تأملات / تصادق مع الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً !.

﴿ الجزء العاشر ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
أذن النظام العربي وبشكل عام يحتاج الى  وضع استراتيجية عربية تتلاقى مع ألطموحات العربية وعلى الاقل بالحد الادنى من هذه الطموحات ,  وفي نفس الوقت تتناسب مع القدرات العربية , وأن هذه الستراتيجيات القومية تمثل الاستخدام العلمي والمدروس للامكانيات الروحية والمادية ولكافة الموارد العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والعسكرية والثقافية سواء للقطر العربي الواحد أو لأي تجمع للاقطار العربية والتي تكون قادرة على صياغة سياسة عربية قوية و من ثم رسم عقلاني للعلاقات العربية وتأمين كل مستلزمات  نجاحها. ولاجل أن تكون النتائج ايجابية في صياغة العلاقات الخارجية  , لابد ان تكون لدينا سياسات صحيحة مبنية على ركيزتين أساستين مهمتين  , ألاولى هي مصالح الامة والثانية هي فعل الضروف الموضوعية والذاتية للامة أو لاي تكتل أو تقارب عربي ,   وللوصول الى هذه الحالة الصحيحة من السياسات لابد من ان تكون هذه الستراتيجات السياسية مبنية على أسس صحيحة وواقعية ,  و من أهم هذه  الاسس والركائز هي تفحص دقيق  للقدرات الداخلية و التي بالتأكيد يمكنها أن تحدد حجم وقدرة المنفذ في المناورةفي حيز مريح من حقول السياسة الخارجية.ولكن هذه الستراتيجيات تبقى ناقصة أذا لم تتضمن المعرفة الكاملة و الدراية الشاملة بقدرات وامكانيات الاطراف التي نتعامل بها أي لا أن نخطط برؤية أحادية مبنية على أمكانياتنا وقدراتنا فقط وبدون معرفة  بقدرات و أمكانيات وحيز المناورة عندألاخرين  , وهذا سبب رئيسي في فشل ستراتيجياتنا السياسية لانها موضوعة بتجرد وليس بنسبية مع الاخرين.أي بمعنى أخر نرى الذي عندنا ولا  نتفحص ما عند الاخرين و نتقبل الذي يريحينا ولا يتعبن ,  أما الذي لا نريد أن نراها فأما نتغافله أو نغض النظر عنه وهذا يندرج في التخطيط الانتقائي في مجال وضع الستراتيجيات وهو خطير جدا لكونه يربكنا ويهز حتى قواعد أنظمتنا بما يورده من مفاجأت غير محسوبة.


ومن عيوب واضعي الستراتيجيات وخاصة في دول العالم الثالث هو الانغماس بل الغرق في تأشيرات لمصادر القوة , وذلك بالمبالغة بالتأثيرات للقوة العسكرية في العلاقات الدولية والتقليل من القوة السياسية والاقتصادية والثقافية وكذلك الدينية و الفكرية وهاتين القوتين الاخريتين لها حظوظ قوية في الوطن العربي.بمعنى أختزال قوة الدولة أو أي تكتل بالقوة العسكرية , ولذلك نلاحظ أن الانظمة في دول العالم الثالث وخاصة الدول النفطية منها تتجه الى بناء قوتها العسكرية ووضع الميزانيات الخرافية للبناء العسكري ولكن الواقع يؤشر عليها توجها خاطئا بل في بعض الاحيان يصل لدرجة الهوس والانفعالات الذي يؤدي في بعض الاحيان الى خسارات كبيرة في الاقتصاد والسياسات وحتى في القوة العسكرية  , فعلى سبيل المثال لا الحصر أن الدول العربية صرفت التريليونات من الدولارات ومنذ عام 1948ولغاية اليوم لبناء قوة عسكرية عربية كانت تريدها لتحرير أرضنا العربية العزيزة في فلسطين ,  ولم تكن الدول العربية بقوتها العسكرية مجتمعة أن تتساوي مع الكيان الصهيوني في أي يوم ومنذأكثر من ستين عام , و الاسباب معروفة ويعرفها كل عربي ألا الذي لا يريد أن يراها بعقل علمي وواقعي , وأهمها هو أن مصادر السلاح ليست عربية ,  واية محاولة لبناء صناعة عسكرية قومية من قبل أي نظام عربي سوف تقوم الدنيا عليه ولا تقعد أبد ,  ألا أما بتخليه مستسلما كالنظام في ليبيا  , او يشن عليه حربا لاسقاطه وكما حدث مع النظام الوطني القومي في مصر في زمن البطل عبد الناصر (رحمه الله) والذي شنت عليه حرب  عدوانيةمن قبل الكيان الصهيوني و فرنسا وبريطانيا في حرب السويس في عام 1956 و أنتصر فيه الشعب العربي المصري والامة العربية معه ,  وهذا ما جعل الحلف الامبريالي الصهيوني يعد لمؤامرة أكبر وكانت مؤامرة العدوان الشامل على العرب في عام1967 وبعدها قاد المرحوم عبد الناصر حرب الاستنزاف والتي كانت نتيجتها ما تحقق في حرب 1973 , وكانت مؤامرةأغتيال عبدالناصر جاهزة وقد نفذت وبدقة كبيرة وبطريقة دراماتيكية ذكية أختفت فيها ملامح الجريمة الحقيقية.وكيف الحال و اليوم العالم أصبح تحكمه القطبية الواحدة مما زاد تعقيد المساعي العربية المشروعة في الحصول على تكنولوجيا الاسلحة المتطورة. بنفس الساقات التأمرية ولكن بشكل متطور و أكثر تعقيدا ما تعرض له العراق الوطني القومي  , فبعد ثورة البعث الخالد في 1968 وأنتفاضة 30 تموز بدءت المؤامرات على ثورتنا وخاصة بعد الهجوم الثوري العظيم للبعث الخالد على معاقل الامبريالية المتمثل أنذاك بالاحتكارات النفطية في العراق وقيامه بتأميمها في  يوم1حزيران 1972 الخالد. و جاءت الضربة القاصمة في نجاح الثورة في التأميم في 1أذار 1973 الامر الذي أربك الكثير من حسابات الامبريالية والصهيونية العالمية , وتتابعت مواقف العراق القومية وخاصة مشاركته في حرب1973 لتضيف تحديا أخر للامبريالية والصهيونية  , جعل التفكير بأزاحة النظام الوطني القومي من الأولويات للامبريالية الصهيونية ,  وقد تجسد هذا في وضع النظرية(الفوضى البناءة)والتي ملخص أهدافهاسفك الدماء من أجل الوصول الى نظام جديدفي المناطق الغنية بالثروات وتحمل في توصياتها وأفتراضاتها أن النمو السكاني خاصة في الدول العالم الثالث يعتبر تهديدا للامن القومي الامريكي وقد تم أعتمادها في عام 1974من قبل الادارة الامريكية بعنوان (مذكرة الامن القومي 200NSM200)) )).(1)وهي فكرة تم تكريسها باعتبارها سياسة أمن قومي أمريكي من قبل مستشار الامن القومي الامريكي في عهد ريتشاد نيكسون وهو الصهيوني كيسنجر صاحب المقولة المشهورة(أن الطريق الى القدس يمر عبر بغداد) , وهو واضع نظرية( القتل الاشفاقي)(2) في كمبوديا. و لكن نجاح العرا ق في بناء قدرته العسكرية وأنتصاره على أكبر أداة قدمت خدمة للامبريالية والصهيونية في حرب أستمرت 8سنوات مع نظام الملالي في أيران , أن هذا الانتصار أحرج الحلف وأجبرهم على التفكير في الدخول الى حلبة المواجهة المباشرة مع النظام الوطني القومي في العراق في عدوان جند له 33دولة في عام 1991  ,  وأيظا يفشل الاشرار ويقومون بفرض حصار شامل على كل الحياة في العراق  , ولما أيقن الحلف الامبريالي الصهيوني بفشلهم في أحتواء النظام الوطني القومي في العراق  , كان لابدأن يطورو من سياستهم تجاه العراق ويبتدعوا أساليب وأدوات جديدة وأكثر فعالية في اذية الشعب العراقي وكان ذلك بأستخدام منبر الامم المتحدة وبالتحديد ما يسمى بمجلس الامن الدولي , وأبتدعوا كذبة اسلحة الدمار الشامل وتهديد السلم العالمي وأصدروا القرار 666 في عام 1990 وأدخلوا العراق بشكل أو أخر في البند السابع الذي يتحيح لهم باستخدام القوة العسكرية ضد العراق وهذا الموقف كان يعني الكثير والكثير بالنسبة للعراق وللوضع القومي العربي والدولي وكان على السياسين أن يستنتجوا أن الاشرار نجحوا في الحصول على المظلة الدولية ولابد من أستقراء أكثر دقة للمرحلة القادمة بعين سياسية وعقل مبدئي وقلب متحوط من القادم ,  أي أن الستراتيجية التي وضعت لاحتواء العراق قد أجري عليها بعض التغيرات بعد يوم النصر العظيم في1989 وأن السياسة الجديدة تجاه العراق اصبحت في وضع جديد وتتلخص بالمواجهة المباشرة معه والاستفادة من أي نقطة ضعف في سياسة العراق الداخلية أو الخارجية وأرباك علاقاته العربية والدولية الامر الذي يتيح لهم وضعه في تصنيف الدول التي تهدد للسلم العالمي مع حشر مواقفه الثورية القومية أو العالمية الصحيحة مع مجموعة من الاكاذيب في البند السابع من ميثاق الامم المتحدة مستغلين العلاقات الدولية المبنية على المصالح والمجاملات الوضيعة في تبادل المنافع بين القوى الدولية الكبرى.

 

أن المرحلة من عام 1990 ولغاية 2003 تستقراء بحدود حلقة واحدة وهي ستراتيجية للتنفيذ وليس للمناورة أوالضغط وهي ملزمة للادارة الامريكية الجديدة وخاصة بعد  الاتيان بالمجرم بوش الاب على رأس السلطة التنفيذية للامبريالية العالمية  , لان العقل المشرع للاستراتيجيات الامبريالية كان قد أنجز كل المستلزمات الضرورية لتنفيذ هذه الستراتيجية المقفلة بأتجاه اسقاط النظام الوطني في العراق وأما من يستعين بالمناورات التي كان يقوم بها مثلا المفتشون الدولين أو بعض التوقفات في الضغط على العراق  بانه جزء من مناورات سياسية أو تكتيات مرحلية فهي لا تتعدى كونها لترطيب بعض الجفاف بين القوى الكبرى ولكن القرار قد أتخذ ولكنهم يريدون تنضيج المواقف لخطوة الغزو ويراد منها دفع الوطنين والتقدمين والمساندين للحق العراقي  الاعتقاد بأنهم غير جادين في العمل العسكري ,  ولكنهم في نفس الوقت يعدون و يبيتون لتوقيت جريمتهم بعد أنضاج الضروف الدولية وزيادة تاثير الحصار على عراقنا الحبيب وبدليل لم يكن العراق الاول في جدول محور ما سموه(بمحور الشر والذي كان يشمل كوريا الشمالية والعراق وايران!) ,  ولكن بعد أحداث 11 أيلول وبشكل متسارع تغيرت أولياتهم في هذا الشعار الوسخ .

 

وكان جزء من حلقات لتنفيذ ستراتيجيتهم الموضوعة باتجاه العراق الوطني هو خلق حدث يكون له تأثيرات خارجية و داخلية بالنسبة للولاياة المتحدة الامريكية ويخدم ستراتيجيتهم العدوانية فسمحوا باحداث 11 أيلول وكل التقارير والصادرة من داخل الولاياة المتحدة تؤكد بأن الاجهزة الامنية الامريكيةوخاصة ال  CIA  ,   FBIعلى علم بتوقيت وتفاصيل هذه الحدث ,  وبالفعل كما خططوا لها أن هذا الحدث دفع  بالشعوب الامريكية أن تصطف وراء ادارتهم الحمقاء والتي خلطت الاوراق عليهم بقيامها بغزو أفغانستان بحجة تجفيف منابع الارهاب و من ثم صعدت الموقف مع العراق وغيروا أولياتها بمحور الشر ليبدوا الامر انه  لم يكن مبيتا وقرار غزو العراق لم يكن قد أتخذ مسبقا وأنما العراقيون هم الذين اجبروا الولاياة المتحدة على أن تتخذ قرار الحرب! وأنها حرب دفاعية عن امن المواطن الامريكي والغرب بصورة عامة! اية عقلية داهية تخطط لهولاء القتلة واية سياسة يتعاملون بها وأي توظيف لعلاقاتهم الدولية.. وأستغلوا ظروف التعاطف الدولي مع الولاياة المتحدة بشأن أحداث 11 أيلول والخلط المتعمد بين الارهاب ومقاومة الشعوب للظلم الذي تتعرض له.لينفذوا اكبر جريمة وحملة أرهابية في التاريخ المعاصر وهي غزوهم للعراق عام  2003.ولكن مهما مكروا وتأمروا وحتى مهما نجحو , فلنا في رب السموات والارض خير معين على أعتى قواهم , ولنا من الرجال المؤمنين بالله و بعقيدتهم وبحقهم من رجال الرجال في المقاومة العراقية البطلة ,  وأيظا لنا في العقلية الذكية في أستيعابها للدروس وأتقادها بثورية الفكرفي وضع الستراتيجيات الصحيحة والعميقة في الاحتمالات ورسم السياسات التي تتناسب مع الاحداث ولتنتج علاقات مثمرة ومنتجة لقضايا الامة بعون رب السماء والارض..

 
(1) نظرية وضعها هنري كيسنجرو تم أعتمادها في عام 1974 من قبل الادارة الامريكية بعنوان مذكرة الامن القومي الامريكي 200NSM200)) )).)وهي فكرة تم تكريسها باعتبارها سياسة أمن قومي أمريكي من قبل مستشار الامن القومي الامريكي هنري كيسنجر في عهد ريتشاد نيكسون


(2)نظرية وضعها وزير خارجية اميركا الاسبق(هنري كيسنجر) نظرية سميت في حينه(القتل الاشفاقي) في كمبوديا  تعتمد بالاغارة على البلاد وتدميرها وستكون النتيجة فزع اهل البلاد و كما هو جار في العراق الان و من ثم أعادة السكان الى سابق عهدهم بطريقة الانتقاء ويموجبه يتم أختيار السكان فرادا فراد , ومن ثم تقسيم البلد وتوزيعه يموجب محاصصة , وبعدها يكون تقرير مصير أهل البلد  موزعا بين من بيقى من أهل البلد ومن يرحل من هنالك وهذا المسلسل يحدث في العراق الان.

 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٤ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م