نظام الملالى فى مفترق طرق

 
 
 

شبكة المنصور

مجلة اكتوبر المصرية
ماذا يتوقع الخبراء لمستقبل إيران مع استمرار تصاعد المواجهات والمظاهرات الدامية؟ هل تصعد أسهم الإصلاحيين وتتراجع حظوظ المتشددين؟ وما هو دور الأقليات فى إشعال فتيل الأزمة الحالية؟ وهل هذه التطورت تمثل بداية النهاية للثورة الإيرانية؟


بداية يؤكد السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن المظاهرات والاحتجاجات بإيران لايجب وصفها بالثورة أو الانقلاب ضد النظام السياسى أو بداية النهاية للثورة الايرانية لأنها تعبر عن مطلب طبيعى ومشروع جاء بناء على عدة عوامل أثارت شكوك المرشحين الخاسرين فى المعركة الانتخابية ومن أهمها طرد مراسل (بى بى سي) والتضييق على قناة الجزيرة بل ومنعها من التقاط الصور الخاصة أثناء العملية الانتخابية.. وهنا سؤال يفرض نفسه .. هل هناك ما يراد إخفاؤه فى العملية الانتخابية؟ ولماذا التخوف من إعادة الانتخابات مرة أخرى إذا كانت نزيهة؟!


ويعطى السفير رخا المبرر لشباب الإصلاحيين القيام بتلك الاحتجاجات والتمرد لأنهم يريدون التغيير والتطور فى أسلوب الإدارة الحالية التى أدت إلى العديد من المشاكل السياسية والاقتصادية لذلك يبدو أن الاحتقان السياسى سيظل لفترة غير محددة خاصة فى ظل التدخلات الخارجية التى تسعى لتصعيد الأزمة وبالتالى يمكن أن يتحول الأمر إلى ثورة حقيقية لا يمكن إخمادها إلا من خلال تغير النظام وإعادة الانتخابات الإيرانية.


وشدد على خطورة الموقف السياسى الإيرانى لأن كل الأطراف المتصارعة فى قارب واحد وفى حالة استمرار الانشقاق بينهم سيكون على حساب الأمن والاستقرار لذلك على النظام السياسى فى إيران الحفاظ على التوازن بين القوى القائمة و احترام الرأى العام ورغبته فى الإصلاح والتغيير وإعادة فرز 10% من صناديق الاقتراع يتم اختيارها عشوائيا بحضور ممثلين عن المرشحين خاصة أن هناك متحدث رسمى نفى أى تزوير للعملية الانتخابية ولكن فى الوقت نفسه أكد حدوث بعض التجاوزات.


سيناريو إعادة الانتخابات
ويرى رخا أن سيناريو إعادة الانتخابات لن يتحقق إلا فى حالة ضغط شعبى عنيف جدا يصل لدرجة انقلاب حقيقى.. لذلك من الحكمة الآن أن يتجه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية على خامنئي، لخيار المهادنة ويتم إعادة فرز الأصوات ووقف استخدام الشرطة الإيرانية من أجل إخماد الاحتجاجات والتى تسفر عن العديد من الضحايا وفى هذه الحالة ينجح خامنئ فى الحفاظ على ماء الوجه والموازنة الصعبة بين مؤيد ومعارض النتيجة.


وحول انعكاسات الأزمة السياسية على الصعيد الاقليمى والدولى يرى السفير رخا أن الأزمة الداخلية ستؤثر على سياسة نجاد فى حالة استمراره فى الحكم إذ سيكون أكثر تشددا خاصة فى الملف النووى الإيرانى وبعض القضايا الأخرى المتعلقة بالمصالح الإيرانية فلا يمكن أن يتراجع نجاد فى سياسته الخارجية لكى لا يظهر بمظهر الضعيف أمام العالم ولكن مما لاشك فيه أن الأزمة الداخلية ستؤثر رغما عن أنف نجاد فيما يتعلق بمشروع فرض الهيمنة الإيرانية على النفوذ الأمريكى بمنطقة الشرق الأوسط فالانقسام السياسى الداخلى فى إيران سيشغل تفكير النخبة السياسية ويبعدها عن مشروعها الاقليمى.


ومن جانبه يؤيد الدكتور محمد سعيد إدريس، رئيس تحرير «مختارات إيرانية» بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ما رفضه السفير رخا بأن ما يحدث فى إيران هو بداية النهاية للجمهورية الإسلامية، قائلا إن ما يحدث هو خلافات فى السياسة الداخلية للرئيس أحمدى نجاد وخاصة ما يتعلق بتدهور الأوضاع الاقتصادية والدور المتصاعد للحرس الثورى، لكن القضايا السياسية الدولية مثل البرنامج النووى أو رفض الخضوع للولايات المتحدة الأمريكية هى أمور متفق عليها بين جميع الأطراف سواء الإصلاحيين أو المحافظين، ويرى إدريس أن انضمام عدد من أبناء النظام مثل الرئيس السابق محمد خاتمى ورئيس مجلس خبراء القيادة آية الله هاشمى رفسنجاني، حسين على منتظرى أحد أكبر رجال الدين الإيرانى وهم رموز كبيرة للمظاهرات لا يعنى أنهم يريدون إسقاط النظام، بل بالعكس، فهم يسعون للحفاظ على النظام وتحسين أدائه. ويعتبر إدريس أن مشاركة 85% من الشعب الإيرانى فى الانتخابات يؤكد قوة النظام وليس ضعفه مضيفا أن النظام يفقد شرعيته عندما يرفض المواطنون الذهاب لصناديق الانتخابات، ولكن ذهابهم للتصويت وبهذه الكثافة هو قوة وتمسك بالنظام. ويؤكد إدريس أن هناك سيناريوهين للأزمة، الأول يتعلق بالإفراط فى استخدام القوة وهذا سلاح ذو حدين، فيمكن أن يؤدى إلى إخماد المظاهرات أو إلى تفاقمها، وذلك فى حالة حدوث خسائر هائلة فى الأرواح وإصرار المتظاهرين على الاستمرار، الخيار الآخر يتعلق بقدرة النظام الإيرانى على التكيف مع الأزمة واحتوائها من خلال تقديم تنازلات معينة فيما يتعلق بإعادة فرز الأصوات، ولكن هذا خيار بعيد فى ظل اعتماد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية لنتيجة الانتخابات والإقرار بصحتها.


مقاومة عنيدة للمرشد
ويؤكد العميد صفوت الزيات المحلل السياسى أن التطورات التى تشهدها الساحة السياسية الإيرانية تشير إلى أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية يواجه مقاومة عنيدة من قبل التيار الإصلاحى فبالرغم من أن الخلافات السياسية كانت جزءاً من السياسة الإيرانية منذ الثورة 1979 إلا أن هذه الأزمة يمكن ان تحد من قدرة خامنئى على إعادة فرض النظام . وأشار إلى أن واقع الحياة فى إيران يشير بوضوح إلى أن القوى الاجتماعية المناهضة للنظام السياسى القائم تحت مسميات مختلفة لن تقف مكتوفة الايدى أمام السياسات التى يقف خلفها الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التى ألقت بأعداد كبيرة إلى ما دون خط الفقر إلى جانب الاستمرار فى التمسك بتخصيب اليورانيوم ورفض مد يده لليد الأمريكية والأوروبية الممدودة له، إضافة إلى تحفظ الغرب عموما على نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة التى أعادت احمدى نجاد إلى سدة الحكم مرة آخرى، وأضاف أن من التحديات الأخرى التى تواجهه إيران التحريض الاسرائيلى المتواصل بضرب المفاعل النووى الإيرانى وقيام إسرائيل بالعديد من المناورات العسكرية كرسالة تهديد لإيران التى ترد بمناورات عسكرية أيضا ومن خلال كل هذا نستنتج أن مستقبل النظام السياسى بإيران سيواجهه صعوبات عديدة فى المرحلة القادمة على المستوى الداخلى والخارجى.


ويرى الزيات أن الأوضاع الإيرانية الآن تتجه نحو الاستقرار والتهدئة على الأقل خلال الأيام والأسابيع القليلة المقبلة خاصة بعد أن أعلن المتحدث الرسمى باسم مجلس صيانة الدستور المكلف بالإشراف على الانتخابات الرئاسية الإيرانية أن عدد الأصوات فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى 50 إقليم تخطى عدد الناخبين المحتملين مما يؤكد أن الانقسام الداخلى سيتفاقم بين التيار الاصلاحى والتيار المتشدد خاصة فى ظل الرفض النظام السياسى بإعادة الانتخابات الإيرانية والاكتفاء بفرز 10% من صناديق الاقتراع يتم اختيارها عشوائيا بحضور ممثلين عن المرشحين ولكن على أية حال فلن يصل الأمر إلى الانقلاب على الثورة الإيرانية.


ويتوقع المحلل السياسى بأن ينعكس الانقسام الداخلى إيجابا على السياسة الخارجية حيث من المتوقع إن يحدث نوع من الانفتاح والتعامل مع المجتمع الدولى والاقليمى بقدر كبير من الليونة فى التعامل ولكن مع الحفاظ على المصالح الإيرانية بالمنطقة و الاستمرار فى البرنامج النووى الإيرانى.


وكشف د. مدحت حماد أستاذ الدراسات عن إجراءات حاسمة ستتخذ ضد منظمى المظاهرات والاحتجاجات، مشيرا إلى أن رئيس اللجنة القضائية فى البرلمان الإيرانى على شاهروخى يستعد لمقاضاة المرشح الاصلاحى الخاسر فى الانتخابات الإيرانية مير حسين موسوى لما ارتكبه من أعمال ضد الأمن القومى الإيرانى.


انعكاسات الأزمة
ويؤكد الدكتور جمال عبد الجواد، رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن انعكاسات الأزمة أضعفت إيران على المستوى الإقليمى إلى حد بعيد، وأدت إلى تآكل البريق والجاذبية الإيرانية فى السنوات الأخيرة والذى استفادت منه الحركات الراديكالية والإسلامية فى المنطقة، لذا فمن المحتمل أن يدفع ذلك النظام الإيرانى فى اتجاه تصعيد الأوضاع فى البلاد المجاورة وخاصة لبنان والعراق لمحاربة أى فكرة قد ترد فى ذهن بعض الأطراف عن أن النظام الإيرانى ضعف، وعلى المستوى الدولى يمكن أن تؤدى الأزمة إلى تراجع فرص المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حول برنامجها النووي. ويتوقع عبد الجواد ألا يبدى النظام الإيرانى مرونة مع الولايات المتحدة والقوى المناوئة لبرنامجها النووي، وستكون احتمالات التشدد الإيرانى أعلى من احتمالات الاعتدال.


وعن رؤيته لموقف الإدارة الأمريكية من الأزمة الإيرانية يرى عبد الجواد أنه متوازن جدا، لأن أى تجاوز سيؤدى إلى إضعاف موقف الإصلاحيين خاصة مع اتهامات نجاد لهم بأنهم عملاء للغرب والقوى الخارجية، وأوباما يعرف جيدا أن فترة بوش التى شهدت التدخل لصالح قوى معينة داخل العديد من البلاد بهدف الإصلاح وفرض الديمقراطية، لم تؤد إلى مساعدة هذه الدول بل على العكس أساءت لقضية الإصلاح، لذا فإن إدارة أوباما على صواب فى قرارها بعدم إقحام نفسها فى الأزمة، أما عن الموقف الأوروبى والذى اتخذ موقفاً أكثر تشددا ، فيرى عبدالجواد أن ذلك قد يكون نوعاً من تقسيم الأدوار بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين حول هذه القضية.


ويتفق معه الدكتور ضياء رشوان، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث يرى أن موقف الرئيس الأمريكى من الأزمة الإيرانية يتسم بالذكاء الشديد، إذ رفض التدخل فى الشئون الداخلية الإيرانية على الرغم من تزايد ضغوط المنتقدين فى الولايات المتحدة والذين يطالبونه بإبداء المزيد من الحسم، وفى نفس الوقت عبر عن تعاطفه مع المتظاهرين المحتجين على نتيجة الانتخابات ولكن دون التدخل لصالح فريق معين، لأنه يعلم جيدا أن دعمه لأى من الإصلاحيين سيضعف موقفهم داخل إيران وفى نفس الوقت سيقوى موقف نجاد، ، كما أنه لا يريد الاصطدام بالرئيس نجاد حتى لا يتسبب ذلك - فيما بعد- فى تعقيد خططه الرامية لفتح حوار مع طهران حول برنامجها النووري.


ويضيف الدكتور نبيل عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن ما حدث من تجاوزات وانتهاكات للأطر الإجرائية والقانونية المنظمة للانتخابات كان أحد أبرز النقاط الكاشفة عن تطور التناقضات داخل النخبة الإيرانية الحاكمة، هذه التناقضات لا تتصل بالقضايا السياسية الدولية مثل الملف النووى الإيرانى ورفض الخضوع للولايات المتحدة والتمدد الإقليمى ودعم الحركات السياسية الدينية فى العالم العربى مثل حماس فى الأراضى الفلسطينية وحزب الله فى لبنان، ولكن المعركة دارت بالأساس حول قضايا محلية مثل فشل السياسة الاقتصادية التى أدارها نجاد وفريقه، والقضايا المتصلة بالحريات العامة وحرية الرأى والتعبير وحق التظاهر السلمي، وأيضا مواجهة أشكال الفساد التى برزت داخل بعض أفراد النخبة الحاكمة، مما يعنى أننا أمام مسألة داخلية إيرانية طرفاها القوى المحافظة وعلى رأسها المرشد العام للثورة الإيرانية آية الله على خامنئى والرئيس أحمدى نجاد وأقسام واسعة من الحرس الثورى وجهاز الدولة الإيراني، والطرف الثانى تمثله القوى الإصلاحية.


ومن جهته قال الدكتور أحمد ثابت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن أزمة الإنتخابات الإيرانية هى أزمة داخلية ولكنها ليست عادية، إذ يمكن أن تؤثر بشدة على مستقبل إيران السياسي، فيحدث توتر مستمر ومشاكل كثيرة بين الإصلاحيين والمحافظين، قد تصل إلى استخدام العنف بشكل واضح من جانب جماعات ومنظمات معارضة للنظام ردا على عنف النظام خاصة إذا دخل الباسيج والحرس الثورى الذين يتبعان المرشد شخصيا ويؤيدان أحمدى نجاد رغم ما حدث من تلاعب فى نتيجة الانتخابات.


ويرى ثابت أن الأزمة الراهنة سيكون لها انعكاساتها الإقليمية الخطيرة، فإذا استمرت حالة عدم الاستقرار الراهنة فسيؤدى ذلك إلى تشجيع إسرائيل على القيام بضربة طائشة لإيران أو إقناع الإدارة الأمريكية بأنه لا جدوى للحوار مع النظام الإيراني، وينبغى عودة العمل السرى ضده لإسقاطه، مما سيؤثر بالتبعية على أمن واستقرار دول الخليج، وقد يدفعها إلى اللجوء إلى خيارات صعبة مثل القيام بمزيد من الإنفاق على التسليح، والخضوع للضغوط الأمريكية والإسرائيلية.


الأقليات .. و مجاهدى خلق
يشير الدكتور على التركى وكيل وزارة الخارجية العراقية السابق إلى أن أبرز ما يمكن رصده هو الحراك السياسى للأقليات بإيران والتى لبعضها عداء تاريخى مع السلطة الحاكمة بعضها منذ أيام حكم الشاه ومستمر حتى الآن , فإيران البالغ مساحتها مليونى كم تمتلك جغرافية خاصة تحد من سيطرتها على الأمور فى حالة انفلاتها , فحدودها الدولية تزيد عن 1200 كم وتشترك فى جزء منها مع تركيا والعراق وطاجكستان وأفغانستان وباكستان.


ويكشف التركى عن تفاصيل حياة التركيبة السكانية المعقدة والأقليات بإيران قائلا : من أبرزهم «عرب الأحواز» ويزيد عددهم على 11 مليون عربى ويسكنون المناطق الجبلية العالية المتاخمة للحدود العراقية التركية تحديدا «شمال غرب إيران» ويتعرضون للاضطهاد والتشريد والتنكيل وتصفية رموزهم وحركتهم القومية منذ عام 1925بسبب مذهبهم السنى ولذات السبب يتم تهميش «الأكراد» رغم أن عددهم يبلغ نحو 8 ملايين أى 10% من سكان إيران حيث يتم منعهم من الوظائف المهمة فى الدولة فضلا عن البلوش وهم من آسيا الوسطى ويسمون بالقوميـــات الأوروهنــــدية ومذهبهم السنى ويسكنون بالجنوب الشرقى أى بالقرب من الحدود الباكستانية ومن أشهر مدنهم زهدان ويبلغ عددهم نحو 7 ملايين نسمة ويقفون بشدة ضد نظام الملالى فى طهران ويطالبون بحقوقهم القومية وحرية العقيدة والممارسات الدينية ونتيجة للظلم والاضطهاد فر عدد كبير منهم للإمارات وسلطنة عمان أما الأذاربون فيسكنون شمال شرق إيران ويعملون فى التجارة ومنقسمون بين المذهبين السنى والشيعى ولهم امتدادت فى إذربيجان وتركيا لتقارب اللغة والثقافة . يأتى بعد ذلك اليهود الإيرانيون ويتمتعون بوضع خاص حيث إنهم نافذون بشكل كبير فى أروقة السلطة وأصحاب شركات كبرى ومراكز مالية مرموقة ويلعبون دور الوسطاء مع أمريكا وإسرائيل . أما ما يطلق عليهم « الأرض» فهم مجموعة صغيرة لا يتعدون عشرات الآلاف ويعملون فى الصناعات الدقيقة ومستقرون فى إيران منذ 1909 ويتركز معظمهم فى مدينة أصفهان . وأخيرا «الفرس» وقى القومية الرئيسية فى إيران وبيدها السلطة والنظام والاقتصاد وقيادة الجيش وأجهزة الدولة المهمة سواء فى ظل نظام الشاه أو فى حكم ولاية الفقيه.


كما توجد أقليات ولكن بنفس درجة العداء للسلطة مثل الزرادشتية ويعبدون النار ويقيمون عيدا سنويا يدعى « النيروز» وتتمتع هذه الطائفة بنفوذ سياسى واقتصادى , بالإضافة إلى البهائيين وهم إحدى فرق الشيعة وكان لهم نفوذ ضخم وقت حكم الشاه ولم يتعرضوا للاضطهاد أو الكراهية من حكام طهران رغم مخالفتهم للشريعة الإسلامية فى الكثير من السلوكيات .


ويضيف التركى : نخلص من ذلك بأن المجتمع الإيرانى مجموعة من التركيبات العرفية والقومية المختلفة وجزء ضخم منها يعانى صداما ويشعر بقهر سلطة « الملالي» فالدستور الإيرانى يشترط أن يكون الرئيس «فارسيا مسلما شيعيا إثنى عشرياً» ولو طبقنا هذه الشروط على القوميات السابقة لسقط معظمها من حق الترشح وهذا تمييز واضح وحرمان لحق الملايين من المشاركة فى السلطة إذا فكل شخص مشارك فى مظاهرات الشارع الإيرانى لديه مشكلة . وأتوقع ردود أفعال قوية للتظاهرات خاصة مع انهيار الأوضاع الداخلية للدولة وتصدع مرافقها وبنيتها التحتية, فرغم أن إيران أول دولة أنتجت النفط فى عام 1909 فإنها لا تستطيع تصدير أكثر من 3.5 ملايين برميل وحوالى 60% من الإيرانيين غير متعلمين إضافة لتفشى المخدرات.


بينما يرى الباحث السياسى العراقى الدكتور خليل إبراهيم أن الأقليات الإيرانية تملك تأثيرا كبيرا على مجريات الأحداث الأخيرة فى الشارع الإيرانى خاصة الأكراد وعرب الأحواز حيث يشكلون ضغوطا سياسية وعسكرية وهو ما يفسر التحركات العسكرية فى منطقتى كردستان والأحواز كما أن الجبهات المتصارعة تسعى لاستمالة هذه الأطراف لتقوية نفوذها الداخلى لتحقيق الانتصار على حكم الملالى «ولاية الفقيه» التى تشهد تراجعا، مشيرا إلى النفوذ السياسى والعسكرى لمنظمة مجاهدى خلق داخل وخارج إيران خاصة فى أوروبا حيث تشكل قوى ضاغطة على إيران تستهدف تغيير حكم ولاية الفقيه وقد تبنت دول ومنظمات سياسية أوروبية قضيتهم وأثمر ذلك عن رفعهم من قائمة المنظمات الإرهابية قبل عامين.


ويضيف الدكتور صلاح عبد الله مؤسس حركة القوميين الجدد أن الأحداث الأخيرة فى إيران تعطى الفرصة لأعضاء مجاهدى خلق لتحريك الشارع الإيرانى للمطالبة بالمزيد من الإصلاحات السياسية وهو ما سيولد رد فعل قوى من أجهزة النظام الإيرانى الحاكم ضد أعضاء المنظمة فى الداخل , وسيؤدى لتصعيد المصادمات التى ستزيد الموقف سخونة , مؤكدا إمكانية تحريك منظمة مجاهدى خلق للمجتمع الدولى خاصة الأوروبى ضد حكم الملالى لإحراجه , ولعل فشل المنظومة السياسية الحاكمة فى طهران فى استيعاب المنظمة يجعل مجاهدى خلق فى حالة استنفار دائم من أجل تغيير الحكم.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٦ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / حزيران / ٢٠٠٩ م