عميل فنزويلي من جديد .. حول الموقف من إيران

 
 

شبكة المنصور

الدكتور رياض محمد النوايسة

الأستاذ رئيس تحرير صحيفة "العرب اليوم" المحترم. تحية واحترام وبعد;

 

وتأسيسا على حق التعقيب والرد الذي كفله قانون المطبوعات والنشر، ونظرا للإشارة التي أوردها الأستاذ العزيز موفق محادين لشخصي في مقالته ليوم الخميس 3/9/2009 والمعنونة عميل فنزويلي، والذي رام من خلاله »تأكيد وتكرار قناعته بان الكيان الصهيوني هو عدونا الرئيسي وليس إيران على إطلاقها، وان الأخيرة متواطئة مع الاحتلال الأمريكي للعراق ولها موقعها في تلك الجريمة المستمرة، وانه إذ يفرق بين العدو الرئيسي الذي يتوجب حصر العداوة به وبين المتواطئ الإيراني »وليس النظام الإيراني« الذي لم يبلغ حد العداوة رغم تصميمه وإصراره ومثابرته على تدمير العراق وما هو ابعد منه«.

 

وفي معرض رده على منتقدي رؤيته هذه من قبل كتاب التدخل السريع والطابور الخامس فلقد استجوبني كشاهد له باعتباري بعثياً متشددا وصاحب نزعة سنية اجتمعت لديه جميع خيوط الكراهية والبغضاء لإيران كما أوحى، وذلك للشهادة على إدانته للتواطؤ الإيراني ضد العراق منذ سنين عديدة. وحول هذا القول أوضح ما يلي:

 

اولا:- ان الواقعة التي أشار اليها الأستاذ موفق كانت تتعلق بالمحاولة المستميتة التي عملنا عليها "جواد يونس وجميل أبو بكر وخالد رمضان وموفق محادين وشخصي كأعضاء في لجنة الصياغة" من اجل تضمين البيان السياسي لمؤتمر القدس في طهران عام 2002 عبارة (ويطالب المؤتمر برفع الحصار الجائر وخطوط الحظر الجوية المفروضة على شعب العراق) والتي أقرتها لجنة الصياغة رغم معارضة الأعضاء الإيرانيين فيها ومندوب حزب الله اللبناني الذي كان أكثر تشددا ورفضا وعداء من الإيرانيين واحتج علينا بأننا نريد ان نرفع الحصار عن صدام حسين الذي منع حرس الثورة من عبور العراق كيما يحرر فلسطين فما كان من رئاسة المؤتمر الإيرانية إلا أن أسقطت تلك العبارة المتعلقة بشعب العراق العربي المسلم من البيان من دون أن تعرضها على المؤتمر ورغم إعادة نسخة البيان للجنة الصياغة ثلاث مرات وإصرارها وتأكيدها على إيراد العبارة المذكورة. واذكر أننا تعاملنا معهم بحذر شديد وفي غاية الأدب وكانوا على غير ذلك.

 

ثانيا:- إن ما اعرفه ومقتنع به أن البعث فكرا وتنظيما يعتبر التناقض الرئيس هو مع الامبريالية العالمية وكيانها الصهيوني في فلسطين، ولا يكن العداء لإيران الدولة المعافاة بل هو يحترمها ويأخذ بيدها، لكنه عندما ظهرت له ووقعت على أمته عدوانية الأنظمة الإيرانية مارس واجبه في التصدي لها، وهذا هو موقف كل عربي يطمح بان يرى أمته متحررة وموحدة وناهضة، وهو محض فطرة سوية معافاة وليس لها علاقة بالشدة أو الليونة التي قررها الأستاذ موفق من دون حق، فضلا عن أن الرؤية البعثية الفكرية تقوم في جوهرها على نهوض واستنهاض أمة العرب/ أمة الرسالات ومقومها الرئيس الإسلام الحنيف عقيدة وثقافة وبنية عقلية وتحلم برسالة إنسانية تقدم الخير لكل العالم ولا توزع أو تغرس الشّر أينما دارت وهي بهذه المثابة رؤية كل عربي ينتسب لأمته ويعي هويته.

 

ثالثا:- إن القول بالنزعة السنية في السياق الذي جاءت فيه اوحت ودللت على موقف مذهبي تجاه إيران النظام الشيعي، وان الأدلجة السنية وتسييس الإسلام هي القاعدة التي تحكم رؤيتي للشأن السياسي والعام.

 

وهذه النتيجة التي توصل لها الأستاذ موفق لا تعدو كونها شططا في الوصف وفسادا في الاستدلال على الوقائع والرؤى. وما أقوله أن الإسلام العظيم، قد جاء بقواعد كلية للعقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات والتشريعات المحددة وترك تدبر وتدبير شؤون المسلمين والناس لهم أنفسهم، ومنها الشأن السياسي وشأن تحقيق الهويات القومية وبناء الدول .. وان الله سبحانه وتعالى لم يشأ أن ينزل بهذا الدين ولا بسواه من عليائه وقداسته إلى أفانين والآعيب السياسة وما في حكمها من إدارة وممارسة للشأن  العام، ولم ينصب أربابا صغارا يحكمون باسمه على وجه الأرض، ولم يقل بالدولة الدينية ولا بكهنوت أو ما هو اقل أو أكثر في الإسلام، ولا تنزلت آية ذكر حكيم واحدة، تجعل من قيام الدول والأمم على أساس ديني، وإنما ترك الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا كما توجههم إراداتهم وقلوبهم التي يعقلون بها، فهم أدرى بشؤون حياتهم بقول رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وما السنة التي اعتقدها إلا منهج في فهم وتفسير النص الديني اعتقادا وتشريعا وتعاملا ولا تصل حد التأصيل للدولة أو الصراع الديني والمذهبي.

 

فأين هي المذهبية السنية التي اصدر عنها أخي موفق لمناهضة التشيع السياسي للنظام الإيراني وليس لإيران!? وأخيراً أرجو أن أكون وفقت في جلاء ما غم والتبس أمره على الأستاذ موفق ومن ظنه مع المودة والاحترام.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢٣ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م