مقياس صدام للبطولة

 
 

شبكة المنصور

محمود خالد المسافر
بسم الله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد...

 

اذهلني ما رأيت من وقفة صدام حسين وهو يحاكم جلاديه على المقصلة وذلك لأنني لم ارَ مثل هذا الموقف من قبل, ولكني لم افاجأ.. فما عرفناه عن صدام حسين فتى فشابا فرجلا فشيخا يجعلنا نؤمن ان لهذا الرجل امكانيات رجولةٍ تعدت ما نعرفه, وهذا الكلام ليس حبا ولا اعجابا, وان كنت من محبيه والمعجبين به, لكنه محاولة لترجمة الرجل كما هو وكما عرفناه وخبرناه نحن العراقيين.


يعتقدون واهمين انهم باعدامه نالوا منه، او انهوا حياة, وهم لا يعلمون انه رهن حياته بحياة امته ومبادئه واختار طوعيا وبذكاء ان يكون عمره بعمر امته.. بعمر مبادئه.. بعمر ايمانه.. اما شانقيه فهم كلاب هذا العصر ونيلهم من اعظم رجال هذا العصر لا يغير شيئا.. وربما لم يقراوا قول الشاعر..
فلا عجباً اذا ظفرت بالاسود   كلاب الحي من فصيح واعجمي
فحربة وحشي سقت حمزة الردى  وموت علي كان بحسام ابن ملجم

 
"اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً رسول الله" قالها صدام حسين بقوة كأنه في ساحات الوغى وليس على مقصلة, كأنه مهاجما وليس مدافعا, قالها ليس ليُسمِعَ من حوله فهؤلاء قد اطرشهم الله واعمى بصيرتهم, ولكن ليُسمِع العالم, اعداؤه قبل مريديه ويقول لهم ان النصر بهذه الشهادة قد تجسد, وان يطلقها الشهيد ابو الشهداء فانه لأمر عظيم. ونوضح هنا لماذا هو امر عظيم, لانه صدر من قائد غير اعتيادي وفي زمان وموعد غير اعتيادي ومكان غير اعتيادي, ومن هنا يكون واضحا ان الاجزاء كونت الكل غير الاعتيادي فاصبحت الظروف جميعها غير اعتيادية واستجاب الرجل فكان تصرفه غير اعتيادي... ومتى كان هذا الرجل كله اعتياديا...


وهنا نريد ان نقول ان الكثير من الاخوة المعجبين بهذا الرجل يشبهونه بالكثير من زعماء وعظماء وشهداء الامة العربية والاسلامية الذين سبقوه لا سيما في العصر الحديث, ولهم كل الحق بذلك لا نريد ان نصادره, ولكن حقائق التاريخ تتطلب وقفة منا نتامل فيها معاني المقارنة والتشبيه بين هذا الرجل وغيره من القادة, ما له وما لغيره، ونسأل: من غادر موقعه الرئاسي بعد ان تربع على عرشه اكثر من عقدين من الزمن وبعد ان اصبح زعيما عربيا ومسلما لا يضاهى او يقارن بمن عاصره؟, من فقد ولديه وحفيده من اجل مبادئه؟, من بنى المساجد والقصور في كل مكان من ارض العراق لتظل شاهدا على عصرٍ ذهبي؟, ولم يبت في اي قصر منها, ولم يورث اي منها الى اي من اولاده او اقربائه, من خُيّر بين عيش رغيد له ولعائلته وبين الموت والقتل والتنكيل؟ فاختار الموت حياةً له ولأهل بيته مستليذا بالكرامة والعزة والشرف في الحياة وما بعدها, من خُيّر بين ان يكون مظلوما على ارجوحة الرجال او ان يكون ظالما لنفسه ودينه وشعبه ووطنه بتعاونه "حاشاه الله" مع المعتدي الاجنبي الاثيم؟, فرفض كل العطوات التي قدمها له الغازي عن طريق محاسيبه في المنطقة. رفض ورفض ورفض وقال "ان الذي يبيع القدس يبيع بغداد" فانطبق عليه قول الشاعر "واثبت في مستنقع الموت ساقه....... وقال لها من تحت اخمسك الحشر".


طيب رفضها وماذا؟ هذا فقط لا يجعله اعظم الرجال, فهناك الكرماء والاقوياء وكل تلك مقومات مكملة للرجولة...فنقول اذا كان هناك قائدا عربيا مسلما في عصرنا الحاضر اكرم من صدام حسين فلينبري ولنحاسبه وليحاسبنا ولن نستحي ان نقول كل ما نعرف.. ولكن نقول فقط ان كرمه وصل الى حد اعتبره امعات الفرس وخدمهم معيبة.. فقط لأنه اولا تجاوز ما يعرفونه من عطاء وسخاء وثانيا لأنه كرمٌ موجه للأخوة العرب، لأن صدام حسين بنى المساجد والجامعات والمستشفيات لأخوته العرب وخرج الالاف الآلاف من الطلبة العرب في الجامعات العراقية وغيرها... كل ذلك استفز الفرس وعملائهم لأنه عربي سخي كريم... ونتحدث عن القوة هل رأينا قائدا عربيا في العصر الحديث بقوة صدام حسين؟.. هل يريد احد من اولئك قادة الفرق الضلامية في العراق اليوم ان يختبر نفسه؟, فليذهب لدجلة وليسبح وسنقبل بعُشر ما قطعه صدام حسين ذهابا وايابا.. او فليمسك مسدسا وليضغط على الزناد وسنقيس ردة فعل المسدس على يده وجسمه وسنكتفي ولن نطلب منه ان يمسك بندقية ويضغط على الزناد عدد مرات ما فعل صدام حسين.. لا سنكون متواضعين معه وليجرب فقط بمسدس حتى لو كان صغيرا... فهل يستطيعون..لا يستطيعون!!! فماذا بقيّ لنا لنقارن به.. لا شيء؟!.. كلا والف كلا, لنقارن بشيء لا يستطيع اي انسان ان يفنده, الصور التي تحكي ملايين القصص، لنعد الى المقصلة الى حيث صعد صدام حسين برجليه واثقا يملؤه فخر الاسلام والعروبة شامخا مزهوا بكل عناوين البطولة والكبرياء التي لا تليق لغيره.. راضيا بقضاء الله وقدره مستبشرا بلقائه جلّ وعلا.. داعيا لأمته وشعبه.. هاتفا بقوة.. الله... الله..معلما لمن لا يتعلم... "هذه هي المرجلة؟".. ولمن يتعلم.. ابناؤه.. رفاقه..شباب العراق وشيوخه وحرائره..لا تطأطؤا الرؤوس.. كونوا مؤمنين... كونوا اهلا لها.. كونوا مثلي.. ومن مثلك يا سيدي؟... يبتسم يبتهل الى الله.. "اللهم ان قبضتها فارحمها انك انت الرحمن الرحيم"... يعلم علم اليقين بما يملي عليه ايمانه واخلاصه بحب الله, ان وجه الله وحده هو المبتغى والمرتجى ثم يقول "اشهد ان لا اله الا الله.. واشهد ان محمداً رسول الله" مرتين مبتسما مستسلما لإرادة الله جل وعلا... ولسان حاله يردد قول صلاح الدين الصباغ.. مرحبا بكِ يا ارجوحة الابطال.. مرحبا بكِ في بلدٍ يحكمه الاستعمارُ.. ولو كنت في بلد يحكمه ابناؤه... لكنت مصير الخونة مثل هؤلاء.. مشيرا الى جلاديه...


اذن فكل ما تحدثنا عنه من شجاعة الحياة عند صدام حسين لا تساوي شيئا امام شجاعة لحظات مواجهة الموت عنده.. فهل بعد ذلك من مناظر..هل من منافس.. اذن هذا هو رئيسنا.. هذا هو قائدنا.. هذا هو رمزنا الابدي.. وبعدها عندما يقول اي انسان انه شجاع وبطل او يقال عنه ذلك.. سنختبره وفي النهاية نعطيه نسبة من عشرة.. وعشرة هي اعلى درجة وهي اعظم ما يكون عليه البطل وتمثل بطولة صدام حسين التي خبرناها وعرفناها وعشنا تفاصيلها وثناياها...ومن اليوم سيكون لنا مقياس للبطولة كما هو مقياس رختر للزلازل اقصاه لا يمكن الوصول اليه لأنه سيكون اشبه بيوم القيامة وادناه يمثل حركة الطبقات الارضية غير المحسوسة.. ومقياس البطولة كذلك ادناه يحصل عليه الامعات واشباه الرجال وهذه الدرجة لن يحصل عليها حتى افضل امعات العجم في بلاد الرافدين اليوم.. واقصاه بطولة صدام حسين التي لا تُطال.... وعلى كلًٍ منا اليوم ان يجتهد ويناضل ويجاهد ليقترب قدر ما يستطيع من الرقم القياسي الذي حققه امير شهداء العصر الحديث... والويل الويل لأمريكا واعوانها اليهود والمجوس من رجالٍ يحصلون يوميا على اعلى درجات البطولة على "مقياس صدام للبطولة"... ودمت صدام رمزا ابديا.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٩ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / أيلول / ٢٠٠٩ م