بين خميني وخمينيث ... خمسة قرون

 

 

 

شبكة المنصور

محمد عبد الحياني

العملية السياسية في العراق واتحاد الكتل

 

بناءً لمقتصيات تعميم تجربة الانتخابات  في العراق على المستوى العالمي , فقد تسرب من داخل المنطقة الخضراء ؛ ان الامين العام للامم المتحدة ,اثناء مقابلته لرئيس هذه المنطقة قد ابدى اعجابه يالاتفاق النادر الحدوث (عالمياً) ما بين الكتل الكونكريتية والكتل السياسية والذي يتعلق بنشر صور المرشحين للانتخابات والاعلان عن هوياتهم بابخس الاسعارعلى الكتل الكونكريتية المنتشرة في كل اتجاه يوليّ أي مواطن وجهه اليه ,وقد اكد رئيس حكومة المنطقة الخضراء لبان كيمون ؛ بان نجاح هذا الاتفاق يعود الى سياسة فرض القانون التي سورت المدن والحارات والشوارع والجسور والازقة بهذه الكتل العملاقة , وانه ينوي ان يدخل هذه العلاقة بين السياسة والكونكريت في الدستور لتأخذ هذه العلاقة صيغتها الدائمة . اما بان كيمون فقد تعهد بان يعمم هذه الصيغة على العلم كله  .....!!!!!

 

 

انها نكتة ... وشر البلية ما يضحك ...!!!!

 

 

المقدمة

 

ان الموضوع الذي ساكتب فيه , هو موضوع تأريخي , اثاره الموقف الشجاع والنبيل للسيد رجب طيب اردوكان من رئيس الكيان الصهيوني في مؤتمردافوس الاخير ,ذلك الموقف الذي رد فيه بصفعة قوية لليهود الذبن تآمروا على الاسلام في تركية وتبعا ً لذلك للاسلام الذي مثلته تركية في الدولة العثمانية , حينما رفض السلطان عبدالحميد الثاني منحهم ارضاً في فلسطين لتكوين دولة لليهود فيها  .. وسنبدأ موضوعنا ابتداءً من نهايات القرن الخامس عشرالميلادي .

 

الاندلس ومحاكم التفتيش

 

قبل ان نتحدث عن اليهود في اسبانيا خلال النصف الثاني من القرن الخامس عشر لابد ان نلقي نظرة عامة عن وضع وحال العرب المسلمين في ذلك الوقت , الذي خضع للارهاب الدموي الذي انتهجته محاكم التفتيش ضدهم وضد اليهود .. وسنبدأ بالعرب , لان اليهود قد اختصروا الطريق وهربوا الى شمال افريقية واوربا وتركية والبلدان العربية .

 

بين خميني وخمينيث ... خمسة قرون

 

عندما سقطت الدولة العربية الاسلامية في الاندلس سيطرت الكنيسة الكاثوليكية على الامور الدينية , واستغلت هذه الكنيسة تعصب الملكة  ايزابيلا ومؤازرة البابا لها , في اعلان حربها على الاسلام والمسلمين العرب واليهود . واُعلنت محاكم التفتيش الذي كان يرأسها رئيس الكنيسة الاسبانية ومطران طليطلة ,الكردينال خمينيث دي سينسيروس . ثم  انتقل نشاط هذه المحاكم  التي يقودها هذا الكردينال الى غرناطة في عام (1499) فجمع فقهاء المسلمين في غرناطة  ودعاهم الى اعتناق المسيحية , وحاول اغراءهم بالهدايا والتحف , ولما لم تنجح هذه الطريقة معهم  , استعمل اسلوب التهديد والوعيد , بل امر بالقبض على احدهم لانه رفض اصدار الفتوى التي تبيح لابناء جلدته التخلي عن عروبتهم ودينهم . وقد عُذب وحُرم من الطعام لعدة ايام . وقد استعمل خمينيث اسلوب تزييف الفتاوى لينسبها لرجال الدين المسلمين . وكانت محاكم التفتيش تُجبرالمسلمين على التنصر وتُكره فتياتهم على الاقتران القسري برجال الاسبان كما اجبرت رجالهم على الزواج بالنساء الاسبانيات , وفرضت عليهم رقابة صارمة لكي لا يمارسوا طقوسهم الاسلامية اوان يتكلموا باللغة العربية , واحالت كل من خالف اوامر التنصير من العرب الى هذه المحاكم التي مارست اشكالاً لا حدود لها من صيغ التعذيب شدةً والماً, ثم تنتهي المحاكمات دائماً بأنتزاع الاعتراف من المتهم والحكم عليه بالاعدام حرقاً بعد ادانته ( بالكفر الصريح ) .

 

او بالسجن المؤبد ومصادرة امواله  , اوبالاعمال الشاقة في السفن , وغيرذلك من الاحكام التعسفية ....

وفي ظل هذا الوضع المأساوي نزح الكثير من العرب المسلمين مع عوائلهم الى شمال افريقيا

واعلنوا من هناك المقاومة ضد هذا الوضع التعسفي في اسبانيا , وبالاخص ما جرى من مآسي في غرناطة . وفي ما يلي بعض من حركات المقاومة العربية الاسلامية في الاندلس :

 

1)    ثورة البشرات ؛ تنحصر منطقة البشرات في الارض المرتفعة ما بين جبال سيّيرا نيفادا والبحر الابيض المتوسط , ويبلغ طولهاحوالي تسعة عشرميلاً , وعرضها نحو احد عشر ميلاً وتضم الكثير من القرى التي يقطنها العرب ,وقد اصبحت هذه المناطق نظراً لوعورتها وصعوبة الوصول اليها ملاذاً للفاريّن من العرب المسلمين  الذين رفضوا قبول التنصر,وقرروا مقاومة السلطات الاسبانية . وقاموابالتعاون مع القادمين اليها من العرب بجمع الاموال وشراء الاسلحة لشن الغارات على القوات الاسبانية وقطع خطوط  مواصلاتها كما قاموا بتحصين مدنهم وقراهم . ثم اتخذوا من مدينة غونجار الحصينة الواقعة في سفح جبال الثلج قاعدة لهم . وقد اتعبوا الاسبان بغاراتهم وبالكمائن التي نصبوها لجيشهم . الا ان ايزابيلا امرت بحصارهم بعد تعزيز قطعات الجيش الاسباني , وازاء هذا الحصار"الذي يشبه الحصار الذي فرضه الكيان الصهيوني على غزة مؤخراً ,وما فرض على العراق من حصار قبل احتلاله " , دخل الجيش الاسباني هذه المدن وقراها وقتل جميع من فيها من النساء والاطفال والشيوخ . اما الرجال فكانوا قد التحقوا بالجبال قبل وصول هذه الحملة الدموية , ولم يكتف الجنود الاسبان بذلك  , بل  هدموا  المنازل على ساكنيها , واحرقوا المدينة عن بكرة ابيها .

 

2) انتفاضة حي البيازين ؛ وهو حي من احياء غرناطة و يقدر عدد السكان العرب المسلمين فيه بخمسين الف عربي ,وقد طالتهم شرور وبطش (خمينيث ) واعتُدي على شرف الفتيات المسلمات , مما دعى شباب الحي الى حمل السلاح واعلان الانتفاضة ,فانتخب اهل البيازين اربعين رجلاً من بينهم ليمثلوا حكومة عربية مستقلة عن الاسبان . ثم توجه فريق من الرجال الى قصر الحمراء لمهاجمة  خيمينيث والقضاء عليه وعلى اتباعه بينما تكفل آخرون بجمع السلاح وتحصين الحي ,فهرب خمينيث الى بيت حاكم غرناطة , وتعهد الحاكم الى الثوار برفع الامر الى الملكة ايزابيلا , وكان اهل الحي يثقون بهذا الحاكم , ولكن النتيجة كانت الغدربهم , بعد ان اصر خمينيث على ان لا يبقى أي عربي مسلم في غرناطة وقشتالة  وغيرها من الاماكن الاسبانية مالم يعتنق الديانة المسيحية . وفرض عليهم التنصير بقوة السلاح او التهجير. وهرب الاربعين الذين يمثلون قيادة الانتفاضة الى منطقة البشرات .       

 

3) المقاومة البحرية ؛  من الثوار الذين دافعوا عن الشما ل الافريقي من رياح محاكم التفتيش , وحماية قواعد المقاومة في ارض الرباط , في المغرب العربي وشمال افريقيا , من غزوات السفن الحربية الاسبا نية , هم ثوار البحر العرب . فقد دمر هؤلاء الثوار كل الهجمات التي شنتها السفن الاسبانية على الشمال الاقريقي التي استهدفت قواعد ثوارالعرب المسلمين  الاسبان ,  وكبدوها افدح الخسائر بالرجال  و المعدات  , وقد اطلق عليهم  الاسبان و الاوربيين , نكاية بهم , اسم (القراصنة) ظلماً وعدواناً , وقاموا بتشويه صوّرهم وافعالهم في قصص ( وحواد يت) كاذبة  , وقد قاموا بانتاج الافلامً السينمائية التي اظهروهم فيها بابشع صور لصوص الحرب , تماماً كما يُظهر المحتل الامريكي الصهيوني في  هذه  الايام  المقاومين في العراق  و فلسطين  و افغانستان بالارهابيين

 

تزامن ظهور الصفوية في ايران ومحاكم التفتيش في اسبانيا

 

كانت محاكم التفتيش في اسبانيا برعاية وحماية جيش الملك فرديناند ملك اسبانيا وايزابيلا التي كانت ملكة على البرتغال ,والذي كان زواجهما زواجاً مصلحياً وكان هدفه توحيد الجهدين للوقوف بوجه العرب المسلمين . وكا نت الملكة ايزابيلا من المتعصبين ضد العرب المسلمين ... فهي لم تكتفي بضربهم في حدود آخر ما تبقى لهم من مُلك في غرناطة , بل جيشت اسطولها ليحتل الاراضي العربية في شمال افريقيا ,في اولى المحاولات الاوربية لاستعمار الوطن العربي والعالم في التأريخ , وكانت تتوخى من ذلك ايضاً ضرب قواعد المقاومة العربية الاسلامية في الشمال الافريقي . ولمّا لم تستطع ,فقد قوّت اسطولها البحري ليستطيع ان يلتف من حول السواحل الافريقية , الشرقية والغربية وعبر رأس الرجاء الصالح , ( حيث لم يكن لقناة السويس وجود في ذلك الوقت , لتختصر الطريق للوصول الى الخليج العربي ) ..... ولم تأتي هذه المجازفة عن فراغ , بل انها كانت باتفاق مسبق مع الشاه اسماعيل الصفوي الذي  احتل بغداد في عام (1508م ) , وقد قُدر لسكان  بغداد ان  يعانوا الواناً من المآسي والفواجع نتيج لهذا الاحتلال . غير ان الاحتلال الايراني للعراق , الذي استهدف الهوية العربية , واجه مقاومة عنيفة لانهائه , كما ان ميزان القوى في المنطقة قد تغير في اعقاب واقعة جالديران عام (1514م)التي تحطمت بها قوة الدولة الصفوية , واهتز وجودها بعنف في العراق , حيث انتهى نفوذها في المنطقة الشمالية فيه , والتي اصبحت تحت الهيمنة العثمانية . ولم يقم بعمل جدي بعد ذلك ألا بعد تحالفه مع البرتغاليين الذين كانوا اشد القوى خطراً على الامتين العربية والاسلامية آنذاك ....   ولذلك حول اسماعيل الصفوي اهتمامه نحو زيادة مساندته للبرتغاليين ضد العرب القواسم , سكان الضفة الشرقية للخليج العربي ,الذين تصدوا للغزوا البرتغالي بكل بسالة , وكان ذلك بهدف أن يخلفوا البرتغاليين على ارض الخليج العربي بعد  مغادرتهم  للاراضي التي احتلوها في الساحل الشرقي من خليج العرب  ... انها السياسة السوقية لمجوس الفرس في  ايران ... فهم يركبون دائما موجة أي غزو للارض العربية والاسلامية ( منذ الغزو المغولي لحد الآن ) , بغية ان تكون لهم حصة من الغنيمة , او وراثته بعد مغادرته وانتهاء الاحتلال . وهذا ما ينفذه احفاد الصفويون الآن في تحالفهم مع الاحتلال الامريكي الصهيوني للعراق ..

 

ولربما ان الله سبحانه وتعالى اراد ؛ ( ان يشابه الاسماء بتشابه الاهداف , بعد خمسة قرون ) , ليفضح ( الولي الفقيه ) خميني بشبيهه ( الكردينال ) خمينيث ,في اهدافهما في كره العرب والمسلمين في آن واحد , فذاك دمر المسلمين بمحاكمه التفتيشية , وهذا يحاول تمزيق المسلمين بالطائفية من خلال باطنيته المجوسية , التي ينفذها اليوم خلفائه في حكم ايران , في العراق , ونشر هذه الطائفية في جميع البلدان الاسلامية .....

 

باطنية اليهود ... ويهود الدونمة في تركيا

 

بدأت باطنية اليهود في الاسلام مع اسلام عبدالله بن سبأ مع اتباعه من اليهود  في صدر الاسلام .... فقد كان اسلامه مع اتباعه زيفاً , و كان هدفه من ذلك تفجير الاسلام من داخله , وتعني الباطنية ؛ خلق اجيال من العوائل التي تمارس في الخفاء دين وعقيد اباءهم واجدادهم ويظهرون للناس خلاف ما يبطنون , ساعين بذلك وبمرور الزمن ادخال ما يريدونه من تشويهات في العقيدة الاسلامية , وقد استطاعوا عبر الاجيال المتعاقبة ان يدخلوا الاسرائيليات في الشرح والتفسيرات في الدين الاسلامي وقد اصبحت هذه الاسرائيليات وبمرور الزمن من ابرز الاخطار التي تعرض لها الاسلام في تفسير وفهم عقيدته , خصوصاً بعد ان توحدت باطنيتهم مع باطنية ( بعض نخب عوائل المجوس) , الذين اسلموا بعد ان دمر العراقيون بقيادة سعد بن ابي وقاص (رضي الله عنه) دولتهم المجوسية في العراق , ذلك القطر العربي الذي اغتصبوه من اهله العراقيين العرب قبل الاسلام , وجعلوا عاصمتهم ( المدائن ) في ارضه  .  وقد لعبت هاتين الباطنيتين ( اليهودية والمجوسية ) دوراً خبيثاً في تشويه حقيقة الاسلام بالاسرائيليات وبث العادات والمعتقدات المجوسية في الممارسات الدينية الاسلامية , كما استغلت النقل غير الصحيح لاقوال واحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلَم )  وللصحابة الكرام .. ثم استثمروا تقادم الزمن والقرون ليفرضوا اسس الانقسامات الطائفية التي استغلها اسماعيل الصفوي , ومن جاء من بعده من الصفويين , ابشع الاستغلال من اجل وضع قواعد الفتنة بين المسلمين ..... كان ذلك بشكل ِ عام , اما ما كان يجري ايام الدولة العثمانية  من قبل اليهود , فان الذين عبروا منهم الىتركيا من اسبانيا هروبا من محاكم التفتيش , فقد كان لهم شأن آخر .

 

لقد عبر اليهود  الى  تركيا  عن طريقين  هما ؛ طريق  البلدان العربية  و طريق البلدان الاوربية ,. اما الطريق الثاني فكان الطريق الذي هيء هؤلاء اليهود للتآمر على الدولة العثمانية , حيث كانت اوربا مركز التحضيرللتآمر على الدولة العثمانية التي اصبحت خطراً يهدد اوربا من جنوبها الشرقي الذي بدأ جزء من شعوب بلدانها هناك بالدخول في الاسلام , مثل البوسنة  والهرسك  و الافخاز وكثير من الشعب اليوغسلافي  , لقد  وصلت سيطرة العثمانيين , في ذلك الوقت , على جزء كبير من سواحل البحر الاسود بضمنها رومانيا , كماهدد الجيش العثماني الاراضي المجرية . 

 

لقد سهلت اوربا سفر اليهود الى تركية تخلصاً منهم ومن خبثهم من جانب, واعتمادهم في تخريب الدولة الاسلامية التي اصبحت تهدد مسيحية اوربا من جانب آخر. غير ان لليهود حساباتهم الاخرى التي فرضتها عليهم شخصيتهم في السيطرة على مراكز القوة قي الد ولة وعلى التجارة وبيوت المال على امتداد الدولة العثمانية ,كما ان لهم آمالهم في انشاء دولتهم التي وعدهم بها ربهم (يهوى) في فلسطين . ولا يمكن لهم تنفذ ذلك بسهولة ,رغم سماحة تعامل العثمانيين مع اصحاب الديانات غير المسلمة , الا بقبول ابنائهم في الجيش العثماني الذي لا يقبل فيه الا المسلمين , ولهذا السبب وجد اليهود ان لامناص لهم الا بدخول الاسلام رياءً لينتظروا جيلين اوثلاثة اجيال بعد انتقالهم باسمائهم الاسلامية الجديدة لمدن اخرى لينسى الناس اصلهم اليهودي .... ان كل ذلك لم يكن اعتباطياً بل ضمن خطة اعدها لهم المجلس الاعلى لليهود في تركيا . ولقد كان  ليهود الدونمة بالتعاون مع المحافل الماسونية الا وربية وبالاخص المحفل الماسوني الفرنسي دور خبيث في أنهاء وتدمير الدولة العثمانية . خصوصاً بعد ان رفض السلطان عبد الحميد الثاني طلبهم في اقامة وطن لهم في في فلسطين . وكان من جراء ذلك ان قام ضباط الدونمة , الذين اصبحوا قادة في الجيش العثماني بالتآمر عليه وعزله .

 

لقد كتبت كل ما تقدم وبالاستعراض السريع لابين ما بين الصهيونية والمجوسية من توافق في تهديم الاسلام من داخله

 

ملاحظة : ان ما ذُكر من مفردة المجوس  في هذه المقالة لا يُقصَد بها أي قومية من قوميات ايران فهم جميعاً مسلمين حقيقيين , وانما نقصد بها أمتدادات تلك العوائل التي اغاضها سقوط دولة المجوس ودخول كل الشعوب الايرانية بكل قومياتها في الاسلام ..... والله من وراء القصد .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢٧ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور