تأملات  / تصادق مع الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً !.

﴿ الجزء الثاني العاشر ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
أن أحداث 11 سبتمبروبكل ملابساتها سواء في مسبباتها أوفي نتائجها أو حتى في أفرازاتها جعلت الكثيرين من المهتمين في مجال العلاقات الدولية يلتفتون الى التعقيدات الموضوعية بالحدث وبالعوامل الذاتية التي ساعدت في نمو وأنضاج الحدث نفسه,وبالرغم من وضوح جوانب هذا الحدث الذي هز العالم ولكن الكثيرين من المعنين في تصميم السياسات الدولية يغضون النظر في الافتراضات الاساسية المسببة للحدث,هذا أذا أفترضنا أن احداث 11 أيلول لم تكن مفصلا هاما في أحداث انعطافات في العلاقات الدولية وكانت محسوبةضمن الستراتيجية الامريكية لعالم ما بعد الثنائي القطبية,(وأن هذه الاحداث مختلقةولكنها  ليست سوى عملية «مونتاج» وتسمح للمعلومات التي تقدم في بعض الحالات ان تبين الحقيقة)(1). لم ينتبه أحد منهم أن أحد هذه المسببات تخص حالة التبلور والصيرورة لبعض الخصائص الجديدة للمجتمع الامريكي, وأنا لست بصدد مناقشة هذا الحدث الكبير والذي وقع في 11أيلول من عام 2001ولكني فقط أردت أثبت حقيقة واحدة وهي أن لهذا الحدث أثر وبشكل كبير في حياة الغرب عامة وفي أمريكا خاصة وفي أعادة النظر في وضع السياسية الدولية بشكل عام و في الولاياة المتحدةالامريكية والغرب بشكل خاص..أنا أقول الا يستدعي حدثا كبيرا في حياة العرب و دول العالم الثالث مثل غزو بلد عربي مستقل مثل العراق والقيام بازاحة نظامه الشرعي الذي كان قائم على مؤسسات وأنظمة كان كل العالم يعترف بها ويتعامل معها و بغض النظر عن هويته السياسية أو الفلسفة التي يؤمن بها,أنا أقول الا يسستدعي بالعرب من المشرق الى المغرب العربي بشكل خاص أن يقفوا وقفة جدية لمعاينة هذا الحدث أذا لم نقول هذه الجريمة التي أرتكبت في وضح نهار عالمي ولايزال الضمير العالمي لم يحرك ساكنا تجاه أدانة المجرمين وأحالتهم للقضاء العالمي واعتبار حدث الغزو من جرائم الحرب ضد الانسانية,الم يرتكب هتلر جريمة بحق بولونيا والدول الاوربية الاخرى عندما أحتلها لمجرد أنها لم تتفق معه في فلسفة الحرب!وقد أحيلت قيادته و أدينوا في محاكم دولية..

 

والذي فعله البوشين وزبانيتهم من دمار في بلد وتغيرا في خارطة المنطقة وتحت كذب هم فندوها ,ألا يستحقون المحاكمة أم هم من المعصومون(رحم الله والدتي كانت تقول لنا على الخراب الذي أحدثه الاستعمار الانكليزي في العراق ((على رأسه ريشة ما حد يقدر يقول لهم شئ)).)  ,والعصب في هذا الموضوع هو  في طريقة التغيرباستخدام القوة العسكرية في تغير نظام حياتي كامل في بلد, ولم يقتصر الامر على تغير حكام البلد, بل تغير نظام حياة شعب وبكل ما تعنيه كلمة الحياة, وتغيرا جيوستراتيجية المنطقة كلها, و باستخدام القوة العسكرية الغاشمة والمدمرة..فأذا كان العالم الغربي وبعض الدول التي لم تستوعب هذا الدرس الذي لم يصنع بل نفذ مع سبق الاصرار والترصد لفعل الجريمةعلى شعبنا وامتنا والمنطقة كزلزال وكان قد خطط  له في الغرب منذ عشرات السنين ,الايجدر بنا كعراقين و مهما أختلفت توجهاتنا السياسية والعقائد التي نؤمن بها و معنا أخوتنا العرب ان نقف أمام هذا المنعطف الذي غير الكثير من التوقعات المستقبلية في حياة هذه الامة والمنطقة, وجعل كل الاحتمالات قائمة في تكرار ذات الاسلوب الهمجي الغير المتحضر من ديمقراطيات تدعي بالتحضر والتقدم والانسانية وحقوق الانسان والى أخره من الشعارات الديماكوجية والمظللة, تجاه أي نظام عربي أو حتى غير عربي يفترق عن توجهات ومطامع هذه القوىالغاصبة والتبريرات موجودة و متنوعة ومحفوظة في خزائن الستراتيجين الامبريالين والصهاينة المارقين.

 

فاذا كانت بعض دول الجوار العربي لم تستفيد من ما نفذ من الستراتيجية الصهيونية في المنطقة وخاصة في تعاملها مع العراق الوطني.

 

ولا زالت تتعامل مع العرب بنفس أمبراطوري أو شاهنشاهي وكانما الدمار الذي حصل في العراق يصب في مصلحة ستراتيجيتها هذه هي السذاجة في السياسة بعينها,قد يكون ذلك في المستقبل القريب والمنظور يخدم بعض أطماعهم ولكن التهديد وبالتأكيد سيشمل كل دول المنطقة لان المخطط قد وضع لتقسيم هذه الدول الى دويلات وكمونات عرقية ودينية ومذهبية ,وأذا تفحصنا في جوهر فكرة الشرق الاوسط الجديد بمفهومه المطروح حاليا,فيتبين لنا بأنها ليست جديدة بل هي قديمة ترجع الى عام 1897 تاريخ المؤتمر الصهيوني الاول .(2),وأيظا الدراسة(3) التي أعدها المفكر اليهودي البريطاني الاصل برنارد لويس والذي تنبأ فيها بأن الدول العربية ودول المنطقة ستتعرض الى التفكك وبتشجيع من وجود المشاعر الاثنية والطائفية المتناميتين مع فكرة حق تقرير المصير لهذه الاقليات والتي تتشكل دول المنطقة منها.

 

وفي عام 1993 نشر الصهيوني بيرس كتابه ويحمل عنوان (الشرق الاوسط الحديث)(4) والذي يصف باقامة شرق أوسط جديد حلم الصهاينة المحتلون للارض العربية..وأمام كل هذه الحقائق الا يتطلب من الانظمة العربية والانظمة في المنطقة أن تقف أمام هذه الحقائق لتصيغ لنفسها ستراتيجيات تخدم مصالحها وليست بالضرورة أن تتقاطع مع الاخرين سواء كانوا من الشرق أو من الغرب ومن ثم تبني عليها سياسات تتوافق مع مصالحها لتثمر عن علاقات اقليمية و دولية متوازنة ليست أنغلاقية على محيطها ولا مفتوحة وبدون ضوابط قائمة على طموحات الامة ومستقبلها ودول المنطقة .أن الخطوة الاولى المطلوبة الان حدث القناعة وهو قد حصل في غزو العراق عام 2003والخطوة الثانية تتلخص باستيعاب الدرس والخطوة الثالثة مساعدة العراقين في أنجاز التحرير وهذا لا يقبل الا طريقا واحدا وهودعما كاملا للمقاومة العراقية البطلة,والخطوة الاخيرة صياغة ستراتيجية سياسية للمنطقة العربية ولدول الجوار ومن ثم وضع سياسة موحدة ,ونسج علاقات اقليمية نزيهة وبلورتها الى علاقات دولية سليمة وبهذا المنطق يمكن للمنطقة أن تستقر وتبتعد عن التدخلات الخارجية. ولسنا كعرب ودول في الشرق الاوسط أقل قدرة من دول الاتحاد الاوروبي في تحقيق تقاربا قويا وسليما نراعي فيه مصلحة الكل وتحقيق سلاما دائما في منطقتنا..

 
(1) كتاب(( الرواية الرسمية ـ الامريكية ـ للاحداث لا تصمد امام التحليل النقدي))للمؤلف الفرنسي تييري ميسان، صحافي التحقيقات الذي درس العلوم السياسية واصدر كتابين حول سيرة حياة وزير الدفاع الفرنسي الاسبق شارل ميون ووزير الداخلية الفرنسي الاسبق شارل باسكوا.

(2) أحدى مقررات  تاريخ المؤتمر الصهيوني الاول في عام1897 ., حيث تخيل تيودور هرتزل قيام كومنولث شرق اوسطي في المؤتمر الصهيوني الاول  ,وكرس مؤتمر بلتمور الصهيوني عام 1942 اقامة كومنولث شرق اوسطي تقوده دولة اليهود الموعودة. ونجح يهود امريكا وبريطانيا في غرس فكرة الشرق الاوسط  في صلب السياسة البريطانية والامريكية

(3) أحدى مقالات لويس برنارد عام 1992  والمتظمنة بان غالبيةدول الشرق الاوسط مصطنعة , وحديثة التكوين وهي مكشوفة لعملية التفتيت , خاصة في حال اضعاف السلطة المركزية , التي يؤدي غيابها الى تحقيق عملية التفتيت فليس هناك برأيه , مجتمع مدني حقيقي يضمن تماسك الكيان السياسي للدولة،  ولاشعور حقيقي بالهوية الوطنية المشتركة او ولاء للدولة الامة.

عقد اجتماع مشترك بين المجلس اليهودي العالمي في نيويورك, ومنظمة ايباك الصهيونية عام 1982حضره رئيس الوزراءالصهيوني السابق اسحق رابين. وتم في هذا الاجتماع ,الاتفاق على خطة لتقسيم 7 دول عربية كمرحلة أولى من هذا الاتفاق. ونشرته النشرة المخصصة التي تصدر عن البنتاغون، ثم تبنته إسرائيل رسمياً تحت عنوان (استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات) ضمن دراسة كانت قد نشرتها مجلة (إيفونيم) للدراسات الاستراتيجية عام 1979.

(4) في عام 1993 نشر بيريس كتابه (الشرق الاوسط الحديث) ونقل فيه تصوراته الى النظر للشرق الاوسط كنظام أقتصادي أقليمي بالنسبة لكيانه للتعويض عن المساعدات الامريكية والاوروبية,وأيظا يتطرق فيه لمختلف أشكال التعاون السياسي والامني والاقتصادي,ويعتبره حلم الكيان الصهيوني. ويؤكد فيه ضرورة النظر إلى الشرق الأوسط كنظام اقتصادي إقليمي للتعويض عن المساعدات الأمريكية والأوربية. والكتاب الذي حمل عنوان (الشرق الأوسط الحديث) يتضمن مختلف أشكال التعاون السياسي والأمني والاقتصادي، ويحاول الترويج للهدف الاقتصادي بقالب مضلل لفرضه على الدول العربية، عندما يقول: (يمكن الحفاظ على النظام الإقليمي من خلال إقامة مشاريع مشتركة في البحث والتطوير والسياحة!

أما في الجانب السياسي فحدد تصوراته للسلام بقوله: (إنه قبل كل شيء هندسة معمارية ضخمة، هندسة تاريخية لبناء شرق أوسط جديد متحرر من صراعات الماضي، ومستعد لأخذ مكانه في العصر الجديد، والعصر الجديد لا يطيق المتخلفين ولا الجهلة.

ويعترف بيريس أن فكرة أو سوق الشرق الأوسط حلم إسرائيلي.
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١١ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٣٠ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور