تأملات / تصادق مع الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً !.

﴿ الجزء السادس ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي

وأن الحقيقة الاولى تكمن في علاقةعقائدنا السماوية بعقيدتنا الدنيوية لايمكن ان يرتقي اليها أدنى شك وأن هذا الامر يشكل نقيصة في كل العقائد الدنيوية الاخرى,فهي أما أن تنكرمبأدئ السماء أو تتعامل معها يطريقة أنتقائية,ولست هنا أبالغ في وصفي للعقائد السياسية في الغرب أو الشرق سواء التي تدين بالماركسية أو التي تدين باللبرالية أو العقائد الوسطية أوعقائد دينية سياسية بأنها فقيرة وناقصة في تعبيرها عن الحياة البشرية بالقدر الذي هي بعيدة عن خالق الحياة. ان هذه النماذج محور فلسفتها الفرد أو المجموع بعيدا عن قدرة الله عزوجل وكل ما يدور حول هذه المحاور أختلاقية ومن صنع الانسان وبذلك تكون القوانين التي تتحكم في مسيرة الانسان أو المجتمع هي نتاج بشري ولا يتحكم فيها مسئلة الضمائر أو الاخلاق ألا ما يتعلق بالمصلحة بعيدة عن مراقبة القيم والمبادئ كالمحبةو العدالة والمساواة والحرية الحقيقية والسيادة..

 

وأما العقائد السياسية الدينية فهي الاخطر على البشرية لانها تنتقي من مبأدئ السماء ما يخدم مصالحها الفئوية أو الطائفية وخطورة هذه العقائد الدنيوية تكمن في نخرها لمبادئ الدين وأبتداءا من خلق الاجتهادات في التفسيرات وتغير في الطقوس وصولا الى تجزئة الفقه الواحد ومن ثم خلق المحاورونقاط الاختلاف في داخل الدين الواحد وتتحول هذه المحاورالى استقطابات خلافية ولتتطور الى اختلافات ومن ثم صراعات و لتصل الى بروز الطائفية والمذهبية .ونحن كعرب يهمنا بالدرجة الاساس الدين الاسلامي الحنيف لانه يمثل خلاصة النهضة العربية وهو ليس دينا سماويا فقط ,بل قد تجاوز في فعله وتأثيره في حياة العرب التغيرو التصحيح في علاقة الانسان بخالقه,أن حركة الاسلام المتمثلة فى حياة الرسول الكريم وخلفائه الراشدين ليست بالنسبة الى العرب حادثاً تاريخياً فحسب، يفسر بحسابات الزمان والمكان ، وبالاسباب والنتائج وتنتهي بتغير في طريقة التعامل مع الحياة فقط، بل ان عمقها وعنفها واتساعها وشموليتها لنواحي الحياة العربية أرتبطت ارتباطاً مباشراً بحياة العرب المطلقة،

 

اي انها صورة صادقة ورمز كامل خالد لطبيعة النفس العربي وعلاقته بخالقه وبالبشرية أيظا وليست تجربة  تأريخية عابرة, وأنما هو ثورة شاملة ونظام حياتي متكامل بدء عربيا وأنتشر في الدنيا, ويصفه المفكر العربي الكبير الاستاذميشيل عفلق  ((رحمه الله)) فيقول(فالاسلام هو الهزة الحيوية التي تحرك كامن القوى في الامة العربية فتجيش بالحياة الحارة، جارفة سدود التقليد وقيود الإصطلاح. مرجعة اتصالها مرة جديدة بمعاني الكون العميقة، ويأخذها العجب والحماسة  فتنشئ تعبر عن  اعجابها وحماستها بالفاظ جديدة واعمال مجيدة، ولا تعود من نشوتها قادرة على التزام حدودها الذاتية، فتفيض على الأمم الأخرى فكراً وعملاً، وتبلغ هكذا الشمول )(1) ,

 

وأمام هذه الحقائق عن الاسلام يكون علينا رصد كل المحاولات التي تهدف الى تحويله الى مجموعة من المذاهب المتصارعة بل المتقاتلة وتحت عناوين أجتهادية دينية ولا أعتراض عليها لان في الاجتهاد صحة للتطوير والتكيف مع معطيات الواقع على أن لايتحول الاجتهاد أو حالات التكيف الى غلو أو أنحراف وتشويه,وهذه الخطوط الحمراء في حقيقتها تمثل أسيجة للحفاظ على وجود الامة العربية .وأن الحركات أو الاحزاب الدينية السياسية تعمل بتوجيه أجنبي أو بدونه لتخريب الاسلام و بالنتيجة تهدد الوجود العربي في حين خطابها يظهر التزما بالقيم الدينية, والدين بريء منهم لانه دين التوحيد ويؤمن باله واحد هو الله رب السماء والارض وخالق الحياة,أن هذا البعض الدخيل قد يكون من الشرق أو الغرب وقد يكون مستخدما للغاية اللانبيلة لتمزيق الدين الواحد وقد يكون مندفعا بعواطف مريضة يحتاج لمساعدتنا وبشكل كلي و تام لمعالجته وتطبيبه عقائديا وفكريا وأخراجه من هذا الوهم الذي قد يعيش في داخله والذي تثقف عليه بأن من يختلف معه دينيا أو أجتهاديا أو سياسيا يصنف مع خندق الاعداء ومقاتلته هي الوسيلة الوحيدة أمامه. أن الاسلام هومادة الفأس العربية عندما نكون بين قطيع الذئاب .

 

وأمام هذا التيه في أختيار الطريق فكرا وسلوكا,و الذي قد أوكون للحظات أحد الذين ساهموا في خلق حالة من الضياع في أختيار السبيل والطريق العربي لبناء المستقبل لامة العرب وللحد الذي يمكن أن نسأل ماهوالفكر الذي يكون قريبا من العربي في تحسسه لمشاعره ولطموحاته و لايجاد كل الحلول لمشاكل الامة,ومن ثم وبلورة أهدافها وطموحاتها .لكني أتدارك وأقول أن هذا يجرنا للتفكير المنطقي و الواقعي عن العقيدة المتوازنة بين التطرف الديني والالحاد المقيت.ولو تفحصنا المبأدئ التي تأسست عليها العقيدة البعثية وفي نفس الوقت معاينة دقيقة للطريق النضالي الذي سلكه هذا الحزب فبألتاكيد سنصل الى النتيجة الحاسمة بأن عقيدة البعث الخالد والذي يستمد مبأدئه من قيم السماء قادر أن يكون الاقرب الى فهم التطور التأريخي والمادي للامة العربية وأن نشوءالبعث كان من وسط المعاناة العربية وبتوازن مع كل العقائد,

 

ويقول القائد المؤسس و المفكر العربي الفيلسوف الاستاذ ميشيل عفلق:( ان نشوء حزب البعث هو نتيجة حاجة الى معالجة مشاكل الوطن العربي معالجة جذرية وكلية، وعلى أساس ان هذا الوطن يشكل وحدة وان شعبه يشكل امة. وان نقطة انطلاق المعالجة هي الأمة نفسها، لا بمعنى تجاهل وإهمال صلتها بالعالم، ولا بمعنى اعتبارها هي الغاية وكل ما سواها وسيلة لها، بل بقصد الاهتداء إلى المعالجة الصحيحة والعميقة لمشاكل هذه الأمة، معالجة تنبع من حاجاتها الخاصة ومن تفاعلها مع العالم، دون التقيد بأية نظرة مصطنعة تفرض من الخارج، سواء أكانت أممية طبقية أو أممية دينية أو أي شيء من هذا القبيل.) (2)أذن عندما أقول أن البعث هو الضمانة في فكره ونضاله لمسيرة الامة العربية لتحقيق أهدافها يكون قولا صحيحا بقدر أقتدار أهداف البعث لتمثيله لاهداف الامة .وبذلك تستطيع الامة ان تتصادق وتتعايش مع اكثر القطعان وحشية وطمعا وسيفها البعث ضامنا لسلامتها..     

 
 
(1) خطاب القي على مدرج الجامعة السورية في 5 نيسان عام 1943
(2) البعث هو الانبعاث من الداخل-حديث في القاهرة في أذار 1957
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٩ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / أيلول / ٢٠٠٩ م