عزف منفرد - السياسيون العراقيون يعزفون على وتر مصلحة البلاد قبل الانتخابات فقط

 
 

شبكة المنصور

سلام الشماع
الانتخابات العراقية المقبلة في 16 كانون الثاني (يناير) المقبل على الرغم من أنها ستكون الأشرس في تاريخ العراق، إلا أنها في الوقت نفسه ستشهد عزوفاً واضحاً من العراقيين عن المشاركة فيها، وهذا ما أيدته مفوضية الانتخابات التي أعلنت أن الكثير من الناخبين لم يجددوا سجلاتهم ولم يحدثوا معلوماتهم الانتخابية، بالإضافة إلى أن الكتل السياسية أخذت تتوسل العراقيين العازفين بالمشاركة في الانتخابات، وقد وجدت هذه الكتل نفسها تنفق هذه المرة المبالغ الطائلة ليس على دعايتها الانتخابية فقط، وإنما على حث المواطنين على المشاركة في الانتخابات.


كيف ستكون هذه الانتخابات الأشرس وفي الوقت نفسه تلاقي هذا العزوف كله من المواطنين؟.
الأمر ببساطة يتعلق بالصراع القوي بين الكتل السياسية على المناصب التي يعلم المواطن تماماً أنه صراع ليس من أجل مصالحه، وإنما من أجل مصالح السياسيين، خصوصاً وقد أخذ هذا المواطن يعي أن السياسيين لا يتحدثون عن مصالحه، وعن المواطنة ونبذ الطائفية، وعن برامج اعمار البلد، الذي هدمته وخربته قوات الاحتلال والكتل المشاركة في العملية السياسية التي فرضها الاحتلال وأزلام الاحتلال المشاركين فيها، إلا متى ما اقترب موعد أي انتخابات.. وبعدها يدير السياسيون ظهورهم للشعب ولكل ما وعدوه بتحقيقه لينشغلوا بالنهب والفساد الذي أصبح في العراق لا يحتاج إلى وثائق واثباتات وبراهين، فالعراق الذي كان يحرز المراتب الأولى في الرعاية الصحية والتعليمية وفي استتباب الأمن، في ظل النظام (الديكتاتوري) أصبح، في ظل النظام (الديمقراطي) يحتل المراتب الأولى في النهب والفساد والفوضى الأمنية و.. و... و..!!..

 

والمظنون أن أعمال العنف ستتصاعد كلما اقترب موعد هذه الانتخابات التي يسمونها تشريعية، وستشهد الساحة أعمال تصفيات جسدية ستطال حتى المواطنين، والكتل السياسية التي تدعي اليوم أنها تنبذ الطائفية هي التي سنت العنف الطائفي في العراق الذي لم يمتد إلى المواطنين وإنما بقي محصوراً بين الكتل السياسية التي تسمي نفسها شيعية أو سنية أو كردية أو مسيحية، وأعمال العنف هذه تغذيها ايران من جهة وقوات الاحتلال التي تولي هاربة الآن من المستنقع العراقي من جهة أخرى وتنفذها الأحزاب والكتل المشاركة في العملية السياسية، والغريب أن المالكي نفسه نزع ثوبه الطائفي، وهو من حزب مغرق بالطائفية ليلبس لبوس الوطنية وكذلك فعل عمار الحكيم وجماعته والجماعات التي تسمي نفسها سنية أيضاً.. فسبحان مغير الأحوال!!..

 

والسياسيون العراقيون الذين كانت النجف قبلتهم فيما مضى صارت قبلتهم طهران اليوم، فالصراع على السلطة كما اكتشفوا يحتاج إلى عبوات لاصقة وكواتم صوت وجهود استخبارية وخبث سياسي، وهذه لا تتوفر في النجف وإنما تتوفر في طهران التي أصبحت تهدد وتتوعد من تريد من الكتل السياسية وتلوح للجميع أن لا أحد يستطيع الفوز في الانتخابات إلا برضاها، وأصبح السياسيون السنة قبل الشيعة والأكراد قبل العرب يخطبون ودّها.. ورحم الله أيام القادسية.


وتقرأ في أخبار العراق اليوم عناوين من مثل: (البرلمان يكمل القراءة الأولى لقانون الانتخابات: تعديلات ضمنها زيادة عدد النواب إلى 311)، و(التحالف الكردستاني يعترض على زيادة عدد نواب الموصل في البرلمان المقبل)، و(انشقاق في تيار الجعفري بالقادسية يقوده 12 عضواً ومسؤول محلي ينفي انتماءهم للتيار)، و(رئيس لجنة النزاهة: مطالبات الاستجواب ليست انتخابية وعمرها اكثر من سنة  لكن العطية يعرقلها)، و(قائمة التغيير في برلمان كردستان تهدد بالعصيان واللجوء إلى المحكمة الإتحادية لتعديل الدستور)، و(نواب ومراقبون يقرون بالتدخل الإيراني ويختلفون على توصيفه)، و(مصادر سياسية: الائتلاف الوطني شكل لجنة لتفكيك التحالفات في مجالس المحافظات)، و(محافظ المثنى ينفي مشاركة شخصيات بعثية في الانتخابات القادمة)، و(علي الاديب القيادي في حزب الدعوة: بايدن يؤيد عودة البعث واشراكه في الحكم)، و(مصادر: “الدعوة” يحاول اقناع طهران بائتلاف دولة القانون).


وتقرأ أيضاً وبنحو يومي عن الاعتقالات المكثفة بين المواطنين الذين أخذت الحكومة العراقية تسميهم المطلوبين، في حين كانت قوات الاحتلال تسميهم (المشتبه بهم)، وأكثر هؤلاء الذين يعتقلون يستطيع ذووهم تسلمهم بعد يومين أو ثلاثة أيام، ولكن جثثا من الطب العدلي في بغداد. وتقرأ عن أفاعيل العبوات اللاصقة بالناس وعن اغتيالات لقوى مناهضة للاحتلال والعملية السياسية في بلد ديمقراطي يراد من ديمقراطيته أن تشع على المنطقة كلها.. وعن انتشار الحبوب المخدرة القادمة من إيران وعن قتل النساء وانتهاك الأعراض... الخ.


وفي الضفة الأخرى من هذه الأحداث تقرأ، على الرغم من التعتيم الإعلامي المكثف عليها، أنباء فعاليات المقاومة العراقية التي أصبحت رقماً صعباً في الساحة العراقية منذ تشكيلها بعد أيام من الاحتلال والتي تجد فيها العراقيين بجميع مكوناتهم والتي لم تستطع الحد من نشاطها وفعالياتها لا قوات الاحتلال ولا قوات الحكومات التي شكلها الاحتلال ولا العصابات المسلحة التي وفدت من إيران لتثبيت أقدام موالين لها في التحكم بالسلطة في العراق، ولا الصحوات التي شكلها المحتل وانقلبت عليها حكومته ولا التشكيلات الأخرى بالغ ما بلغت قوتها.


ويعلمنا التاريخ أن النصر دائما حليف المقاومة التي تحتضنها شعوبها، والعراقيون لم يتخلوا عن مقاومتهم يوماً لأنهم أصلاً شعب مقاوم للاحتلالات.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١٨ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور