استهداف سوريا

 
 

شبكة المنصور

عبد الودود الاعظمي / بغداد المحتلة

(إن التدويل لم يحقق انجازات انه حقق ماسي لنا .إن الحلول الصحيحة تأتي من أبناء المنطقة تحديدا) بهذه الكلمات رد الرئيس بشار الأسد على طلب رئيس حكومة الاحتلال في العراق نوري المالكي من مجلس الأمن
تشكيل هيئة تحقيق دولية مستقلة حول تفجيرات الأربعاء 19/8/2009 التي طالت وزارتي المالية والخارجية ومناطق أخرى في بغداد بعد توجيه الاتهامات المباشرة إلى سوريا حيث أعلن المالكي بعد التفجيرات إن ورائها حزب البعث رغم عدم إجراء أي تحقيق ولا ندري كيف توصل إلى هذا الاستنتاج بهذه السرعة .إن استهداف سوريا ليس بالأمر الجديدفقد ورد في مقررات مؤتمر ايباك (مؤتمر اللجنة الأمريكية الاسرائيلية للشؤون العامة )الذي انعقد في الولايات المتحدة للفترة من 10-12/1990 ما يأتي :


(اجتثاث البعث في العراق وسوريا لما يمثله من خطر بالغ على مصالح اسرائيل والولايات المتحدة ولإعطاء الفرصة إمام أحزاب موالية لنا تتقلد مناصب قيادية في العراق وسوريا والعزف على أوتار الطائفية والثانية في العراق وسوريا بعد العراق تحت شعارات الحرية ,الديمقراطية ,حقوق الإنسان ,التعددية ,محاربة الديكتاتورية.)لقد كان هدف غزو واحتلال العراق واضحا حيث كانت الادارة الأمريكية تسعى إلى إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة تحت مسمى ( الشرق الأوسط الجديد ) وكانت سوريا هي المحطة التالية للاستهداف بغية ترتيب أوضاع المنطقة وفق متطلبات امن الكيان الصهيوني ومصالح أمريكا بالسيطرة على ثروات المنطقة وإجهاض أية توجهات قومية تسعى إلى تحقيق الوحدة العربية إلا إن انطلاق المقاومة العراقية بكل أطيافها وعناوينها هي التي أفشلت هذه المخططات ولان العراق لا يزال بلدا محتلا كما جاء في المادة (24) من الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية (لاهاي 1907)التي تنص على :


(تعتبر ارض الدولة محتلة حين تكون تحت السيطرة الفعلية لجيش العدو)وانه دولة لا تتمتع بالسيادة كما جاء في الفقرة (353) من الدليل الميداني للجيش الامريكي 27-10 (1956) كما جاء في الفقرة (358) من الدليل (إن الاحتلال لا ينقل السيادة ,والاحتلال العسكري لكونه حادثا ناشئا عن حرب يمنح القوة الغازية وسائل ممارسة السيطرة لفترة الاحتلال لكنه لا ينقل السيادة إلى المحتل .)وبالتالي تبقى الولايات المتحدة مسئولة من الناحية القانونية عن كل ما جرى ويجري في العراق منذ غزوه واحتلاله في 9/4/2003 حتى مغادرة أخر جندي ارض العراق كما إن الولايات المتحدة لا تزال تهيمن على كل مفاصل الحياة العامة والسياسية والعسكرية في العراق رغم كل محاولات تزييف القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة منذ صدور القرار 1483 (2003) وما تلاه من قرارات وحتى توقيع اتفاقية الإذعان .


إن الزوبعة التي أثيرت ليست بعيدة عن إطراف اليد الطولى في العراق (الولايات المتحدة وإيران) رغم إن الولايات المتحدة أشارت إن أسلوب التفجيرات يقترب من طرق تنظيم القاعدة في تنفيذ عملياتها ولكن لا دليل حتى ألان .ولتوضيح الصورة للقاريء الكريم لابد لنا إن نعرج على مسرح العمليات:
1- وزارة المالية :تقع الوزارة في منطقة الوزيرية وهي قريبة من طريق محمد القاسم السريع وان المنافذ إليها من خلال الطريق القادم من الوزيرية باتجاه الجامعة المستنصرية حيث هناك طريق فرعي من منطقة شركة القطن الطبي باتجاه الخط السريع ومنه تفرع باتجاه الوزارة إما المنفذ الأخر فهو من شارع فلسطين حيث الشارع المتجه إلى الشيخ عمر وباب المعظم وبعد محطة تعبئة الوقود يتفرع الشارع إلى الوزارة وطوله بحدود 50-100متر حتى مدخل الوزارة ويحيط بالوزارة سياج خارجي وان المسافة من الباب الخارجي حتى مبنى الوزارة بحدود 30 متر والفضاء مخصص لوقوف سياراتها وفي مدخلها نقطة تفتيش إضافة إلى الكتل الخرسانية التي تحمي المنطقة وحماية الوزير ومسئولي الوزارة ولىنه احد قيادي ما يسمى بالمجلس الإسلامي الأعلى فان الوصول إليها ليس يالامر اليسير فكيف وصلت السيارة المفخخة ؟.


2- وزارة الخارجية : تقع الوزارة في منطقة كرادة مريم وهي المنطقة التي تقع فيها المنطقة الخضراء وعدد من الدوائر المهمة وسفارة إيران وفندقي المنصور والرشيد ومبنى الإذاعة والتلفزيون وهي من المناطق المحصنة جدا والطريق المتجه من جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء يؤدي تفرع منه إلى الوزارة إلا أنها تقع على يسار الشارع ولا بد للسيارة من الاستدارة من إشارة المرور لكي تكون في اتجاه مبنى الوزارة إما الشارع الممتد من جسر السنك الذي يمر في منطقة 28 نيسان فانه يتفرع باتجاه مبنى الوزارة والى منطقة علاوي الحلة عند إشارة المرور إضافة إلى الشارع القادم من كراج علاوي الحلة باتجاه فندق الرشيد وقصر المؤتمرات (مقر البرلمان الحالي)وجزء من المنطقة الخضراء وهي كلها محمية ومحصنة .علما إن سيارات الحمل الكبيرة والشاحنات الأهلية كان محظور مرورها في شوارع العاصمة قبل التاسعة ليلا قبل الغزو والاحتلال .فكيف استطاعت السيارة المفخخة الوصول إليها وعبور هذه المنطقة المحصنة إذا لم تكن هناك جهة سهلت لها المرور وهي جهة بالتأكيد متنفذة ومعروفة من نقاط السيطرة مع الأخذ بنظر الاعتبار إن حماية زيباري هم من البشمركة ؟


لقد أوردت وكالات الإنباء إن القوات الأمريكية عرضت على جلال طالباني شريطا صورتها تؤكد قيام أشخاص ينتمون إلى جهة متنفذة في الحكم سهلوا وصول السيارة إلى الوزارة . إن أي محقق محايد عندما يعاين مسرح الجريمة يصل إلى قناعة تامة إن جهة متنفذة هي التي سهلت وصول السيارة إلى الوزارة وان هذه الجهة تستطيع المرور دون أية مسالة من نقاط التفتيش فاستطاعت تنفيذ الجريمة بسهولة تامة .
فهل يمكن التصديق بان عناصر حزب البعث هم من قاموا بالعملية وان لهم الإمكانية بالوصول وعبور كل نقاط التفتيش بسهولة تامة وان لهم عناصر متعاونة في كل هذه المنطقة وإذا كان الأمر كذلك وبعد مرور سبعة سنوات على الاحتلال وبعد اغتيال عشرات ألاف من البعثيين على يد فرق الموت فلماذا الإصرار على اجتثاث البعث من الساحة السياسية .


إذن من المستفيد من الجريمة ؟


استطاعت سوريا إن تحتوي كل محاولات عزلها عن المجتمع الدولي بعد إن مورست عليها الضغوط السياسية سواء في لبنان أو من خلال اتهامها بدعم المتسللين إلى العراق ووفق تقرير بيكر – هاملتون شعرت الادارة الأمريكية الجديدة إن أية حلول لمشاكل المنطقة لا يمكن إن تنجح بمعزل عن سوريا لهذا رأينا كيف إن زيارات المسئولين الأمريكيين بدأت تتوافد على دمشق وتوجتها السيدة نانسي بيلوسي رئيسة الكونغرس وبعد قرار القيادة السورية سحب قواتها من لبنان استطاعت إن ترمم علاقاتها العربية وخاصة مع المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية كما تحسنت علاقات دمشق مع باريس إما العلاقات التركية السورية فقد شهدت تطورا ايجابيا كبيرا بحيث أصبحت أنقرة الوسيط لتحريك مفاوضات السلام بين دمشق والكيان الصهيوني . كما إن ادارة اوباما أرسلت أكثر من إشارة إلى دمشق تدعو إلى الابتعاد عن خط دمشق طهران في محاولة منها تفكيك التحالف بينهما كل هذه التطورات لم تلق ترحيبا من طهران وخاصة بعد إحداث الانتخابات الرئاسية الإيرانية حيث استشعرت طهران إن الخطر داهم سياجها الداخلي وان الاستقرار الهش فيه بدا يهتز بقوة ومن أشخاص كانوا من صنيعة النظام فأرادت طهران إن تقلب الطاولة على رؤوس الجميع لترسل رسالة إلى أكثر من طرف وفي مقدمتها سورية محذرة إياها بان لتفكيك التحالف معها ثمن باهض وان بمقدور طهران وضع دمشق في الزاوية الحرجة ومن بوابة بغداد التي تتحكم بها طهران بقبول غير معلن من واشنطن فكانت تفجيرات الأربعاء الدامي من صنيعة طهران ومن فيلق القدس كما صرح بذلك الشهواني والبولاني وأكثر من جهة تشارك في العملية السياسية الشوهاء التي جاء بها المحتل الامريكي.ففي الوقت الذي طلب متكي من التيارات التي كانت في ما تسمى بالائتلاف العودة إليها فورا وجاء هذا الطلب من بغداد بتدخل سافر في شؤون العراق الداخلية لم نجد إن طهران طلبت من المالكي وغيره من عملائها في العراق الابتعاد عن زج سورية في مشاكل العراق باعتبار إن دمشق حليفة لها ولا نعتقد أنها وفق كل المعطيات على الأرض عاجزة عن ذلك .ورغم كل الأسلحة والمتفجرات والاعتدة التي يتم العثور عليها من حين لأخر واعتقال المئات من عناصر الفرق الخاصة المرتبطة بإيران وحسب البيانات العراقية لم نجد إن واحدا ممن يسمون أنفسهم بالمسئولين وجهوا الاتهام لإيران .


إما الادارة الأمريكية فقد اعتبرت طلب المالكي تشكيل محكمة دولية شانا داخليا في إشارة منافقة إن العراق بلد ذات سيادة وفي ذات الوقت دفعت بتركيا بقوة لقيادة الوساطة بين دمشق وبغداد وأوعزت إلى أكثر من طرف في العملية السياسية إصدار تصريحات متناقضة مع ما أعلنه المالكي وأخرها تصريحات ما تسمى هيئة الرئاسة لان الادارة الأمريكية تريد الاحتفاظ بهذه الورقة بيدها تستخدمها في الوقت المناسب للضغط على دمشق بخصوص محادثات السلام مع الكيان الصهيوني .


إما المالكي فقد استغل الجريمة أبشع استغلال حيث شنت القوات الحكومية حملات اعتقال واسعة في مناطق معينة مثل الاعظمية والفضل وبعقوبة ونينوى وكان حزب الدعوة لم يرتوي بعد من الدماء التي سالت في العراق منذ الاحتلال في محاولة استعراضية للقوة لفرض شروطه الانتخابية على الآخرين والضحية هي العراق .
إن الأمن القومي العربي أصبح في مهب الريح منذ غزو واحتلال العراق بعد إن ساهم معظم القادة العرب فيه لتصبح الساحة خالية لنظام طهران تعبث يالامن القومي العربي كيفما تشاء بالأمس في المغرب وفي مصر واليوم في صعدة في اليمن وقبل ذلك في لبنان والعراق والتأكيد بان جزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث جزء لا يتجزءا من إيران والادعاء بعائدية مملكة البحرين لها والتهديد على لسان عملائها في العراق بإعلان دولة شيعية في شرق السعودية فكيف سيكون سلوكها مع العرب عندما تمتلك أسنانا نووية ؟


فمتى يستشعر العرب بان أمنهم القومي في خطر داهم والإخطبوط الإيراني يمد اذرعه هنا وهناك ويوزع عقاربه وأفاعيه في عموم الوطن العربي ؟


إننا واثقون إن القيادة السورية انطلاقا من مباديء حزب البعث العربي الاشتراكي القومية لا يمكن إن تخضع للابتزاز من صغار العملاء .


إن الشعب العراقي بغالبيته الساحقة يطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن والولايات المتحدة باعتبارها دولة احتلال للعراق إن تقوم بإنفاذ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بشكل عادل غير انتقائي وان تدعم فكرة تشكيل محكمة دولية مستقلة تتولى النظر في كل الجرائم الدولية التي ارتكبت بحق العراق أرضا وشعبا ومؤسسات وهي جرائم لا تخفى على احد ويعاقب عليها القانون الدولي:


-جريمة العدوان

-جرائم ضد الإنسانية

-جرائم حرب

 

-جرائم إبادة جماعية

لنرى كل المجرمين وهم ينالون جزاء ما اقترفوه من جرائم وعندها نقول إن هناك عدالة جنائية دولية حقيقية .

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٠ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٠ / أيلول / ٢٠٠٩ م