تأملات
تصادق مع الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً!

﴿ الجزء الثامن ﴾

 
 

شبكة المنصور

 سمير الجزراوي 
والان هل السياسة العربية في بناء العلاقات الدولية ستتقيد بالتغيرات التي تحصل في دول العالم والى أي المديات فيها, وماهي حدود هذه العلاقات التي يمكن أن تكون صحيحة وهل تبقى في حيز التكتيكات في ضبط العلاقات العربيةمع الاخرين  وفي حدود الطأرئ من سياسات الاخرين أي نبقى في حيز ردود الافعال أم الخروج الى مجالات وضع الستراتيجيات,وكيف لاقطار أمتنا أن تبداء  بالتحول من مرحلة طويلة عاشها العرب وهي الترنح بين السياسات الافراطية والسياسات التفريطية والتي بمجملها تعبر عن السياسات المبنية على ردود الافعال تجاه سياسات الاخرين ,وأن يترك النظام السياسي العربي هذه المرحلة الخائبة وينتقل الى مرحلة البرمجة في السياسيات العربية ووضع السترايجيات لاجبار الاخرين على أن تكون سياساتهم مبنية على الفعل العربي,وقد عاش العرب هذا النمط من التخطيط في الخمسينات والستينات مع المرحلة الناصرية وخاصة في تأميم قناة السويس في عام 1956 وكذلك في وحدة القطرين المصري و السوري في عام 1958,وكذلك في مرحلة العراق الوطني القومي في حكم البعث الخالد وخاصة في ثورة 17تموز وأنتفاضة 30 تموز في عام 1968وايظا في ثورة التأميم الخالد في عام 1972وأقامة الجبهة الوطنية والقومية في عام 1973والانتصار على الامية والخطط الانفجارية في مجالات التنمية والتصدي لرياح الرجعية التي جاء بها خميني و اتباعه ,والكثير من المواقف والخطط التي كانت الثورة تضعها و تجعل أقوى الدول  في العالم تبرمج سياستها على أثار الخطوة العربيةسواء كانت من مصر أو العراق أو أي قطرعربي .

 

من المهم والضروري أن تبداء الاقطار العربية مجتمعة في تكتلات أقتصادية أو عسكرية أو سياسية كمجلس التعاون الخليجي أوأي تجمع أو تقارب ثنائي عربي,وطموحنا أن ترتقي الجامعة العربية الى هذا المستوى من التصورومن ثم التخطيط وصولا للشروع بأقامة المشاريع العربية المشتركة ومن هذه المشاريع هي وضع سياسات عربية مشتركة ,أقول أن تبداء بوضع ستراتيجياتها على أساس عربي من حيث المصالح العربية , لان أي مطلع في عالم العلاقات الدولية سيعطي الاهمية والثقل لأي ظهور يتقدم به العرب مجتمعين ولو بالحد الادنى من التجمع او اللقاء العربي وحتى أن كأن قائما على أسس وقواعد الاتحاد الاوربي,والذي كان فيه الاوروبين مدفوعين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية من أجل أيجاد صيغة للتعاون بينهم لبناء أوروبا, وهذا الشعور في النهاية  دفعهم الى تشكيل (جمعية الفحم والفولاذ الاوروبية)في عام 1951وعلى يد كل من ايطاليا و المانيا الغربية و فرنسا و دول بينيلوكس والتي هي بلجيكا و هولندا و لوكسمبورغ .

 

أول وحدة جمركية عرفت بالأصل بإسم المؤسسة الاقتصادية الأوروبية (European Economic ommunity) وتسمى في المملكة المتحدة بشكل غير رسمي بـ (السوق المشتركة)،و التي تأسست في اتفاقية روما لعام 1957 وطبقت في 1 يناير كانون ثاني 1958. هذا التغيير اللاحق للمؤسسة الأوروبية يشكل العماد الأول للإتحاد الأوروبي.

 

تطور الإتحاد الأوروبي بعد ذلك من جسم تبادل تجاري إلى شراكة اقتصادية وسياسية.ومع العلم أن الروابط بين الدول الاوروبية لا تقارن بحزمة الروابط بين الدول العربية وهي روابط جذرية وعقائدية .وعلى هذه المقاييس أني أتسال ألا يمنكنا أن نبداءبتجمع عربي ووضع سياسات عربية موحدة ولتكن البداية متواضعة كالاتحاد الاوروبي قياسا لنا كعرب لما ما نملكه من روابط,  و حيث هناك الكثير من المشتركات العربية والتي من خلالها يمكن أن نبداء؟. فعلى سبيل المثال لا الحصر موضوع الطاقة و بالتحديد النفط العربي وكل  ما يتعلق بأستخراجه وتسويقه وصناعته وكل ما يخدم  هذا التوجه العربي والتعامل به و معه بالايجاب و بعكسه يتعامل معه بالسلبية المطلوبة وعلى ضوء الموقف من النفط بأعتباره أقوى المؤثرات الستراتيجية في نسج السياسيات المعاصرة بين الدول وخاصة الدول الصناعية الكبرى, أقول على سبيل الفرض الممكن أن يعقد أجتماعا للخبراء في الدول العربية المصدرة للنفط( الاوابك)  وتعد دراسة  شاملةومتكاملة حول النفط,و الشمولية أقصد بها كل ما يتعلق بالعمليات الاستخراجية والتسوقية وصناعاته,والتكامل أقصد به أن تحسب وبدقة الطاقات الانتاجية لكل دولة عربية والطاقات التصرفية المتاحة في الدول العربية والاحتياطي الكلي للنفط العربي ومناطق توزعه والقدرة العربية على المناورة في مراكز التصدير,ومن ثم يتم الاتفاق على تحديد السياسات العربية التي تتعلق بالنفط ,والى هذا التصور المتواضع في مجال السياسة النفطية العربية والتي يتم بعدها ترتيب عقلاني لعلاقات الدول العربية مع بعضها و مع دول العالم,وأيظا الامكانية المطلقة للدول العربية المنتجة للنفط من الاستفادة من التراكم المالي والحاصل من عوائد بيع النفط بتقديم القروض لدول عربية أو اجنبية فقيرة أودولا بحاجة  الى  راس مال لاقامة مشاريع صناعية أو زراعية في بلدانها والدخول معها في مشاريع تنموية مشتركة,  وأن هذا الامر سوف يؤدي بهذه الدول الى مساندة الحقوق العربية وفي أي محفل دولي,والجانب الايجابي الاخر في هذا النوع من التعشيقات الاقتصادية السياسية هو جل هذه الدول وخاصة دول العالم الثالث وبعض دول التي تنفذ خطط للتنمية مثل بعض دول امريكا اللاتينية مثل البرازيل والارجنتين تبني سياستها وتقيم علاقاتها على الدعم الاقتصادي الذي يأتيها من الخارج سواء في مسئلة الطاقة أو الرأسمال الذي تحتاجه في أقامة مشاريعها التنموية, والدول العربية وخاصة المنتجة للنفط لديها فائض مالي كبيروتشير دراسة الى أن دول الخليج العربي فقط اصبح لديها وخلال عامي2007و 2008فائض مالي يقدر بأكثر من 9 تريلونات من الولاارت(1).

 

وأن مشاركة المال العربي في المشاريع التنموية في هذه الدول والتي ذكرناها سوف يرتبط بالمواقف المساندة للدول العربية ويتخلى عن المواقف العدائية للعرب والتي تضر بمصلحة الامة العربية أي بصريح العبارة سوف يساهم العرب على تحرير الكثير من هذه الدول من الهيمنة الاقتصادية والسياسية لبعض الدول الصناعية الكبرى وقد يؤدي هذا الفعل العربي الى تحقيق توازنا كبيرا في المعادلات الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية في العالم  , وأذا ذهبنا للطموح العربي الشرعي فأنه يكون بدرج السياسات النفطية في بناء العلاقات العربية مع الاخرين وبدون المساس بطبيعة الصداقات التي تقيمها الدول العربية مجتمعة أو منفردة مع العالم وبالاخص الغرب ,وأذا استطعنا أن نضع النفط كسلاح سياسي للمناورة العربية في تحقيق المكاسب العربية وبالذات في حل ألآشكالات مع الغرب الاستعماري وخاصة قضية العرب المركزية في فلسطين ,فأن ذلك سيشكل طموحا عربيا !

 

أن استطعنا أن نسير بهاخطوة تلو الخطوة ومهما كانت حجم الخطوة وبعدها وتأثيرها وكما بدئها الاوروبين من قبل أكثر من ستين عاما ((انني أطرح التجربة الاوروبية ليست لانها النموذج  الامثل ولكني أقصد الا أكون مستفزا لمحبي الليبرالية والمبهورون بكل ما هو غربي ولكني بالتاكيد المطلق  أقربقوة العقل وحماسة المشاعر أن الوحدة العربية هي الطريق الاوحد للخلاص العربي ولكن لكي لا أسمح للبعض بأن يقول عن ما نكتبه مصابا بشيزوفينيا السياسية وحيث قد لايفهم أو يريد البعض أن لا يفهم بأن لا تقاطعا في مبدئية القلم بين ما ذكر في اعلاه و بين ما جاء في مقالاتي الاكيدة (لكي لا تضيع ثورية المبادئ بين زحام الانفعالات), بل أنهما يتحركان في مساحة المرونة الثوريةو بأتجاه واحد وهوكيف أن نتواجد بين وحوش الغابة والفأس باليد.

 

والان الا يمكن أن يضاف النفط العربي كفأس الى جانب الفؤوس العربية؟نعم و بكل تأكيد أن النفظ العربي هو فأس دنيوية يمكن أن تقطع رؤوس ذئاب طامعة...  

 
(1)دراسة أعدتها سوق دبي المالي أن منطقة الخليج العربي ستشهد العديد من التطورات خلال العامين القادمين، وستصبح اكبر منطقة في العالم تحقق فائضا في السيولة المالية عبر التاريخ، حيث سيصل حجم السيولة المالية خلال عامين فقط ما يقرب من 9 تريليونات دولار
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٤ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / أيلول / ٢٠٠٩ م