تأملات / ٦ تشرين .. في الذكرى الحقيقة والارادة والعبرة

﴿ الجزء الاول ﴾

 
 

شبكة المنصور

سمير الجزراوي
أليوم تمر الذكرى السادسة والثلاثون لحرب تشرين المجيدة والتي تمثل أحدى المواجهات للامة العربية مع أعدائها الحقيقين,ومن الاجحاف بحق هذه الملحمة البطولية حصرها بجانبها العسكري سواء في المشاركة العربية أو في نتأئجها,فهي أكبر وأعظم من ذلك,فحقيقة هذه الملحمة البطولية أنها مثلت بعض من القدرة والامكانية للامة العربية ,وأعادة لهذه الامة الثقة بقدراتها وأمكانياتها فيما لو توفرت لها الارادة والعقلية القيادية التي تستطيع أن تحرك الانسان العربي وتوظف امكانياته الروحية و المادية,وأظهرت قوة التضامن العربي في حسم معارك الامة ولو كان في حينه قد مثل الحد المقبول من هذا التضامن العربي.


فالحقيقة الاولى التي تأكدت في تلك الحرب,أن الامة في حاجة حقيقية للوحدة وقبل كل شئ ,فبمجرد أن أستطاع العرب أن يحققوا حد مقبولا من التضامن سواء على الجبهة العسكرية بالمشاركة الرائعة والجبارة للقوات العراقية البطلة والسريعة في دعم واسناد الجبهة السورية والى جانب الجيش العربي السوري البطل وأيظا في الجبهة المصرية من مشاركةفعالة لصقور الجو العراقين مع اشقائهم الصقور المصريين وبناء حالة الصمود في الجبهتين, أو على الصعيد الاقتصادي في أدخال النفط كسلاح في المعركة والذي كان للقيادة الوطنية في العراق الاولية في المبادرة بطرح استخدام النفط كسلاح في المعركة وبتحرك دبلوماسي عال وواع من قيادة البعث الخالد تم تحشيد كل الطاقات الاقتصادية في المعركة ,أوعلى الصعيد السياسي والمتمثل بالموقف الرائع والموحد للامة أمام أعدائها والذي تمثل في موقف جامع للدول العربية في الامم المتحدة وخاصة الموقف من مجلس الامن الدولي و هو شكل من أشكال معركة الوحدة للامة العربية,و حيث يؤكد المفكر العربي الكبير الاستاذ ميشيل عفلق على الاهمية البالغة للوحدة في حياة الامة فيقول :( بأني كنت أقول بأن معركة الوحدة هي أصعب معاركنا لأنها هي الثورة الخالصة التي يضع فيها العرب جميع امكانياتهم. الثورة العربية التي لا يعتمد فيها العرب الا على انفسهم هي معركة الوحدة، في حين أن ثورة التحرر والثورة الاجتماعية تساندهم فيها قوى أخرى..)(1).

 

والحقيقة الثانية والتي جاءت نتيجة للحقيقة الاولى هي الحاجة الملحة للدول العربية لاستراتيجية موحدة للصراع والتي كانت غائبة بدليل أن النتائج  السياسيةالتي تمخضت عنها الحرب أستنفذت وأستهلكت عند حد تحقيق النصر الاولي ولم يستمر الجهد السياسي العربي الموحد والذي كان قد تبلورفي أيام المواجهة بالاستمرار والتوحد بالقوة ذاتها أيام المواجهة,و أن تطور أحداث الحرب جعلت الجانب العربي شبه عار من ستراتيجية تدير الصراع و تتحكم في مجرياتها ونتأجئها على الاقل فيما يخص الدول العربية والدليل على ذلك أن نتائج هذه الحرب المقدسة أفضت الى توقيع أتفاقيات ((سلام منفردة)) والذي تحولت أهداف هذه الحرب من البعد القومي الى تحقيق مصلحة قطرية وهي غير ما كان قد أعد لها,فحرب تشرين في بعض جوانبها الاساسية نتيجة تخطيط وأعداد عقلية قومية متمثلة بالمرحوم البطل جمال عبد الناصر وستراتيجيته في حرب استنزاف العدو و في نفس الوقت اعادة بناء القوات المسلحة المصرية ولم تكن رؤيته تقف في تحرير ارض سيناء بل كل الارض العربية(2),والذي رفع شعاره المعروف (إن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة).

 

ولكن السادات رحمه الله أستغل معاناة الشعب العربي في مصر من جراء نكبة 1967ونتائجها وتلكأ بعض الدول العربية من الوقوف مع شعبنا في مصر وايظا تباطأ الاتحاد السوفيتي في تقديم الدعم الحقيقي لمصر وأمام كل هذه العوامل مجتمعة وبكل انتهازية أستطاع السادات ان يخرج عن الصف العربي ويوقع وقفا لاطلاق النار ومن ثم يمهد الطريق لعقد اتفاقية ((سلام ))مع العدو,وأما القطر السوري الذي كان يحمل تصورا وتصميما لتحقيق أهدافا قومية في تحرير كل الارض العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني ولكن لعبة السادات وقبوله بوقف أطلاق النار أمام وعودا امريكية باعادة أرض سيناء لمصر أحرج القيادة السورية من أن الأستمرار في المجابهة مع العدو ومن ورائه الامبريالية العالمية سيكبد القطر السوري خسائر عسكرية وسياسية وحتى أقتصادية اذا تم حساب قوة  النفوذ الغربي المساند للصهاينة في سياسة بعض الدول العربية وخاصة النفطية,وبقاء القطر السوري وبعده السوقي والستراتيجي العراق في مواجهة غير متكافئة مع عدو يمتلك أكبر قوة عسكرية وأقتصادية في هذا العالم والامر الذي سيتيح للاعداء توجيه ضربة مزودجة لهذين القطرين المناضلين واللذين يؤمنان بعقيدة واحدة هي عقيدة البعث الخالد,

 

وقد حققت الامبريالية والصهيونية جزء من هدفها هذا في غزو العراق عام 2003 وأزاحة نظامه الثوري الوطني القومي و أمام كل العرب والعالم ,واليوم تحاول القوة الامبريالية الصهيونية للتضيق على النظام الوطني القومي في القطر السوري وعبر العديد من الالعوبات فتارة يحيكون مع عملائهم في المنطقة أغتيال شخصيات لبنانية وطنية ويدبرون  المؤامرات تجاه قواه الوطنية الحقيقية ويحاولون وبكل قباحة حشر هذا القطر المناضل في زوايا جرائمهم, وتارة يقتلون العراقيون بتفجيرات من عملائهم ويلقون عجز عملائهم في ادارة الملف الامني في العراق بالمسؤولية على هذا القطر المناضل ,وما بدعة تفجيرات الاربعاء(تفجير وزارتي الخارجيةو والمالية في بغداد) وعلى نفس البرمجة والتخطيط والمسميات واللحن لتفجيرات 11 ايلول ,أنهم يبغون الاجهاض على النظام الوطني القومي في سوريا ,فهم لا يطيقون من يحمل عقيدة البعث الخالد لانهم الاكثر دراية بأهداف هذه العقيدة العربية الانسانية ,فهم يريدون من يستجيب لمطاليبهم ولا يجادلهم و التصريحات الامريكية المعادية لسوريا وخاصة بعد أحاث 11أيلول تنم عن قصد مبيت كما هو الحال بالنسبة للعراق في عدم تفويت الفرصة التي ضاعت عليهم في حرب تشرين 1973من التخلص من هذين النظامين الثوريين ,فقد صرح ريتشارد أرميتاج نائب وزير الخارجية الأمريكية السابق الذي أعلن أن الولايات المتحدة قد تقوم بعمل عسكري ضد دول مثل سورية إذا لم تستجب للمطالب الأمريكية والغربية،و تصريحات مساعد وزير الخارجية السابق بولتون الذي أضاف سورية ضمن دول محور الشر عندما تحدث في أحد محاضراته عما وراء محور الشر.

 

حفظ الله الامة والقطر السوري من أذى الاشرار. أمين

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١٨ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور