وأخيرا أسدل الستار على أسطورة ( الصراع الأمريكي – الإيراني )

﴿ الحلقة الثانية ﴾

 
 

شبكة المنصور

صلاح المختار

جاءك الموت يا تارك الصلاة

مثل عراقي

 

 

                                                           

حرب النجوم لعبة التوريط ولفت النظر

 

في عهد الرئيس رونالد ريجان في مطلع الثمانينات اعلن عن تبني مشروع ستراتيجي كبير وخطير وهو منظومة حرب النجوم ، او مبادرة الدفاع الستراتيجي  Strategic Defense Initiative، والتي تسمى اختصارا ب (    ( SDI، وقيل وقتها إن الهدف من هذه المنظومة هو إنشاء شبكة دفاع صاروخي في الفضاء تستطيع اصطياد الصواريخ المتجهة للولايات المتحدة الامريكية قبل الوصول الى اراضيها وتدميرها في الجو . وقتها كان واضحا ان امريكا تريد تدمير الاتحاد السوفيتي ليس بالوسائل العسكرية بل باستنزافه ماديا من خلال اجباره على دخول سباق تسلح جديد مكلف جدا لموازنة الشبكة الصاروخية الامريكية ، مما اضطر موسكو وقتها الى تحويل موارد مالية ضخمة من التنمية والخدمات العامة الى تطوير صواريخ جديدة لمنع امريكا من تحقيق تفوق كبير وابقاء الاتحاد السوفيتي قادرا على الردع الستراتيجي ، وهكذا وقعت موسكو في الفخ الامريكي .

 

لكن العنصر الدعائي والطبيعة النظرية لبرنامج حرب النجوم كانا واضحين وذلك للصعوبة القصوى لتطوير صواريخ قادرة على اسقاط صواريخ متطورة وبدقة متناهية خصوصا وان الاتحاد السوفيتي كانت لديه صواريخ نووية (عنقودية ) اي صاروخ ام يطلق صواريخ اخرى عديد من داخله لتضليل وتعجيز القدرة الامريكية على اصابة كل الصواريخ .

 

نتيجة التكلفة العالية وعدم الدقة في الاصابة تركت الادارات الامريكية المتعاقبة مشروع حرب النجوم دون ان تلغيه وأبقته اداة ابتزاز للاتحاد السوفيتي ! وفي عهد بوش – تشيني الفاشي ، وبالنظر لوجود مخطط استعماري كوني لتلك الادارة والتي بدأت بتنفيذه بعملية 11 / ايلول – سبتمبر عام 2001 بضرب البرجين في نيويورك ، وهو عمل الجهات الامريكية دون ادنى شك الان واخر من اعترف بذلك هو احد ابرز مساعدي باراك اوباما ، من اجل ايجاد المبرر المقنع للامريكيين العاديين لدعم غزوات امريكا في العالم ، نقول في عهد بوش – تشيني عادت تلك الادارة لبرنامج حرب النجوم واستخدمت له تسمية هي ( الدرع الصاروخي ) لتحقيق هدفين مترابطين : الاول زيادة انعاش الصناعات العسكرية ، وهي احد اهم المؤثرين في صنع القرار الامريكي واحد اهم مصادر الدخل القومي الامريكي ، والثاني إكمال نفس سيناريو ريجان وهو ايجاد مبرر للتدخل في العالم بحجة وجود تهديد خطير للامن القومي الامريكي .

 

في هذا الاطار كانت قصة الخطر الايراني  وخطر القاعدة هي مبرر العودة للعبة حرب النجوم ، فقد استغلت ادارة بوش هجمات سبتمبر لغزو افغانستان والعراق وتدميره ، وبعد ان تم لها ذلك بدعم ايراني شامل وكامل ، لولاه لما نجحت امريكا في غزو افغانستان والعراق كما اعترف قادة ايران ، بدأت اللعبة الاخرى وهي التلويح بالخطر الايراني النووي والصاروخي من اجل مواصلة التوسع الامبريالي الامريكي في العالم ، لذلك كان من مصلحة امريكا تضخيم الخطر الايراني سواء التوسعي في الاقطار العربية او الحربي ممثلا بالمشروع النووي الايراني وتابعه الصواريخ الايرانية .

 

لقد استغلت الدعاية الامريكية افضل استغلال ما سمي ب ( الخطر الايراني ) عليها لتحشيد الراي العام الامريكي خلفها ودعمها ، مع انها بكل اجهزتها الامنية كانت تعرف ان ايران لا تشكل خطر عليها ولا على حليفتها اوربا ، ومن جهة اخرى عززت امريكا تعاونها مع ايران في اطار خطة تمزيق وتفتيت الاقطار العربية بنشر الفتن الطائفية بواسطتها ، وهو احد اهم الاهداف الستراتيجية الامريكية – الصهيونية ولهذا فان الدور الطائفي الايراني كان ومازال الخطر المميت بالنسبة للاقطار العربية . وهكذا ولدت معادلة سرطانية شيطانية : فمن جهة تستخدم امريكا أطروحة الخطر الايراني لضمان دعم الراي العام الامريكي والاوربي لها مع انه خطر وهمي ، لكنها ، من جهة ثانية هي الداعم الرئيسي للتوسع الايراني في نشر الفتن الطائفية مع انه  خطر حقيقي وقاتل بالنسبة للعرب والمسلمين كافة لان هذا الدور ينفذ ما يخدم امريكا والكيان الصهيوني .

 

من هنا فان مشروع الدرع الفضائي الامريكي استغل الطموحات النووية الايرانية ومنظومة الصواريخ الايرانية من اجل ابقاء عجلة التوسع الامبريالي الامريكي دائرة وتتقدم في العالم ، تماما كما استخدم رونالد ريجان ( الخطر الشيوعي ) القادم من الاتحاد السوفيتي لتخصيص مبالغ اسطورية لدعم الصناعات الحربية الامريكية وتطوير القوات المسلحة الامريكية لتكون قادرة على تحقيق تفوق على الاخرين . وكما ان امريكا اهملت حرب النجوم بعد بروز غورباتشوف قائدا للاتحاد السوفيتي ، وهو الذي كان رجل الغرب الذي مهد ورتب عمليه تفكيك الاتحاد السوفيتي ، فان امريكا الان وبعد اكمال العناصر الاساسية في الصفقة الامريكية – الايرانية حول الاقطار العربية لم تعد ثمة حاجة لوجود الدرع الصاروخي فقرر اوباما الغاء نشره .

 

ويجب الانتباه هنا الى ان القرار الامريكي ليس الغاء برنامج الدرع الفضائي بل الغاء نشره في بولونيا وتشيكيا فقط ، مع إبقاءه نائما لابتزاز روسيا والصين وغيرهما كلما برزت خلافات مع هذه الاطراف ، تماما كما فعلت ادارة ريجان باهمال حرب النجوم لحين مجيء ادارة بوش الابن التي احيت المشروع واستخدمته مرة اخرى . انها لعبة الامم النموذجية والتي يتكرر استخدامها كلما كانت هناك حاجة امريكية لها ، ولا ينتبه لهذه الحقيقة التاريخية السذج او المتساذجين من انصار امريكا او انصار الجزء المكمل لامريكا وهو الجزء الايراني في لعبة الامم ، الذي يعرف ان استغلال صراع الديوك المفتعل والكاذب والدعائي مع امريكا هو افضل غطاء لمواصلة ايران سياسة توسعها الامبريالي على حساب العرب دون ان يفقد طابورها الخامس العربي الحجة للدفاع عنها .

 

ملاحظتان ختاميتان

 

من الواضح الان ان ايران لم تعد تستطيع اخفاء مؤخرتها الحمراء التي اصبح كل مار في الطريق يراها بعد ان صعد القرد الايراني على الشجرة وصار عرضة للفرجة المجانية من تحت ، لذلك لابد من تأكيد ما يلي :

 

 اولا : ان ايران ، وبعد ان حققت مكاسب ضخمة نتيجة غزو العراق ، دخلت مرحلة المساومات الرسمية وهو امر يضعف قدرتها بصورة رئيسية على ادعاء انها تدافع عن مبادئ وحقوق بما فيها حقوق الشعب الفلسطيني لذلك لم تعد هناك تحفظات امنية امريكية – صهيونية على كشف الحقيقة وهي ان ايران لا تشكل خطرا عليهما .

 

ثانيا : لقد أجلست اعترافات امريكا والكيان الصهيوني ، بان ايران لا تشكل خطرا عليهما ، قرود ايران العرب على قازوغ كبير دخل من مؤخراتهم وخرج من أفواههم ، فاصبحوا غير قادرين على الكلام بصورة طبيعية ولا على اخراج قاذوراتهم من تحت بسهولة . لقد ( جاء الموت لتاركي الصلاة ) ، كما يقول المثل ، فلم يعد بامكان هؤلاء القرود الدفاع عن ايران بقوة وحرارة لان حرارة اعترافات امريكا والكيان الصهيوني تكفي لتدوير القازوغ بسهولة ليقوم بايلامهم .

 

ومما زاد في تألم قرود ايران ، الجالسين على القازوغ ، تصريحات مثيرة وخطيرة وتطلق لاول مرة بهذه الصراحة والوضوح صدرت عن شخصية ايرانية رسمية بارزة ، فخلال مراسم توديع وزير الدفاع الايراني السابق وتقديم خليفته الجديد قال رئيس اركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال حسن فيروز آبادي المقرب جدا من علي خامنئي أن دعم بلاده للقضية الفلسطينية هو " شكل من اشكال الاستثمار للحصول على امتيازات اقليمية ودولية ". ونقلت مواقع ايرانية رسمية عن فيروز آبادي في المراسم التي شارك فيها كبار القادة العسكريين الايرانيين، قوله " إن دعم القضية الفلسطينية بالرغم من التكلفة السياسية والدعائية والمالية لايشكل امرا عبثيا ومكلفا لنا ولم يفرض علينا بل انه يعد ضربا من الاستثمار لتحقيق مصالح اقليمية ودولية لنا " بهذا التصريح اصبح القازوغ حركيا ولا يتوقف ابدا !

 

لقد جاء الموت لتاركي الصلاة من قرود ايران وحانت لحظة الكشف الكامل عن ارتزاقهم لايران . وفي ضوء هاتين الحقيقتين لابد من طرح سؤالين مهمين :

 

1 – الا يشكل هذا التطور في الموقف الامريكي الصهيوني رسالة واضحة لايران تقول : هيا واصلي مشروعك النووي بلا توقف من اجل تركيع الامة العربية ومنع تحررها ، بشرط اخضاعه لاشراف امريكي - صهيوني ، ربما غير مباشر ، لضمان استخدامه لابتزاز العرب ؟ ان تجربة الحرب التي فرضها خميني على العراق تؤكد ان ايران مستعدة لضرب العرب باي سلاح تملكه .

 

2 – لماذا استخدمت امريكا الاكاذيب حول امتلاك العراق اسلحة دمار شامل وصلة بالقاعدة لتبرير غزوه وتدميره في حين ان امريكا استخدمت الاكاذيب ذاتها تقريبا – اسلحة دمار شامل ودعم الارهاب – من اجل دعم ايران ودورها وتأهيلها عربيا واسلاميا ؟

 

ملاحظة : لقد كتبت في الشهور الماضية دراسة عنوانها ( المدافعون عن الاستعمار الايراني : من هم ؟ ) لكنني اجلّت نشرها ، وبعد ايام  سأنشرها بحلقات لتوسيع نطاق مشاهدة مؤخرات قرود ايران العرب وهي حمراء ومنتفخة .

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٧ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٦ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية |دليل كتاب شبكة المنصور