ظاهرة إغراق السوق العراقية بالاستيراد المفتوح صفحة أخرى من صفحات الغزو الأمريكي للعراق

 
 

شبكة المنصور

هـــداج جــبـــر
ليس المرء، بحاجة إلى القول، بان العراق، قبل الغزو الأمريكي له، واحتلاله عسكريا،كان قد وصل إلى مستوى الاكتفاء الذاتي، في إنتاج الكثير من السلع والخدمات.

 

وكادت مؤسسات الإنتاج الوطني، تغطي حاجة السوق بالكامل، من مخرجاتها، وبأعلى مستوى من الجودة.حيث كانت نوعية المنتج الوطني، مطابقة للمواصفات العالمية، بل وتفوقها في بعض الأحيان. على أن الذي يتذكره المستهلك، أن بعض السلع، كانت من الجودة العالية، بمستوى، جعلها موضع ثقة الجميع، ولاسيما، في مجال السلع الدوائية، والغذائية، على وجه التحديد، لعلاقتها بصحة المواطن. حيث كانت، تخضع لمعايير جودة صارمة، ولا يسمح بتاتا، بضخها للتداول في السوق، لغرض الاستهلاك، إلا بموجب المواصفات المعتمدة تماما،وبشهادة نوعية، من الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، حيث لا تقبل، أي حيود عن المواصفات القياسية، تحت أي ذريعة. وذلك من منطلق، أن القطاع الإنتاجي، ليس حاضرا في السوق من اجل الربح المحض  فقط، بل أن له وظيفة اجتماعية، بجانب الأهداف الاقتصادية،التي تضمن له، تحقيق هامش ربح معقول، يشجعه على الاستمرار في مزاولة النشاط، بحسابات اقتصادية ،مجردة في نفس الوقت.


وما أن تم احتلال العراق، بالغزو الأمريكي، بذرائع زائفة، حتى عمت الفوضى الخلاقة، كل جوانب الحياة، في البلد، ومنها الأسواق. فبعد أن قام المحتل بتدمير البنى التحتية للدولة، و حل الجيش والقوى الأمنية، فلم تعد هنالك ثمة سيطرة، على النشاط الاقتصادي في البلد ،مما سمح بفتح الباب على مصراعيه، لكل من هب ودب، للتعامل في السوق، وفق نهج يشجع استيراد البضائع، من كل منشأ، بغض النظر عن جودة النوعية، وصلاحية الاستخدام. بل وتشجيع أسلوب الإغراق، بهدف اغتيال الصناعة الوطنية العراقية، وتدمير القطاع الزراعي بالكامل.ناهيك عن الأضرار التي تلحق بالصحة العامة، بسبب تدني النوعية، وفساد الكثير من السلع المعروضة، نتيجة انتهاء تاريخ صلاحيتها للاستخدام.


إن هذا النهج المتعمد، هو صفحة خطيرة وخبيثة، من صفحات الغزو، فقد يكون من السهل أن تتصدى المقاومة العراقية الباسلة ،للصفحة العسكرية للغزو،رغم مخاطر عدم التكافؤ الفني في الإمكانات وأمور أخرى معروفة، وهو ماحصل فعلا ،حيث أرغمت المقاومة المحتل، على الانسحاب من مراكز المدن، إلى الأطراف، والتموضع خارجها، في محاولة من المحتل، لتفادي المواجهة المباشرة، وتقليل التماس، وتحجيم الخسائر، التي تلحقها المقاومة بين صفوفه، في الأرواح والمعدات... إلا أن الصفحة الاقتصادية من الغزو،, في إطار اعتماد المحتل عن عمد، نهج الفوضى الخلاقة، في تفكيك البنى الاقتصادية، والثقافية، والأخلاقية، والتراثية، تعتبر هي الأخرى، من اخطر صفحات الغزو، لما تتركه من آثار على مجمل الوضع العام للقطر، أرضا، وإنسانا، وقيما، وسيادة.


على أن نجاح المقاومة، في إجبار المحتل، على الانسحاب خارج المدن، وإرغامه على التحضير، للانسحاب الشامل، تحت وطأة ضرباتها الموجعة، التي حشرت المحتل، في زاوية خيارات، حرجة للغاية، من خلال مأزق المستنقع العراقي، كما دأب الإعلام الأمريكي نفسه، على توصيف الحال، يطمئن الشعب العراقي، بان الصفحات التالية، من الغزو، والتبعات السلبية، التي تترتب عليها، سيتم إحباطها،بالتتابع مع التحرير الشامل من المحتل، وبالتالي فأنه سوف لن يتمكن المحتل من تمريرها.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٢ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٢ / أيلول / ٢٠٠٩ م