فتية هزوا عرش أميركا ...!

 
 
 

شبكة المنصور

حسين المعاضيدي

هم رحم هذه الأمة الولود، التي تنبت من قبور شهدائها شجرة الحياة، وهم جيل الدم الذين سيبادون كلهم لتحيا بدمائهم أجيال من الشباب يجاهدون في سبيل الله، كما وصفهم احد أعلام الإسلام، وهم عصب الجهاد وشريانه الذي يغذي جميع مفاصل الجسد الحي لأمة الإسلام، وهم الروح النضرة لأمة لا إله إلا الله، وهم الدرب الذي سيضيء لمن يأتي من بعدهم، فهؤلاء هم فتية المسلمين وشجعانهم.


جيل الدم هذا رغم صغر سنه، إلا انه كان ماكينة لا تهدأ، فهم تربوا على أيدي إخوة لهم، فنهلوا من خير هؤلاء الرجال، فبرز منهم مجاهدون أشداء، رسموا بدمائهم الزكية خارطة الجهاد في بلاد الرافدين، وهم امتداد لذاك الجيل الذي تزعم قيادة الجيوش الإسلامية، رغم صغر سنه، والذي برز على رأسه أسامة بن زيد الذي أذاق الرومان مرارة الهزيمة، وعلم المرتدين عن الإسلام عظمة فعلتهم الشنيعة بارتدادهم عن الإسلام.


فلم يكن اعتباطاً ان ينيط رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً جراراً فيه أشجع فرسان المسلمين الى عهدة فتى في السادسة عشر من عمره لمقاتلة أشرس الجيوش وأكبرها على وجه البسيطة يومذاك والمتمثل بجيش الروم، وهو ما كان مقدمةً، وسُنةً سار على نهجها المسلمون من بعد رسول الله، فبرز كثير من عمالقة الإسلام، رغم حداثة أعمارهم، حتى وصل إلى زماننا اليوم هذا النهج، ففي معارك الحق ضد الباطل، وجهاد الخير ضد الشر في بلاد المسلمين، برز الكثير من الفتية ممن ساموا المحتل الأميركي الموت، وأشربوه كأس الهلاك، في منازلات جهادية سيخلدها التاريخ بأحرف من نور.


نماذج من هؤلاء الفتية المسلمون أنجبتهم أرض العراق، وبعضهم الآخر قطع آلاف الكيلومترات باتجاه العراق، حاملاً في قلبه قضية أمة مكلومة، وهم دين عظيم، غير عابئين بما ينتظرهم في جنبات الرافدين، فجاءوا الى أرض الجهاد، بحثاً عن خلود رب العباد، رغم صغر أعمارهم، نسأل الله أن يتقبل من قضى منهم شهيداً، وأن يبارك وينصر من لا يزال ينتظر، وان يثبتهم على الحق الذي هم سائرون عليه.


من هؤلاء الصغار العمر برز الفتى معتز، الذي يبلغ من العمر ستة عشر عاماً، وهو الذي ولد في قرية زراعية فأحب الزراعة والعمل برفقة إخوته في هذا المجال.


كان معتز فتى خلوقاً، رطب اللسان، درس الابتدائية مع أخيه (أبو أيمن) الذي كان هو الآخر مجاهداً في سبيل الله، بل انه كان أخيه وصديقه المقرب، وكانت بينهم أسرار عمل جماعي.. أحب معتز المجاهدين، وأثرت فيه صور العمليات الاستشهادية، فكان يسأل نفسه: (هم أناس مثلنا فلماذا لا نحذوا حذوهم)؟!


أراد الدخول في العمل الجهادي، ومحاربة المحتلين وأذنابهم، رغم صغر سنه، فيسر الله له أخيه (أبو أيمن) الذي أحتضنه، وأنار له الدرب، ففهم العقيدة التي سيقاتل، ويقتل من أجلها، فهماً سليماً صحيحاً، فألتحق بإخوته، حباً وطمعاً في الخير الذي ينتظره، مغفرة من الله ورحمة، وجنة عرضها السموات والأرض، وحور عين لمثلها يعمل العاملون.. فقد أحب معتز الشهادة، وكان يقول لإخوته (إن الجنة لا تبعد عنا سوى كيلومتر واحد)، إشارة الى بُعد مسافة الطريق الذي يزرع المجاهدون فيه عبواتهم الناسفة وهم يستهدفون الأرتال الصليبية.


ونظراً لنشاط معتز، وسمعته الجيدة، وحبه للعمل، تم تعينه أدارياً في مفرزة (أبو أيمن)، فترك الدنيا ونعيمها الفاني، إذ كان أبوه يمتلك أحد أفضل البساتين في منطقته، وأثمن السيارات الحديثة، ولكنها لم تكن تساوي عنده شيئا، فقد أختار الآخرة وباع نفسه رخيصة لله.

 

كان معتز حينما يغضب يفضل السكوت، ومن ثم المعاتبة بعد ذلك، ولا يطيل في الخصام، لأنه يعتبر ذلك إثماً، وكان لا يعصي أمراً، ولا يتعب، ولا يتذمر من عمل يناط به، فكان يكلف بعدة أعمال، إضافةً الى عمله كالواجبات اليومية، مثل الحراسة، والتبديل الليلي، وواجبات أخرى حسب ما تقتضي الحاجة.


أحب القتال، وكان في شوق للقاء العدو، وكان يلح في طلب القتال الى جانب عمله كإداري، حيث كان يقول (نحن الإداريين إن لم نقاتل الآن، فمتى نقاتل.. إخوتنا ينزلون للساحة ونحن لا ننزل)!! وكان له ذلك، حيث يسر الله له أن ينزل الى الساحة مع مفرزته، فاشتبكت المفرزة الذي كان هو أحد أفرادها مع دوريات المحتل، فتم قتل عدد من جنود الاحتلال، وحين الانسحاب تبين ان معتز كان من شهداء الجهاد، أو هكذا نحسبه، فتمكن إخوته، بضمنهم أخيه (أبو أيمن) من إخلاء جثته، رحمه الله، وتقبله في الشهداء، وهكذا صدق معتز الله ، فصدق الله معه.


أسامة، فتى آخر يبلغ من العمر ستة عشر عاماً، نشأ بين سواعد إخوته، فكان صغير الحجم، ولكن كبير النفس والعقل والفعل، إذا رأيته تحسبه صبياً، كباقي الصبيان، ولكن في حقيقة الأمر هو رجل يحمل هموم الأمة في صدره وعقله!
أحب أسامة السلاح والعمل الجماعي، وهو ما جعله ليكون أحد المجاهدين، بعد التأكد من عقيدته الصحيحة السليمة القائمة على الأمر الشرعي، لهذا أصبح أحد الذين انضموا لدرب الجهاد، فعمل مسؤولاً عن أحد مخازن الأسلحة، يقوم بالتنظيف، والخزن، والإدامة للأسلحة التي تأتي من الواجب وتوضع عنده، قبل أن يلتحق بمفارز القتال، ليقتل بقصف جوي بطائرات المحتلين بعدما طاردتهم في أعقاب عملية جهادية قاموا بتنفيذها ضد غربان الشر، وقطعان البر، أوباش أميركا، فحصل على ما كان يبغي، حسن الذكر في الدنيا، ورضاء الله في الآخرة، نحسبه، ولا نزكي على الله أحداً، نسأل الله ان يحشره مع الشهداء.


بارق، فتى في عمر أسامة كذلك، ولد فلاحاً في قرية زراعية يعتاش أهلها على ما تجود به حقولهم الزراعية، فكانت نشأته مستنبطة من نشأة أهله في المعيشة، فعانى ما عانى من قساوة ظروف الحياة.. درس الابتدائية في مدرسة قريبة من بيته، ووصل الى المرحلة المتوسطة، ولكنه لم يستطع المضي في الدراسة بسبب صعوبة المعيشة وانشغاله بالعمل، فتركها.


أحب الجهاد والعمل العسكري في مواجهة الكفرة والطواغيت وأعوانهم وأذنابهم الذين عاثوا في الأرض فساداً، فطلب الالتحاق بصفوف المجاهدين، وكان له ذلك بشيء من السهولة، بسبب مجاورته لبيت أحد المجاهدين، فكان طريقه الى الجهاد والانضمام الى فصائل الجهاديين بعد مروره بعدة اختبارات، دون أن يعلم بشأنها، والتي نجح فيها بامتياز.


كان بارق هادئاً جداً الى درجة الصمت، وكان أيضاً يتقن عمله بدقة، حريص أشد الحرص على الأمر والعمل الذي يكلف به،  مما حدا برفاقه في العمل الجهادي أن يوكلوا مهمة الإدارة في كتيبته إليه، فكان جديراً بالعمل الذي أوكل إليه, وأهتم بالدروس الشرعية والمحاضرات، وكان يحب الأناشيد الجهادية الحماسية التي تعزز الثقة بالنفس.. لا يمكن أن تلاحظ عليه الحزن إذا حزن، ويعبر عن لحظات الفرح بالتكبير، والاستغفار، وذكر الله، وكان يحب صحبة إخوانه في الجهاد، ولم يعرف عنه بأنه كان يخالف الكتاب والسنة، بل كان مدافعاً عنهما، فهدى الله به أهله، وحينما نزل الى ساحات القتال مع إخوته في الجهاد لأداء الواجب الذي كلفوا به، والذي أدّوه بشكل كامل، منّ الله عليهم بالتوفيق والنصر بعدما أثخنوا في العدو، وبعد انسحابهم، وعلى مسافة بعيدة جداً من موقع المواجهة والاشتباك، وبعد ان ظنوا أنهم بعيدون عن مرمى المحتلين، واتتهم النيران من حيث لا يعلمون، إذ تبين ان المحتلين كانوا في أثرهم، فأستشهد الفتى بارق مع إخوانه السبعة، وقد أصيب هو  في رأسه وجسده، بل لم يتبق من جسده شيء، فقد تناثر بكامله في سبيل الله، نسأل الله ان يتقبله في جنته، وأن يتقبل جميع من قتل في سبيل الله.
محمد، شاب من مواليد 1990، عرف بهدوئه، وصمته، وحسن سيرته قبل التحاقه بصفوف المجاهدين، فكانت هناك بوادر الصدق لديه، فهو وحينما كان في الصف الأول المتوسط، وكان الأول من بين أقرانه، طلب من أحد المدرسين أن يُعلّمه أحكام التلاوة كاملة تامة، إلا أن المدرس لم يكن ملماً بالأحكام، فطلب منه محمد كراسٍ لتعليم الأحكام، فهذا هو منبت الصدق في حفظ القرآن.


كانت عائلته متعلقة به كثيراً، دون إخوته، رغم ان ترتيبه كان الثالث بينهم، وفي أحد الأيام ذهب محمد الى شخص، نحسبه صادقا بجهاده، فقال له أريد ان أجاهد، فقال له: اذهب وأحفظ سورة الأنفال، فذهب وبعد أسبوع عاد إليه، وأبلغه حفظه لها بالتمام، فتعجب ذلك الشخص لمقدار حب هذا الفتى للجهاد، ثم دفعه فترة أخرى، وظل هكذا يدفعه مرة بعد أخرى، وهو يزداد حباً وإلحاحاً للجهاد، حتى دخل ساحة الجهاد على يد ذلك الرجل في صيف 2006، بعد ان بلغ السادسة عشر من عمره، وشارك أولاً في عمليات الحراسة في الليل والنهار، قبل ان ينتقل الى مفرزة الكمائن، وكان يكثر من سؤال الله الشهادة، حتى خرج مع إخوانه في مفرزة تفجير واشتباكات، وبعد أن أدّوا واجبهم بالكامل انسحبوا لكن الله قدّر ما هو مكتوب، حيث تعقبتهم طائرة للمحتلين، فأطلقت عليهم النار بغزارة، فاستشهد محمد مع إخوانه السبعة، وكان محمد قد ارتسمت على محياه ابتسامة أثلجت صدر أهله، رغم حزنهم على فقدانه، وزملائه، نحسبهم عند الله شهداء.


ونقف وقفات نسكب فيها الدموع والعبرات عند ذكر عبدالقادر، ذاك الفتى العربي الذي لم يتجاوز عمره الرابعة عشر، فقد كان أمر هذا الفتى عجيباً، فبالرغم من صغر سنه إلاّ انه كان فطِناً، حذِقاً، مدركاً لكل ما يدور حوله، فقد كان رجلاً في أثواب طفل، وكان نشيطاً جداً، ولا يمل من العمل، وأعجب العجب واغرب الغرائب كيف ان صبياً في الرابعة عشر من عمره ينفر للجهاد في سبيل الله لما يرى من هوان أمته وتكالب الأعداء عليها، مع أنه ليس ذو علم أو معرفة واسعة بأمور دينه، وما يدعوك للضحك والبكاء في آن واحد هو أن الرجال الذين يُعوّلُ عليهم في مثل هذه الأمور، ومن تتعلق فيهم آمال الأمة تجدهم نيام، لا تحركهم رؤية الدماء، ولا الأشلاء، ولا يهمهم انتهاك الأعراض في طول البلاد وعرضها، شغلتهم الدنيا عن الآخرة، في حين ينفر للجهاد صبية صغار، وفتيان عقولهم أكبر من أجسادهم، يبحثون عن عز هذه الأمة ورفعتها، والثار لشرفها المهدور على أيدي المحتلين، ومن أرتضى لنفسه ان يكون مطية للمحتلين.
وأجمل ما في عبد القادر هو همته العالية، وإصراره على البقاء في أرض الجهاد، وقد أعاده أخوته في الجهاد الى بلده وعائلته لثلاث مرات، فلا يكاد يصل أهله حتى يقفل راجعاً ليعود الى حيث إخوته في الجهاد، حتى إنه في إحدى المرات عاد ليجد أهله يقيمون مجلس عزاء له، بعد وصول أنباء إليهم تفيد بأنه قتل في أرض الأمجاد.


تنقل الفتى عبدالقادر بين مدن ومحافظات العراق مع أفواج المقاتلين العرب، الذين حاربوا الى جانب الجيش العراقي في المعارك التي انتهت باحتلال العراق، ومن بين تلك المدن مدينة الفلوجة.


لم يكن عبدالقادر وحده الصغير العمر وسط أفواج المجاهدين، فقد كان هناك آخرون غيره من بينهم الفتى العربي سهيل.. وجمعت الفتى عبد القادر بالفتى سهيل علاقة إخوة وصداقة كبيرة، فهما كانا في نفس السن، وتفرق الصغيران في كثير من مواضع الجهاد.


وكان منظر عبد القادر وسهيل يُزيّن أرض ذلك المعسكر التدريبي، فلا تكاد تلتفت إلى زاوية من زوايا المعسكر إلا ورأيتهم سوية، كأنهم من طيور الجنة، تنضح البراءة من وجوههم، ويظلوا طوال اليوم سوية، ولم يفترقا بعد ذلك إلى أن حانت ساعة الفراق في هذه الدنيا، حيث قام العملاء بتسريب معلومات عن هذا المعسكر التدريبي إلى قوات الاحتلال الصليبي، فتعرض المعسكر الى هجوم بعشرات الآليات المدرعة سبقه قصف عنيف بالطائرات العمودية والمروحية، لينتهي الحال بقتل جميع المجاهدين الذين كانوا في المعسكر، والذين تجاوز عددهم التسعين مجاهداً، إلا نفر قليل تمكن من الانسحاب تحت جنح الظلام، رغم القصف، وأحكام الطوق من قبل المحتلين، ليرووا حكاية الفتى عبدالقادر، والفتى سهيل، اللذان كانا من بين الشهداء، ونحسبهم كذلك، ولم يعثر سوى على أشلاء متناثرة من أجسادهما الغضة واللينة، ليلتحقا بقافلة شهداء الأمة، وشهداء العراق والإسلام، الذين روت دماؤهم الزكية أرض الأنبياء والرسل، أرض السواد.


رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة .. قالها زعيم مسيرة الملح غاندي، وانتصر!


وفتيان الإسلام بدأوا رحلة خلدهم ومسيرتهم الجهادية بالدماء.. فما بالكم بمسيرة ملحها دماء الشهداء.. فمن أحق بالنصر:


الملح أم دماء الشهداء ؟!!

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٧ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٧ / أيلول / ٢٠٠٩ م