انسحاب الى أين ؟

 
 
 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد
كان يوم الثلاثين من حزيران موعداً جميلاً لا ككل المواعيد إنّه موعد مع الرحيل وأيّ رحيل جيش نغَّصَ علينا عيشنا وأطفأ أنوار ألقنا وفرَّقَ شملنا وأقضّ مضاجعنا فكان صباحاً لا ككل الصباحات التي أعقبت احتلال بلدنا إنّهُ صباح خلت شوارع المدن وأجوائها من أزيزالطائرات وهدير الدبابات وتشويشات (الموبايلات) لكنه تمهيد فأي فرحة ستكون تلك من مظاهر الفرح والفلح بعد القلح الذي أصاب القلوب ردحا طويلاً ومماحلة ومجاولة بين الحق والباطل أثمرت عن إذعان العدو المتغطرس لإملاءات المنافحين الحريصين على انتزاع السيادة التي دفعنا دونها أرواح وأموال ومرتهنين ما زالوا يتنحنحون دون أنين خشية شماتة الاعداء ولكننا رغم فرحنا الغير منضبط لا بد أن نتباصر في أمور هذا الانسحاب ونراجع ما آل اليه حالنا بعد ست عجاف فهل سيكون هذا الانسحاب انسحاباً إختياريا بني على حسابا انسانية مستندة على حق الشعوب في استرداد اراداتها وإدارتها لشؤون بلدها كما تريد ونتيجة هذا وذاك وضعنا الامر في مخضة التمحيص ونخرج بعدئذٍ بزبدة الاتفاقية الموعودة فإننا


نشكك في مصداقية الامر من نواحٍ عدة:


1- ان عديد القوات المتبقية في القواعد أقرب الى مراكز المدن المنسحبة منها كقرب القلب ألى الرئتين وهذا ما يجعلنا نعيد حسابات الحقل والبيدروالحالة هذه لم نفعل شيئاً من حيث المبدأ إذ أن القوات المحتلة مازالت تجوب الشوارع ومراكز المدن كما هو الحال في قيام رتل أمريكي بقطع الطريق في منطقة التأميم القريبة من مركز المحافظة 2-7 -2009 أي بعد يومين من الانسحاب وكذلك في محافظة نينوى وحتى بغداد حيث أن القوات الأمريكية أعادت الانتشار في مدينة (الصدر)


2- التصريح الذي أطلقه وزير الدفاع عبد القادر العبيدي: قوات التحالف يمكن لها أن تعود الى مراكز المدن في حال أخفقت القوات الحكومية في السيطرة على المدن وبالعكس يحق للقوات الامريكية أن تطلب المساعدةمن قوات الامن العراقية في حال تعرضها لعمليات قصف؟


3- نلاحظ استمرار عمليات استهداف القوات المحتلة وهذا دليل لا يقبل الشك بأن القوات الامريكية لم تنسحب من المدن وإنما انسحابها كان من على الخارطة الورقية فقط .فمن أين جاءت هذه الخسائر المعلنة لو كانت انكفأت حقيقةً


وهنا لماذا تخاطرأمريكابسمعتها التي تلطخت بالاصل؟ ان سبب ذلك يرجع لعوامل عديدة اضطرتها لإتخاذ قرارات مؤلمةأهمها:


أ‌- كان لإعلان باراك أوباما أثناء حملته العسكرية أنه سيسحب القوات الامريكية من العراق في أوَّل خِطاب له بعد الفوز, وقد أوفى الرجل بوعدهِ .


ب‌- الأزمة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة واوروبا جعلت الضغوط كبيرة لا يمكن للولايات المتحدة من إدارة حربين في آنٍ معاً ,الامر الذي يتطلب دفع الكثير من المليارات وهي تعلم انها ستذهب الى المحرقة.


ت‌- ان أمريكا كانت على وشك أن تُعْلِنَ استسلامها في العراق خاصةً في محافظة الانبار فكان لا بد لها أن تُغَيِّر استراتيجيتها وتحسن ثقة الناس بها كقطب عالمي أوحد بعد أفول نجم الاتحاد السوفيتي فكان لزاماً عليها أن تتحرف لحين ميسرة .


ث‌- أثبتت الوقائع وصفحات التفتيش الدولية للمواقع النووية والمسح الجوي الذي استمر أكثر من عشر سنوات عن خلو العراق من أي نشاط نووي يمكن أن يؤثر على أحدٍ من جيرانه أو على الامن والسلم العالمي كما ادعت الولايات المتحدة.


ج‌- إن السمعة السيئة للولايات المتحدة بعد غزوها العراق وكان لا بد من وجه جديد يحمل يعلوه شعار التغيير لكنه كان مع الاسف تغيير في الوجوه فرغم الوعود والكلام المعسول الا اننا لم نر نوراً في نهاية النفق لايقاف نزيف الامة الاسلامية والعربية في السودان وفلسطسن وافغانستان والعراق وانما ذرللرماد في العيون لكي يقال ان تغييراً حدث وبالتالي تلملم أمريكا جراحها ومن ثم العودة الى الساحة الدولية بألعن ما كانت عليه من قبل ما دامت تحتضن اسرائيل وتدافع عنها


ح‌- لوكان اوباما صادقاً لأعاد الحقوق لأهلها على قاعدة المبني على الباطل فهو باطل رغم اعتراف مسؤوليها بأن حرب العراق بنيت على وهم كبير اسمه وشاية ولم يكن للعراق بالقاعدة ولا يمتلك اسلحة دمار شامل فهل تتجزء اخلاق الفرسان ؟ الجواب لا إذاً اعطوا المظلومين حقهم .


والخلاصة التي لا بد منها كل من جاء مع الاحتلال يقدم لمحاكمة عادلة عن الجرائم التي اقترفها بحق شعبنا وكل من برى له قلماً وقدّم مشورة وسمسر وداس على رقاب أهلنا وحرائرنا وقتل الالاف من شبابنا وشيوخنا وأطفالنا لا بد لنا ان يقتص منه تحت ظل قوانين تعطي كل ذي حق حقه ومحاسبة من غُيِّبوا نتيجة السحق الحضاري الاهوج لا لاليات الاحتلال وجنوده . عندها نكون قد أكملنا الصفحة الاخيرة من كابوس اسمه الاحتلال ونكون قد حبونا نحو الاستقلال المنشود.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٦ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٩ / تمــوز / ٢٠٠٩ م