وزارة الزيباري من المصيبة الى الكارثة

 
 
 

شبكة المنصور

سعد العاني
هناك فرق بين المصيبة والكارثة يمكن تبسيطها على هذا النحو، المصيبة أن تدخل يدك في جحر فيه عقارب فتلدغك، والكارثة أن تعاود الكرة مرة ثانية فتلدغك أيضا. كانت المحاصصة الطائفية التي جاء بها الإحتلال وأعوانه من المحسوبين على العراق بهدف تدمير بنيانه السياسي والإقصادي والأجتماي والثقافي والإجتماعي. وقد نجحت في ذلك نجاحا باهرا. ونيجة للآثار السلبية التي تركتهاعلى كل الصعد، فقد عض الشعب العراقي بقسوة إصبعه البنفسجي الذي صوت للفئة الباغية. وحاولت الحركات السياسية العاهرة على المسرح السياسي ان تحتال على الشعب العراقي كالعادة فإنتقدت نظام المحاصصة الطائفية وتبرأت منه مستغفلة السذج والبسطاء من الشعب بأن الشيطان بريمر هو الذي أتى بهذه الآفة اللعينة رغم ان جميع الأطراف الممثلة في الحكومة العراقية أتفقت على هذا النظام المتعفن منذ مؤتمر لندن المشبوه في التسعينيات. الكل ينتقد نظام المحاصصة والكل في نفس الوقت متمسك به تمسك الصراصير بالمياه الآسنة.


وزارة الخارجية العراقية كانت أحدى ضحايا هذا النظام وهي تختلف عن بقية الوزارات في أنها شهدت نوعين من المحاصصة هي الطائفية والعنصرية في آن واحد. حيث يسيطر الأكراد على معظم مرافقها إضافة الى الإئتلاف الحاكم, وتم إبعاد معظم الكوادر الدبلوماسية الكفوءة الى خارج الوزارة تحت نظام الوشاية التي أبتدعها السفراء من حملة الجنسيات الأجنبية والذين يمثلون عراق الإحتلال. كان أولئك السفراء في القاع الأسفل من عالم الفساد بكل أنواعه الأخلاقي والمالي والإداري وبعضهم الخلقي, وقد فاحت رائحة فضائحهم على القريب والبعيد, وكانوا بحق إسوة سيئة في البلدان التي يعملون فيها إضافة الى شكاوى الجاليات العراقية من سوء تصرفاتهم وسلوكياتهم الشاذة, ومع هذا إستمروا في مواقعهم للسنة الخامسة في تحدي كبير للجاليات العراقية والإستهانة بمشاعرهم لسبب بسيط وهو أن حكومة المفسدين تحتاج الى فاسدين مثلها ليمثلوها, وكان السفراء الحاليين أفضل من يمثلها, وقد عبر عن هذه الحقائق العديد، منهم أحد السفراء العرب في النمسا بوصفه سفيرنا " السفير العراقي طارق عقراوي هو أسوأ سفير إلتقيت به في حياتي خلال خمس وعشرين سنة من العمل الدبلوماسي". أما السفير العراقي في ألمانيا علاء عبد المجيد، فقد وصفه دبلوماسي عراقي من نفس البعثة بأنه " ينافس الذئب في غدره". والسفير العراقي في إيطاليا محمد العاملي وصفه سفيرنا في الفاتيكان البرت إسماعيل وهو من أشد أعدائه رغم إن الأثنين يمثلان العراق بأنه" تاجر سوق سوداء من الطراز الأول". أما سفيرنا في اليونان حاتم الخوام فقد وصفه رئيس الدائرة المسئولة على البعثة في وزارة الخارجية بأنه" كتلة متوهجة من الرذائل لا تخفت أبدا". وهكذا الأمر فيما يتعلق ببقية السفراء.


منذ صدور أمر نقل سعادة العملاء الى مركز الوزارة تنفست الجاليات العراقية الصعداء. ولكن الفرحة لم تدم بعد أن رفض الزيباري تنفيذ أمر المالكي و سحب عليه السيفون, ولكن الأمل تجدد ثانية بعد أن نشرت وكالات الأنباء خبر ترشيح عدد من السفراء الجدد ليحلوا محل الحاليين, وتوقع الجميع أن السفراء الجدد سيكونوا خارج نظام المحاصصة بعد أن فشلت التجربة السابقة وأفرزت أسوا سفراء في تأريع العراق الدبلوماسي وكان ما كان. وأعلنت معظم الكتل السياسية جهرا نبذها ورفضها لنظام المحاصصة. حتى زفت البشرى الكبرى من قبل عضو البرلمان سلمان الجميلي مفاجئا الجميع بأنه تم إعتماد نظام المحاصصة في ترشيح السفراء الجدد! ينطبق على هذه الحالة المثل البغدادي" الزمال نفس الزمال، بس الجلال تبدل" والجلال يعني( أكاف الحمار ) وقد أنشد العالم الغوي المبرد هذين البيتين:


يا من تلبس أثواباً يتيه بها تيه الملوك على بعض المساكين
ماغير الجل أخلاق الحمير ولا نقش البرادع اخلاق البراذين


ويزيدنا الجميلي معرفة بأن المرشحين هم من المسئولين وأقارب العقارب الحاكمة, منهم الناطق الحوزوي علي الدباغ وحرامي بغداد صلاح عبد الرزاق, وأبن أخ البرزاني وأقارب للطالباني والسامرائي والمالكي والحكيم وعلى هذا المنوال. أما مستوى الكفاءة فهو كما جاء في وصف عضو البرلمان" إن المرشحين لا يتمعتون إلا بحد أدنى من المواصفات وإن كفاءات غالبيتهم متدنية". السفراء الذين إنتهت فترة سباتهم الوطني بعضهم عين بمنصبه وعمرة يتجاوز الستين عاما ومنهم سعد الفضلي وحاتم الخوام وسعد الحياني وغانم الشبلي وموفق مهدي وغيرهم، ومع افتقارهم للخدمة الوظيفية الصغرى المطلوبة للتقاعد، وإساءاتهم المخزية لوظائفهم وللشعب العراقي فإنهم سيحالون على التقاعد ويقبضون بالدولار. أما ملفات الفساد التي تدين الكثير منهم والمتعلقة بالجوازات المزورة فيما يخص السفير العراقي في السويد احمد ابو بكر بامرني والأختلاس بالنسبة للسفير حاتم الخوام وتجارة السوق السوداء للسفير العاملي والفساد الأخلاقي لسعد الحياني وسعد الفضلي وغيرهم و فإنها ستذهب مع الريح.


ان معظم السفراء الحاليين ومنهم حيدر البراك وجواد الهنداوي وحاتم الخوام وموفق مهدي وضياء الدباس وغيرهم هم من حملة الجنسيات الأجنبية. ومع أنهم قضوا فترات تزيد عن العشرين عاما في دول أوربا لكن كما يبدو لم يتعلموا من مظاهر الحضارة شيئا, فقد فشلت الحضارة الأوربية في تنظيف عقولهم من نتانة الطائفية كما فشلت قبلها القيم الأسلامية في تهذيبهم. فقد عادوا وهم يحملون من الطائفية اضعاف ما كانوا عليه. ونفس الأمر بالنسبة للسفراء الأكراد فقد تمادوا في عنصريتهم بالرغم من أنهم كانوا يعتبرون العرب عنصريين. والمدهش ان السفراء الجدد أيضا من نفس الشاكلة فمعظمهم من حملة الجنسيات الأجنبية. ويباغتنا أحد عباقرة البرلمان د. فالح الفياض ممن يحملون شهادة الدكتوراة ولا نعرف في أي تخصص؟ بأن فهمه الرحب والشفاف لما ورد في الدستور من عدم تقليد مزدوجي الجنسية مناصب سيادية( نحن فهمنا هذه المادة على أنها تشمل الرئاسات الثلاث، رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان). مستثنيا حسب فهمه الوزراء والسفراء؟ في حين يفهم زميله النائب وائل عبد اللطيف الأمر على نحو نقيض بقوله ( ان وزارة الخارجية والعديد من المؤسسات تعاني الكثير من موضوع ازدواج الجنسية لعدد من االمسؤولين فيها .واكد على ان مجلس الوزراء اذا ما اصر على اقرار الاسماء المرشحة للمناصب سواء السفراء او غيرهم فسيواجه باعتراض شديد جدا في مجلس النواب)


لسنا بصدد لوم الزيباري هذه المرة لأن الترشيحات جاءت من الكتل السياسية الحاكمة التي تبغض المحاصصة ظاهرا وتتمسك بعروتها باطنا, ولكننا نوجه اللوم الى المالكي الذي أكد أكثر من مرة بأنه سيبتعد عن نظام المحاصصة الطائفية. ونسأله أن يفسر لنا ظاهرة هذه الترشيحات؟ بعد ان وعدنا العام الماضي بأن عام 2008 سيخصص لمحاربة الفساد الاداري والمالي. وإنتهى العام بأسوأ فساد مالي وإداري في تأريخ العراق. ألحقه المالكي بكتاب رسمي يمنع وزرائه التحف من تنفيذ دعوات البرلمان للإستجواب عن الفساد في وزاراتهم.


هل عرفتم الآن لماذا أطلق بعض الكتاب الأفاضل لقب" بياع كلام" على المالكي؟

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٢٥ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٠ / حزيران / ٢٠٠٩ م