رثاء الشيخ عبد الكريم بياره المدرس
عالم ومفتي ومجاهد قتله المحتل وحكومة الجعفري

 
 

شبكة المنصور

احمد الرفاعي

يوم الثلاثاء 30-8-2005 الموافق 25 رجب انتقل الى رحمة الله الشيخ الجليل مفتي الديار الاسلاميه في العراق العالم عبد الكريم بياره المدرس عن عمر يناهز 110 عام وبذلك فقد العالم الاسلامي احد اعمدة الدين لانه رحمه الله وادخله فسيح جناته والفردوس من الجنه كان عالم ومجاهد ومفتي لايخاف بالله لومة لائم

 

فقيدنا كان طالب علم منذ سنوات شبابه الاولى حيث درس على ايدي المشايخ في منطقة سكنه  التي احتضنت ابرز العلماء الذين جمعوا بين علوم الشريعه والحقيقه ؛ومن هذه المنطقه اكتسب لقبه الذي عرف به؛ ومنذ بداية طريقه في مسيرة العلم كان متميزا على اقرانه لذلك عين بعد اكمال دراسته على يد مشايخه عام 1924 مدرسا. وواصل تدريس طلابه في مدرسة الشيخ عبد القادر الكيلاني حتى اواخر سنوات عمره قبل ان يداهمه المرض ويحاصره المحتل واعوان حكومة الجعفري التي وضعت عليه اقامه جبريه ومنعت وصول طلابه اليه واعتقلت بعضهم ؛ وان مواصلته التدريس لاكثر من 80 عاما اكتسبه لقبا اخر هو (المدرس) لذلك اصبح يعرف باسم ( الشيخ عبد الكريم بياره المدرس ) رحمه الله

 

بعد ان انتقل من منطقة سكنه الى بغداد اصبح مقر اقامته في المكان الذي خصص له في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وكانت غرفته قبل التعمير الجديد في الجهه الغربيه من الجامع في الطابق الثاني وهذه الغرفه التي هي على شكل ديوان كبير هي المكان الذي يدرس فيه ويستقبل المواطنين لسماع استفساراتهم الشرعيه واصدار الفتاوى حيث انه اصبح مفتي العراق ورئيس رابطة علماء العراق

 

رعاية صدام حسين للفقيد :

 

كان القائد صدام حسين فرج الله كربته يرعى الشيخ رحمه الله بشكل متميز . مثلما يرعى كل العلماء . ولنسمع من الشيخ رحمه الله بعض جوانب تلك الرعايه

 

- عام 1999 داهمني المرض ولم استطع مواصلة البقاء في الشيخ عبد القادر الكيلاني  وقد نقلت الى دار ولدي في منطقة جميله ؛ وفي وقتها كان يزورني بعض الاحباب للاطمئنان على صحتي ويبدو ان احدهم كتب في احدي الصحف خبرا عن مرضي وتركي مكان اقامتي ورقودي في دار ابني ، وفي اليوم التالي اي يوم صدور الجريده وفي الساعه الثامنه صباحا حضر فريق طبي متكامل الى دار ولدي وابلغوني ان الرئيس قرأ خبر مرضك وامر ان نقوم بفحصك ومعالجتك ؛كانت معهم باقه من الورد وبطاقه موقع عليها الرئيس صدام حسين فرج الله كربته؛ وتمنياته بالشفاء

 

استفسرت منهم متى قرأ الرئيس هذا الخبر وهو منشور بصحف اليوم ونحن الان في بداية الصباح ؟ اجابني احد مرافقي الرئيس الذي هو الذي جلب الفريق الطبي : ان القائد قرأ الخبر بعد اداء صلاة الفجر وعندما قرأ خبر اصابتك بوعكه صحيه امرني ان اصطحب هذا الفريق الطبي

 

- يواصل الشيخ رحمه الله الحديث عن هذه الرعايه والتقدير والاحترام ويتحدث عن موضوع اخر ويقول:

 

في احد الايام جائني بعض اقاربي واخبروني بان احد ابناءهم صدر بحقه حكم قضائي بالسجن ؛والتمسوا ان اشفع له لدى صدام حسين؛ وفي احد الايام زارني احد مرافقي صدام حسين حيث انهم اعتادوا عند حضورهم الى مرقد الشيخ عبد القادر قدس الله سره . يقومون بزيارتي لاداء الصلاه في المسجد الملحق بغرفتي .واثناء ذلك وكان وقت صلاة المغرب اخبرته برغبتي زيارة الرئيس صباح اليوم التالي حضر احد المرافقين واخبرني ان الرئيس بانتظار قدومكم . توجهت معه وعند وصولي الى مكان وجوده كان بانتظاري في باب غرفته مرحبا قائلا : زارتنه البركه بقدومكم .وبعد الحديث معه طلب منى ان ادعو له بالخير والهدى لما يخدم الاسلام والمسلمين؛ وقبل ان اغادره عرضت عليه امر ذلك السجين ؛ واجابني مباشرة :تأمر شيخ هسه تاخذه وياك.

 

بعد مده من الاحاديث والاجابه على استفساراته الشرعيه ودعته وعند وصولي الى غرفة المرافقين وجد ذلك السجين موجودا حيث تم احضاره من السجن واخذته معي

 

جهاد الشيخ ضد الاحتلال :

 

مع بداية العدوان الامريكي على العراق اصدر الشيخ عبد الكريم بياره باعتباره مفتي العراق فتوى الجهاد لمواجهة المحتل اكد فيها انه بعد بدأ العدوان على ارض المسلمين وديارهم فان الجهاد اصبح فرض عين على كل مسلم وان الابن لايستأذن والده عندما يخرج للجهاد ؛والزوجه لا تستأذن زوجها عندما تخرج للجهاد ؛ وقد اعلن ذلك امام مجموعه من مراسلي الفضائيات من مقر اقامته في البنايه الجديده بعد توسيع بناية جامع الشيخ عبد القادر حيث خصص للفقيد جناح خاص واسع ملحق به مسجد بعد ان تعذر عليه مغادرة المكان لاداء الصلاه في مسجد الجامع الذي هو في الطابق الارضي

 

وبعد بدأ المواجهه كانت غرفته مساء كل يوم مكانا لتواجد الفدائين من العراقيين والعرب والمسلمين حيث انهم كانوا يحضرون للتبرك بمجلسه وسماع ارشاده والتماس الدعاء لهم ؛ وفي تلك الايام اصدر الفتوى الثانيه حول مشروعية العمليات الاستشهاديه ؛ ووزعت الى كل الفدائين حيث ان كل واحد منهم كان يحتفض بنسخه منها خاصة انها كانت تحتوي مع نص الفتوى على صوره مباركه للشيخ رحمه الله اتذكر ان الشيخ استقبل في احد الايام مجموعه من الفدائيين العرب وكان بعضهم من المغرب وقد استاذنه احدهم بترديد قصائد في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . واذن له . كان شاب من المغرب لايتجاوز عمره 18 سنه . اخذ يردد المدائح والشيخ يستمع وعلامات الفرح والسرور تظهر على وجهه . وشكره بعد ذلك وردد له ولاخوته من المجاهدين الدعاء

 

كانت هذه اللقاءات لهؤلاء الابطال دافعا كبيرا لهم قبل ان يتوجهوا الى ساحات القتال لمواجهة الامريكان ومن تحالف معهم . ندعو الله سبحانه وتعالى ان يرحم من استشهد منهم .ويوفق من حماه الله منهم وابعد عنه غدر الغادرين من الايرانيين وجماعة فيلق الحكيم الذين غدروا بالفدائيين وباعوهم الى الامريكان وتسلموا مبالغ ماليه على الاخبار عن وجودهم

 

قتله المحتل وحكومة الجعفري:

 

بعد الاحتلال غادر الشيخ رحمه الله الى احدى القرى في محافظة ديالى وكان معه ذلك الرجل الطيب الذي نذر نفسه لخدمة الشيخ وهو مصري الجنسيه . وقد عانى الكثير بسب عدم توفر الدواء والكهرباء وهو يعاني من امراض كثيره . بعد اشهر ذهب اليه بعض احبابه واعادوه الى مقر اقامته في جامع الشيخ عبد القادر؛ فما الذي حصل للفقيد رحمه الله من قبل الامريكان وحكومة الجعفري ؟؟؟؟؟؟؟

 

1- من المعروف ان الفقيد يعتبر تلميذه الشيخ عبد القادر الفضلي هو خليفته بالافتاء ؛ وهو الذي يمثله في المناسبات والاحتفالات ؛ اعتقل الشيخ عبد القادر الفضلي وكسرت رجله ويده جراء التعذيب ولم تعالج لمدة اسبوع (لم يجر تجبيرها ) وظل معتقلا لمده طويله والفقيد رحمه الله يسال عنه وما من مجيب ويتالم من فراق ابنه وتلميذه وخليفته وقد اثر ذلك على صحته وتدهور وضعه الصحي

 

2- اعتقل طبيبه الخاص الدكتور خالد وهو تلميذه ايضا وترك الفقيد بدون رعايه صحيه مما ادى الى تدهور صحته بشكل اكثر

 

3-  تم مضايقة من نذر نفسه لخدمته الذي هو مصري الجنسيه وقد استدعي اكثر من مره على اساس انه له علاقه مع الارهابيين باعتبار انه عربي والعرب ممنوع اقامتهم بالعراق بامر من وزير الداخليه

 

4- منع طلابه واحبابه ومريديه من التردد عليه وحتى حفيده كامران الذي هو امام الجامع الملحق بغرفة جده منع اكثر من مره من الوصول الى غرفة جده من قبل عناصر نسبتهم وزارة الداخليه لمراقبة الوضع في جامع الشيخ عبد القادر

 

5-  نسب جلال الطلباني مجموعه من الاكراد للتردد الى مجلس الشيخ بشكل متواصل وذلك من اجل التجسس على من يحضر مجلس الشيخ وان هؤلاء يعرفهم الجميع لانهم غرباء على مثل هذه المجالس الروحيه

 

ان هذه الاجراءات وغيرها بدأت وتصاعت بعد ان اصدر الشيخ الفتوى التي اعقبت الاحتلال وبعد عودته الى بغداد يحث فيها على الجهاد وطرد المحتل حيث فرض عليه طوق امني ووضع تحت الاقامه الجبريه منذ عامين

 

انهم قتلوا عالم العراق الاول ومفتيه وشيخه؛ والمجاهد الذي شجع على الجهاد قبل الاحتلال وواصل ذلك بعد الاحتلال ؛ قتلوه بحصارهم عليه واعتقال احبابه ومنع كل شئ عنه ؛ قاتلهم الله ؛ واليوم عندما يغادرنا نجد حكومة الجعفري ومن خان الوطن وباع الدنيا بالدين ربما يفرح بذلك!!!!! ونحن نسال الجعفري لو ان السيستاني مات غدا او بعد غد الم تقام مجالس العزاء في كل مكان من مدن العراق ؟؟ الم يعلن الحداد .؟ الم تتحول الاذاعه والتلفزيون الى مجالس نياحه ؟ هل ان السيستاني افضل من الفقيد في العالم الاسلامي ؟ لماذا هذه الطائفيه حتى في التعانل مع الموتى؟؟؟

 

نحن نعلم ان الفقيد لايحتاج كل ذلك وهو اكبر من الجعفري والسيستاني ولكن الله يريد ان يخزيهم بتصرفاتهم لعنهم الله

 

رحم الله شيخنا الجليل عبد الكريم بياره المدرس الذي اعزه صدام حسين وقتله المحتل وحكومته بتصرفاتهم وانا لله وان اليه راجعون

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ١٠ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / أب / ٢٠٠٩ م