العراق وتصدير الازمات ؟

 
 

شبكة المنصور

عبد الجبار الجبوري  - كاتب واعلامي

فجرت تفجيرات الاربعاء الدامي في بغداد ، ازمة من العيارالثقيل بين العراق وسوريا، مازالت اعمدة الدخان تتصاعد بين البلدين على شكل تصريحات نارية وتهديدات عسكرية حتى وصلت الى اروقة الامم المتحدة ،مخلفة ورائها دعوة عراقية لانشاء محكمة دولية تنظر في اسباب التفجيرات الدامية في بغداد، ومن يقف خلفها .. ولكي نضع النقاط على حروف الازمة المفتعلة ضد سوريا لابد من العودة الى يوم الاربعاء الدامي ،فتشير جميع المعلومات الاستخبارية والعسكرية الى ان منفذي هذا العمل الاجرامي ،

 

قد جاؤوا من جهة الشرق وتحديدا من زرباطية وبدرة وجصان الحدودية مع ايران، يتبعهم وزير الدفاع الايراني ويشرف عليهم ويوجههم،وعلى دفعات ،قسم منهم جاء عن طريق دول اخرى مجاورة،وكان لكل واحد منهم واجب محدد من العملية (حسب تصريحات وزارة الداخلية -الناطقة بأسمها)،حيث حدد ان فيلق القدس الايراني والقاعدة (خط ايران) هو من قام بهذه التفجيرات واعد لها وخطط لها واشرف عليها ( حسب تصريح وزارة الداخلية ) وتصريح ريئس المخابرات العراقية الهارب الى لندن ،الذي صرح بالحرف الواحد ( انه يمتلك تسجيلات ووثائق وصور ومكالمات هاتفية ) وكلها تؤكد ان وراء هذه التفجيرات هو فيلق القدس الايراني ،

 

وقد اعلنت ذلك تنظيمات القاعدة ودولة العراق الاسلامية المدعومة ايرانيا مسؤليتها عن التفجيرات ،اذن ماالذي حدا باعلام الحكومة والناطق باسمها ورئيس وزرائها باتهام سوريا وجماعة البعث والتكفيريين بالقاء المسؤولية عليهم ، في وقت كانت زيارة المالكي لم تنته من سوريا واعلانه الاتفاق الاستراتيجي معها . يقينا ان هناك سيناريو امريكي- ايراني لاستهداف سوريا وزجها في ازمة لاناقة لها فيها ولا جمل ، وبالرجوع الى المشهد السياسي قبل التفجيرات ، نرى ان الحكومة تعيش ضغوطا حقيقية من عدة اطراف سياسية داخل العراق وخارجه لاجبار المالكي في الدخول الى الائتلاف العراقي الشيعي ، وما تاجيل اعلان هذا الائتلاف عدة اسابيع الا دليل على ماذهبنا اليه.وبعد ان استنفد الائتلاف جميع المحاولات لثني المالكي عن قراره بالابتعاد عن الائتلاف وتكوين قائمة منفردة به تحت عنوان ( ائتلاف دولة القانون)ونيته التحالف مع قوى وطنية واطراف سنية وكتل واحزاب من خارج العملية السياسية، لهذا شهد الوضع السياسي والامني تدهورا ملحوظا في جميع العراق فحصلت تفجيرات مروعة في تلعفر وتازه وبعويزة وشريخان وخزنة وتصعيد خطير في قضية كركوك وانفلات امني كبير وغير مسبوق في نينوى من قبل قائمة التحالف الكردستاني واحزابها ومليشياتها التي تطالب بجعل نينوى محافظتين مستولية على اجزاء واسعة من اراضي نينوى وديالى وكركوك ، وفي خضم هذا الانهيار الامني والسياسي وتخبط الحكومة في قراراتها وتوجهاتها التي ابتعدت كثيرا عن مصلحة المواطن العراق ،

 

والصراع المحتدم داخل اروقة البرلمان الذي يعاني من الشلل والطائفية والمحاصصة ، وفقدان الثقة بين الحكومة والبرلمان ، سهل على اعداء العراق من تنفيذ مخططاتهم الاجرامية بحق الشعب العراق، مستغلين الاختراقات الكبيرة داخل الجيش والاجهزة الامنية والحكومية والاستخبارية فكان يوم الاربعاء الدامي مدخلا لتفجير الوضع الامني لنسف العملية السياسية من اساسها وافشال الحكومة التي تحاول جاهدة التخلص من النفوذ الايراني والتخندق الطائفي والعنصري والمحاصصة، هكذا حوصرت حكومة المالكي من جميع الجهات وما عليها الا تصدير ازماتها هذه الى الخارج بعد ان سدت كل الطرق بوجهها وفي معالجتها لهذه الازمات من الداخل،

 

فكانت محطتها الاولى سوريا لاسباب سياسية اولها ان سوريا تحتضن مليون ونصف مهاجر عراقي يرفضون الاحتلال والعملية السياسية التي اوجدها الاحتلال الامريكي ، ففجرت الحكومة بالونات عدائية واتهامات مفبركة ضد سوريا ، منها ايواء عناصر مطلوبة للحكومة وارسال ارهابيين الى العراق وفتح فضائيات لتأجيج الوضع الداخلي العراقي وتحقيق اجتماعات بعثية تحت اشراف المخابرات السورية ، وغيرها من التهم الجاهزة التي لاتستند الى ادلة ووقائع ملموسة على الارض، اذن ماذا تبغي الحكومة من تصعيد الازمة مع سوريا واحالة الملفات العالقة الى الامم المتحدة ومجلس الامن، هل هو هروب الى الامام بتصدير الازمات الداخلية ام تصفية حسابات قديمة مع سوريا لم تستطع تحقيقها مع غرمائها واندادها في العملية السياسية في العراق ام دفع امريكي باتجاه عملية عسكرية ضد سوريا ، يبدو لنا ان الاثنين معا هما حصيلة هذه الازمة المفتعلة اصلا ،

 

والتي اوصلت ناطق الحكومة على الدباغ ان يهدد سوريا باللجوء الى الحل العسكري؟؟؟ هكذا وبكل بساطة وسذاجة لا تنطلي على العراقيين تقوم الحكومة بالهجوم العسكري على سوريا وهي دولة محتلة ب150 الف جندي امريكي في العراق . لكن مالم يقله الدباغ والحكومة معا ان الازمة لم تات من الحكومة، وانما هناك سيناريو امريكي لاشعال فتيل حرب مع سوريا او ضربة استباقية لتحقيق اهداف امريكية لم تتوضح بعد ، كانت الحكومة العراقية هي كبش فداء لمخطط امريكي -ايراني لتحقيق اهداف سياسية وعسكرية قادمة، وربما دعاية انتخابية ارادها المالكي ،او استحقاقات لابد ان تدفعها سوريا في المرحلة الحالية.اعتقد ان ليس من مصلحة حكومة المالكي تفجير هكذا ازمة خطيرة لا يعرف نهايتها احد ، يدفع ثمنها الشقيقان العراق وسوريا، ويجني ثمارها الامريكان وحلفاؤهم، الحكومة العراقية اخطأت بوصلتها التي كان من الاجدر بها ان تفجرها بوجه متقي وزير خارجية ايران عند زيارته العراق بعد يومين من التفجيرات، لا ان تضع سوريا في فوهة المدفع الذي صنعته حكومة المالكي بأيديها...

 

فهل لدى الحكومة الشجاعة ان تقول لايران انت وراء هذه التفجيرات وهذه ادلتنا عليها؟.قطعا لاتستطيع قول هذا...لان هذا القول يحتاج الى شجاعة لاتملكها حكومة المالكي التي تضع راسها في رمال ايرانية متحركة ... وتصدر ازماتها الى دول اخرى....

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٩ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / أيلول / ٢٠٠٩ م