العراق وسوريا ونظام العميل هوشيار

 
 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

في تصريحاته الى قناة الشرقية اثناء انعقاد جولة المباحثات في تركيا قبل ايام قلائل طلع وزير الدبلوماسية الاحتلالية على العالم بتفسيرات لموقف نظامه من سوريا تتضمن مقارنة بين معارضتهم للنظام الوطني العراقي وبين معارضة العراقيين الحالية للاحتلال ونظامه، حيث وصف معارضتهم بكل بساطة انها كانت معارضة سلمية لم تستخدم العنف كما يحصل الان ضد نظامه, من جانب ومن جانب اخر فان النظام الوطني القومي العروبي المسلم كان (يعادي) سوريا، في حين ان نظامه هو ومجموعة الخونة عملاء اميركا لا يعادي سوريا .. وهاتين الميزتين تضعان سورية امام التزامات مختلفة تستدعي تسليم المعارضين لانهم من طراز غير طراز هوشيار وجماعته وان تجييش سوريا الجيوش على حدودها مع العراق لتمنع ما يسمونه نفوذ المجاهدين عبر الحدود الذين يقومون بتنفيذ عمليات ضد نظام هوشيار لان هوشيار ونظامه واسياده المحتلين عاجزين عن حماية حدود العراق ويريدون من سوريا ان تقوم بالمهمة نيابة عنهم .. اي بعبارة اخرى انهم يريدون من سوريا ان تنظم الى منظومة الاحتلال بدلا من الدول التي انسحبت !!

 

هوشيار لايختلف عن غيره من حكام الغفلة ومَن منحهم الاحتلال فرصة استلام سلطة لايجيدون ادارتها، بل ان اميركا قد وضعتهم في محنة لا يجيدون فك طلاسمها لانهم لايفقهون فن اللعب بالسياسة وادارة شؤون العلاقات الدولية، واكبر دليل نسوّقه الان هو تصريحات زيباري موضع البحث. فزيباري وفق معلوماتنا كان يدير مصالح سياحية في لندن قبل الغزو وان ادارة هذه المصالح قد اعطته خبرة غير مجدية في تصريف الشأن السياسي وهو لايجد بدا من ان يستخدم ثقافته السياحية في الدبلوماسية الاحتلالية، وهذا الاستخدام السياحي يجعله في موضع الفضائح باستمرار. وسأحاول هنا تكثيف الافكار لأثبت لكم ان الرجل يتعاطى السياسة بالخطأ والخلل ويتعدى ذلك الى البهتان والتزوير والكذب المفضوح.

 

معارضة زيباري ورفاقه السلمية:

 

نعم .. انها سلمية بكل معاني السلم, ففي شقها الكردي فهي معارضة التمرد الذي حملت البيشمركه (التي بدأ هوشيار حياته السياسية متمردا فيها) سلاحه منذ بدايات تشكيل الدولة الوطنية العراقية واسالت من خلاله دماء مئات الآلاف من ابناء شعب العراق العربي والكردي. اظن ان هوشيار يخدع نفسه، بل يلعب دور النعامة فيجعل العالم يضعه موضع السخرية والتسفيه حين يتناسى انه ورفاقه قد حملوا السلاح سنوات طويلة لمقاتلة العراقيين الرافضين لنهجهم الانفصالي وتحالفاتهم الاقليمية والدولية التي صارت منفذا لكل طامع ومعادي للعراق ليدخل منها سمومه ومؤامراته ضد الدولة العراقية وأمن ووحدة العراق. وتجاسر زيباري على ذاكرة الناس الحية التي لم تتحول بعد الى كتاب يُقرأ للتاريخ من ان عصابات التمرد الكردي كانت تقاتل الحكومة والشعب العراقي بشكل متواصل احيانا ومتقطع احيانا اخرى، وسوريا الشقيقة شاهد عيان على المآسي التي قادت اليها قتالات الجبال في شمال العراق، وكيف استخدمتها ايران الشاه للضغط وايذاء العراق وكيف استخدمها الكيان الصهيوني بكل سبل الاجرام لايذاء العراق ومن ثم استخدمتها ايران الخميني على اكمل وجه ابان حربها على العراق ومن ثم استخدمتها اميركا كورقة من اوراق الغزو والاحتلال تحت عنوان مظلومية الاكراد. وسوريا الشقيقة شاهد الاثبات الأهم لما قدمته حكومة العراق ودولته الوطنية من جهد واموال ومبادرات ومساعي لا تُعد ولا تُحصى لايقاف نزف العراق الحاصل بفعل معارضة هوشيار والطالباني والبارزاني في شمال العراق والذي لم يُجدي معه حتى اصدار وتطبيق اول قانون للحكم الذاتي للاكراد في العالم. فكيف يسقط زيباري في هذا التناقض امام عباقرة الدبلوماسية السورية ودهاة الحوار الشامي المعروفين بصعوبتهم وذكاءهم لكل العالم؟! هل هذه هي المعارضة السلمية التي كان يتصدى لها هوشيار ويتبجح بها ويضعها نموذجا للاختلاف بينهم وبين رجال العراق المقيمين في الشقيقة سوريا؟ ام ان زيباري يعبر ببساطة عن استحقاقات يريدها لنظامه الاحتلالي تبزغ من اعتماد النظام على القوة الامريكية الغاشمة؟؟

 

نقطة اخرى اسقط هوشيار نفسه فيها كتناقض في محاولته ابتزاز سوريا بالسفاهة والحذلقة الكلامية الفارغة، وهي ان نظام زيباري هو وليد غير شرعي لاحتلال وغزو باطل وغير شرعي. ان من حق الامة العربية وشعبنا العربي في كل مكان ان يلفظ ويرفض هذا النظام الذي فرخه الاحتلال والغزو، وان مقارنة هذا النظام بالنظام الوطني العراقي الذي ذبحه الغزو الامريكي الصهيوني هي مقارنة غير قانونية وغير شرعية وتنم عن غباء واستخفاف بعقول الناس. بل ان من واجب الامة الشرعي والقانوني ان تعمل بكل الوسائل على ان يُخنق هذا النظام الخياني العميل، وان تدعم بكل الوسائل مقاومة العراق البطلة حتى التحرير الناجز وازالة هذا النظام لانه عار على العراق وعلى العرب وعلى المسلمين افرادا ودول، بل وحتى على منظومة البشرية الحرة .. مشكلة زيباري هنا انه يفتقر الى القدرة السياسية في التصريف ويفتقد الى الصدق والمصداقية واللغة الدبلوماسية، وهو بذلك لا يشكل اي استثناء لاقرانه في السلطة الاحتلالية غير ان سقطاته وزلاته وعثراته في تصريحاته التي نحن بشأنها قد اعطته ميزة متفردة في بلادة حكام الغفلة الذين انجبتهم مخابرات اميركا والكيان الصهيوني ودول اخرى معروفة.

 

معارضة الاحزاب والمليشيات السلمية:

 

مثالها ونموذجها الاهم هي سلمية المقاومة التي انتهجها المجلس الاعلى وتفرعاته المعروفة، حيث شكل فيلقا عسكريا اسماه بدر في ايران مع بدايات التحرش والاستعداد الفارسي لشن الحرب على العراق عام 79-1980 وحارب هذا الفيلق الخائن الى جانب ايران كما هو معروف للعالم كله، ومارس عمليات دخول لمجاميع من عناصره عبر الحدود العراقية الايرانية للقيام بعمليات السطو المسلح وتسليب المواطنين في بيوتهم وفي الطرقات العامة واستثمر الفيلق المجرم اهوار الجنوب وطبيعتها الصعبة ليوطّن بعض عناصره من المجلس والدعوة وحزب الله العراق ومنظمة العمل الاسلامي وغيرها، حيث مارست ابشع الاعمال الاجرامية ضد العراقيين ومؤسسات الدولة.

 

المظاهر الاخرى لسلمية نضالات رفاق هوشيار تمثلت في اغتيالات ومحاولات اغتيال لاعداد كبيرة من مسؤولي الحزب والدولة وتفجيرات في المقرات الحكومية والجامعات حدث الكثير منها بخرق عبر الحدود اثناء الحرب مع ايران ومن جهات مختلفة ودول مختلفة، وكذلك بعد انتهاء الحرب وتحت اغطية وحماية من الاطراف التي كانت تهيئ لغزو العراق منذ نهاية الحرب الايرانية على العراق وسقوط ذاك الخيار الاجرامي. غير هذا وذاك فذاكرة العالم مازالت تستعيد بوضوح اختطاف الطائرة العراقية وتفجير السفارة العراقية ببيروت والكويت، وغيرها من الحوادث المماثلة. ان العالم كله مازال يذكر ويتعامل مع اعمال (المعارضة السلمية) التي استثمرت الحماية الامريكية لخط العرض شمال العراق حيث استوطنت الغربان والقردة والخنازير من عملاء المخابرات الامريكية والصهيونية والايرانية والبريطانية وبعض مخابرات اشباه الدول والدويلات لتنهش جسد العراق ووحدة ارضه وامنه واستقراره.

 

هل ان كل تاريخ الاجرام هذا هو ما يطلق عليه زيباري اسم معارضة سلمية؟

 

وبعد ..

 

ادعى زيباري العميل ان العراق كان معاديا لسوريا، في حين ان نظام الاحتلال صديق لسوريا !!.. هل هذا الادعاء صحيح؟ مَن يستطيع ان يذكر لنا حادثة عدائية عنيفة وقعت بين سوريا والعراق أيام الحكم الوطني؟ وكيف يمكن لنظام احتلالي مولود من رحم الغزو والعمل المخابراتي الدولي والاحتلال المباشر ان يكون صديقا لسورية العروبة الحرة الرافضة الممانعة؟

 

ما نعرفه مذ ملكنا الوعي ان العراق وسوريا ارض واحدة وعمق استراتيجي متبادل. ما عرفناه ونعرفه ان دولة العراق الوطنية فكرا وتطبيقات، وحدوية واشتراكية وتحررية تقدمية هي نتاج تفاعل الفكر القومي العروبي الذي شهدت ارض الشام منطلقاته الاولى ونموه واتساعه وارتقاءه. ما عرفناه ونعرفه ان جيش العراق كان حاضرا في كل الحروب التي خاضتها سوريا. ما نعرفه وتعلمناه وخبرناه ان جيش العراق لم يتحرك يوما صوب سوريا الا مقاتلا شرسا دفاعا عن ارضها وحياضها ضد الكيان الصهيوني الامبريالي المعتدي الغاشم. ويوما حشد العراق جيشه ووقف على الحدود حين تصاعدت حدة الخلاف مع تركيا استعدادا للدفاع عن سوريا مع السوريين. فأين العداوة بين النظامين ايها المنافق البائس؟. ان حصول خلاف في الرؤى والتطبيقات المرتبطة بمنهج الفكر القومي العروبي المسلم بين ساحة سوريا وساحة العراق والحديث الاعلامي المتوتر بلهجته احيانا يمكن ان يحصل بين كل الدول العربية مع بعضها والعربية مع الاجانب وهو لايعني بأي حال من الاحوال العداوة بالمعاني التي تحدث عنها زيباري واراد ان يجييرها ليحرج سوريا الشقيقة.  والعالم بأسره يعرف ان العراق حين فتح امامه ضوء في نفق الحصار المجرم لم يختر غير سوريا والاردن ومصر لتكون مصادر التمويل الاساسية في مذكرة النفط مقابل الغذاء، لان المنهج القومي العروبي كان هو نسغ حياة الدولة العراقية ودم شرايينها, تلك الدولة التي تآمرعليها زيباري وقردة السيرك مع اميركا والكيان الصهيوني وايران كلُّ من منطلقه ووفقا لمصالحه الاجرامية ضد العراق وامة العرب.

 

بقي ان نقول لنظام زيباري هوشيار ان المقاومة العراقية البطلة تعمل وتتواجد داخل العراق وان محاولة اتهام الشقيقة سوريا هو محض محاولة بائسة لذر الرماد في العيون وتكريس لضغوط اميركا المحتلة والصهيونية ضد سوريا .. وبهذا يكون نظام قردة السيرك الاحتلالي هو عدو سوريا وليس نظام العراق الوطني الذي كان وسيظل رمزا لعراق العروبة وشرف الانتماء للارض والدين .. وانتم يا هوشيار لوثة في تاريخ العراق ستزول .. ستزول باذن الله. 

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٤ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م