حيتان الفساد بالجامعة المستنصرية

الشهادات العليا المزورة تعود إلى واجهة الصراع بين الوزارة والجامعة من جديد

 
 
 

شبكة المنصور

صباح البغدادي

التصريح الأخير للمفتش العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي عبد المجيد الراوي يؤكد لنا بصورة أكيدة ما كنا قد تطرقنا إليه سابقآ من خلال سلسلة المقالات التي تناولت بصورة شبه مفصلة الأوضاع المأساوية للتعليم العالي الجامعي في مختلف الجامعات والكليات والمعاهد على مستوى العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى، والوضع البائس المتردي الذي وصلت إليه أحوال هذه الجامعات والمعاهد بعد سيطرة الزمرة الحزبية الميليشياوية، من خلال ما يعرف اليوم بالاتحادات أو الرابطة الطلابية التي تتواجد في داخل هذه الجامعات والمعاهد، وتقوم بتسييس جميع أعمالها لصالح مختلف أحزاب الإسلام السياسي الطائفية المذهبية والقومية الشوفينية، حيث حولت الصروح الجامعية العلمية إلى مجرد أوكار حزبية لنشر ثقافة الإقصاء والتهميش للمخالفين لها، وتدخلت حتى في طريقة تدريس المناهج الجامعية العليا، فتحولت قاعات المختبرات العلمية إلى مجرد حسينيات وجوامع لنشر ثقافة التخلف والجهل والشرذمة باسم الدين والطائفة والمذهب والانتماء العشائري والمناطقي، بدل من نشر ثقافة العلم والمعرفة والتنوير، واستطاعت أحزاب السلطة الدينية الحاكمة بقوة ميليشياتها الإجرامية أن تفرض هذا الواقع المأساوي المزري، والذي يعارض من الأساتذة المهنيين أو الطلاب فسوف يكون حتمآ مصيره القتل والتصفية الجسدية كما حدث للعشرات من هؤلاء الأساتذة الجامعيين سابقآ، وسط حالة من اللامبالاة وصمت مريب واشتراك بالجريمة من قبل ما تسمى بالحكومات التي تعاقبت على حكم الدولة العراقية بعد الغزو والاحتلال الأمريكي البغيض.  

 

ويكشف للرأي العام المفتش العام بوزارة التعليم العالي من خلال التقرير السنوي حول المشكلة الحقيقية التي تواجه طلبة الجامعة المستنصرية حاليآ، والتي تتعلق بمدى وصحة قانونية شهادات التخرج الجامعية والكتب الرسمية التي يتم توقيعها من قبل رئيس الجامعة، والمقال بدوره بأوامر وزارية وكتب رسمية موجه إلى رئاسة الجامعة في الفترات السابقة، والتي في حينها نشرنا بعض من هذه الكتب الرسمية في مقالاتنا السابقة، حيث يوضح لنا ويؤكد المفتش العام بالوزارة " الراوي " ما كنا قد تطرقنا إليه سابقآ بخصوص عدم شرعية وقانونية توقيع رئيس الجامعة المقال بقوله " أن توقيع الدكتور تقي الموسوي سحب رسميآ كونه مقالآ بأمر وزاري مما يجعل من الكتب الرسمية أو الوثائق والمستندات والشهادات التي تحمل توقيعه غير قانونية وأن الطلبة من خريجي العام الدراسي الحالي سيواجهون مشكلة كبيرة تتعلق بمصداقية شهاداتهم الجامعية ".  

 

ويكشف لنا كذلك المفتش العام بالوزارة حول تمسك رئيس الجامعة المستنصرية المقال بمنصبه بعد أن اجتمع وزير التعليم العالي، ورئيس جهاز الإشراف بالوزارة بالدكتور تقي الواجدي (الموسوي) والذي طالب بدوره بمنحه مدة زمنيه محددة لغرض ترتيب أموره استعدادا لتنفيذ أمر الإقالة؟؟!! وهذا يثبت لنا أن هناك تحضير مسبق من قبله لغرض الهروب من استحقاقات ملفات الفساد المتشعبة والكثيرة التي حدثت في فترة رئاسته للجامعة المستنصرية، والتي تطرقنا إلى هذا الموضوع كذلك، وما زال في جعبتنا بقية المستندات والوثائق الرسمية التي تتعلق بمختلف مواضيع الفساد التي حدثت سابقآ بالجامعة وسوف تأخذ طريقها للنشر قريبآ، حيث يؤكد لوسائل الإعلام مكتب المفتش العام انه تم إحالة ما مجموعه " 2492 " قضية فساد في الجامعات والوزارة إلى هيئة النزاهة منذ عام 2005 بتهم تتعلق بالفساد الإداري والمالي وتزوير الشهادات الجامعية والوثائق، ومؤكدا بدوره أن عددا من الأساتذة العراقيين المقيمين في هولندا وألمانيا حصلوا على شهادات من الجامعة المفتوحة في هولندا؟؟؟ التي تمنح الشهادة مقابل مبلغ مالي من دون بذل أي جهد علمي؟؟؟ وباختصاصات حسـاسة ومهمة كالفـيزياء النووية؟؟؟!!!، إضافة إلى " 3165 " وثيقة دراسية مزورة وأن هنالك حاليآ ما مجموعه " 12 " كلية أهلية غير معترف بها رسميآ تمارس نشاطاتها من دون حصولها على موافقة الوزارة ومجلس رئاسة الوزراء؟؟؟!!!، وكشف عن وجود " 2769 " وثيقة دراسية مزورة تم كشفها منذ عام 2006 حتى نهاية عام 2008 في عموم المؤسسات التعليمية التابعة للوزارة.

 

طبعآ مثل هذا الكلام الذي يصرح به مسؤول مهم في الوزارة والحكومة لا يمكن التشكيك به بأي حال من الأحوال حيث تكشف لنا مثل تلك التصريحات الرسمية المهمة بعض من الجوانب المظلمة والخفية التي تحدث في الواقع المأساوي لسير العملية التربوية الجامعية في العراق، وقد سارع الجهلة والأميين سابقآ من الذين ليس لهم شهادة دراسية أولية من المسؤولين الحكومين ومن هم بمناصب وظيفية عالية، وكذلك معظم ضباط الميليشيات الحزبية في وزارتي الداخلية والدفاع الذين تم دمجهم ضمن قرارات سيئة السمعة والصيت في عهد حكومة " السارق الأمين " إلى أخذ شهاداتهم الجامعية العليا من هذه الكليات الأهلية غير المعترف بها رسميآ حسب تصريح المفتش العام لوزارة التعليم العالي، وأن هنالك الكثير من هؤلاء " ضباط الميليشيات " لا يجيدون القراءة ولا الكتابة ناهيك إلى افتقارهم إلى أبسط أنواع العلوم العسكرية المهنية.

 

لقد جرت عدة محاولات محمومة خلال الأشهر القليلة الماضية من قبل الدكتور تقي الواجدي (الموسوي) لغرض البقاء بمنصبه كرئيس للجامعة المستنصرية، ولو حتى لغاية موعد ما تسمى بالانتخابات البرلمانية القادمة، وقد أشرك بتلك المهمة الشيخ الوسواس الخناس الذي يحتل بقوة ميليشياته الإجرامية " مسجد براثا التاريخي " وفي مقابل تدخله في أمر لا يعنيه بالأساس، قبول نسبة من الطلاب خريجي الإعدادية من المحسوبين على ميليشياته في الكليات العلمية بغض النظر عن درجاتهم ومعدلهم، وكذلك توفير حصة له من المقاعد الدراسية للكليات المسائية بغض النظر عن المعدل وسنة التخرج والعمر، على أن يتم تزكية جميع هؤلاء من قبل الشيخ الوسواس الخناس في استمارات خاصة معدة مسبقآ لهذا الغرض توزع عليهم، ولكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع نتيجة لإصرار وزير التعليم العالي بتنفيذ الأوامر الوزارية الرسمية، وكل هذه الضجة التي حدثت سابقآ وما زالت تداعياتها مستمر لغاية الآن ولو بصورة أقل حده من السابق بفضل تمسك البعض بكرسي المنصب، ولم نسمع مثل هذه الضجة الإعلامية المفتعلة عندما أعفى نوري المالكي شخصيآ بعض رؤساء الجامعات المهنيين لأنهم ببساطة تقاطعوا مع توجيهاته الإقصائية الطائفية الحزبية المدانة، ورفضوا أن يكونون مجرد أدوات بيده، واحترموا أنفسهم ووضعهم التعليمي العالي، وانفكوا من وظيفتهم لمعرفتهم أن ليس هناك أمل أو بصيص من الضوء في أخر النفق وما يمكن إنقاذه، حيث تبين أن من يريد أن يحكم هذا البلد ويتمسك بكرسي الحكم والسلطة على حساب المصلحة العليا للوطن والمواطن والدولة هم من أشباه الرجال وأنصاف المتعلمين والجهلة الأميين الذين تحكمهم الرغبة والشهوة الجامحة في الانتقام من كل شخص مخلف لهم في المذهب أو الطائفة أو العقيدة أو التوجه الحزبي والسياسي.

 

لقد حاول تقي الواجدي (الموسوي) في فترة سابقة بالضغط على رئاسة مجلس الجامعة بواسطة استعمال ميليشيات ما تسمى بالرابطة الطلابية الإجرامية لغرض عمل جلسة اجتماع استثنائية مستخدمآ كافة الأساليب المتاحة له، والأسلحة التي يجيدها من بينها سياسة الترغيب والترهيب لرؤساء المجلس الاستشاري الجامعي وكان الغرض منه عمل اجتماع مفبرك معد له سلفآ بصدور قرار منهم يقضي بمطالبة مجلس رئاسة الجامعة الاستشاري لوزارة التعليم العالي بوقف جميع الإجراءات والتمسك بالمخلص الوحيد للنهوض بواقع العملية الجامعية والتربوية وغيره من الكلام والهرطقة التي توضحها لنا الكتب الرسمية المرفقة مع المقال بصورة لا تقبل الشك أو التأويل مع انكشاف اللعبة التي يلعبها هذا (الواجدى) السابق و(الموسوي) الحالي، حيث حصلت بعض المشاكل المفتعلة الهمجية خلال الفترة الماضية لإرسال رسالة مغلفة بالترغيب والترهيب للوزارة مثلما حصل في يوم الخميس 30 نيسان 2009 فبعد صدور الأمر الوزاري والموقع من قبل وزير التعليم العالي والذي اعتبر فيه رئيس الجامعة المستنصرية الدكتور تقي الواجدي (الموسوي) مستقيلا واعتبارا من تاريخ 25 آذار 2009 والذي أيضا رفضه (الموسوي) وقال انه لا يعترف به!!!، حيث بدا رئيس الجامعة الجديد الدكتور عماد الحسني بمحاولة منه للمباشرة بمزاولة أعماله كرئيس للجامعة المستنصرية بعد صدور الأمر الوزاري بتعينه، والذي وصلت نسخة منه للجامعة يوم الثلاثاء 28 نيسان 2009 بعدها بدأ الدكتور الحسني بالحضور إلى رئاسة الجامعة مع الدكتور نعمة الفتلاوي والذي تم تعينه من قبل وزارة التعليم العالي بمنصب المعاون العلمي للجامعة بدلا من الدكتور محمد العاني والذي بدوره رفض بشدة هذا الأمر الوزاري تماشيا مع سيده (الواجدي ـ الموسوي).

 

وقد حدثت خلالها وفي حينها عدة صدامات بين المعاون العلمي الجديد الدكتور الفتلاوي، والمعاون القديم الدكتور العاني بدأت أول الأمر حول الغرفة المخصصة للمعاون العلمي ثم تطورت إلى الكلام والصياح بصوت عالي والى تدخل الحرس المسلح للجانبين في الموضوع لمحاولة السيطرة على الوضع الملتهب وسط استهجان واستنكار من معظم الطلاب من الأوضاع المتردية التي وصلت إليهم حال جامعتهم.

 

وفي يوم الأربعاء 29 نيسان 2009 حدث تصادم بين المعاون العلمي الجديد الدكتور نعمة الفتلاوي مع زعيم ميليشيات القتل ومافيا الفساد المجرم المدعو والشهير بلقب (احمد أبو النفط) وتطور الأمر إلى تهديد الدكتور الفتلاوي عشائريآ!!!؟؟؟ حيث حضر عدة رجال مسلحين تدعي أنها من عشيرة المدعو (احمد أبو النفط) ودخلت إلى رئاسة الجامعة مساء ذلك اليوم وقامت بتهديــد الدكتور الفتلاوي حيث استمر وجودها في رئاسة الجامعة إلى ساعة متأخرة من المساء وبوجود (احمد أبو النفط) وعصابته الإجرامية ورئيس الجامعة المقال (الموسوي).

 

وفي يوم الخميس 30 نيسان 2009 قامت ما تسمى ميليشيات ((الرابطة الطلابية)) وبإيعاز من رئيس الجامعة المقال (الموسوي) والمدعو (احمد أبو النفط) من خلال قيام هذا الميليشيا المسلحة باقتحام رئاسة الجامعة وبوجود كلا من رئيس الجامعة المقال والجديد وكلا من المعاون العلمي المقال والجديد والتصادم مع الحرس الشخصي للدكتور نعمة الفتلاوي، وإرهاب رئيس الجامعة الجديد الدكتور عماد الحسني، حيث قاموا خلالها بترديد الشعارات الحزبية الاقصائية والتظاهر بالقرب من بناية رئاسة الجامعة وبصوت عالي ونشاز، ومن ثم تطور الأمر بعدها نتيجة لإطلاق العبارات السخيفة وإلى التصادم مع الحرس الشخصي للدكتور الفتلاوي وحتى وصل الأمر إلى محاولة الاعتداء الجسدي عليه، ونتيجة لتلك الأفعال السيئة في حرم الجامعة المستنصرية حضرت قوة أمنية كبيرة من وزارة الداخلية يقودها ضابط برتبة " لواء " إلى رئاسة الجامعة، وقامت على وجه السرعة بتأمين أخلاء كل من الدكتور الحسني والدكتور الفتلاوي لحمايتهم الشخصية وتأمين خروجهم من الجامعة المستنصرية، وقد قام بعدها المدعو تقي الواجدي (الموسوي) بإغلاق كافة أبواب الدخول للجامعة بوجه رئيس الجامعة الجديد الدكتور عماد الحسني وكذلك مساعده الدكتور الفتلاوي، وان الباب الخاص بدخول رئيس الجامعة والموجود قرب مقر رئاسة الجامعة الخاص فقط بدخول رئيس الجامعة تم وضع أمامه بصورة دائمة سيارتين من سيارات الجامعة لمنع دخول كل من الدكتور الحسني والدكتور الفتلاوي وكأن الجامعة هي ملك وطابوا شخصي له وليس ملك للمواطن والدولة.

 

مع العلم أن الدكتور الحسني قد حاول مرات عديدة مزاولة أعماله كرئيس معين بمنصب رئيس الجامعة المستنصرية ومن الغرفة الخاصة بالمعاون الإداري الدكتور فاضل العامري الذي كان مجاز في حينها وهو بدوره قريب المجرم المدعو هادي العامري صاحب منظمة بدر الإرهابية، ومحاولة الدكتور الحسني مزاولة عمله والتقاء برؤساء ومدراء أقسام رئاسة الجامعة إلا أن معظم هؤلاء وبدورهم لم يستطيعوا الحضور خوفآ من تهديدات المدعو تقي الواجدي المبطنة إليهم في فترات سابقة بعدم التعامل مع رئاسة الجامعة الجديدة.

 

يتبين من كل ما ورد أعلاه أن وضع ومستوى التعليم العالي في العراقي يسير باتجاه التدهور الخطير يومآ بعد يوم، حيث نلاحظ أن جميع جامعات العالم أصبحت لا تعترف بالشهادات التخرج من الجامعات العراقية وتطالبهم بإعادة السنوات الدراسية الجامعية من البداية، حتى منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة " اليونسكو " حذرت في سلسلة من القرارات السابقة من خطورة تسييس العملية التربوية والتعليم الجامعي في العراق مما ينعكس سلبآ وبصورة خطرة على واقع التعليم الجامعي... كيف يمكن للدولة العراقية أن تتطور في كافة المجالات وما زالت حكومة الأحزاب الدينية تصفى حساباتها مع الأخريين وتحول الحرم الجامعي إلى ساحة ميليشاوية إجرامية لتصفية الحسابات الحزبية والشخصية بين تجار وأمراء الحرب والقتل والدمار... فاصل ونعود إليكم...

 

صحفي وباحث عراقي مستقل
معد البرنامج الإذاعي السياسي الساخر / حرامية بغداد

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ١٨ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٣ / حزيران / ٢٠٠٩ م