تأملات  / تصادق مع الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً !.

﴿ الجزء الرابع ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
وكما ان السياسة الخارجية تؤدي حتماً الى تكوين السياسة الدولية ، ولا مبالغة في القول ان السياسة الخارجية هي اساس جميع التفاعلات الدولية، فبدونها تنتفي هذه التفاعلات اصلاً وهذا ما يؤكده جملة من اساتذة العلوم السياسية امثال كورت لندن، وليك ومورسون وغيرهم. وهذا الاستيعاب لهذه المفاهيم الاساسية يقودنا بعد ذلك الى المرحلة التالية والتي لا تقل أهمية عن ادراك معاني هذه المصطلحات وهو الكيفية التي نتعامل معها وبها وفي ان واحد سواء كدول عربية مع بعضها أو مع الدول الاجنبية,أي بمعنى أدق الكيفية التي تفكر بها وتسلك الاقطار العربية من العقائد السياسية ومن الصراعات في العالم وبحيادية ايحابية فعلى سبيل المثال لا الحصر,ماهي مصلحة الامة العربية من الصراع الغربي مع الطالبان في أفغانستان في هذه المرحلة وخاصة بعد تفجيرات 11 سبتمبرفي عام 2001(لايعني هذا دعوة للتعامل الايجابي مع هذه الحركة) أي ليس كل من هو  بغيرصديق يدرج مع الاعداء, وهذا يقودنا لفهم دقيق لحيادتنا كأمة عربية وهي الحيادية الايجابية من الصراعات والمشاكل في عالمنا المعاصر,فمثلاوأن كنا لا نتفق مع الفلسفة الشيوعية فهذا لا يعني أن نعلن معادتنا لها الابقدر تأثيراتها الفكرية والسلوكيةعلى انسانا العربي ودور أمتنا في المسيرة الانسانية ,وأيظا وبنفس التقويم لحركات الباقية ومنها طالبان,فنحن لانتفق مع فلسفة طالبان ولا في سلوكهاالحضاري ولا ولا الى أخره من رفوضاتنا لمجمل نهج هذه الحركة..ولكن هذا لايستدعي ان نقدم كل الدعم اللوجستي للحرب  عليهم في أفغانستان وباكستان,يمكننا أن ننتقدها في كل شئ ولكن لا يتطور الى المواقف الاصطفافية الغير المبررة .وعليه لابد أن ننسج مواقفنا بأيجابية بقدر تأثيراتها على مصالح الامة العربية , يعني أن الامر يتطلب من العرب موقفا ايجابيا تجاه الصراعات أو القضايا الدولية, و ليس موقفاأصطفافيا,وهذه المواقف أو السياسات  الغير مستقرة تتسبب في افراز نتأئج سلبية تدفع للتأرجح فالترنح بين السياسات الافراطية و السياسات التفريطية كفعل ورد فعل تجاه الكثير من المواقف الدولية والعربيةولا تقف خطورتها الى هذا التشتت والتعددية في الاتجاهات بل تؤدي الى الخسارات في علاقات الامة العربية مع شعوب و دول العالم بل تتعدى الى أنها قد تتسببب في احداث شروخات في المواقف العربية وخاصة في المواقف التي ليس للامة مصلحة فيها ,يقول الفليسوف العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق في نظرته للحياد الايجابي: (وهذا الحياد الايجابي لا يجد مبرراته في الدواعي السياسية والاقتصادية وحدها، بل يبرره أيضا موقفنا الحضاري وموقفنا من مشكلة الحرية، في الصراع الدولي السياسي والعقائدي المحيط بنا، كما تتجلى آثاره في علاقات اقطارنا بعضها ببعض، وفي علاقات مختلف الفئات داخل كل من هذه الاقطار على حدة، بحيث يمكن القول ان هدف الحياد هو سلم عالمي وسلم داخلي عربي أيضا )(1),أن الحديث عن الموقف الحياد الايجابي كان يعني بين القوى المتصارعة أنذاك وقد كان بين القطب السوفيتي والقطب الامريكي ومن كان يدور في فلكهما, وكان الاستاذ رحمه الله يؤكد في مقالته عن الحياد الايجابي عن حقيقيتين تتعلقان بالموقف العربي من هذا الصراع ,الاولى عن ماهية الصراع و هل يتعلق بأحدى قضايا الامة العربية المصيرية كقضية تحرير فلسطين أو استقلال الاقطار العربية أنذاك.والحقيقة الثانية ماهي مصلحة الامة العربية من الانجرار والاصطفاف مع أحد هذين القطبين وهل الموقف العربي سيشكل خطوة أنسانية وتتوافق مع معتقدات الامة وقيمها.. واليوم نستعين  بتحليله القيم والدقيق وبنفس قوة المنطق في تبيان مصلحة الامة من  نوعية الصراعات الحالية أو الحملات التي تقودها الامبريالية في الشرق أو في الغرب ولنقول هل أن العلاقات الدولية التي تتبناها الدول العربية تنطلق بالاساس من مصلحة الامة العربية وأهدافها ,فعلى سبيل المثال هل الهرولة لبعض الاقطار العربية مع الحمار أو الفيل الامريكي في رفع شعارات الحرب على الارهاب وما يسمونه يتجفيف منابع الارهاب والذي يحمل في طياته الاسأءة الغير مباشرة للاسلام ,له علاقة بأية مصلحة عربية؟وأما عن الاطفاف الغربي وبالاخص الاوروبي مع الولاياة المتحدة فهو جزء من تحالف ستراتيجي فكري و عسكري يتبادل الطرفان فيه المصالح وليس لنا نحن العرب اية ناقة أو جمل فيه ,ولكن للجهل في فهمنا وبنائنا للعلاقات العربية مع الاخرين أو الارتباط المصيري لبعض الانظمة العربية بالاجنبي أدخلنا حلبات الصراع ونلنا وسوف نستمر بتلقي الردود السلبية ضد وجودنا ومصداقيتناوكذلك لضعف البناء السياسي لعلاقاتنا الدولية وجهلنا في حقيقة هذه الصراعات, وحتى انزلاق بعض الدول العربية في مواقف ضعيفة و مؤذية للامة كالموقف المتسرع والمتشج من النظام الوطني في العراق ودخول البعض في تحالفات مع الغرب العدواني في حربه ضد العراق في عام 1991 والمساهمة الفعالة في فرض حصار الكفار ولغاية تقديم البعض التسهيلات العسكرية والدعم اللوجستي للقوات المعتدية في غزو العراق عام2003.
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٨ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / أب / ٢٠٠٩ م