تبت يدا أبي لهب ... ذلك عمّ النبي ... فمن يكون حسن نصر الله !

 
 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

عندما قامت حرب جنوب لبنان  عام  2006 م , اصطففنا جميعاً  مع السيّد حسن نصر الله  وقلنا  حينها ,  إنّه  , لربّما ,  بهذه المعركة  سيعرف السيّد حسن نصر الله "أنّ الله حق" كما يقال , وستكسبه البطولة والانتصار بعداً   نضاليّاً حقيقيّاً  وعميقاً  في داخل وعيه  قد ينتشل نفسه  بهذه البطولة المستحقّة  من بين براثن  خلفيّته الثقافيّة الملليّة المرتبطة  بالعنصريّة الفارسيّة ووليّها  دجّال قمّ وطهران الفقيه ليجد نفسه بعدها  السيّد حسن نصر الله وجهاً  لوجه أمام  المعنى  السامي  الواضح  لمعنى  الصحابة وبدر وأحد والخندق  ومجابهة عمر بن ودّ العامري  والمعنى الحقيقي لمثيولوجيا الحسين والمعنى  المقدّس الحقيقي لعطش الحسين وجرأته الكبرى بوجه الحاكم الظالم  ابن أبيه لعنه الله  ومعنى الرسالة والتضحية بالدم والغالي والنفيس في سبيل  إعلاء كلمة الحقّ , لأن الحروب تصقل النفوس  وتشذبها  من أدران الدنيا ومتعلّقاتها  وتجعل أحاسيس الشهداء فيما بينهم  مشتركة مندمجة أحدهم يحسّ  بعِظم وهول   المواجهة  للشهيد الذي سبقه  وإنّ كان الفارق بينهما مسافات قرون من السنين ! , وقلنا  حينها  , أو ظننّا  ذلك , أن  السيّد حسن نصر الله  سيمحو  بحربه البطوليّة تلك  السجلّ الفاسق والإجرامي  لحزب أمل  ولعناصره  "الدعوجيّة"  وغيره , وما قاموا به من اغتيالات وجرائم  بحق حملة السلاح  من  الكتائب والفصائل الفلسطينيّة  وغيرها  بحجّة  "مظلوميّة أبا ذرّ الغفاري"   ومعاداة الصهيونيّة  و معاداة "إسرائيل" ! , وقد شددنا  على يد  السيّد حسن نصر الله بحربه ضدّ الكيان الصهيوني وتشفّينا به  بأعراب أميركا وتجّار الدين في الجزيرة والخليج  وشيوخهم ومحافيظهم وكل من حاصر العراق وتحالف مع أميركا ضدّه  وساعد على تقويض نهضته وساعد من "تحت لـ تحت"  الخميني  رحمه الله في الفاو مثلاً !  في حربه ضدّ العراق! , واعتبرنا  ما قام السيّد حسن نصر الله   جهاد "في سبيل الله" لا في سبيل  كسرى من طنجة  ناقص  من النيل إلى الفرات  + من اليمن إلى  الهلال الخصيب ! وصددنا  بوجوهنا ونبذناها وراء ظهورنا كأنّنا   لم نكن نعلم شيئاً   صور السيّد وهو يقبّل يد  نائب المنتظر السيّد الفقيه  وقلنا حينها  "حلال أكل  لحم الجيفة  للمضطرّ" !  ..


الدين الحقّ  لا يحابي الظلمة الفسقة الفجرة على حساب  المناضلون في سبيله  .. بل ولا يحابي  من قال كلمة  باطل  أو  شِق كلمة باطل  بوجه الحق حتّى لو جائت  على لسان  عمّ النبيّ  "أبو لهب"  نفسه ! وكلّنا  يعلم أنّ أعظم تقريع  قد وجّهه القرآن  لطاغوت أو لكافر أو لمشرك  هو التقريع الذي وجّهه  لعم النبي صلى الله عليه وآله !  فتقريعه  قرآن يتلى إلى يوم القيامة مع  كل صلاة مغرب  أو غيرها !  ... يعني  لعنات متواصلة على أمّ رأس عمّ النبي صلوت الله  عليه وسلامه وآله !  ذلك أنّ الحق أبلج وواضح وضوح الشمس في رابعة النهار , فهو كالثوب الأبيض سيتّضح بياضه حالما التصقت به  "بقّة" ! والتاريخ  يحمل بين صفحاته سير ومناقب الكثير ممن لم تشفع  لهم بين الناس  أعمالهم  الصالحات بسبب  عمل طالح واحد , وعندما نتفحّص  النتائج  النهائية أو المحصّلة  النهائيّة  لـ"انتصارات" مقاومة حزب  "الله"  سنجدها  قد صبّت في صالح  "الحزام الأمني الإسرائيلي" أو ما عرفت  بدول الطوق "المعتدلة" ! .. فالسيّد الآن مرتبط  باتفاقيّات وبنود ومواثيق وعهود  بينه  وبين الأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبّي والكيان الصهيوني ! وهذا بالضدّ  من طبيعة المقاومة وبالضدّ  من بيئتها وبالضدّ  من كينونتها وبالضدّ  من مفهومها الذي خلقت من أجله  وبالضدّ ممّا تعهّد به  سيّد المقاومة  بعد  "انسحاب"  شارون  من جنوب لبنان ! ...


فجنوب لبنان قبل حزب  "أمل"  وقبل حزب  "الله" كان يشكّل خطراً حقيقيّاً  على أمن الكيان الصهيوني وعلى أمن  المستعمرين فيه , نظراً   لتفرّق  دماء  الصهاينة  على منظّمات كفاحيّة عدّة مع كل  عمليّة فدائيّة  ضد الكيان الصهيوني في تلك السنين , أي قبل أن  يتشرّف حضرة الدين السياسي ويهيمن  "بقدرة قادر" على الجنوب اللبناني ! فالحدود الجنوبيّة للبنان  كانت  في تلك الأيّام الخوالي مفتوحة لنضال جميع من يحمل ثأراً  ضدّ  هذا الكيان ,  ممّا يجعل  "المجتمع الدولي" آنذاك  في حيرة من أمره , على من  سيقيم الحصار وضدّ من يوجّه  قرارات الأمم المتّحدة وضدّ من  يجيّش جيوش التحالف  ومن أيّة  "معارضة مظلومة"   من  تلك  الفصائل المجهولة ينتقي عناصرها من بينها  ويتحالف معهم ضدّ بلدهم  "لوجه الله"  يستطيع   سحلها  .. عفون .. أقصد  سحبها خلف دبّاباته ساعة  "التحرير"  ! .... ومّما يزيد في  أمر  السيّد حسن نصر الله  وضوحاً  , هو  حياديّته  "العسكريّة"   العجيبة الغريبة   سوى من  "التهديد والوعيد"  لمواساة ضحايا غزّة ! .. لقد أصبح  السيّد  منزوع الأنياب ؛ إلاّ من حنجرته .. فالحمد لله  ..  "فبلسانه"  .. وبعدها ستنزل حنجرته إلى "قلبه"  وذلك أضعف الإيمان ! ...


"كللوا كوووووووووووم"  كما يقول المثل المصري  ورسالة  السيّد حسن نصر الله  العزائيّة  بموت عبد العزيز  الحكيم  دوت كوم ! ...


 فالسيّد  ضدّ  "أميركا"  وضدّ  "بوش"  .. بل وقال   في بوش  ما لم يقله  مالك في الخمر ! وتوعّد  شارون  وبيريز  وطنط   "ليفني"  ما لم   يتوعّده   أبو إسراء  في القضاء على  "الإرهابيّون والتكفيريّون والصدّاميّون والعدميّون والوجوديّون والمديونيّون واليورانيوميّون" أو في وعوده في القضاء على الإعمار .. عفون  أقصد في البناء والإعمار! ...  فالتعزية التي بعثها السيّد حسن نصر الله , والتي "تقطّع القلب"  كانت ستكون كذلك  فيما  لو لم   يقم الفقيد  بزيارة "كيسنجر"  أو بزيارة بوش "رايح جاي"  أو بزيارة   بقيّة  كل  من  "حرّر"  العراق .. ذلك أنّ الإسلام  أساسه  وأساس   بعثته  ضدّ أجداد  هؤلاء وضدّ حلفائهم القريشيّون "المشركون" ! ..  لذلك .. وبالقرآن  تحرّرت  جزيرة العرب وأراضيهم في أصقاع  كثيرة من الأرض ..   والقرآن  بثُلِثِه  يتحدّث عن الوعد والوعيد  باليهود  الذين يمثلهم  اليوم  كيسنجر !  و.."التفاهمات"   بين آل الحكيم  وبين هؤلاء أعداء الدين "وهو العداء  المفترض باليقين عند كل مسلم .. شيعيهم وسنّيهم"  لا تتناسب  والعمامة التي  يضعها الفقيد  دوماً على أمّ رأسه !  فالعمامة اليوم تمثل الإسلام ! .. فعن أيّ إسلام   كان  يتحدّث ويحدّث  ويبكي ويلطم   "المرحوم" !  ..

 

الرسالة , أقصد  رسالة السيّد حسن  وليس الرسالة الفلم ! ..  ستكون فيها  "وجهة نظر سياسيّة"  فيما  لو لم يرتدي آل الحكيم  وغيرهم العمامة , ولو  لم  يتبنّوا  الإسلام  منهجاً  في "الكفاح ..  صلوات!"  ولكنّا  قلنا عندها  بأنّ  هذه   الرسالة بمثابة   تبادل دبلوماسي  بين  محترفي سياسة  .. أحدهما  يمسك  برقبة لبنان من جنوبه  "وعندي فيها مقال"  بتفاهمات معيّنة  بانتضار الانقضاض على الكيان الصهيوني  لمحوه من الخارطة ...  وبين  مناضل  خرّب  العراق وكعد  على تلّه .. عفون  أقصد  .. وبين  مناضل يقود العراق من إحدى جهاته  وذو سيادة ! ,  وليست  متبادلة  بين  من وقّّع ,  وهو معمّم  وملتحي ,عهود ومواثيق  مع الأمم المتّحدة .. وبين معمّم  يبكي على  "الحسين"  في الليل  ويتعانق  صباحاً  مع بقايا أحفاد  خيبر  !  ....

 
وهنا نودّ أن نلفت عناية  الذين لا زالت  قلوبهم  تخفق  عند ذكر  "سيّد المقاومة"  أن ينتبهوا إلى أنفسهم  جيّداً  مخافة الانزلاق في خضمّ الطائفيّة  وأن لا يخضعوا لابتزازها المتخلّف  عبر  الحنين إلى  "العرق الديني"  ! وأن يتذكّروا أنّهم مناضلون  يساريّون  لا يقيمون للطائفيّة  الجاهليّة  وزناً  وأنّها قد محيت وإلى الأبد  من ذاكرتهم  ومن عمقها الباطن منذ أيّام ستالين رحمه الله  وأن يراعوا  مخافة  الافتضاح المذهبي عند تناولهم السيّد  "بحسن الظن"  وأن  يتجنّبوا  لمعان المذهبيّة  من بين سطورهم  على وقع  وبحجّة  "سيّد المقاومة" !  ,  وأن يضعوا في حسبانهم  مجالاً للفطنة  وأنّ يأخذوا  بعين الجدّ مقولة  "أنّ المرء لا يلدغ من جحرٍ مرّتين" .. وأن  يحاولوا  أن يسحبوا  بين  فترة وأخرى  وكلّما  ضعفت  الذاكرة من بين ملفّاتها المناضلة ما سيذكّرهم ؛ بأنّ  التطوفن والعرقيّة  و "ألحان  مواكب العزاءات"  كانت فترة مراهقة  وترديد أعمى  لتربية  أمّ جاهلة  تتمسكن  وتتظلّم  بدل ان تواجه  الواقع  بشجاعة , وهي بمثابة بحث عن ذات أيضاً  من بين  طيّات قرون طويلة عفا عليها الزمن وراكمته فوق تلك الذكرى العطرة  بعشرات  الذكريات العطرة مثلها  بل بمئات  منها بل  بآلاف منها   بل بملايين الذكريات العطرة  من مثل سيرة الحسين عليه السلام   إن لم تكن أكثر بأضعاف مضاعفة  ,  خاصّة في عصور البارود والمدفعيّة والحصارات  الرهيبة  والانفلاق النووي والتلاعب بطبقات الأوزون  والهيرون  والهيلون والأسلحة الجرثوميّة والكيميائيّة والكتلويّة   والتلاعب بهندسة المكوّنات الخَلقيّة والخُلقيّة والهبوط  الإنسي  على سطح القمر "بحسبان" ! وإمكانيّة نسفه إذا تطلّب الأمر ! والتجسّس على المرّيخ ودرب التبّانة  واستطلاع  آخر أخبار  "العَرجة وإخوانها السبع" ! والاهتداء  بالليالي الحالكات بالأشعّة فوق البنفسجيّة  وتحت الحمراء  بدل النجوم والبعرور  أو أساليب الكشّافة ! وأن  لا مجال  لـ"المندر"  أو لـ"المنبر"  على الطريقة الصفويّة  أو  السلوليّة , وأنّها من بنات أفكار الرأسماليّة منذ القدم  وأهم ركائزها السياسيّة  الأساسيّة  في الاستحواذ والاستعباد في عصرنا الحديث , فكما قال  شاعر الربابة .. ؛  "فحيثما وُجد  رأس المال والبترول والسوق والتسوّق  وُجِدَ الـ"دين"  بأشكاله المسيّسة والمخدّرة " !

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٣ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م