نفاق العملاء في تشييع اللئيم عبد العزيز الحكيم

 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

يكفي, غير المأسوف على موته, عبد العزيز الحكيم عارا وخزيا أن يكون السفيران الأمريكي والبريطاني, ممثلان عن أكثر دول العالم حقدا وكراهية للعرب والمسلمين, حاضرين في مراسيم تشييعه الى مثواه الأخير الذي هو عبارة عن زاوية معتمة في مزبلة التاريخ. سوف يُسدل عليها ستار النسيان والاهمال في الشهور القلائل القادمة, كما حصل مع الكثير من أمثاله, وأولهم شقيقه محمد باقر الحكيم الذي نال عقابا نموذجيا بالنسبة لعميل وخائن الى درجة أنه لم بيقّ منه أي أثر يُذكر.


ويكفي"الفقيد" خزيا وعارا أن جلّ مشيّعيه, عربا وعجما ويهودا وبين بين, هم قتلة ولصوص وسماسرة وأصحاب سوابق, ونماذج نادرة للفساد والافساد وموت الضمائر. وخناجر مسمومة ما زالت نصالها مغروسة في جسد العراق الجريح, يتناوبون على طعنه وهم يرتشفون كؤوس الشماتة وسط أهازيز الفرح وعبارات الاستحسان الآتية من وراء الحدود. لكن, وكعادة اللصوص والشركاء في الجريمة عندما يودّعون رفيقا عزيزا أفنى جلّ عمره البائس في خدمتهم, إنهالت على فقيدهم عبد العزيز اللاحكيم كلمات الثناء والمديح والتبجيل التي لم يكن"سماحته" يستحق ّ حتى الواحد بالمئة منها عندما كان على قيد الحياة.


فالرجل, كما هو معروف من تاريخه العائلي, نذر نفسه في خدمة أعداء العراق ووضع مجانا كل ما يملك من إمكانيات وقدرات في العمالة والخيانة والتجسّس تحت تصرّف أية دولة حاقدة أو طامعة أو معادية للعراق والعراقيين. ولم يُعرف عنه, منذ أن بدأ نجمه المغبرّ يرتفع في سماء العمالة والتآمر على العراق, أن لديه قدرات معيّنة أو صفات إيجابية في مجال ما, أو أن له باعا طويلا في العلم أو في الأدب أو في الفلسفة أو في أية علوم إنسانية أخرى. وحتى كرجل دين فقد كان فاشلا ومنبوذا ومهملا. لقد طغى الحقد الأسود على قلبه وعقله وروحه وتحوّل الى كتلة من الشرور والمساويء.


عبد العزيز اللاحكيم, شأن الكردي مسعود البرزاني في شمال العراق, توارث عن أبيه الحقد على العراق وإستلم منه أيضا راية العمالة للأجنبي, وعمل بلا هوادة من أجل إيذاء العراقيين وزرع بذور الفتنة والفرقة بينهم. وكاد النجاح أن يحالفه في مسعاه الاجرامي هذا لولا يقظة وتآلف ووحدة الشعب العراقي من شماله الى جنوبه. لقد تعاون الحكيم والبرزاني, بدفع وتحريض من مراجعهم وأسيادهم المجوس والصهاينة, في جميع المؤامرات الدنيئة التي تعرّض لها العراق لأكثر من ثلاثة عقود, وكان آخرها المشاركة الفعّالة, قلبا وروحا وجسدا ومالا ورجالا, في عملية غزو العراق البربرية وما تبعها من جرائم ومذابح وخراب ودمار ومآسي يشيب لها الولدان.
إن كلمة التعزية التي ألقيت نيابة عن الديكتاتور الصغير مسعود البرزاني بوفاة رفيقه في العمالة والخيانة والعهرالسياسي, عبد العزيز الحكيم, تعبير صادق عن التاريخ المخزي والماضي الأسود لمثل هذه الشخصيات, وتجسيد حيّ لمتانة الروابط بين آل البرزاني "مافيا الشمال" وآل الحكيم "مافيا الجنوب". واللافت إن كلا العائلتين دخيلتان على العراق, بل إنهما من أكثر العوائل الأجنبية, التي إحتصنها العراق بكل كرم وشهامة وأريحية, نكرانا للجميل وتآمرا عليه. فقد وصف البرزاني الحكيمَ في كلمته قائلا: "لقد فقدنا أخاً عزيزا تمتّعنا بمساندته عندما كنّا بحاجة ماسّة الى الدعم". ولا توجد ضرورة على ما أظنّ الى شرح وتحليل وفك أسرار هذه الكلمات. فالحر تكفيه الاشارة.


لقد حاول جميع اولئك الذين أرسلوا برقيات أو رسائل تعزية, خصوصا حكام جمهوية آيات الله العظمى في إيران, أن يصنعوا من أبنهم البار ومنفّذ خططهم الشيطانية في العراق عبد العزيز الحكيم, بطلا ومناضلا ورمزا لنضال هو في الواقع سلسلة متواصلة من التآمر الدنيء والجريمة المنظّمة. وقد صدق مرشد "الثورة" الايرانية خامنئي عندما قال "إن جهود ومبادرات رجل الدين المجاهد - ويثقصد الحكيم - فريدة ولا تُنسى سواء في العراق أو في إيران".


ولا ريب إن إيران لا تنسى مبادرات فقيدهم عبد العزيز الحكيم الذي طالب العراق, قبل بضع سنوات بدفع مليارات الدولارات كتعويضات عن الحرب الايرانية - العراقية, كما سبق له وأن جنّد الكثير من رجاله ومرتزقته في القتال ضد الجيش العراقي الباسل. ولا يمكن نسيان دور الحكيم الاجرامي في تعذيب وإضطهاد الأسرى العراقيين أبان تلك الحرب. فضلا عن مشروعه الشيطاني حول فيدرالية الوسط والجنوب الرامي الى وضع العراق وخيراته ومستقبل شعبه تحت وصاية أسياده الصفويين. وكانت آخر مبادراته الاجرامية, وبناءا على أوامر ملزمة وواجبة من جارة السوء إيران, هي تصفية خيرة أبناء العراق ومنهم ضباط وقادة الجيش العراقي الباسل الذين أرغموا دولة الملالي أنذاك على تجرّع سم الهزيمة.


وإذا وجدت جمهورية الملالي صعوبة في نسيان فقيدها عبد العزيز الحكيم للأسباب الواردة أعلاه أو لأسباب أخرى مماثلة, فاننا كعراقيين سوف لا ننسى أبدا الجرائم والإنتهاكات والتجاوزات بمختلف الأنواع والحجوم التي كان عبد العزيز الحكيم وحزبه المعادي للعراق والعروبة والاسلام, بطلها الأول والمحرّض الأساسي عليها. وسيبقى بالنسبة لنا, مهما قيل فيه من كلمات رنانة وجُمل مختارة بعناية, واحدا من أكثر المجرمين خطورة وفجورا على العراق وشعبه.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ٠٩ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / أب / ٢٠٠٩ م