مُصيبة المالكي أنه لا يملك من أمرهِ شيئا

 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

يبدو أن العميل نوري المالكي وجد في إتهاماته المتكرّرة لسوريا خبزا طازجا لأسنانه, كما يقول مثل إيطالي. فأصبح الهجوم عليها, والذي تزداد حدّته يوما بعد آخر, الشغل الشاعل لدى"دولة" رئيس وزراء المنطقة الخضراء. وبالرغم من أن الرجل يوزّع الاتهامات شرقا وغربا ويلمّح الى تدخّل دول معيّنة في "الشان العراقي" كما يزعم, الاّ أنه لا يجرأ على ذكر إسم جارة السوء إيران ضمن قائمة المتّهمين. مع العلم إن القاصي والداني يعرف بأن جمهورية الملالي في طهران أرتكبت, منذ الغزو الأمريكي البربري وحتى يوم الناس هذا, أكثر من ألف "أربعاء دامي" في العراق عن طريق منظماتها الارهابية المختلفة ذات الصبغة العراقية, ومنها جيش الدجال مقتدى الصدر وحزبي"الدعوة" لصاحبه نوري المالكي وحزب"المجلس الاسلامي" التابع للمقبور والمحشور, باذن الله عزّ وجلّ, مع الأبالسة والشياطين والزنادقة, عبد العزيز الحكيم.


والمثير للسخرية هو إن العميل نوري المالكي إستعذب الضحك على نفسه وإستطاب له خداع الذات, وصدّق ما ينفيه ويكذبّه الأمريكان أنفسهم كل يوم. أي ان القوات الأمريكية المحتلّة إنسحبت الى خارج المدن. علما بأن "فخامة" المالكي ومن معه من وزراء ونواب وقادة أمنيين وعسكريين وساسة ومعمّمين. قابعون جميعا في بضعة كيلومترات مربّعة شديدة التحصين, تحرسها وتسهرعليها ليل نهار القوات ألأمريكية الغازية. فالانسحاب الأمريكي إذن, شأن أكثر من 950 كذبة صدرت عن إدارة المجرم جورج بوش, ليس سوى إكذوبة عارية ينبغي على العميل نوري المالكي أن يدخلها في دماغه المتحجّر.


وفي معرض هجومه الجديد على سوريا يقول"دولة" العميل المالكي:" لم يعد بمقدور دول الجوار إستضافة منظمات ومجموعات مسلّحة إرهابية بحجّة محاربة قوات الاحتلال الأمريكي بعدما إنسحبت هذه القوات الى خارج المدن". ويبدو إن المالكي, بائع الخواتم والسٍبح سابقا ورئيس الحكومة العميلة حاليا, لا يرى من دول جوار العراق الاّ سوريا. وقد صدق الرئيس السوري بشار الأسد بل أصاب كبد الحقيقة عندما قال إن إتهامات حكومة بغداد العميلة لسوريا "غيرأخلاقية". وهل ثمة أخلاق, يا دكتور بشار الأسد, لمن باع وطنه وضميره وتاجر بدينه وخان شعبه وشارك في تدمير بلده وشرّد الملايين من أبنائه؟


لا أحد ينكر تدخّل دول الجوار وما بعد الجوار في الشأن العراقي. ولا يمكن في الوقت ذاته نكران الدور الكبير الذي لعبته وتلعبه حكومة بغداد العميلة في تدخّل الآخرين في شؤون العراق منذ أن كان هؤلاء"القادة" الغيراشاوس"يناضلون"في الفنادق الراقية والشقق الفخمة والفيلات المجهّزة بكل ما لذّ وطاب. وهل ينكر العميل نوري المالكي إن شمال العراق الحبيب تحوّل, بفضله وفضل رفاقه من حزبيّ العميلين الطلباني والبرزاني, الى مرتع خصب لمخابرات أكثر من عشرين دولة؟ وجميعها تتدخّل, كل على طريقتها الخاصة وعلى هواها, في الشأن العراقي دون رقيب أو حسيب, أو حتى منافس!


وقبل بضعة أيام إكتشفت قوات الشرطة "الوطنية جدا" التابعة لحكومة العميل نوري المالكي, في محافظة البصرة جنوب العراق, المئات من مختلف الأسلحة المصنّعة في إيران السوء. وبالتأكيد فان هذه الأسلحة, التي تصل بشكل مستمر الى عصابات وفرق موت ومنظمات إرهابية تابعة أيران, ليست تدخّلا بالشأن العراقي من وجهة نظر"دولة"رئيس وزراء المنطقة الخضراء. وطبيعي إن تربيته الطافية وعمالته للأمريكان المحتلّين تمنعانه من رؤية الحقائق بوضوح وكشف المستور, والاعتراف بأن مخابرات إيران وأذرعها المتعدّدة تمرح وتسرح في جنوب العراق, بعلم ومباركة الاحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد.


لا شك إن دول الجوار وغيرها سوف تستمر في التدخّل في الشأن العراقي طالما هناك في بغداد حكومة عميلة فاقدة للشرعية, عاجزة عن حماية نفسها ناهيك عن حماية مواطنيها. ولا تحظى, بسبب سجلّها المخزي على جميع الأصعدة, باحترام وإهتمام الدول الأخرى. كما أن معظم الأحزاب والدكاكين والحانات السياسية المهيمنة على السلطة في العراق المحتل لا تستمد شرعية وجودها وإستمراريته الاّ من قبل الدول ألأجنبية, التي كان هدفها وما زال تخريب العراق وتمزيق وحدته الترابية والاجتماعية والاستيلاء على ثرواته وخيراته المختلفة.


ولا غرابة إذن أن تجد في عراق اليوم, وباعتراف مؤسسات حكومة العميل المالكي نفسها, إن أكثر من 14 وزيرا وأكثر من 50 نائبا فيما يُسمى بالبرلمان العراقي يحملون جنسيات أجنبية. ولا أظنّ إن هذه الحالة الشاذة والغريبة موجودة في دولة أخرى لا في الماضي ولا في الحاضر. وعليه فا إتهامات"دولة" العميل نوري المالكي الى سوريا ليست غيرأخلاقية فقط, كما وصفها الرئيس بشار الأسد, بل إنها في منتهى السقوط الاخلاقي. لكن مُصيبة المالكي أنه لا يملك من أمره شيئا.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٤ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أيلول / ٢٠٠٩ م