إئتلاف دولة القانون والدّف والرّبابة !

 

 

شبكة المنصور

محمد العماري

باستثناء الأسم, الخالي من المعنى هو الآخر, فان إئتلاف دولة القانون لصاحبه العميل نوري المالكي, الذي إعلن عنه مؤخرا, لا يختلف كثيرا عن سواه من الكيانات والكتل"السياسية"التي خرجت من مختبرات المنطقة الخضراء, بعد أن إرتفعت وتيرة الانتاج, مع إقتراب موعد الانتخابات البرلمانية, الى أعلى مستوياتها. وأصبح الشغل الشاغل لمن يسمّون أنفسهم بقادة وساسة عراق اليوم هو تشكيل حزب أو تنظيم أو تكتل, وغالبيتها على الورق فقط, وزجّه في أي إئتلاف معروف ومبارك من قبل أمريكا وجارة السوء إيران. ولا أحد يتساءل, لأن الجميع في هوى العمالة والخيانة سوا, عن حجم وتأثير ومصادر تمويل هذه الأحزاب والتكتلات وهل لها وجود فعلي وحضور جماهيري يجعلها قابلة للحياة السياسية أم لا؟


ومع ذلك, يجب الاعتراف بان العميل نوري المالكي طبّاخ ماهر وشيف صاحب ذوق رفيع. فقد قدّم لنا عبر قائمته"إئتلاف دولة القانون" طبخة سياسية نادرة سوف يسيل لها لعاب الكثير من السذج والمخدوعين وأتباع شتى الحوزات ومطبّقي الفتاوي بحذافيرها واللاطمين في كل مأتم وعزاء. فقد إستطاع الشيف المالكي أن يجمع, حسب تصريح حسن السنيد أحد أقطاب حزبه, أكثر من 40 حزبا وتيارا وتكتلا مضافا اليها, كالعادة وكما يدّعي الجميع, شخصيات وطنية مستقلة ورؤساءعشائر وأصحاب كفاءات. ولا غرابة في ذلك في بلد أصبح بعد الاحتلال مَصدر رئيسي لكل ما هو غريب وشاذ وسيء وخارج على كل الأعراف والتقاليد والعادات.


لقد وضع العميل نوري المالكي, في طبخة "إئتلاف دولة القانون" الدسمة جدا, ما لذّ وطاب من العناصر والمكونات دون أن يتناسى البهارات والعطور والمخللات والحوامض. لكنّ المتابع لشؤون وأمور المنطقة الخضراء يكتشف من أول نظرة أن جميع "القوى والتيارات والشخصيات المستقلّة" التي إستطاع المالكي خلطها في قدر خاص, هي في الواقع ليست الاّ بقايا حطام ومخلّفات "قوى" أخرى عانت وما زالت تعاني, بسبب عمالتها للأجنبي وفقدانها للمصداقية وعزوف الشعب العراقي وتخلّيه عنها, الكثير من التشرذم والتفكّك والتشظّي.


وخلافا لما يدّعيه ويؤكد عليه العميل المزدوج نوري المالكي بان إئتلافه الجديد"بعيد عن المحاصصة والطائفية والعنصرية ويضمّ شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة". فان إئتلافه هو في الواقع تجسيد حي وصورة دقيقة وصريحة لديمقراطية المحاصصة الطائفية والعنصرية والمناطقية والعشائرية. فجميع الذين إنضموا الى إئتلاف المالكي, كما وردت أسماؤهم في وسائل الاعلام, لم ينضموا اليه بكونهم عراقيين وتهمّهم مصلحة العراق وشعبهم أولا وأخيرا, بل إنضموا بصفاتهم وأسمائهم ورموزهم الطائفية والمذهبية والعشائرية والحزبية والدينية. أما الحديث عن"شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة" كما يدّعي العميل المالكي فهو قمّة الكذب والنفاق والتضليل والضحك على ذقون البسطاء وعديمي الحيلة. فاين النزاهة يا ترى من حثالات البشر أمثال حميد مجيد موسى وصفية السهيل ومهدي الحافظ وحسين الشهرستاني ورؤساء وقادة "صحوات "وغفوات وحوزات دينية وأصحاب سوابق وتجار مخدرات وإسلحة؟


ولم يكتفِ "دولة" نوري المالكي بانضمام أكثر من 40 تيارا وتكتلا وشخصية وطنية, كما يزعم, بل إن مساعيه المحمومة جارية, على قدم وساق وعمامة, إذا جاز التعبير, لأقناع, تصوّرا يا ناس, 30 تيارا وتنظيماأخرى بالدخول الى إئتلافه المتعدّد المشارب والانتماءات والأهواء والولاءات ومصادرالتمويل والترويج. فالمالكي يفتخر ويتباهى, رغم محاولاته لابعاد الصفة الطائفية والمذهية والقبلية..ألخ, بان إئتلافه يضم الشيعة والسنة والأكراد, وهؤلاء كالعادة لا يُشار الى دينهم أو ملّتهم أو معتقداتهم, وكذلك المسيحيين والتركمان والصابئة واليزيديين والكلدوأشوريين وغيرهم.


وجميع هؤلاء إسقطت عنهم, بعد أن إنضموا الى تحالف يقوده عميل مزدوج وطائفي مقنّع كنوري المالكي, صفة الوطنية وإنقطعت صلتهم, منذ أن عمّدهم الاحتلال ومنحهم فرصة للوجود والعمل, أية علاقة لهم بالشعب العراقي وهمومه ومشاكله التي لا تعد ولا تحصى. وأصبح همّهم الوحيد, الذي لا يشبه همّ العراقيين طبعا, هو الحصول على مقعد, سواءا بالتزوير أو بالرشاوي أو بقوة السلاح, في برلمان لا يملك الشرعية ولا الهيبة ولا السلطة لسنّ القوانين وممارسة دوره الرقابي على عمل الحكومة, لأنه بكل بساطة واجهة ديكورية دعائية للاحتلال الأمريكي - الايراني الذي خرج من رحمه الشرير.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ١٣ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٢ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور