تجنسّ العراقي  بالجنسيّة  الأميركيّة  ليست حراماً  على العراقي وحده  شيخنا  القرضاوي

 
 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

كل شيء حرام على العراقي .. الهواء الماء الدواء  الغذاء الكهرباء الغناء  الشعر الاحتفال  الدفاع عن النفس  السفر  العلم  التصنيع  التعلّم التفكير  الظنون  الشك استخدام وسائل الإعلام .. ليس هذا فقط  ممنوع  عليه.. بل حرام عليه الحج والزكاة  والصلاة والصيام إن أمكن .. كذلك حرام عليه  التجنّس  بالجنسيّة العربيّة  أو الخليجيّة  أو "السعوديّة ! .. إذن ,  وما دام حراماً عليه  التجنًس بجنسيّة أبناء جلدته ولغته ودينه .. فالأحرى  أيضاً  حرامٌ عليه التجنًس  بباقي  جنسيّات بلدان الكفر ! بل وحرام عليه الإقامة فيها , عربيّها وأعجميّها  , إلاّ إذا  استطاع  أن يدخل  أو ان  يعبر إلى هذه البلدان  بطريقة  الغير شرعيّة  "طرق اللصوص !"   فهي اللغة الوحيدة التي لا يفهم  لغة سواها  جميع هؤلاء  القضاة الجلاّدون , فكل  شيء , عدى الشهيق والزفير  , هو  حرام  "تحريم دولي  ومحلّي"  على العراقيّين صغيرهم وكبيرهم  ذكرهم أو أنثاهم   بناءً  على  وفق  قياسات  جميع  القرارات  التي صدرت من البلدان المحيطة بالعراق على وجه الخصوص  والتي صدرت بحقّه  وبحسب الفتاوى أيضاً  التي صدرت من قبل  شيوخ النفط وشيوخ السلاطين  المتطابقة بالصوت وبالصورة مع فتاوى  شيوخ الأمم المتّحدة .. أليس هذا هو بالضبط الذي جرى ولا زال يجري على العراق وعلى العراقيين  ! نعم  بكل تأكيد .. وأكثر ! .... 

 

نحن  بهذا الكشف المبسّط الذي نسوقه  بألم وحسرة  حول  ما جرى على العراقيين  من معاملة  مزرية  لهم  ومن تعامل قبيح وشائن وخسيس  مارسته الكثير من الأقطار العربيّة  ضدّنا في سنوات الحصار  على وجه الخصوص  , و بالأخصّ منها  "دول الاعتدال" وما  تلقّاه  الشعب العراقي منهم  من مآسي طيلة عقود  نكون  قد جاملنا  بعض المواقع الصحفيّة الأنترنيتيّة  في الاقتضاب  في  الكشف  قدر الإمكان من سفر الحصار المأساوي الذي مورس  بحق العراق والعراقيين , والغرض من هذا الاقتضاب هو تيسير أمر النشر ,  فلم نذكر أو نسرد  البقيّة  الأشدّ  بلوى  من "محصول" الأخوّة  و "الدين المشترك" وعروبة النسب  وتضحيات العراق في سبيلها ... ولكنّنا يجب أنّ نلمّح إلى أنّ حكّام هذه الشعوب النائمة .. أو حكّام هذه الشعوب  الميتّة بالأحرى  ..  كمدخل  لما نريد أن  نقول ونعقّب على الفتوى التي أصدرها  الشيخ  القرضاوي  , جميعهم   "فيما عدا من هم  بعدد أقل  بكثير من عدد أصابع اليد الواحدة"   وجودهم على سدّة الحكم في بلداننا أمرُ مشكوك فيه جملةً وتفصيلاً  ووجودهم في هذه المراكز القياديّةً  يعتبر شرعاً  حراماً بواحاً , لأنّهم ... وهذه  يخاف البوح بها  سرّاً  أو جهراً  وعّاظ هؤلاء الحكّام وشيوخهم  أكثر من مخافتهم  من الله , ذلك إن وجد أصلاً  في قلوب هذه الزمر التي تحرّف كلام الله شيء من الخوف أمامه  سبحانه  , وليسوا هم  وحدهم  من قام  بهذه الفرية  والمتاجرة بالدين , بل سبقهم الكثير من مفتي  "الديانات" السابقة لظهور الإسلام المحمّدي  وكما هو مسجّل في كتاب الله القرآن  ؛  "فنبذونه وراء ظهورهم كأنًهم لا يعلمون"  , هؤلاء المشايخ  يعلمون  جيّداً في قرارة أنفسهم وبعمليّة حساب منهم لحقبة زمنيّة  بسيطة  يراجعون بها أنفسهم ,  سيجدون  أنّ هؤلاء الحكّام  قد تم تنصيبهم  أو الوصول بهم إلى هذه المراكز القياديّة العليا   من قبل الدوائر الصهيونيّة ومراكز  مخابراتها , يعني  أنّ  "الله"  لم  يوصلهم إلى الحكم  ولم يجعلهم ولاة أمر المسلمين , إنّما  "الشيطان"  هو من أوصلهم إلى سدّة الحكم  وجعلهم أولياء  المسلمين , فهم شرعاً  ووفق  الآيات  القرآنيّة المنزّلة  ووفق نصوصه بهذا الشأن يُعتبرون  من المرتدّين عن الدين  وفي قائمة من خان الله ورسوله , إذا كنّا نريد أن  نخاطب ذووا الشأن  من  الوعّاظ  والشيوخ والمفتون  أو نجادلهم  باللغة التي يفهمونها ونلقي عليهم بالحجّة دون تحريف أو تأويل ..

 

  ((  يا أيّها الذين  "آمنوا"  لا تتخذوا اليهود والنصارى  أولياء . بعضهم أولياء بعض . ومن  يتولّهم  منكم  "فإنّه  منهم"  ! ... )) والرقص بالسيوف ونحر الذبائح  وفرش السجّاد  واحتساء  ما  في الكأس ... الخ  من بلاوي  ,  تلك وحدها  تخرج أمم وشعوب كاملة  من الملّة  وتوصمهم بالخيانة  العظمى لله ولرسوله .. ذلك عدا  القواعد العسكرية وتمرير الجيوش  ووووو ووضع أرصدة الشعوب العربيّة  وعوائد  بترولها في البنوك الربويّة  والغير ربويّة  لبلاد  "الكفر"  أليس كذلك  يا شيخ العويجان ويا شيخ   العودة  ! .. ولا حول ولا قوة إلاّ بالله  ,  والشيخ  "القرضاوي" وبقيّة الشيوخ   يعلمون  ذلك جيّداً  ويعرفونه  .. ولكن مع الأسف الكثير منهم  ( يحرّفونه )  عبر إذاعة  الإسلام  و "المسلمين المسلسليين" mbc وغيرها ... !

 

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم .. وهي آيات كثيرات  في هذا الجانب , فنختار واحدة : ( نبذ فريق  من الذين أوتوا الكتاب  كتاب الله وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون ) .. أيّ .. أن  "أهل الكتاب"  من اليهود والنصارى وغيرهم  عندما يخصّهم  أمرّاً ما  وهم يكرهون تنفيذه لتضاربه ومصالحهم  الخاصّة , فإنّهم  يخفونه  رغم أنّه  نص  منزّل عليهم  ووجوب نشره بين العامّة  وتنفيذه , ذلك  لأنهم لا يريدون أن  يواجهوا أنفسهم به , فهم  بذلك , ينطبق عليهم  ذلك المثل المعروف الذي  يشير  إلى  أنّ  رؤوس  يدفنها   في الرمال  أصحابها  خوفاً من  أن يروا الحقيقة  ! لأنّ  الحقيقة السماويّة مرّة بالنسبة إليهم  خاصّة  في حالة تطبيقها ,  ولأنها  أيضاً  تحارب الهوى الذي في دواخلهم  في حالة  بوحهم  لأنفسهم بالحقيقة ..  

 

هنا  نتكلّم بالشأن العراقي  من منطلق ديني  طالما أنّ هنالك فتوى دينيّة  في الموضوع  قد صدرت بحق العراقيين .. وأيضاً  .. وللمرّة المليون ! وكأنّهم لم يكفهم  بعد الممنوعات التي صدرت وتصدر بحقّهم , وسواء عن طريق الفتاوى  والتكفير,  منذ عشرات السنين , والتي أصبحت فضائحها معلومة للقاصي والداني وحكايا للتندّر  , أو تلك التي صدرت من  "أمم الكفر"  كما يحلوا لوعّاض السلاطين وصمهم بها إذا ما تعارضت وما يرغبون ! , قرارات  لقيت  قبولاً وتزكية من   مفتو  الدين أنفسهم  , قرارات  تفوح منها  رائحة  القتل والدماء والدمار على شكل  سلسلة  الممنوعات  والحصارات التي ضربت خناقها  على العراقيين  منذ أن  "ابتلى  العراقيين  على  أنفسهم"  وكفروا   بآلهة  هؤلاء  الوعّاظ والمفتون  وكفروا بفتاواهم  حين حاول الشعب العراقي تأميم ثرواته النفطيّة وحين حاول صنع القنبلة النوويّة بقدراته الذاتيّة وحين حرّر شعبه من ربقة  الأمّيّة  والشركات الغربيّة  الـ"الكافرة" منها  بقيادة شيطانهم الأكبر وحامي حماهم ,  وحين أمّموا نفطهم وثرواتهم وبدءوا تشييدهم  صروح للعلم وللصناعات  والجسور السريعة وحواضر العمران   "التي يسرح ويمرح  بها الآن ويفجّرونها  كيفما شاؤوا  أعداء الشيطان الأكبر" اقتداءً من شعب العراق بتجارب النهوض والانعتاق  السابقة  المريرة  والتي  عانى  منها كما عانى منها من سبقنا  بقيادة  الراحل "جمال عبد الناصر" ولكنّها معاناة  ومكابدة ونضال  من أجل أهداف  عامّة  لا خاصّة  , فقد   عانينا  منها نحن العراقيين  وعانت منها  الشعوب العربيّة التي أرادت  شم نسائم الحريّة  ولفظ   فتاوى الإحباط   التي  تثبّت الحاكم التابع  لتمرير  كل  ما من شأنه استعباد هذه الشعوب  , والتي لازالت الكثير من  هذه  الشعوب  مع الأسف  يبجّلون هؤلاء المتصدّرون للدين وترتعد أوصالهم حين رؤية أحدهم  وكأنّ مفاتيح الجنان  معلّقة في رقابهم ! رغم  أن هذه الشعوب  في أعماق  أعماقها  تعرف أنّ هؤلاء المفتون والوعّاظ   ( يخفون بعض الكتاب  ويظهرون بعضه )  وحسب ما يشتهي سلطانه المنصّب من قبل  قوى  "الكفر"  الغربيّة الاستعماريّة , وتعلم الكثير من هذه الشعوب أيضاً , وبالمقابل , أنّ سوء الأحوال  والعيش الضنك التي يعانون  من ويلاتها  هي   بسبب  هؤلاء الحكّام  وبسبب مفتوهم  , كان آخر هذه الفتاوى  , وكأنّها  لم تكف السلاطين ووعّاظهم  مئات القرارات التي تمنع العراقي من ممارسة حقّه الطبيعي باعتباره  كائن  يتنفس ويتحرّك  ,  ما  بدا وكأنّه ملحق  بقرارات منع  بحق العراقيين كانت قد  نسِيَته   الدوائر  المرتبطة  بصناعة الموت الخاص بالعراقيين  في مدرجات ملفّات  حصار العراق  ولم تنشره  في سنوات  ما قبل  عام 2003 م  , أي ربّما  بدا وكأنّه  قد صدر هذا القرار أثناء فترة حصار  العراق ! ,  ولكنّه صيغ اليوم  عبر "فتوى"  جديدة   أصدرها الشيخ "القرضاوي"   قبل بضعة أيّام  تحرّم على العراقي حصوله على الجنسيّة  "الأميركيّة" !  لـ"كون" العراق  يعتبر  بلد محتل من قبل هذه الدولة الغازية ! ..   

 

هذه  "الفتوى"  الجديدة القديمة ,  وعلى ما يبدو , بالنسبة لي على الأقل , إن أفصحت عن شيء  , فإنّها أفصحت  عن دراية  وخبرة "سياسيّة"  على غير عادة  شيوخ الدين يمتلكها الشيخ  "القرضاوي" الذي أصدر هذه الفتوى  , بين معارض له ومتجاوب ,  استند عليها على ما يبدو  من تشخيصه الحالة السياسيّة العراقيّة ! , وهي  بكل تاكيد   تعبّر عن حقيقة  طالما  حاول الإعلام  السلطاني  إخفائها , حيث أثبتت هذه الفتوى  اشتغال "علماء" الدين بالسياسة  ساعة  ما  يحتاجها السلطان ! ..   ولكن الشيخ  هنا خصّ العراق وحده  بهذه الفتوى الأخيرة ! ..

 

ومن هذا المنطلق الذي انطلق منه القرضاوي  وجب علينا أن نستفسر وأن  نسأل الشيخ  بدورنا  وأن نسأل  بقيّة الشيوخ  "الصامتين"  إلاّ بأمر السلطان , عن البلد الذي يعيش فيه الشيخ أو البلدان التي يعيش فيها بقيّة الشيوخ  , وعن   رأيه  , وفق خبراته السياسيّة التي  اهتدى من خلالها  وشخّص العراق  كونه بلداً محتلاً  ومن هذا التشخيص  انطلقت فتواه ؛  فماذا تقول  يا شيخنا عن دول الخليج والجزيرة ومصر وغيرها .. أليست   هي بلدان محتلّة  ! , واجلّكم  أن تقولوا لنا أنّنا   لم نرى  رأي العين  دبّابة أميركيّة تلف شوارع هذه الدول  ولم  يحضر بين أيدينا   أربعة  شهود  يقرّوا بذلك ! .. كما ولا أعتقد أنّكم  ستؤوّلونه  يا شيخ  لتجد  لك مساحة نفاذ كافية  تستطيع بها  أن  تتحرّك  لتحرّف مقاصد المحتل عن موضعه  ! .. وهنا نسألك  ونسأل  بقيّة شيوخ الإفتاء  الذين  لا تطالهم  أذرع  التصفية  والقتل  الصهيونيّة والدوائر المخابراتيّة على اعتبار أن الإسلام خطر جدّاً  على مصالح   "الكفّار والمشركين!"  كما طالت  شيوخ أيّام  زمان عندما كان في العقيدة الإسلاميّة  الصحيحة عرقُ ينبض ؛ من المحتل  حقيقةً  يا شيخنا , نسألك  بوضوح  من باب بينك وبين الله  وليس  بيننا وبينك  على الأقل .. هل البلد المحتل  هو  البلد الذي  لا يزال يدافع عن  نفسه  رغم ضروب التشويهات وفنون التعتيم  , أم بلدان الخليج والجزيرة والأردن ومصر  الذين   يحملون على ظهورهم  أسلحة  المستعمر الأميركي ويفتحون له أراضيهم  متى شاء  وينفذون توصياته  حرفاً حرفاً  بل وأكثر ! ...  ثمّ  من قال  لك يا شيخ  أنّ شعب العراق  "هنود"  كما  "يقول"  عبد السلام عارف رحمه الله .. يعني ..  لأنّك  "شفتنه  سود  أجه عله بالك  العراقيين  هنود .. لازم  جنابكم  متدري الشمس  حاركتنه"  لكي تمرّر  فتواك  عليهم !  ألا تكفي العراقيين ملايين الأذرع   من  أقمشة حرير  العمائم التي تلف عراق التحرير والنور من أقصاه  إلى أقصاه   لكي  تلاحقنا  بفتواك هذه  ! ..  إحنه  نائصِينك  يَشيخ ! ... واسمح لي أنّني تفوّهت بهذه وسامحني عليها لأنّها أتت من فورة قلب ملتاع ...

 

 إعلم  يا شيخنا القرضاوي  , والحقيقة مرّة وصعب  جدّاً أن يتقبّلها أيّ كان  ..  الكثير منكم  .. وبحسب  نصوص  الإسلام  الصافي  وليست من عندي ,  وبلدانكم ,  مرتدّون  ارتداد  وجوبي و "فرض عيان عقل  وعين"   لأنّكم اتّخذتهم  "اليهود والنصارى"  أولياء من دون الله  , بحسب  نصوص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل  لا من بين يديه ولا من خلفه  وبحسب  الشارع  الإسلامي الذي  حاول  المستعمر الأميركي ومن قبله البريطاني  تسخيرها عكس المطلوب لصالح  بقاءه  مُستعبِداً  لهذه الشعوب ,  وبهذا تكون  جيوش الدول الاستعماريّة  التي عبرت من هذه المشايخ  ولا زالت تعبر  إلى العراق هي المحتل الحقيقي  لبلدان العبور والحصار  من مشايخ وممالك  وجمهوريّات  عربيّة  ممّا أوجب ضدّكم .. وضدّها , الحرابة , وبات وجوباً فرضاً  عياناً على كل مسلم حقيقي   ومسلمة حقيقيّة  وليس  مسلمو  المسلسلات الرمضانيّة ومسلمو  حضر رمضان هيّا  بنا نأكل ! أن تحاربوا  هذه  "البقع"   المستعمرة  وأن تحرّروها من المستعمر الأميركي  , و كان الأولى بك وبأمثالك  شيخنا  أن تصدر  فـتاواك  بكسر حصار العراق على الأقل  منذ أول يوم حصار  ضده   وأن  تجرّم  وتعلن ردّة  جميع بلدان التبعيّة المستعمرة التي أنت تقيم في إحداها  وترفض  رفضاً  قاطعا  أنت وزملائك  الشيوخ  وتطالب  بإزالة   النغمة  المعروفة الثابتة التي  يعزفها  روّاد نادي  "مجلس التعاون الخليجي" ووزراء الخارجيّة  العرب واجتماعات القمّة العربيّة "الموشيّة" والتي  كانوا  يردّدونها مع انتهاء  انعقاد  كل  مجلس  تعاوني أو مجلس قمّة عربي والتي تقول "على العراق  تنفيذ قرارات الأمم المتّحدة والتخلّص من أسلحة الدمار الشامل التي لديه" ! ..  كما  وإنّك إن لم  تكن   تعلم  ؛ فاعلم   يا شيخ  أنّ هذه  البقع  المجهريّة  التي أكره المستعمر  غصباً وجبراً دول العالم كافّة  على الاعتراف بها كـ"دول"  لها أعلام وعيد وطني وموسيقى عسكريّة , هي عبارة  عن بقع يابسة مستعمرة , نقولها مستعمرة  تلطيفاً منّا للحقيقة المرّة مهابةً  لموقعك في إحداها  شيخنا ليس أكثر , إنّما هي في حقيقتها وواقع حالها  عبارة عن  قواعد  عسكريّة صهيونيّة أنكلوسكسونيّة  آخرها كانت فرنسيّة !  وضعت لتدمير أيّ "عبد"  من عبيد المستعمر  يحاول أن يرفع رأسه  لكي  يرى شمس الحريّة  وجهاً لوجه  كما أراد الله  , وكما  أراد  سبحانه من رسله أن يعمّموا ذلك , ولو  رفعت رأسك قليلاً  باتّجاه  إلى الوراء  درّ  , شيخنا ,  ستجد  ذلك صحيحاً ! , ولا تقل  لنا أنّ  هنالك  علم ونشيد أميري وملكي وسجّاد أحمر  وجمعيّة أمم متّحدة وسفارات ! فإنّنا نذكّرك  بأنّنا  لسنا "هنود" ! ,  لهذا  كان الأولى  بك  أن تحرّم أيّ عربي أو مسلم  "وليس العراقي وحده  مع أن العراقي حرّ  والفلسطيني حرّ  كونهما يرفعان  السلاح  بوجه  المستعمر"  التجنّس  بالجنسيّة  الصهيونيّة  التي يدّعي أصحابها بأنّها "أميركيّة" ,  بل التجنّس  بهذه  الجنسيّة  هي  شرعاً حرام  على كل عربي وكل من يدّعي الإسلام  على وجه  الأرض  .. كما وليست حرام  على الجنسيّة الأميركيّة  وحدها !  بل وحرام  التجنّس  بجنسيّات جميع  الدول الغربيّة  التي شاركت في احتلال العراق والمنطقة والعالم ولا زالت  واستعمرت  بلدانه  وبلداننا منذ قرون  طويلة  ..

 

أمّا  جوابنا  "خارج نطاق الدين والتدين"  الأميركصهيوني من الذي  نرجوا الله  أن يكون  الشيخ القرضاوي  خارج نطاق  دائرته  أيضاً  , فنودّ  أن  نقول لكلّ ذي بصيرة  بمنطق دين  الحقّ  الذي تغطّي تشريعاته أطنان  من فتاوى  التزييف والتحريف عبر حقب استعماريّة ومشيخيّة  طويلة .. 

 

أنّ عمليّة  اللجوء  أو التجنّس بحد  ذاتها  هي عمليّة امتصاص نقمة  وتفريغ معقول لشحنات المجابهة  العسكريّة التي قد تواجهها  هذه الدول الاستعماريّة من أبناء البلدان  التي تستعمرها أو تريد استعمارها , وهي من ضمن سياقات  خطط الهجوم والمراوغة والاستيعاب وتغيير المواضع وتبديل الخنادق والكرّ والفرّ السياسي  والتخطيط الاستراتيجي  وتقع في لبّ الدعم اللوجستي الإعلامي لقوى الاستعمار , وهذه الخطّة  لم تجيء  بشكل اعتباطي أو إنساني  من قبل دول الغرب الاستعماري , بل هي  جاءت أيضاً  عبر دراسة مستفيضة  تناسب  كل شعب من  الشعوب  ووفق مقاساته  , لذلك  جاءت  "الشقّة الخاصّة  وراتب الضمان الاجتماعي  مع وثيقة سفر لجميع بلدان العالم  عدى "بلده"  تلائم  شخصيّة العراقي وتفكيره الصاخب ! , وهذا  الذي نقول  ربّما  لا يفهمها  .. أو  بالأحرى  لا  يستوعبها .. أو على الأصحّ لا يريد أن يفهمها عبدة النصوص والجوامع والمساجد  , من الذين  يريدون  اتّخاذ عباداتهم  هذه حجّة على الله ! ..  ولعلمكم يا شيوخ .. أنّ الغرب الاستعماري أصبح  من إحدى سياساته الاستعماريّة الحديثة هي جعل بعض البلدان الأوروبيّة , أو جميعها مضافاً إليها نيوزيلندا واستراليا وكندا , وهي جميعاً لو دقّقت شيخنا  تحكمها عشائر أنكلوسكسونيّة ! , إن تطلّب الأمر , وبحسب حجم البلد أو المنطقة  المزمع جعلها "معتدلة!"  هي عبارة عن مخازن إيواء بشريّة أو مناطق محميّات بشريّة  لا تمانع من أن يذوب  "اللاجئون" بين مساماتهم النسيجيّة الاجتماعيّة  مع مرور الزمن ! كما فعلنا  بعكس المطلوب نحن أمّة العرب  "أصحاب الكلوب الفطيرة!" من تذويب الأغراب  في مجتمعاتنا باسم الأخوّة الإسلاميّة  لنفجّر أنفسنا من داخلها  بهؤلاء  فيما بعد ! , وها  هي  نماذج كثيرة من خرّيجوها  قابعة في المنطقة الخضراء  مدّت  رؤوسها  لمصّ  الدماء  مع بدء  نحر العراق  .. آسف .. اقصد  مع تحرير العراق  ..

 

على العموم  يبدو أن هذه  الفتوى في هذه الأوقات بالذات وراءها ما ورائها  , وإلاّ  "إشجاب الجلاّق على البامية" كما يقول المثل الشعبي العراقي الساخر أو  وراء أكمّة هذه الفتوى ما ورائها  و "عرب وين طمّورة وين"  و "اشجاب هاي عله ذيج"  و "وين الربط .. وين ربّاط السالفة"  و"إذا هاي مثل ذيج  خوش دجاجه وخوش ديج" !  يخيّل  لي  على الأقل أنّها تأتي هذه الفتوى  وكأنّها  مقصودة الأهداف  للضغط  على عناصر المكوّن  العربي والإسلامي  من الداخل وإلهائه  عن المجرى السياسي والعسكري العام  في العراق وفي غيره , في مقصد  استعماري خبيث  يسقط  فتاوى  الحيض والنفاس ونسيان ركعة صلاة  أو تأخرّ  زيادة  ثانية بين وضوء اليد اليمنى عن اليسرى وحشر  هذه الفتوى القرضاويّة  في سياق هذا الاتّجاه ...!

 

لو دقّقنا عبر مراحل التاريخ  منذ فجر الاسلام ولغاية اليوم  نجد أن  قوى الاستعمار  ومن قبله قوى التسلّط  من أمراء وسلاطين  هم  الأوفر حظاً  من الاستفادة من الإسلام  دوناً عن الأوساط التي  جاء الإسلام  من أجل سعادتها !  كون الإسلام   "الطريق الأمثل"  وفق تجارب ونصائح المستشرقين ,  لجمع الشعوب المستعمرة في خانات  الطاعة والرضوخ  والخوف  من الله  لتستثمره هذه القوى   من  مخافة الله  ثم  تحريفه  باتّجاه الخوف  من  "علماء" الدين  تحت  ضغط  مخافة معصية الله !  .. أي أن  "لحوم  العلماء مسمومة"  كما  تروّج  له الدوائر الاستعماريّة !  يعني  "معصومون"  بالنتيجة ! , لذا نطلب من هؤلاء الشيوخ  أن لا يرموا  مستقبلاً  باتّهام  تلبّس العصمة  على الخميني أو خامنآي  أو آية الله أبو فلاح  وحدهم !   لأنّنا  بالنتيجة  قد حصلنا على معادلة  مفادها   "لحوم العلماء مسمومة"  =  "العصمة" ! ...

 

 وهنا  لا يفوتنا أن نسأل الشيخ  ونستفسر منه ومن بقيّة الشيوخ .. ألا ترون  يا  سادة  يا كرام  أنّكم لم تلاحظوا  بعد  أنّ  مثل هذه الفتوى التي أفتيتمونا  بها , أو من هذه القرارات والفتاوى  "المالكيّة"  التي  تتخذها  الآن السويد والدنمارك وألمانيا  وبقيّة الدول الأوروبيّة  حجج  لتشريد العراقيين  أو تسليمهم  بالغصب والإكراه  إلى  الحكومة المنتخبة  حتى ولو كانوا  "عقداء  وعمداء وألوية  ركن  في المخابرات العراقيّة  زمن النظام "السابق"!!   كما تفعل السويد حاليّاً  "عيني عينك" خاصّة بعد أن  وعدهم  سعادة المفتي  أبو إسراء  بتوقيعه  عقود مع الحكومة السويديّة المنتخبة   تقوم السويد  ببنائ  أكثر  من مفاعل  نووي  في العراق  الكهربائي الجديد المنتخب  تخصّص للطاقة الكـهربائيّة  "بحسب  مصادر من داخل المنطقة الخضراء" ! ...

 

ثمّ   ألم  تروا  يا شيوخنا  أن مثل هذه الفتاوى والقرارات  بحق عراقيي  لجوء ما بعد  التحرير  , لم تكن  لها حظ   من الإعلان عن نفسها  عندما كان العراق  يئنّ تحت الحصار  قبل تحريره  ! ,  عندما  كانت تتسابق  هذه  دول المخازن البشريّة  وتسارع   بمنح اللجوء للعراقيين وتعتني  بتواجدهم  بينهم أشدّ  اعتناء  حتى من  كلابهم !  وكان اللجوء  يمنح للعراقيين في هذه الدول زمن  النظام "السابق"  بمجرّد أنّك  تنطقها  بـاللهجة العراقيّة  ويقرّ بها  المترجم "الكردي" !  بل  ولا تتطلّب منك منحة اللجوء  من أوراق ثبوتيّة   أكثر من هويّة شخصيّة , بل وفي أغلب الأحيان  كانت  "ورقة الكهرباء" كافية  جدّاً  لحصول العراقي  على  حق اللجوء ! بعكس الآن , وخاصّة في الدنمارك والسويد وألمانيا , فإنّك  لو  أتيت بورقة من زمن هولاكو  تثبت  فيها اضطهادك  من قبل جنود  تيمورلنك  وأنّهم  يقتحمون  عليك منزلك  ويعتقلونك  في سجون  "هاكا  هوكا"  ومثبت  فيها   ما  تقوم  بها  قوى الغزو السلجوقيّة  من  إنزال  جوّي  على دارك  عبر الدار المجاورة لدارك  ويسلّطون عليك في المداهمات  عسس ودرك  وجندرمة  طائفيّة من  عراقيّو الصدفة ,  ولو أتيتهم  بصور  قام  "الواسطي"  برسمها  لك  يظهر فيها التعذيب  بمثقاب  "جرخجي الصحون"  فإن هذه الدول الآن  سوف لن تمنحك  أيّ لجوء , أمّا  ثبوتيّة  "ورقة كهرباء" فـ"إنسه"  لأن أصلاً   هذه الحكومات المنتخبة  تعرف جيّداً  أن العراق المنتخب  منذ التحرير  خالي تماماً من ورقة كهرباء ! .. أمّا  لماذا  ... قبل التحرير  معاملة اللاجئ  شكل  وبعده  شكل آخر , فلأنّ الغرب  الاستعماري  الاستحواذي  قبل  تحرير العراق  , كان  يتهالك  كالمسعور  لجمع أكبر كمّيّة  من تواقيع اللاجئين العراقيين  لتثبيت أعدادهم في الأمم المتّحدة وأمام العالم  كهاربين  من اضطهاد   للنظام  "السابق"  وليسوا هاربين من حصار   لم تعرف له البشريّة مثيلاً ! , لأن الاستعمار  يعلم  جيّداً  أن  لاجئو   قبل التحرير "كلاوات"  أمّا بعد التحرير  "فجدّيّات"  هذه المرّة ! .. وجميعنا  يعرف أن  المستعمر  "ما يبول عله إيد  مجروح"  كما يقول المثل ,  إلاّ  بحساب  ! ..  لذلك يقال  في زمن عراق ما بعد  التحرير  ممنوع على العراقي  الحصول على الجنسية الأميركية .. !

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء / ٢٥ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / أيلول / ٢٠٠٩ م