جلال الطلباني رئيس بوجهٍ واحد وثلاث أقنعة

 
 
 

شبكة المنصور

محمد العماري

بمرور الأيام والأسابيع تزداد عجائب وغرائب دولة المنطقة الخضراء في العراق الى درجة إختلط فيها حابل الأمور بنابلها على المتتبّع للشأن العراقي. والله وحده يعلم كيف هي حال المواطن العراقي البسيط الذي يسمع ويرى ويقرأ مثلا عن سرقات بنوك ومصارف ومؤسسات مالية على أيدي عصابات منظّمة, ذات إحتراف عالي في هذا الميدان, تقف خلفها تنظيمات وقوى مافياوية متنفّذة في السلطة تطلق على نفسها أحزاب سياسية, وتُعتبر نفسها من"قادة" العراق الجديد.


والأسوء ما فيه هذه الأحزاب, رغم عدم وجود شيء إيجابي واحد فيها, هو أن زعماءها يضعون فوق رؤوسهم عمامة رسول الله "ص" مستغلّين بذلك فطرة الناس وبساطتهم والوضع المزري من جميع النواحي الذي يمرّ به الشعب العراقي تحت احتلال أمريكي - إيراني صفوي مزدوج ومركّب ومتناقض ومتبادل الأدوار والمهمات. وجلال الطلباني, الرئيس العميل بالضرورة ومع سبق الاصرار, هو واحد من الافرازات, بل القاذورات التي القى بها الاحتلال الأمريكي على العراق والعراقيين ليزيد من إهانتهم وإذلالهم.


فالرجل, رغم ما يُقال عنه من أنه محنّك وصاحب خبرة سياسية كبيرة وغير ذلك, بقيَ مخلصا لنفسه الأمّارة بالسوء العنصري. فالبرغم من أن أمريكا منحته بدون إستحقاق أو جدارة, سوى العمالة للأجنبي وخيانة الوطن, كرسي الرئاسة الذي تُراق من أجل الوصول اليه دماء كثيرة في بعض الدول, الاّ أنه ما زال يتصرّف, دون ذرّة إحترام لمنصبه الرئاسي, وكأنه رئيس ميليشيا مسلّحة أو حزب متمرّد ما زال في المعارضة. فعندما يكون في بغداد وتحت حماية ورعاية القوات الأمريكية, يتصرّف وكأنه"رئيس" دولة وعندما يخرج منها, خصوصا الى شمال العراق, يعود بشكل تلقائي فطري الى طبيعته وجوهره الحقيقي, كأمير حرب وزعيم عصابة ومعارض لا يقرّ له قرار!


وعندما يتعلّق الأمر باقليم كردستان"المقدّس" يغادر العميل جلال الطلباني المنطقة الخضراء قاصدا شمال الوطن ليمارس, دون حياء أو خجل, دوره العنصري إنطلاقا من موقعه كرئيس للعراق يرافقه في نفس الخندق المعادي لكل ما هو عراقي وعربي رفيقه في العمالة والخيانة والتآمر, حتى على من حالفوه وتقاسموا معه غنائم العراق بعد الاحتلال, وأقصد به العميل بالوراثة والسليقة مسعود البرزاني. وإذا كان ثمة خلاف كما يزعمون, بين بغداد وأربيل, والذي يتعاملون معه وكأنه خلاف بين عاصمتين لدولتين مجاورتين, فما هو يا ترى موقع ضخامة"الرئيس" العراقي جلال الطلباني من الاعراب؟


كان الأولى بالطلباني, إذا إفترضنا أنه مقتنع فعلا بكونه رئيسا للعراق, أن يتنحى جانبا ويبتعد قدر المستطاع عن مثل هذه الأمور ويتصرّف بحياد تام ونزاهة باعتباره رئيس لجميع العراقيين. لكنّه ذهب الى الشمال ليمارس ضغوطا, مستغلا موقعه ومنصبه رغم لا شرعيتهما, على حكومة العميل نوري المالكي لصالح حليفه مسعود البرزاني, رئيس الاقليم الكردي في الشمال. ومعلوم ان تصرّفا كهذا لم يمارسه من قبل حتى حامد كرزاي الأفغاني.


وبما أن "دولة" نوري المالكي بحاجة ماسّة الى أصوات الحزبين الكرديين العميلين من أجل البقاء على رأس حكومة الحضيرة الخضراء فلا ضير إذن أن يذهب هو الى أمارة طرزانستان "كردستان سابقا" للقاء مسعود البرزاني بدلا أن يأتوا هم عنده في العاصمة بغداد باعتبارها عاصمة الدولة "الاتحادية" كما يحلوا لهم تسميتها.


فالمتعارف عليه في جميع دول العالم هو أن رؤساء وحكام الأقاليم يذهبون بانفسهم الى العاصمة ويتودّدون بساستها ويغازلونهم من أجل حلّ خلافاتهم ومشاكلهم العالقة وليس العكس. ومع أن من حق أو من واجب أي رئيس حكومة أو دولة أن يقوم بزيارة لأية مدينة أو بلدة في وطنه الاّ أننا مثلا لم نسمع إطلاقا أن"الرئيس" العميل جلال الطلباني قام بزيارة تفقّدية ولو خاطفة الى مدينة عراقية في الوسط أو الجنوب وإطّلع عن كثب على حياة وهموم الناس فيها باعتباره رئيييييس العراق الاتحادي.


لكن, قد يُعذر ضخامة جلال الطلباني بسبب تقصيره في شؤون الرعية. لأن ثلث وقته يقضيه في المنطقة الخضراء, أكل وشرب ونوم وثرثرة ونكات, والثلث الآخر سفرات ورحلات وزيارات خارج الوطن,أغلبها تآمر ضد العراق وعقد صفقات تجارية مشبوهة, والثلث الباقي من وقته الرئاسي يقضيه في مدينة السليمانية حيث مقر إمارته ومسقط رأسه الفارغ. ولهذا فقد كان"سيادته"ومعه نخبة من رجاله العنصريين, وجميعهم بطبيعة الحال يشغلون وظائف ومناصب مهمّة في مؤسسات ودوائر العراق الجديد الفيدرالي, على رأس مستقبلي"دولة"رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الأحد الماضي.


وفي هذا الاستقبال, كما عرضت بعض صوره وسائل الاعلام وهما يدا بيد وكأنهما لم يلتقيا منذ سنوات, إرتدى جلال الطلباني قناع رئيس حزب ميلشياوي عنصري وتخلى عن قناع ما يُسمى برئيس جمهورية العراق. وعلى العموم إن جلال الطلباني"عراقي" أو يدّعي ذلك في بغداد, وعندما يكون في شمال العراق فهو رئيس حزب كردي فقط, صاحب حقوق مزعومة وأراضٍ"متنازع"عليها, طبعا مع الشعب الذي يحكمه, وغير ذلك. ويتعامل مع حكومة بغداد من موقع الند للند مع أن مكتبه, في المنطقة الخضراء, لا يبعد الاّ بضعة أمتار عن مكتب"دولة" العميل رئيس الوزراء ! .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ١٣ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أب / ٢٠٠٩ م