حوار الأستاذ المناضل الرفيق: علي الريح الشيخ السنهوري
عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي
و أمين سر قيادة قطر السودان  
لصحيفة أخبار اليوم  

﴿ الحلقة الثامنة  ﴾

 
 

شبكة المنصور

 

كل تجارب الاحزاب السودانية منذ الاستقلال كانت فاشلة

قيادات الحركة السياسية في الستينات في السودان هم ذاتهم في القرن الحادي والعشرين!

ندوة الشهيد عبدالله عبدالرحمن بجامعة الخرطوم هي التي فجرت ثورة اكتوبر وليست ندوة الترابي

اللغة الإنجليزية ليست لغة أية قبيلة سودانية .. وقضية الغابة والصحراء لماذا؟

حينما علق احمد ميشيل عفلق قائلاً: أن خبرة الشيوخ لا تعني غير الاستسلام للواقع !!

 

لازلنا مع ضيف أخبار اليوم نبحر في دروب البعث  والسياسة ونقلب الأوراق التاريخية ونستحضر المواقف والأحداث مع محدث لبق الحديث حلو العبارات هاديء النبرات .. عركته المعارك السياسية وهو يلتحف رداء القومية مقاتلاً في فضاءات عالمنا العربي.. يحلم بعالم مثالي الاشجان.. والاشواق .. ويراه قريباً في متناول اليد ولكن تحفه الأشواك من كل جانب .. أنه الاستاذ على الريح السنهوري الذي نصحبه في هذه الحلقات المثيرة.. فالى جانب آخر من دروب المسرح السياسي.. نلقي الأضواء ونبحث عن الإجابات !! التحليلية الفلسفية المباشرة.

 

للبعض رأي في أن الاحزاب العقائدية عبارة عن نخب متمترسة خلف نظريات تحفها قيادات تاريخية .. تمثل الحرس القديم لكل حزب فهل هذا ينطبق على حزب البعث العربي الإشتراكي ؟!

 

طبعاً  اعتقد أن هذا الاتهام موجه ايضا للأحزاب التقليدية في السودان ..والملاحظ  الآن  أن  قيادات الحركة السياسية في الستينات هي تقريباً ذات قياداتها في القرن الحادي والعشرين . واعتقد أن هذه الظاهرة لها تأثير كبير على حركة القوى السياسية عامة لأن القيادات الهرمة لا يمكن أن تكون بذات حيوية  هذه القيادات حينما كانت شابة في الستينات  فقد كانت تمتلك قدراً عالياً من الحيوية ومن الاستعداد للتضحية والنضال في سبيل الأهداف ...الخ. وللسن أحكامها فهي تضعف قدرات الإنسان .. في حزب البعث العربي الاشتراكي ,وبشكل غير متعمد , نجد أن تأثير هذه الظاهرة عليه أقل من بقية الاحزاب ..

 

فلا تزال قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة شابة ما عدا عنصرين أو ثلاثة وأنا واحد منهم.

 

ولكن حتى نحن شيوخ البعثيين نعتبر شباباً بالنسبة إلى قيادات الحركات السياسية الاخرى. وهذه المسألة في حزب البعث العربي الأشتراكي تم ادراكها منذ وقت طويل . على صعيد السودان فأننا لا نواجه مشكلة كبيرة لأن اغلبية قاعدة الحزب وقياداته من الشباب ومع ذلك نحن ندرك أن الشباب الحقيقي الذي لا يتجاوز الأربعين هو الذي يمتلك قدرات نضالية أغني وأعظم من القدرات النضالية لكبار السن وهي مسألة موضوعة تحت النظر في قطر السودان .. وفي قطر العراق جري معالجة هذه المسألة .. وجري الانتباه لها ومعالجتها قبل عشر سنوات ففي مؤتمرات الحزب الاخيرة في العراق خصصت نسبة معتبرة للشباب في كل مستويات التنظيم . هناك نسبة معينة لايتنافس عليها إلا الشباب . وبقية النسبة في القيادة يتنافس عليها الجميع شباباً وشيوخاً بحيث  يمكن الشباب من أن يمتلكوا القدرة والخبرة على العمل من موقع قيادي...

 

أنت تعرف أنه لا يمكن للإنسان ان يمتلك القدرات القيادية إذا لم يمارس في الموقع القيادي ... وهذه إشكالية كبيرة في السودان بالنسبة لعموم الحركة السياسية ولا أظن أن هناك من يجادل في أحقية الشباب في قيادة الحركة السياسية باعتبارهم الأكثر إقتداراً من الشيوخ . من ناحية فكرية القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق عليه رحمة الله كتب منذ الأربعينيات حول ( خبرة الشيوخ واندفاعات الشباب) وقال أن خبرة الشيوخ لا تعني غير الاستسلام للواقع .. واندفاعات الشباب بما يظهر فيها حتى الاستعداد للمغامرة . هي فكرة في حد ذاتها الثورية ونظرية تغيير الواقع فحزبنا حتى من الناحية الفكرية يمجد عنصر الشباب ويعتبر الشباب الأكثر قدرة على القيادة ..فإذا راجعت تجارب العالم كله تجد أن كل الحركات الثورية التي قادت تغييرات كبيرة في العالم سواء في الجزائر أو العراق - اليمن أو فلسطين - الصين وكوبا وغيرها.. قد اضطلع بها الشباب وأن من قادوا هذه الحركات كانوا في مقتبل العمر. فحزب البعث  في العراق  إلى  عام 69 العام الذي انتزع فيه السلطة كان أكثر عناصر القيادة فيه دون الثلاثين من العمر. باستثناء احمد حسن البكر وطارق عزيز أما البقية فقد كانوا في الثلاثين أو دون الثلاثين. وكذلك كان قادة حركة التحرر جيفارا وكاسترو وقادة الثورة الجزائرية وعرفات كلهم كانوا شباباً .. فنحن نؤمن بأن الدور الحقيقي للقيادة هو للشباب وليس للشيوخ ..و ليس للكهول .

 

 من خلال معاصرتكم للحركة السياسية السودانية .. ومحصلة ممارسات الأحزاب خارج وداخل الحكم هل  يمكن أن نقول  أن التجربة الحزبية كانت فاشلة في عطائها .. وممارسة الديمقراطية ...والحكم؟!

 

نعم.. كل التجارب السابقة منذ الاستقلال إلى اليوم كانت تجارب فاشلة لأن الأحزاب لم تمتلك برنامجاً لتحقيق مهامها بعد الاستقلال كانت هذه الاحزاب تناضل من أجل تحقيق الاستقلال وعندما تحقق الاستقلال لم تكن تدري ماذا تفعل بعد ذلك! فأصبح مطلب السلطة في حد ذاته هو الهدف القائم. فضلاً عن أن هذه الأنظمة المتعاقبة سواء أكانت تعددية او ديكتاتورية عسكرية لم تغير في واقع السودان الموروث عن الحقبة الإستعمارية   ظل ذات الواقع قائماً . واقع التخلف والتبعية واعتمدت نهجاً في التنمية ثبت فشله في كل المراحل السابقة .. فهذه القوى كانت تمثل الفئات الرأسمالية وشبه الإقطاعية في المجتمع ..لم تكن تمثل مصالح أوسع جماهير شعب السودان الكادحة.. ومن ناحية أخرى  فان مختلف  الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في البلاد لم تهتم بقيام تنمية متوازنة تبسط العدالة في كل أرجاء السودان وقد سارت على ذات النهج الاستعماري في اهمال المناطق التي أهملها المستعمر سواء في الشرق أو الغرب وحتى عندما تحقق نوع من الاستقرار بعد اتفقاية أديس ابابا استمرت لمدة عشر سنوات .. هذه الفترة لم تستثمر في اعادة بناء الجنوب وفي ردم هوة التخلف التي تفصل الجنوب عن الشمال . بل لم تستثمر حتى لاقامة الطرق البرية والسكك الحديدية التي تربط الجنوب بالشمال.. ونتيجة لهذا النهج الذي لايعبر إلا عن المصالح الضيقة لهذه الفئات الراسمالية وشبه الإقطاعية تفاقمت الأزمة الوطنية. وما حركات التمرد في الشرق والغرب والشمال والجنوب إلا نتاج لهذا الواقع.

 

تزور للحقيقة وتمويه للقضية :

أذن ما هو محور القضية في ظل هذا التحليل ؟!

 

القضية ليست سيطرة الشماليين وليس بقضية سيطرة الثقافة العربية والإسلامية الأحادية كما يسميها البعض هذا تزوير للحقيقة وانحراف عن الحقيقة .. القضية قضية فئات اجتماعية سيطرت على السودان وهي التي أدت إلى تفاقم الأزمة. وإذا كانت القضية قضية ثقافة أحادية فلماذا تضطهد هذه الثقافة الأحادية ابناء الشعب في الشمالية فالشمالية ظلت أكثر الاقاليم تخلفاً.. بينما الشمالية أكثر إنسجاماً مع الثقافة العربية والإسلامية ولماذا في الشرق وفي الغرب وهم حفظة القرآن وهم الذين كانوا يكسون الكعبة ...الخ.


القضية قضية الصراع الاجتماعي والقوى التي تحاول أن تطمس طبيعة الصراع هي القوى المتواطئة مع ذات فئات الرأسمالية وشبه الاقطاع والتي تريد ان تغطي مصالحها الجديدة بدعاوي ثقافة عنصرية او غيره... بينما هذا لا يعبر عن طبيعة الصراع في السودان طبيعة الصراع ليس ثقافياً ولا عنصرياً.


..
نحن لا ننكر التعددية الثقافية.. نحن أول من أقر بالتعددية الثقافية في السودان وأول من أقر بالتمايز الثقافي والجغرافي بين شمال السودان وجنوبه في الندوات التي أقيمت في جامعة الخرطوم في عام64  والتي تحدث فيها الشهيد عبدالله عبدالرحمن المشهور بعبدالله ( إمبيزبول) وهي الندوة التي فجرت ثورة اكتوبر وليس ندوة الترابي.. وهذا تحريف آخر في التاريخ  فالندوة التي فجرت ثورة اكتوبر ندوة أقامها الاشتراكيون العرب في جامعة الخرطوم وتحدث فيها عبدالله عبدالرحمن تحدث فيها باللغة الإنجليزية وطرح مشكلة الجنوب نادي بالاقرار بالتمايز الثقافي والجغرافي بين جنوب السودان وشمال السودان .. وبالحكم الذاتي للجنوب ..وردم الهوة التي تفصل بين الشمال والجنوب ..وفي هذه الندوة تم اعلان الأسس التي طرحها حزب البعث العربي الاشتراكي أو الإشتراكيون العرب في ذلك الحين  لحل مشكلة الجنوب .. وهذا نابع من فكر الحركة القومية ..فنحن قوميون ولذلك نقر بالحقوق القومية لغيرنا من الشعوب ونحترمها وندعوا للتضامن والتعاون الإنساني بين القوميات والتكوينات في مختلف انحاء العالم.


إذن نحن لا ننكر التعددية الثقافية ونحن أول من دعا إلى الحفاظ على اللهجات المحلية السودانية لانها جزء من تراث السودان وجزء من التراث الإنساني  لقد اندثر بعضها والبعض الآخر في طريقه للإندثار......

 

ولماذا الاهتمام بهذه اللهجات المحلية؟

 

لاننا إلى الآن في السودان لم نقم بالحفريات بالشكل المطلوب ونستطيع أن نقول أن كل الجهود القائمة في السودان هي جهود أجنبية ولكننا في اللحظة التي نتمكن فيها من نبش تراثنا التاريخي الذي يمتد لآلاف السنين سوف نجد عندنا مخطوطات وحفريات لا يمكن لنا فهمها إذا إندثرت هذه اللهجات القائمة الآن.. وجود هذه اللهجات لا يؤثر على مبدأ أن السودان بلد عربي. فالثقافة العامة هي الثقافة العربية ولكن المغالطة تأتي عندما يقول السيد باقان أموم أننا لا نفرض على غيرنا لغة الشلك وعلى الغير أن لا يفرض علينا لغته.. نقول نعم نحن لا نفرض عليكم لغتنا ونحن نحترم لغة الشك والدينكا والنوير وكافة اللهجات واللغات الأخرى وبالتالي فان التعددية الثقافية تعني أن أي قبيلة أو مجموعة ذات تكوين ثقافي معين تريد أن تتحدث بلغتها  وان تتعامل بلغتها .. أن تدرس بلغتها ..هذا حق من حقوقها ولكن هل من التعددية الثقافية أن نأتي بلغة أجنبية ونفرضها على بلادنا باعتبار أنها لغة وطنية مثل اللغة الإنجليزية مثلاً على سبيل المثال.. فاللغة الإنجليزية لا تعبر عن تعددية ثقافية في السودان ..هي ليست لغة  أهل السودان ..هي ليست لغة أي قبيلة من قبائل السودان . إذا كان المطلوب أن نبحث عن لغة جامعة فاللغة الجامعة هي اللغة العربية لأن مختلف قبائل السودان ذات الثقافات المتمايزة تتحدث باللغة العربية وتخاطب بعضها البعض باللغة العربية بمافي ذلك قبائل الجنوب .. في جنوب السودان القبائل تخاطب بعضها البعض باللغة العربية التي تسمي لغة جوبا ..والسيد باقان أموم لا يستطيع أن يخاطب الجنوبيين من غير الشلك إلا بلغة جوبا لا يستطيع أن يخاطبهم باللغة الإنجليزية ,لأن اللغة الإنجليزية هي لغة النخب في الشمال والجنوب وليست لغة الشعب. بينما إذا ذهبت إلى الشرق أو الغرب أو الشمال اوالجنوب ووجدت مجموعات لها لهجاتها الخاصة وأردت أن تخاطبها فهي تتخاطب معك باللغة العربية .

 

إذا كانت اللغة العربية هي اللغة الدارجة في التخاطب بين مختلف قبائل السودان فلماذا لا نعتمدها كلغة موحدة سيما ونحن نتحدث عن الوحدة الوطنية والتدامج الوطني. أما عندما نجلب لغة أجنبية ونفرضها على بعض اقاليم السودان كلغة للتعليم ولغة لجهاز الدولة ولغة للمخاطبة فإننا في الواقع نضع حاجزاً نفسياً ولغوياً بين هذه الإقليم وبين بقية الأقاليم . وهذه ليست تعددية ثقافية.....

 

مخطط أجنبي إستعماري:

 

هذا جزء من مخطط استعماري سعي لأن يسلخ جنوب السودان عن بقية السودان .. اصدر بذلك قانون المناطق المقفولة . منع أن يسمى الناس بالأسماء العربية .. منع حتى ارتداء الزي الشمالي من جلاليب وغيره . منع السودانيين من الانتقال إلى الجنوب إلا بإذن خاص أي منع عملية الحوار الحضاري والتزاوج  الوطني وكان يسعى إلى أن يخلق واقعاً في الجنوب متناقضاً مع الواقع في السودان بل كان يغذي  حملات الكراهية والعداء للعروبة والإسلام . هذه كلها معروفة ...اذن فان الاصرار على اللغة الأنجليزية يهدف لتنفيذ المخطط الاستعماري القديم .. بينما اللغة العربية ليست غريبة على القارة وهي لغة التخاطب بين عدد كبير جداً من أبناء القارة الافريقية وهي في السودان لغة التخاطب بين ابناء السودان بصرف النظر عن قبائلهم وثقافاتهم المتعددة.

 

اللغة العربية والعصر :

 

هناك جانب آخر يتناولونه ضد اللغة العربية .. وهي انها لغة غير مواكبة للعصر خاصة أن كثيراً من المصطلحات العلمية الحديثة والمسميات لا تحتويها اللغة العربية. 

 

من يقول هذا الكلام من المسلمين نقول له ان الله سبحانه وتعالى قد اختارها لغة للقرآن ولرسالته الخاتمة.. ولو لم تكن هذه اللغة بهذا الثراء والغناء لما اختارها الله سبحانه وتعالى للتعبير عن رسالته الخاتمة سيما أن هذا الكتاب قد قررت العناية الألهية أن يظل محفوظاً  للأزل لتطلع عليه البشرية في كل حقبها وفي كل الأزمان.

 

ونقول للعامة مسلمين وغير مسلمين أن اللغة العربية هي اللغة التي أسست العلوم والحضارة وهي التي حفظت تراث  الأولين معن فرس وهنود واغاريق ورومان . بل أن الأوربيين إعتمدوا على تراث العرب وعلى المخططات العربية والمدونات العربية في نهضتهم الحديثة.. ومراجعهم لتراثهم القديم لاتزال باللغة العربية .....واللغة العربية ليست كما يقول بعض السطحيين أنها لغة الشعر والأدب وليست لغة العلم. ..بينما هي اللغة التي أسست لعلوم الغرب سواء في مجال  الرياضيات أو الفلك أو الكيمياء والفيزياء اوالطب وغيرها  من العلوم.. وإلى اليوم يعترف لهم العالم بهذا الدور .. بل أن أعظم  اختراع عندنا اليوم وهو الكمبيوتر (الحاسوب )  يرجع الفضل فيه للعرب لأنه يعتمد على الجبرة واللوغريثمات وهذه العلوم  هي علوم عربية أصيلة ولولاها لما كان هناك تطور في بقية العلوم.. ناهيك عن ذلك الآن أذهب إلى تركيا .. فاللغة التركبة الفقيرة جداً كما أسماها جمال الدين الإفغاني إنها لغة فقيرة لا ترقي إلى هامش اللغة العربية  الآن تدرس بها كل العلوم في تركيا .. في تركيا لاتستخدم أي لغة أجنبية في التعليم سواء في الجامعات بمختلف  أقسامها أو في الدراسات العليا ..تستخدم فقط اللغة التركية . وكذلك هناك لغات أخرى في مختلف أنحاء العالم .. لغات فقيرة جداً بالنسبة للغة العربية  ومع ذلك تدرس بها كل العلوم فما بالك باللغة العربية فهي على الاقل تعتبر اللغة الثانية في العالم بعد اللغة الإنجليزية .. فهذا هراء وكلام سطحي ليس مبنياً على حقائق علمية سواء تاريخية او عصرية.

 

الدعوة للأفركانية:

 

هناك دعوات أو مدارس فكرية تدعو لافركانية فما هي رؤيتكم لهذه الدعوات من خلال المنظور القومي؟!

 

الدعوة للافركانية ..أنا لا استهين بها في السودان ..ولكن إبتداءً أقول : أننا كلنا إفريقيون وليس الأفارقة هم غير العرب .من ابناء القارة ..فالعرب أفارقة بل أن اكبر قومية في أفريقيا هي القومية العربية من موريتانيا إلى جيبوتي. هذه كلها دول عربية والمسلمون في إفريقيا يشكلون اكبر ديانة داخل القارة الأفريقية تمتد من غرب أفريقيا وإلى شرق أفريقيا.. العرب هم أفارقة والتمييز في السودان بين عرب وأفارقة هو تمييز غير صحيح ..قبائل عربية وقبائل إفريقية كأنما القبائل العربية ليست أفريقية بينما هي قبائل افريقية منذ الأزل وكل الحضارات التي قامت في شمال أفريقيا وفي السودان ومصر وليبيا هي حضارات ميراثها عربي وتمتد لآلاف السنين والحضارات التي قامت في غرب أفريقيا والدول والأمبراطوريات  والممالك التي قامت في غرب إفريقيا ذات طابع اسلامي .. فالعرب هم أفارقة ..وأكثرية العرب في الوطن العربي هم افارقة ..والانتماء إلى القارة الأفريقية هو انتماء جغرافي قاري لانه ليس هناك ثقافة إفريقيا متميزة تميز بين العرب وغير العرب . الذي يميز بين العرب وغير العرب في افريقيا ان غير العرب لهم لغات ولهجات  متعددة تختلف عن لغة وتراث العرب في القارة..

 

لكن هذا لا يجرد العرب من إفريقيتهم . فينبغي البحث عن هوية أخرى غير كلمة (قبائل افريقية ) فلنبحث عن هوية أخرى ..فضلاً عن أن غير العرب في أفريقيا لا تجمع بينهم هوية واحدة. اللون ليس هوية  ولا يميزهم عن كثير من العرب سيما في السودان. فإذا كان اللون هوية فينبغي أن ندخل الهنود وبعض شعوب آسيا وجزءاً من شعوب امريكا اللاتينية في الأفريقية لان اللون الاسمر ليس قاصراً على القارة الافريقية .. بل هو يمتد إلى قارات أخرى .. فما هو اساس ما يسمى بالثقافة الإفريقية.

 

 

نظرية الغابة والصحراء :

 

في السودان هناك كانت اشكالية بين الشمال والجنوب ظهرت نظرية الغابة والصحراء وغيرها من النظريات التي تسعى لخلق القواسم المشتركة والتفاعل الايجابي بين العرب وغير العرب في السودان . .

 

والذي جرى عبر قرون  مما أدى إلى تلاقح الثقافات .. فالعربية صارت هي لغة التخاطب بين القبائل غير العربية ولم يتم ذلك بقرار سياسي أو بقرار من سلطة أو باتفاق مثل نيفاشا أو غيرها .. هذا تم نتيجة تفاعل حي بين ابناء الوطن الواحد . لذلك أيضاً تأثر العرب بالسودان بكثير من الثقافات الموروثة عن القبائل والشعوب التي كانت تقطن هذه المنطقة قبل سيادة الثقافة العربية والإسلامية . وهذا أيضاً جاء بشكل طبيعي ولم يتم بقرار من جهة ما والتكوين الثقافي للشعوب فيه الذاتي وفيه الموضوعي. والموضوعي هو التفاعل اليومي الحي والطبيعي ...والذاتي هو العمل المبرمج كما يحدث الآن لفرض ثقافة معينة مثل الثقافة الإنجليزية في جنوب السودان وعلى مناطق من جبال النوبة . ونحن يجب ألا نستهين بهذا النوع من العمل لأنه يؤدي فعلاً إلى مسخ ثقافتنا الوطنية. وإلى تشويه هذه الثقافة واحلال ثقافة أجنبية لا علاقة لها بتراثنا ولا علاقة لها بالتفاعل الحيوي والعفوي بين مكونات السودان الثقافية.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الإثنين / ١٧ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيلول / ٢٠٠٩ م