صوت العرب من القــــــــاهرة

 
 
 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

جامعة القاهرة شهدت يوم  وحدث غير عادي لكنه خطيراً في تاريخ العلاقات العربية الإسلامية وهو قيام رئيس دولة أجنبية بإلقاء خطاب توجيهي,تقويمي, تعبوي, تمهيدي, جميل ويدغدغ مشاعر جميع أطراف وأصحاب العلاقة ومن يهمه الأمر  فالخطاب لا يخلو من تورية وإسفاف واستخفاف مشوب بتزويق ظاهِره وعود وبدأ وفتوح وعهود ولكن متى علينا يا اوباما تجود  استمعت لخطاب فعدت بذاكرتي –المتعبة- إلى أواخر ستينات القرن الماضي وهو العصر الذهبي  للقومية العربية في حياة مؤسسها ومهندس المد القومي عبد الناصر الذي يخاطب جماهير الأمة عبر الأثير فتخلو الشوارع  من المارة ويتسمر الشيوخ والشباب عند جهاز الراديو ليستمعوا لخطابه فتهتز لوقع - أيها الأخوة-الأكباد وتثمر القلوب  حباً صرداً يتحول نبضاً ينبض به الشارع يؤدي إلى انتفاضة قومية ضد أي اعتداء أومساس بالثوابت القومية محولاً المشاعر الجيّاشة والجارفة كل هذا يمر عبر وسائل إعلام بسيط وعبر ميكرفون بسيط من أستوديو بسيط  وإذاعة تشنف لها آذان العرب عبر أثير صوت العرب, الذي لم نكن نعرف انه يأتي اليوم الذي يلتف العرب والمسلمين حول وسائل الإعلام والبث الفضائي اللحظي وهي تنقل مباشرة وقائع خطاب أعجمي ومن جامعة القاهرة ليقف فيها زعيم غير عربي وأمام مئات العرب الحاضرين وهم يصفقون (بأجنحة مكسورة) لا تقوى على قولة حق في وجه سلطان الجور الأمريكي , إن الأمة الإسلامية والعربية(  وضعت إمكاناتها المختلفة) في حالة الإنذار القصوى قبل شهر لتهيئة مزاج الأمة( لهذا اليوم العظيم) وتشويق الناس  لاستقبال وصول المعنى إلى القلب قبل وصول الصوت إلى السمع عسى أن ينال أحدهم شهادة حسن سلوك  يطيل بها أس كرسيه المتهاوي الذي سقط ملايين الشباب العربي  والإسلامي وهي تتلقى الضربات تلو الضربات دون أن يهتز لها عرق فيه بقية انتماء قومي وبات أجدى لها أن تحفر لها قبراً فلقد وصلت الأمة إلى درجة من الغباء أن جعلت الفتنة تدور عليها وتقتل بعضها بعضاً  

 

قومي همُ قتلوا أُمَيْم أَخي      فإذا رميت يُصيبني سهمي

 

  كنا نمني النفس أن يقول الرئيس كلمة اعتذار عن الجرائم التي لحقت بالعراق وفلسطين ولبنان والصومال والسودان وفي ساحات العالم الإسلامي في أفغانستان وجنوب الفلبين بسبب أو من جراء سياسات قادة أمريكا السابقين والعرف الأخلاقي يلزم الرئيس الحريص على سمعة أمريكا أن يرد الحقوق لأصحابها أو على الأقل التخفيف من لهجة التحدي والتمادي القائم في العراق وفلسطين وباكستان وأفغانستان وأثناء ما كان الرئيس يواصل خطابه هناك ملايين المسلمين يعيشون في ظروف غير إنسانية في وادي سوات (بتوجيه من أمريكا) فهل أسقط الرئيس الأمريكي اوباما جرائم سجن أبو غريب ومنع نشر صور(فاضحة) أفرج عنها خوفاً على سمعة أمريكا؟؟! من الإنصاف أن يتساوى الناس أمام القانون وهل في شريعة أمريكا أن تلغى الحقوق بالتقادم؟ أليس من الأجدى لاوباما أن يقول كلمة حق تجاه قضية شعبنا في فلسطين حتى نقول أن الرجل نفذ شعار حملته الانتخابية (التغيير)أليس التغيير الاعتراف بالأخطاء التي سجلت وصمة لا يغسل دنسها البحر لا تمحوها الخطابات وآلاف السجناء في سجون القوات الأمريكية ما زالوا يواجهون تهماً أقرت شرعيتها قوانين الأرض والسماء من حق الدفاع عن الأوطان ؟  حق النصرة لنا- نحن العرب- غير مسموح به ولكن تجييش الجيوش تحت مسمى (التحالف) لضرب بيضة الإسلام والعروبة في  عقر دارهم  وبلا هوادة وقانون الإرهاب مفصل على مقاس المسلم أينما حل وأينما رحل, ولكن الله ليس بغافل عما يعمل المجرمون , فالأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم الحر, العالم الذي ذبح العروبة والإسلام بأموالهم  وودائعهم في بنوك أمريكا وأوروبا حصل ذلك بعد غياب الوعي القومي يوم كان الشعب يلتف حول القائد العربي من أقصاه إلى أقصاه, فسبحان مغير الأحوال يأتي زعيم زائر ليقول لنا إنّ علاقتنا بإسرائيل علاقة إستراتيجية لا يمكن أن تهتز أو تضعف وعلى المسلمين سنة وشيعة أن يتوحدوا؟؟!! خلف أمام واحد وهي دعوة إذن لإحياء الخلافة الإسلامية كما فعلها من قبل نابليون بونابرت ومن نفس المكان حين أشهر إسلامه وشق به الشعب المصري بين مؤيد وبين محذّر من مخططات المستعمرين لان لهم في كل يوم ثوب يلبسونه وحسب مقتضيات المصلحة ...هنا لا نريد أن نكون كمن يرجم بالغيب والرجل عليه ضغوطات كبيرة اقتصادية ولوبي يهودي متنفذ وكونكرس ومجلس  شيوخ ومصالح في بلد تقوده المصالح لا المبادئ فتقاً كبيرلا يرتق إلا بولادة رجل آخر ينهض بالأمة كما نهض بها صدام حسين بوجه كل المؤامرات فحري بالأمة أن لا تستكين وتثبت للأمم انهامة حية . واليوم بعد أن أصبحت اللاءات من الماضي وأصبح الكرسي من أقدس أقداس الأمة والعروبة وأصبح كل شيء فيها غربي حتى الخطاب القومي أصبح يستحي من نفسه وأصبحت لغته لغة لا يكاد يسمعها من وضع أُذنيه قرب المذياع وعلى عليها صوت ولغة خطاب تتهتز لها الأبدان قبل القلوب ويعيه سامعه مترجماً الأقوال إلى أفعال مضيفاً في كل خطاب لبنة في بناء التقارب القومي وقوة إضافية للأمة العربية واليوم وبعد أربعين عاماً على غياب الصوت القومي يعود الصوت الغربي يلعلع من أكبر عاصمة عربية ليوجه خطاباً للأمة العربية يدعوهم فيها إلى التصالح وإلقاء السلاح وعدم استخدامه بوجه إسرائيل لان إسرائيل خط أحمر لا يمكنه هو أو غيره يتحدث مجرد حديث عن إسرائيل لأنها البارجة الأمريكية المتقدمة للمشروع الإمبراطوري الأمريكي الذي فرملتْهُ المقاومة في العراق وصمود المقاومة في فلسطين وقلبت حساباته فرأى أن من الأجدى له أن يؤجل ذلك إلى حين ميسرة ولكن الأزمات التي تضرب أمريكا وأوروبا أرغمت الساسة الأمريكان على تحوير لغة الخطاب الأمريكي وجعله أكثر إطراباً وبلاغة ومتانة في التعبير ولكنه لم يغير من المعادلة في شيء فما زالت هناك خطوات أخرى ينبغي على السيد أوباما أن يخطوها وأولها الاعتراف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ومقدساته وتصحيح الأخطاء التي ارتكبها سلفه بوش ومحاكمته محاكمة عادلة ليتسنى لنا نحن العرب أن نصدق  وهذا من أبسط الواجبات الأخلاقية التي يجب على اوباما القيام بها تناسب شعار حملته الانتخابية التغيير وأن يرفع سيف القتل عن الرقاب العربية والإسلامية وهذا لن يكون إلاّ أن يعود صوت العرب من القاهرة مجلجلاً ويعود صوت التضامن العربي والإخوة العربية إلى سابق عهدها تحركها دماء عربية لا دماء غربية.  

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ١٣ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٨ / حزيران / ٢٠٠٩ م