد تكون ضغينة الحرب والمعروف عن الفرس من حقد، رغم كونهم اسلموا ويفترض إن الإسلام قد نقلهم نقلة نوعية كما هو خلق القرآن والإسلام، ولكن للأسف يبدوا إنهم اسلموا ولكن لم يدخل الإيمان في قلوبهم، وأدعو أن لا يكون ذلك فيهم جميعا، ولأني مسلم مؤمن وعربي مسالم هكذا هي سجيتنا وخلقنا أدعو ذلك، وأدعو إن يهديهم الله للصواب الذي فيه الخير الإسلام والمسلمين وكلا بلدينا منهم، لقد قلت أما في إيران مؤمن يعارض موقف أقطاب الحكومة والمتطرفين في إيران ولكن لم استدل على تغيير من خلال متابعة موقف حكومتهم وأتباعهم في العراق.

إن ما يقرأه أي متابع للسياسة الإيرانية في المنطقة العربية يستنتج إن إيران لا يختلف موقفها من العرب أينما كانوا عن موقفها في العراق، فموقف إيران في الجزيرة العربية والسودان وعلاقتها مع مصر والمغرب العربي وأماكن أخرى في الوطن العربي يسيء للعلاقة بين الشعوب الإيرانية المسلمة وبين الشعب العربي ويسبب الفرقة للمسلمين وينشر الغلو والتطرف، وهذا عامل هدم وفرقة يخدم أعداء الإسلام ويزودهم بوسائل يستفيدوا منها لتمزيق الموقف الرسمي الإسلامي واستثمارها في تمزيق وحدة الشعوب الإسلامية، فهل هذا في مصلحة إيران؟ وهل إيران تريد إن تعلم العرب قوم رسول الله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم الإسلام أم هم يحبوا آل بيت النبوة أكثر منا ويعرفوهم أكثر منا؟ أم هم يستخدموا ذلك وسيلة لأغراض لا تنفع الإسلام بل تضره وتخدم أعدائه، فهل حكومة إيران تقف في صف العرب حاضن الإسلام وجنده أم مع أعدائه؟

 

ولأجل تحديد الخلل في العلاقة بين إيران والعرب وأسباب تغلغل إيران في التيار العربي المقاوم رغم تناقضه ففي لبنان وفلسطين يبدوا داعما في حين في العراق مشاركا لقوات الغزو والاحتلال وفي اليمن والسودان ومصر والمغرب العربي دورا تخريبيا،وكي نكون موضوعين لابد من تحديد أسباب خلل النظام الرسمي وتسببه في ذلك وإلا هل ما يراه كل الباحثون والمحللون السياسيون خاطئ وما تراه إيران صحيح أم هل القوى العربية المدعومة من إيران لا ترى التناقض في موقف إيران العام؟ وهي قوى مرتبطة بإيران فكرا ومنهجا وبذلك فهي مناهضة للمشروع القومي العربي؟، كي لا اجعل ما تفعله إيران كله سلبيا وكي لا أكون كالأعور يرى بإحدى عينيه، وكي لا أكون مثل كثير من المنفعلين تجاه موقف بعض منظمات المقاومة العربية وعلاقتها بإيران، لابد إن ادخل في ذلك مهما كان هدف حكومة إيران في موقفها المعلن، والذي تدعي فيه دعمها للقضايا العربية خصوصا قضية فلسطين، وأنا متأكد أنها لا تفعل ذلك خدمة لله وللإسلام بل لها أهداف قومية تستخدم له إمكاناتها المادية وشعاراتها الثورية وان الآخرين ليسوا مغفلين بل هم مضطرين واستفادوا من ذلك الوضع وقد يختلفوا في مرحلة قادمة لان أسس التحالف تكتيكية وغير مبنية على أسس مبدئية لا في التفكير ولا في المنهج السياسي، ولكن غياب الدور العربي قد يجعل ذلك ينتقل من حالة ظرفية إلى موقف دائم فهل ينتبه النظام الرسمي العربي والقوى العربية وأحزابها المؤمنة بشرعية النضال والجهاد العربي ضد كل أشكال العدوان والغزو الفكري والسياسي وهذا هو الطريق الصحيح لرسم سياسة عربية جهادية صحيحة بعيدة عن الارتماء في أحضان القوى الإقليمية والدولية التي لا يمكن أن تكون داعمة لنا لوجه الله.

 

إن أسباب امتداد ذراع إيران إلى كل الساحة العربية معروفة وهي كالأتي :

 

1.  غياب العراق وتدمير إمكاناته العسكرية والذي كان البوابة الشرقية للأمة ودرعها الواقي، وذراعها القوية، ولكن تآمر عليها من ضنوا إن العراق القوي يشكل تهديدا لهم وهم أما خونة أو خائفين في موقفهم اللاقومي واللامسؤول أو متواطئين وبهذا أعلنوا بشكل سافر إنهم أعداء لنا وليسوا منا.

 

2.  المنهج الإيراني المعلن في سياستها الخارجية سواء في عهد الشاه أو بعد الثورة والتي استولى على مقاليدها التيار الطائفي المتشدد بقيادة المرشد الراحل خميني، والذي أعلن برنامجها السياسي عبر منهجه تصدير الثورة.

 

3.  تقصير الأنظمة الحاكمة بواجبها الديني والقومي إن كانت حقا مسلمة وعربية خاصة صاحبة الموارد الكبيرة، التي هي نعمة الله للأمة وليست ثروات عائلية لهم ولخواصهم، فبدل إن تخصص بعض تلك الموارد لقضايا الأمة والدين نراها تبعثر ويتم التصرف بها وكأنها أموال شخصية، وتخصيص شيء من تلك الثروات الطائلة ليست منة من احد بل هو فرض من الله وواجب شرعي وقومي وبالتالي فالثروة هي ملك الشعب ولو استفتينا الشعب لوافق إن يخصص معظمها لذلك، هذا واحد من أهم أسباب تمكن حكومة إيران بناء علاقات تصل حد الاحتواء لبعض منظمات المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرها، فلا يمكن للمقاومة واستمرار عملها خصوصا في ظل تشرذم وتمزق الشعب الذي يشكل الحاضن والممول والمدد لمقاومته دون دعم من جهة ما وبما إن المدد حتى الشعبي غير ممكن إن يصل المقاومة من أبناء الشعب العربي في الأقطار التي صارت دولا متباعدة ومتناقضة وكل يريد إن يدعم ويمول من يلتزم نهجه وتوجهه السياسي وكون كل أنظمتنا تقريبا متجهة للاستسلام والتسوية مع الكيان الصهيوني، وسائرة في النهج الامبريالي في تعريف المقاومة بأنها إرهاب تجد تلك التنظيمات المقاومة نفسها مضطرة للجوء إلى من يمدها وقد وجدت حكومة إيران الطريق الأسهل للتغلغل من خلال ذلك، خصوصا وهي تملك إمكانات مالية جيدة،وقد أباح الله سبحانه ، عدم تحريم الميتة والدم والخنزير وسائر المحرمات على المضطر ضرورة شديدة غير باغ ولا عاد ، وتحريمها على الباغي والعادي في الضرورة.

 

4.  إن موقف الشعب العربي المستسلم لتوجه أنظمته المخالفة للواجب الشرعي والوطني القومي جعل تلك المنظمات مجبرة على موقف قد يناقض توجهاتها وموقفها الحقيقي من سياسة حكومة إيران مضطرة وليست باغية دفعها للتعامل مع حكومة إيران فالكل مسؤول عن ذلك، وقد فرضه الله على المسلمين بقوله سبحانه :{انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(41) التوبة، فان كانت الأنظمة تقف موقفا سلبيا من المقاومة وجهادها لأنها ارتبطت بالأمريكان وحشدهم لأنهم يحموها أو بالأصح هم الذين نصبوهم حكاما علينا فمال الشعب وأين المؤمنين، هل الإيمان إن تقتلوا موظفا أمريكيا في بلد ما من بلدان المسلمين وتتركوا من يغزوكم ويقتل إخوتكم وهم قادرون على قتله وهزيمته لو توفر لهم الدعم المادي أتبخلون بما جاد الله به عليكم وانتم عنه مسئولون.

 

هذه الأسباب مضافا إلى تطلعات إيران القومية واستثمارها لشعار المذهبية وتولي رعاية محبي آل بيت  النبي العربي صلى الله عليه واله وسلم وهذا ادعاء ونفاق في الدين لان ما من مسلم لا يحب ال البيت ويعرف دورهم ويقدرهم وهو فرض من الله اضافة للموقف المبديء لكل مؤمن، واستخدامها لثرواتها في خدمة أهدافها السياسية واطماعها، وغياب الدور العربي جعل كثير من منظمات المقاومة تلجأ لإيران وتتعامل معها، فلماذا تحاسبوا المنظمات وتقصروها وتنسوا مسؤولياتكم، وتنسوا إن أنظمتكم هي السبب؟ فهل تتحركوا لنصرة إخوانكم المجاهدون والمدافعين عن مقدساتكم ودياركم لا على أسس طائفية أو مذهبية بل على أساس شرع الله إن المجاهدين خير من القاعدين؟ لا تمولوا الإرهاب وأصحاب الفتن بل مولوا من يجاهد في سبيل الله، الَّذِينَ ءامنوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ(20)، أما أن يكون التمويل لأغراض وأهداف محددة مسبقا ولمذهب وطائفة فهو فتنة وليس جهاد، والمراد به التخريب والاصطفاف مع أعداء الله والأمة وليس دعم المقاومة والجهاد والتحرير، والله لعن الفتنة وموقظها.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢١ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٩ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور