بغداد .... يوم دام اخر

 
 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري  / كاتب واعلامي
اجتاحت بغداد سلسلة عنيفة من التفجيرات الدامية ، استهدفت وزارات الدولة السيادية والمنطقة الخضراء وبعض الاماكن الكثيفة السكان مثل منطقة علاوي الحلة في جانب الكرخ ، وجاءت هذه التفجيرات الاجرامية بأسئلة حول من يقف وراءها ومن المستفيد منها ، ابتداءا نقول ان المستفيد الاول هو الاحتلال الامريكي واذرع ايران العسكرية الموجودة في مؤسسات الدولة والجيش ووزارتي الداخلية من مليشيات تابعة لايران تعمل في الداخل، ولكي ندخل في صلب الحدث الدامي اسبابه ونتائجه ،

 

نقول ان احدى هذه الاسباب هي فشل المجلس الاسلامي الاعلى بأقناع قائمة ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء بالدخول في قائمة ( الائتلاف الشيعي العراقي ) الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم ويكاد يكون السبب الرئيسي المباشر فالمؤشرات على الارض ان من قام بهذاالعمل الاجرامي الشنيع هو من يملك ( النفوذ الاكبر ) داخل الدولة وأمكاناتها العسكرية واللوجستية وتفجيرات بهذا الحجم لا تستطيع ان تقوم بها ( مجاميع ) صغيرة محددة النفوذ والامكانيات، ووحده المجلس الاسلامي الاعلى هو من يملك النفوذ في العراق الذي تدعمه وتشرف عليه وتموله بكل قوتها ايران ،

 

كل هذا جاء ردا على ( تحركات المالكي ) على الساحة السياسية واعلانه المباشر بعدم الدخول في الائتلاف الشيعي الطائفي والدخول الى الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمة منفردة بعيدا عن ( القوائم ) والتيارات والاحزاب الطائفية وفي مقدمتها قائمة الائتلاف العراقي الموحد ، يضاف الى هذه الاسباب قوات الاحتلال الامريكي والميليشيات الكردية داخل بغداد ، فتصريحات الرئيس اوباما ( بأن العراق سيشهد اياما صعبة قادمة ) وتصريحات قائد الجيوش الامريكية ( راي اوديرنو ) بأن الوضع الامني ( هشا ) في العراق ومن المحتمل البقاء فترة اطول هناك واعقبته تصريحات للمسؤولين الكرديين ( مسعود برزاني / برهم صالح ) حيث قالا بالنص ( اننا لن نترك بغداد للاخرين ) وهذه التصريحات بمجملها تدعو الى التساؤل عن ماهية اجندة الاحتلال وعملائه في هذا الوقت بالذات ، في وقت تتصاعد حمى التصريحات الرسمية والنيابية بحراك سياسي لتشكيل قوائم وطنية لخوض الانتخابات ،

 

اذن وراء هذه التفجيرات اجندة سياسية منظمة وبتمويل يفوق تمويل دولة لافشال العملية السياسية برمتها واعادة الاوضاع الى المربع الاول لكي يرضخ المالكي والتيارات التي من المزمع تشكيلها تحت يافطة ائتلاف دولة القانون ان تعود الى قائمة الائتلاف العراقي الموحد وبضمنهم ( الاكراد ) وابعاد قوائم وطنية ومحاربتها وتقزيمها خوفا من الحصول ما حصل في انتخابات مجالس المحافظات والذي خسر فيه الائتلاف الشيعي والاحزاب الكردية والحزب الاسلامي اغلب مقاعدهم في الانتخابات ، وهذا مؤشر خطير يودي بالحكومة والعملية السياسية الى قاع الفشل ، خاصة ان الحكومة والبرلمان يعانيان من تسلط ( الائتلاف الشيعي والاحزاب الكردية ) والتي تحاول ان تفرض سطوتها على قرارات الدولة في تغيير الدستور واعلان القائمة المفتوحة واجراء مصالحة وطنية حقيقية والتي فشلت الحكومة بتحقيقها طوال فترة الحكم ،

 

وان فشل الائتلاف الشيعي الطائفي والاحزاب الكردية في مواجهة رئيس الوزراء وثنيه عن قراره الخروج من قائمة الائتلاف واصطفافه مع قوى واحزاب وكتل وطنية وشخصيات عشائرية بارزة ، جعل الوضع الامني ينفلت بهذا الشكل المريع المأساوي وهذا الفشل رافقه تصعيد امني خطير في اماكن اخرى من العراق وكان وراء هذا الاحزاب الكردية وتصريحاتهم النارية كما حصل في نينوى وكركوك وديالى المسيطر عليها من قبل ميليشيات البيش مرگة المتنفذة هناك ،

 

اذن السيناريو الطائفي واضح واهدافه منظمة ومقصودة لزعزعة الامن وعودة الحرب الاهلية الطائفية التي ينادي بها قادة الاحزاب والكتل الطائفية والقومية من قائمتي التحالف الكردستاني والائتلاف الطائفي الشيعي ، وكان تصريح مسعود البرزاني مؤخرا ودعوته للاكرادبالعمل على ضم كركوك بكل الوسائل دعوة صريحة للحرب الاهلية،فما الذي بقي لاشعال فتيل الحرب العنصرية والطائفية غير قيام عناصر الميليشيات بهذه التفجيرات في بغداد ونينوى وديالى وكركوك ،مستغلة حججا واهية ساقطة دستوريا ونقصد بها عودة المناطق المتنازع عليها في المادة (140) الملغاةدستوريا، كل هذه الاشارات تعطي دليلا قاطعا على ان المستفيد من هذه التفجيرات والتصعيد الاجرامي والانفلات الامني الغير مسبوق لايجاد بؤر توتر دائمة تفضي الى احكام السيطرة على الدولة وقراراتها وابقائها اسيرة الميليشات والاحتلال الامريكي ،

 

تفجيرات بغداد رسالة مباشرة الى الاخر يقولون فيها اننا من يتحكم بمصير العراق والعراقيين ، ولا نقبل بأية قوة اخرى ان تأخذ دورنا هذا في قيادة العراق بل نحيله الى جحيم حقيقي يدفع ثمنه العراقيون اولا واخيرا ويكون العراق فيه بلدا مقسما ومفدرلا ومؤقلما تحكمه الطوائف والاقليات الاثنية العنصرية والقومية ويكون فيه امراء الحرب هم سادة البلاد ، بلى تفجيرات بغداد معركة انتخابية ورسالة قوية الى العالم كله ...... هذا يعني ان العراق مقبل الى التقسيم بأرادة ادارة اوباما واشرافها ودعمها بتنفيذ امراء الحرب وقتلة الشعب العراقي الجريح ......

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٢٩ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / أب / ٢٠٠٩ م