عراق بلا دولة ..!

 

 

 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري - كاتب وإعلامي عراقي
عندما غزا المجرم بوش مع حلفائه وعملائه وتواطؤ دول عربية (مع الأسف) ، أحال دولة العراق بوزارتها ومؤسساتها إلى خراب ودمار ،وبنى على أنقاض هذه الدولة (دولته الجديدة) اسماها (العراق الجديد) ، فممن يتكون هذا العراق الجديد ، وكيف سارت هذه الدولة المسخ طوال سنوات الاحتلال السبع المنصرمة؟ لقد أعادت إدارة بوش بناء العراق على أسس طائفية تحاصصية مقسمة الشعب الى طوائف شكلت حكومتها على أساسها ، فجاء مجلس الحكم من الشيعة (الأغلبية) ، الأكراد (ثانياً) ثم (عرب السنة) وادخلوا نظام (الكوتا) لبقية الأقليات ..

 

هكذا انشأ الحاكم المدني سيء الصيت بول بريمر حكومته الأولى ، بعد إصداره قرارات جائرة حلّ فيها الجيش العراقي الباسل وأجهزة الأمن والشرطة والاستخبارات وحزب البعث بقانون إجرامي سماه (اجتثاث البعث).

 

وبعدها أعلن عن انتخابات صورية لإنشاء جمعية (وطنية) محل المجلس الوطني العراقي ، وجرت الانتخابات تحت حراب بوش وعصاباته ، بتزوير واسع النطاق ، وتلته حكومات متعاقبة اختارها بوش وحاكمه المدني في العراق ، ووضع مستشارين على رأس كل وزير ومدير عام في جميع دوائر الدولة ، وهكذا سارت الأمور بانتخابات مزورة بامتياز عام (2005) كان لإيران واذرعها في العراق وللحزبين الكرديين دوراً مباشراً في إيجاد مجلس نواب جميع أعضاؤه من الأحزاب والميليشيات والكتل الطائفية ، ونتج عنه أن دخلت البلاد في آتون حرب أهلية طائفية مدمرة، أبطالها الميليشيات الطائفية المسلحة والأحزاب المستوردة التي تعمل بأجندة خارجية تكن أعمق الأحقاد التاريخية للعراق والعراقيين ، وكانت الدولة تتشكل في هذه الظروف بمحاصصة طائفية ، فالوزارة الفلانية يملكها (الحزب الفلاني) والوزارة الأخرى السيادية (للحزب الفلاني) وهكذا جميع الوزارات قسمت على مقاس الأحزاب والكتل ومازالت لحد هذه اللحظة يتحكم بالوزارة (سيّد معمم) لا الوزير ، لان الوزير عليه التوقيع وتنفيذ أوامر السيد المعمم فقط.

 

فلا مشاريع ولا تعيينات ، ولا إدارة مع بقية المحافظات التي لا تتماشى مع طائفية السيد الوزير وعمامة سيده في الوزارة ، في حين تتخبط دوائر الحكومة في المحافظات بدمها ، ويلعب فيها الفساد الإداري والمالي بلا رقابة ، حتى صار الفساد المالي سمة لهذه الحكومات المتعاقبة ، والتي أوصلت العراق إلى ثاني دولة في العالم بالفساد المالي والإداري ، تاركه جيوش العاطلين وملايين المهاجرين والمهجرين والاغتيالات المنظمة للميليشيات الطائفية والإرهاب الدولي ، وانعدام تام في الخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية وغياب الكهرباء والماء والأمن بشكل لا يصدقه عاقل ، ناهيك عن الحملات العسكرية لقتل وخطف واعتقال أبناء الشعب على يد (الحرس الوطني) الذي نشأ على مقاس طائفة تريد أن تنتقم من الطوائف الأخرى بحجة المظلومية المزعومة، حتى قال مسؤول طائفي كبير مرة (جئنا لنجتث السنة) وقال أخر (على السنة أن ينتظروا خمسة وثلاثين سنة) للعودة إلى العراق) ، حتى توّج احد المسؤولين الكبار قبل أيام خلال لقائه بعشائر إحدى المحافظات قوله (امسكوا السلطة فربما لا تتكرر الفرصة لقرون) ...

 

إذن أين هي الدولة في العراق ، وأين هو القانون الذي يرفع رئيس الوزراء شعاراً لقائمته (ائتلاف دولة القانون) ، في وقت تضرب الحكومة وأجهزتها الأمنية والاستخبارية القانون (عرض الحائط) ، وتحمي اللصوص وسراق المال العام (مصرف الزوية / قضية وزير التجارة وأشقاؤه / فساد الوزراء المحالين إلى مجلس النواب للاستجواب وترفض الحكومة استجوابهم / ملفات بالآلاف المسؤولين تابعين لأحزاب متنفذة لدى هيئة النزاهة التي أعلنت أكثر من مرة عدم قدرتها على تنفيذ أوامر إلقاء القبض بحق المفسدين / جرائم كبرى مثل حادثة سجن الجادرية وسجن النسور ، وجسر الأئمة / حوادث اغتصاب متعددة أعلنها التيار الصدري ضد منتسبيه) هذا غيض من فيض الجرائم والخروقات ولا قانون فوق سلطة الحكومة الحالية ، عدا الفساد في السفارات العراقية في الخارج والتي طالت السفراء وأعضاء البرلمان ، إذن أين الدولة التي نعرفها .. دولة مؤسسات ، دولة القانون ، دولة العدالة ... إننا في عراق بلا دولة ، عراق حكومات أثبتت فشلها الواحدة بعد الأخرى عراق صار فريسة للنهب والسلب والانتقام والطائفية والعنصرية .

 

عراق تحكمه عمائم ظلامية وقلوب متحجرة بالحقد التاريخي الأسود ،عراق تنهش بجسده التفجيرات الاجرامية والصراعات الحزبية على مناصب تافهة في مشهد اجرامي حقير الا وهو مشهد الانتخابات النيابية المقبلة وما تفجيرات الاربعاء الدامي والاحد الدامي الا صورة لهذا الصراع السياسي الطائفي،فلا هذا العراق الذي نعرفه ويعرفه العالم كله عراق الحضارات والبطولات والتاريخ المشرق الابي،انه عراق امريكي لايمت بصلة للعراق العربي العريق،انه عراق بلا دولة ...........

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٠٩ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور