حوار الأستاذ المناضل الرفيق علي الريح الشيخ السنهوري
عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي وأمين سر قيادة قطر السودان

﴿ الحلقة العاشرة ﴾

 
 

شبكة المنصور

 
  • الانقلابات العسكرية فى السودان كانت احتجاجا على عجز القوى الحاكمة فى ظل التعددية

  • الحوار بين القوى الوطنية في الشمال والجنوب.. قد جاء متأخراً!

  • لم يكن لدى الجنوبيين وسيلة غير السلاح كتعبير عن احتجاجهم

  • لماذا رفعت الحركة الشعبية شعار المهمشين والسودان الجديد؟!

  • السودان الجديد أو العريض.. تلك شعارات خالية من المحتوى الفكري والسياسي والاجتماعي

 

بعد أن تناولنا في الحلقة الماضية السيرة الذاتية والعائلية لضيفنا الاستاذ على الريح السنهوري نعود به إلى موضوع الساعة.. حيث تناثرت التصريحات والتلميحات في الساحة السياسية عن قضية الوحدة والإنفصال.. التي هي الحد الفاصل في منعرج تاريخي يكتب فيها الاستفتاء نهاية لهذا الصراع الذي دام منذ الاستقلال.. فكيف ينظر الاستاذ السنهوري لهذا الحوار الذي بدأ يعلو في المنابر وعلى الصحف واجهزة الإعلام. بل أصبح قضية الساعة المصيرية.

 

الوحدة والانفصال 

في الأونة الأخيرة نلاحظ تبادل رسائل بين الشماليين والجنوبيين في قضية الوحدة والانفصال.. من هنا.. وهناك فهل هذا يمكن اعتباره حواراً فكرياً بين الشمال والجنوب أم هو تفاعل ثقافي.. أم بداية ملامح لمخطط قادم؟!

الحوار بين القوى الوطنية في الشمال والجنوب قد جاء متأخراً رغم أن هذا الحوار حوار ضروري وأن لم يوطر إلا أن حركة الصراع السياسي والاجتماعي في السودان منذ الاستقلال كانت إحدى محاوره الأساسية هي قضية جنوب السودان والتأخر في الحوار مع استمرار الحرب ونهج الحل المسلح قد أدى إلى تعقيد المشكلة وتشويه علائق الأخاء الوطني بين الشمال والجنوب لأنه في اطار هذا الصراع سقط مئات الآلاف من القتلى والجرحي والمعوقين كما توقفت التنمية. وأن استمرار الصراع لاجل ايجاد حل عن طريق العنف قد رفع بعض الفصائل الجنوبية للأتكاء على قوى خارجية من أجل الدعم السياسي والعسكري والمالي.. إدى ذلك إلى أن يأخذ الصراع منحي غير حقيقي وخارج إطار سياقاته التاريخية. لأن القوى الوطنية الجنوبية في مؤتمر المائدة المستديرة عام 48 قد التزمت بوحدة السودان ولم تكن تنفر من معطيات الواقع السوداني الثقافية والإقتصادية والسياسية.

 

ما هي أفق تطلعات القوى الجنوبية الوطنية في تلك المرحلة؟!

كانت تتطلع إلى بسط العدل وإلى أخوة حقيقية وإخاء وطني حقيقي يؤدي إلى تعمير الجنوب والحاقه إلى مستوى التقدم النسبي في الشمال هذا كان تطلع اخوتنا في الجنوب وهو تطلع مشروع وكان يجب أن يجد التفهم من قبل الحركة الوطنية في الشمال.

 

عجز الحركة الوطنية الشمالية 

وما الذي حال دون تحقيق هذه التطلعات المشروعة؟!

إشكالية الحركة الوطنية في الشمال انها لم تكن ترفض أن تحقق تنمية متوازنة أو أن ترتقي بواقع الجنوب بما يجعله في مستوى التقدم النسبي في الشمال. لم تكن ترفض ذلك عن ارادة وعن تصميم وعن علم. وإنما كانت عاجزة عن تحقيق ذلك وكانت تعتمد على التطور العشوائي في حل الأشكالية وكأنما هي قد ركنت إلى وسائل التطور الموروثة عن المستعمر رغم أن هذه الوسائل كانت عن تصميم وتخطيط من المستعمر تستهدف إحداث إختلالات بينة في التطور بين مختلف أقاليم السودان.

 

من ناحية أخرى.. فقد انشغلت هذه القوى التي تعاقبت على الحكم بعد الاستقلال بالصراع على السلطة في الخرطوم فضلاً عن إرتكازنا على فئات اجتماعية ورأسمالية وشبه إقطاعية عاجزة عن تحقيق تنمية حقيقية في السودان ناهيك عن بسط العدالة وإحداث تنمية متوازنة تزيل الاختلالات الموروثة منذ المستعمر.

 

الكارثة الكبرى:

والكارثة الكبرى هي اعتماد هذه القوى على الحل العسكري تحت دعوة أن مشكلة الجنوب مشكلة مفتعلة من قبل قوى أجنبية بالطبع القوي الأجنبية إستغلت مشكلة الجنوب ولكن كانت هناك مشكلة حقيقية في جنوب السودان. هذه المشكلة وان بذر بذورها المستعمر نتيجة سياسته في اصدار قوانين المناطق المقفولة ومحاولة عزل الجنوب عن الشمال وتركه في حالة من التخلف.. ألخ.. ولكن لاعذر لنا بعد الاستقلال في الاتكاء على مقولة أن هذه المشكلة مصطنعة لانه كان بيدنا إمكانية أن نواجه هذه المشكلة وان نضع لها حلولاً تتوحد في رسمها وتنفيذها الإرادة الوطنية في الشمال وفي الجنوب.. إذن فإن عجز الحكومات المتعاقبة للرؤية الصحيحة لابعاد المشكلة وعجزها عن تحقيق تنمية حقيقية حتى في الشمال ناهيك عن الجنوب، هو الذي أدى إلى تفاقم هذه المشكلة.. عندما تفاقمت المشكلة واحتدم الصراع لجأت فصائل التمرد في الجنوب إلى الاستعانة بقوة خارجية وأجنبية في سبيل إدامة صراعها الذي لم يعد ضد النخب الحاكمة بل أخذ منحي الصراع في الشمال ككل.

 

وبالتالي بدأ يأخذ أبعاداً فكرية وثقافية. ونلحظ الآن في أطروحات بعض الفصائل داخل الحركة الشعبية وخارجها أو حتى من بعض الشماليين محاولة إعطاء هذا الصراع الطابع الفكري والثقافي. أي أنه صراع بين ثقافتين يسندهما تاريخ مختلف وعمق مختلف...الخ بينما هذه ليست حقيقة الصراع في مبتدئه وإنما هذا ما آلت إليه الأمور بعد احتدام وتعقد الصراع وتعقيد علاقات الأخاء الوطني بين الشمال والجنوب بحيث صار هناك استباق فكري وثقافي في معالجة هذا الموضوع لذلك تلاحظ أن الجنوب يحاول أن يجد له عمقاً مختلفاً ونقيضاً لعمق الشمال العربي والإسلامي.

 

توجه الجنوب نحو الغرب :

ما توجه الجنوب نحو الغرب واعتماد اللغة الإنجليزية واستعارة المناهج من كينيا ويوغندا ومحاولة تعميمها إلا بهدف البحث عن عمق آخر أو عمق نقيض وهذا يؤدي لخلق فاصل ثقافي ونفسي بين الشمال والجنوب ولايصب في مجري الوحدة الجاذبة بين الشمال والجنوب لان دعاة الوحدة الجاذبة عليهم أن يفكروا في القواسم المشتركة بين الشمال والجنوب ويسعوا لتنمية هذه القواسم لدفع حركة التطور الوطني في اتجاه التدامج والوحدة وليس في اتجاه التنافر والتمايز.. نحن لا ننكر أن هناك تمايزاً ولكن المطلوب هو أن نضيق هامش التمايز وأن نوسع هامش الوحدة بين الشمال والجنوب وهذا الأمر عنده أساسه الموضوعي لأن بين الشمال والجنوب علائق وطيدة حتى في ظل الاستعمار.. كانت هناك مصاهرات بين كل القبائل الحدودية بين الشمال والجنوب. هناك مصالح مشتركة تتعلق بالمراعي بين الشمال والجنوب فالدينكا يتقدمون في الخريف وقبائل المسيرية والرزيقات يتجهون جنوباَ في الصيف وهكذا.. كانت هناك مصالح متداخلة حتى على الصعيد الثقافي.. وعلى الصعيد الثقافي فإن اللغة العربية قد اقتحمت كل الحواجز الاستعمارية وانتشرت كلغة تخاطب بين القبائل في جنوب السودان وهي ما تسمى (بلغة جوبا).

 

التمرد في الجنوب :

القواسم المشتركة كثيرة ومن بين هذه القواسم أن التمردات في الجنوب لم تكن معزولة عن حركة الصراع السياسي في الشمال ضد الأنظمة المتعاقبة التي فشلت وعجزت في مواجهة الازمة الوطنية وفي اخراج السودان من واقع التبعية والتخلف بعد الاستقلال. صحيح أن حركة الاحتجاج في الجنوب اتخذت طابعاً مسلحاً ونحن نجد لاخوتنا في الجنوب العذر لأن عدم وجود قوى حديثة في الجنوب من عمال وموظفين ووجود بنية تحتية حديثة تمكن الجنوبيين من استخدام أساليب التظاهرة والبيان السياسي والاضراب عن العمل...الخ جعلتهم يلجأون في الاحتجاج على ممارسات الحكومات المركزية إلى السلاح. لم يكن لدى الجنوبيين وسيلة غير السلاح كتعبير عن احتجاجهم. ولكن هذا الاحتجاج كان يشكل امتداداً للاحتجاج القائم في السودان والذي كان يتخذ أسلوب البيان أو الشعار على الحائط والتظاهرة أو الاضراب أو الانتفاضة. كما حدث في أكتوبر وفي أبريل بل حتى الأنقلابات العسكرية في مبتدئها كانت احتجاجاً على عجز القوى الحاكمة في ظل التعددية. لذلك هذا أيضاً يشكل قاسما مشتركا بيننا ولكن مجرد الاقتتال كان لابد أن يؤدي إلى نتائج وخيمة لأن حمل السلاح يؤدي إلى تسريع حالة القمع المنظم من قبل الحكومة المركزية التي تعتمد على قاعدة شمالية وهكذا تطور الصراع إلى صراع شمالي جنوبي بينما في حقيقة الأمر لايوجد تناقض حقيقي بين جماهير شعبنا في الشمال وجماهير شعبنا في الجنوب بل بالعكس تربطهم مصلحة مشتركة ومصير واحد وهدف واحد في إحداث تغيير جذري.
السلاح الأعلى صوتاً:

 

ما المقصود بالتغيير الجذري؟ المطلوب.. وفي أي الإتجاهات؟

التغيير الجذري المقصود هو قيام سلطة وطنية تقدمية قادرة على ربط الديمقراطية بالانجاز.. قادرة على اعطاء الديمقراطية مضموناً اجتماعياً أي أن الديمقراطية يجب أن تعبر عن مصالح غالبية جماهير الشعب المسحوقة والفقيرة والتي بحاجة إلى الخدمات والى العدل.. بينما الديمقراطية الليبرالية بنتائجها في مختلف الحقب التي توفرت لها فرص للديمقراطية كانت وسيلة لصعود القوى المسيطرة على الواقع القائم.. واقع التخلف وهي قوى الطائفية والعشائرية والجهوية وبعض الفئات التجارية. والتي نسميها رأسمالية وهذه الفئات عندما وصلت إلى السلطة كانت اسيرة كما اسلفت لمصالحها ولضيق هذه المصالح وبالتالي ما يترتب عليها من ضيق في النظرة والفكر لقضايا البلد. لذلك المشكلة لا تنحصر بين الشمال والجنوب بل في اطار الشمال لم يحدث تغيير في الشرق أو في الغرب ولا في أعلى الشمال. ظلت هذه المناطق التي كانت أكثر تخلفاً من العاصمة والوسط.. فالأشكالية لم تكن تجاه الجنوب فقط ولم تكن اشكالية الجنوب فقط ولكن لأن اخوتنا في الجنوب قد رفعوا السلاح برزت مشكلة الجنوب بشكل أوضح من مشكلة الشرق والغرب والشمال الأعلى وإلا لو كان الشرق والغرب والشمال يعيشون في ذات الظروف التي في الجنوب لرفع الجميع السلاح في وجه الحكومات التي تعاقبت على الحكم.. على كل حال هذه شكلت خلفية للصراع ولذلك نجد أن الحركة الشعبية عندما انتبهت إلى المشكلة القائمة في الجنوب ليست خاصة بالجنوب فقط وانما هناك أقاليم أخرى مضطهدة رفعت شعار المهمشين وشعار السودان الجديد لكن دون أن تنفذ إلى جوهر المشكلة.

 

من الذي يحكم السودان؟

ما هو جوهر المشكلة إذا تجاوزنا التعبيرات والشعارات؟

المشكلة ليست أن يأتي واحد من الدناقلة والشايقية والجعليين أو الزغاوة أو غيرهم يحكم السودان.. المشكلة ماذا يعبر عنه هذا الواحد.. ما هو برنامجه.. ما هو فكره.. إلى أي فئة ينحاز إلى فئات الرأسمالية أو ينحاز إلى جماهير الشعب وإذا تتبعت من الذين حكموا السودان هم اكثر من الدناقلة ومن غيرهم ولكن لم يكونوا يعبروا عن قبائل أو عن جهة معينة فالقضية ليست في الأشخاص أو الإنتماء القبلي.. القضية في الإنتماء الفكري والسياسي والطبقي.. وإلى أي جهة وإلى أي فئة تنحاز القوى المهيمنة على القرار السياسي في البلد هل هي منحازة إلى الكادحين أو منحازة إلى ذات الفئات التي ظلت تحتكر السلطة في البلاد منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا.

 

انفصاليون في الشمال والجنوب 

الشعارات التي تطرح خلال الحوارات الشمالية والجنوبية.. هناك تباين في الطرح والشعارات.. كيف يمكن رؤية ذلك.. هل إلى مآلات حقيقية تمثل الواقع أم شعارات.. لتظل شعارات.

 

ليس حواراً جنوبياً شمالياً بالمعني الدقيق إنما هو حوار تشارك فيه القوى الوطنية. في الشمال وفي الجنوب بمعني أن وجهات النظر والاجتهادات تتعدد في كلا المعسكرين سواء كان في الشمال أو الجنوب هناك انفصاليون في الشمال كما هناك انفصاليون في الجنوب. صحيح هناك وحدويون في الشمال كما أن هناك وحدويون في الجنوب والشعارات المطروحة في إطار هذا الحوار هو شعارات فضفاضة تتحدث عن السودان الجديد أو السودان العريض او السودان..الخ تقود إلى محتوى محدد أو هي خالية من المحتوى الفكري والسياسي والاجتماعي وفي كثير من الاحيان هي شعارات خالية من المنطق أي تعتمد على العاطفة (أطلاق شعارات ذات طبيعة عاطفية) وبعضها كما اسلفت أفراز للصراع الدموي جراء الحرب الأهلية في الجنوب أي يشكل ردود فعل أكثر من أنه يعبر عن فكر سياسي أو اجتماعي لقيادة البلد في هذه المرحلة مهما كان المضي بالبلد السودان الموحد أو السودان المجزأ لاقدر الله. وبالطبع لا يوجد مخرج للسودان من أزمته إلا بالنضال من أجل الوحدة الوطنية السودانية مجرد وحدة دستورية والوحدة الدستورية ضرورة وأساسية.. ويجب أن نناضل من أجلها ولكنها ليست نهاية المطاف

 

1200 قتيل في الجنوب:

الوحدة عملية نضال مستمر فإذا أقررنا في الاستفتاء بالوحدة الدستورية فيجب أن نناضل لترجمة هذه الوحدة الدستورية إلى وحدة حقيقية بين الشمال والجنوب وبين الجنوب والجنوب وبين الشمال والشمال... بمعني أن الجنوب نفسه سوف يواجه إشكاليات بل هو يواجهها الآن.. لأن العقلية الجهوية لابد أن تتداعي إلى عقليات قبلية وإلى عقليات عشائرية أو جهوية وهذا هو الذي يحدث الآن في الجنوب في هذا العام سقط 1200 قتيل من أبناء شعبنا في الجنوب في هذا النوع من التناحرات ومن المعارك القبلية والجهوية والصراعات بين النخب المتطلعة للاستئثار بالسلطة أو الاستحواذ على اكبر نصيب من السلطة والثروة في الجنوب وكذلك في الشمال. نحن نشهد الآن حركات تمرد في دارفور وهناك تمرد سلمي وصامت بين اكثرية ابناء شعبنا في دارفور وكردفان والشرق والشمال..ألخ وحتى داخل العاصمة والأقليم الأوسط أي هناك حالة من السخط والاحباط حول الطريق التي تدار بها البلد الآن.. أو التي سوف تدار بها في المستقبل في اطار الديمقراطية المطروحة وفقاً لاتفاقية نيفاشا فلذلك لابد من نضال حقيقي لتحقيق وحدة حقيقية وليست مجرد وحدة دستورية. الوحدة الدستورية الآن قائمة وهي معرضة لاحتمالات بمقتضي الاستفتاء ولكن بصرف النظر عن نتائج الاستفتاء فنحن في حاجة إلى وحدة حقيقية.. تعتمد في الدرجة الأساس على بسط العدل وتحقيق التنمية المتوازنة. وبالتالي الديمقراطية هي مدخل لحل المشاكل وليس الحل الجذري لها ولن ترتبط الديمقراطية بالانجاز إذا لم يكن لها مضمون وطني تقدمي لمعالجة الاختلالات الموروثة منذ الاستعمار في بلادنا فلن تتحقق وحدة وطنية حقيقية.

 

نموذج اليمن :

وما يدور الآن في اليمن نموذج لذلك.. في اليمن جرت وحدة بين شمال القطر وجنوبه وقوبلت هذه الوحدة بتأييد وارتياح من جماهير شعبنا في كل الوطن العربي وكل أبناء الامة العربية على استعداد للدفاع عن هذه الوحدة بدمائهم باعتبارها حركة متقدمة في اتجاه الوحدة العربية ولكن عدم قدرة النظام على تحقيق تنمية حقيقية في جنوب اليمن وترك الامور لاسهامات القوى الرأسمالية في المجتمع وهي قوى بحكم تركيبتها وتكوينها وقدراتها عاجزة عن تحقيق هذه التنمية. أدى إلى تفجر الأزمة في اليمن. وإلى ظهور تيار انفصالي قوى في جنوب اليمن وهو يهدد وحدة اليمن وبمجرد وجود هذا التيار يشكل ردة كبيرة على مشاريع الوحدة الوطنية القومية وحدة الأمة العربية. ولذلك القضية ليست مجرد قضية دستورية. الآن الأمة العربية ونحن في السودان وكل اقطار الوطن العربي وبلدان العالم الثالث ما لم ترتبط الديمقراطية بالاشتراكية والاشتراكية تعني أمرين.. تعني تنمية متوازنة وعدالة اجتماعية. فما لم ترتبط الديمقراطية بالاشتراكية فلن يتحقق التحول الديمقراطي الذي ما تصبو إليه جماهيرنا في الآمال والتطلعات العريضة في حياة حرة وكريمة.

 

أشواق الجماهير الكادحة:

الديمقراطية تلبي اشواق النخب وبالذات النخب التي تمثل الواقع القائم الآن بتركيبته الموروثة من امكانية الوصول للسلطة والثروة. ولكن جماهير شعبنا الواسعة والكادحة تتطلع في الدرجة الأولى لحياة حرة كريمة تتطلع لحل مشاكلها اليومية مشاكل المعيشة.. مشاكل التعليم والصحة والسكن.. الزواج...الخ فإذا لم تكن الديمقراطية قادرة على تلبية هذه الحاجات فإنها تنذر بديكتاورية جديدة. كما درج عليه الأمر في السودان ودرجنا على الدوران في الحلقة المفرغة منذ الاستقلال.

 

لذلك نحن نطالب بمراجعة البرامج والأفكار وليس للهروب إلى الإمام الهروب إلى الأمام هو أن بعض القوى السياسية لعجزها عن مواجهة هذا الواقع. تهرب إلى الإمام بان تعيد تكييف أهدافها وبرامجها بما يلبي متطلبات القطبية الأحادية والعولمة الرأسمالية المتوحشة أي ما يجعلهم موضع رضا من الغرب الاستعماري الذي لا نستطيع أن ننكر نفوذه داخل بلادنا وخارجها. وفي محيطنا الإقليمي ولكن هذا هروب إلى الإمام. لأن الاحتماء بالاجنبي أو الاستقواء بالأجنبي أو الاعتماد على الاجنبي في سبيل الوصول إلى السلطة لن يؤدي إلى حل مشاكل البلد وقد يؤدي إلى حل مشاكل هذه النخب في أنها تتبوأ مكانة في السلطة والثروة ولكن لن يحل مشكلة البلد بل قد يعمق مشكلة البلد ويزيدها تعقيداً.. وهذا يعبر عن نظرة ضيقة بل سطحية للمشكلة القائمة في السودان لذلك لابد من نظرة عميقة لمشاكل البلاد.


هذا هو الحل :

وهنا.. نصيحتنا للحركة الوطنية في الجنوب والشمال إلى أن يتعاملوا مع مشكلة البلد بعقل منفتح إنطلاقاً من تفكير موضوعي يضع نصب أعينهم مصلحة شعب السودان أكثرية شعب السودان وان هذا هو الحل وان كل الحلول المؤقتة بأن تسيطر نخبة معينة على جزء معين داخل السودان هذا سوف ينعش آمال جماهير ذلك الجزء لفترة وجيزة ولكن سرعان ما تكتشف الجماهير في هذا الجزء أن هذه النخبة التي تحكمت في أقليم من أقاليم القطر هي أكثر عجزاً ممن سبقها من نخب كانت تتحكم بالمركز وبالتالي تتعمق الهوة بينها وبين الجماهير وتتحول إلى عدو لجماهير شعبنا في ذلك الجزء من القطر.

 

نواصل

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ١٠ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٩ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور