من سبع حلقات ـ قيادتنا الشرعيّة مقياساً  كونيّاً ؛ تراجيديا '' الكرسي '' طموح .. ما بين الحاجة الاستعماريّة  وبين الحاجة الخاصّة .. وما بين الحاجة الوطنيّة

﴿ الحلقة الخامسة

 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

عَجّت وضجّت  قنوات التسويق الفضائيّة  في الداخل وفي الخارج  بإظهار الصور الجديدة الملمّعة  للخونة والمجرمين  الذين جاء بهم المحتل  لحكم العراق  , وأصبحت  ظاهرة  "النجم السياسي" كمعادل  لنجوم هوليود السيمائيين المغرقون بجميع عناصر التغريب الهيأوي  المؤثّر على المتلقي  العالمثالثي  وخاصّة من البعض من الذين يعيشون في داخل البعض من هؤلاء القادمون خلف الدبّابة   ظاهرة  تعمّ  حتى  حدقجيّة  القصر الجمهوري ! , وتنافسوا فيما  بينهم , حتّى يقال "والمصدر موثوق بحسب علمي , وهي ليست  بمستغربة على  خونة ومجرمون دوليّون ,  أنّ  "أحدهم"   خصّص ميزانيّة  خاصّة  به  وبحمايته  من أموال  "اللي خلّفوه ونسوه"  لشراء البدلات من أرقى الماركات تكون أعدادها  بعدد أيّام الشهر وتتجدّد مع كلّ شهر! ..  أمّا   المجاميع المليونيّة   من الحمايات الخاصّة  بهؤلاء  ,  فأطنان من الدولارات  من المشتريات  لمثل هذه الأنواع من البدلات  التي  استقرّت ظاهرتها  في  لب العقليّة النفعيّة  للغالبيّة منهم  بعد  تعميم  "عروس المولد"  حتى  ولو  كانت  نوعيّة  ماركة الملبس من الدرجة الثانيّة  التي  لا تقل  أسعارها كثيراً  عن  الأسعار الباذخة  لملابس رؤسائهم  , ومع كل  هذه التحضيرات  "الاستدراكيّة النهمة  لكلّ  أنواع مستحضرات أرقى  ماركات التجميل ومساحيق البودرة  وعلب الصوابين  المانعة لتساقط الشعر المستوردة  من  أسواق  أرقى أنواع دور أزياء التقليعات  الحديثة  وعناوين  آخر صيحات  المودة  , إلاّ أنّها  لم تشفع  لهم  جميعاً  كل هذه  الاستحضارات والتحضيرات  ! ,إذ بانت  عورات  تفاصيل وجوههم  المحتقنة المكتنزة بكل آفات الغدر  بعد أن  زالت  وساحت وتخلّت عنهم مساحيق  التجميل والتزييف  ما أن لامست جلود وجوههم  حرارة بلوجكترات وسائل الإعلام المزيِّفة , لتتقشّع بعدها  ولتسفر وتتعرّى  حقيقتهم   رغم السماكة العالية  من كثافة الماكياجات والطلاء  التي  برقعوا بها وجوههم  ورغم الأصوات الرنّانة التي تسبق أسمائهم , دكتور .. أستاذ .. دولة .. سعادة .. سيّد .. بخت جدّك .. وهذه الأخيرة مستحدثة  فيقال  ؛ صرّح  "بخت جدّه... الخ" .. الخ ..

 

الغريبة  أنّ صنف  "المهندسين"  لم يجد له مكاناً بينهم  ! ربّما  يتصوّرون أنّها .. أكلة ...  أو نوع من  العصير .. أو أحد أنواع  الحلوى مثلاً !. يعني .. هه .. ممكن .. ولكنّ  هجومهم الشره على  لقب  "دكتور"  يفضح   شعورهم  الجمعي  بالنقص المعلوماتي  إضافةً إلى الأخلاقي .. وهو يفصح أيضاً  على عدم جدّيّة  "الإعمار"  الذي وعدوا به الشعب العراقي وهم في منافيهم  بجعل  "أرصفة"  العراق مثل أرصفة دبي  كما يقول المثل الشعبي العراقي الحديث ! إذ  لو كانت وعودهم  "الإعماريّة"  حقيقة  ملموسة  وتمثل أهم  الأجندات  الفعليّة لقوّات الغزو , لكانوا  تسابقوا  على  لقب "مهندس"  أو لكانوا  أسبقوها  بلقب   "د. مهندس" زيادة في تفخيم الذات الشاذّة  كالّتي  عادةً ما يتمتّع بها الباحث عن المنصب لأغراضه الخاصّة  ! ...

 

على العموم .. فكل هذا وغيره  .. و ..  الخ  , من تزكيات مزيّفة أريد  لها أن تكون دروعاً يتستّر خلفها وضع هؤلاء  السياسي المزري , وأريد  لها , كما ظنّ أصحابها المساكين , أن  تنطلي  هذه  النماذج  ذات السلوكيّات  التهريجيّة  المشبّعة  بالزيف  وبالبريق الكاذب  وتسري  تأثيراتها  وتنطلي على شعب جميعه  مثقف  وجميعه  يقرأ ويكتب وجميعه  ذو تحصيل دراسي عالي المستوى  كانوا نتاج كفاح انبعاث حضاري صارم ومدروس استمرّ لأكثر من "35" خمسة وثلاثون عاما موصلة الليل بالنهار  حكومة  وطنيّة  قياديّة عقائديّة  أصيلة  رجالها  ذوو تحصيل دراسي  عالي المستوى  سواء أكان  ذلك التحصيل  متمثّلاً  في  الاكتساب العلمي التقليدي لمراحل التفوّق الدراسي  أو  في مكاسب  التحصيل  الذاتي الحثيث  لعناصر صحّة الضمير ونقاوة السريرة  أوفي  النهل  المعرفي  لكل أعمدة  ومقوّمات الوطنيّة  أوفي  أصالة  التربية  البيتيّة  والعقديّة السليمة أو التربيّة الدينيّة أو كلاهما معاً  أومن مكوّنات  قيم السلوك الإيجابي  المؤثّر  في المحيط  , شعب , كما مرّت عليه  أيضاً  مختلف "الجِهَرْ" و "الخلايف"  و "النمايم" , ولكن بنفس الوقت مرّت عليه  رموز وطنيّة حقيقيّة وقيادات سياسيّة  وأحزاب وطنيّة  محليّة وعالميّة  تجسّدت بأبهى صورها  بالطبقة الصفوة من  الرموز البعثيّة الواعية ذات التوجّهات الوطنيّة والقوميّة  العارفة   من عمق وبوعي عالي   بقيمة العراق وبقيمة حضارة الأمّة  ذات الطروحات الرساليّة  والحاملة  لأثقال  ولعبئ  المهمّات السماويّة  النبويّة , طبقة مثقّفة باستيعاب كامل  لحاضرها ولماضيها  الزاهر  والزاخر بأنواع المعطيات الثرّة التي لازالت تقتات عليها أنظمة وآيديولوجيّات  شعوب العالم وأنظمته  ولغاية اليوم , طبقة  تمتلك من التزكيات  التقيميّة ـ عراقيّة عربيّة اجنبيّة شرقيّة وغربيّة ـ ما  تعجّ  بها  وتفخر أروقة  ومكاتب دواوين الدولة العراقيّة الشرعيّة وتزدهر بها بيوت ومضايف  وساحات  ملتقيات  قبائل وعشائر العراق وعناوين القيادات والمرتديات الشعبيّة في جميع أنحاء ملتقيات  شعوب وجماهير الوطن العربي  ... لذلك  لم يستطع  هؤلاء المساكين من الخونة والعملاء  الذين دخلوا  مجال  وحيّز  أوسع من نطاق حيّزهم  الضيّق المحدود  بكثير أن يفرضوا وجودهم  المزيّف  في قيادة  دفّة حكم العراق  ولم  يتمكّنوا حتّى من التأثير على  أقرب المقرّبين إليهم من المتناثرين  في الغرف  الخدميّة  المجاورة  لمكاتبهم  في أروقة  بنايات المنطقة  "الخضراء" ..  لذلك   سرعان  ما  بان  الواحد منهم وسط  "كرسيّه"  وكأنّه  نقطة  قير سوداء  سقطت وسط  صحن أبيض كبير , ولم تستطع أن تسعفهم كلّ تلك التحضيرات والتزويقات والتطبيلات التي دفعتهم دفعا  لوسط  فضاء عاصف لا يعرف  له  بالنسبة إليهم قرار  سوى طريق الفرار ....

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٤ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م